بوتين لا ينوي حاليًا زيارة سوريا وموسكو تنتقد تشكيل مجموعات العمل

هجوم مباشر من الناطقة باسم الخارجية على وكالة «رويترز»

بوتين لا ينوي حاليًا زيارة سوريا وموسكو تنتقد تشكيل مجموعات العمل
TT

بوتين لا ينوي حاليًا زيارة سوريا وموسكو تنتقد تشكيل مجموعات العمل

بوتين لا ينوي حاليًا زيارة سوريا وموسكو تنتقد تشكيل مجموعات العمل

أعلنت مصادر الكرملين أمس أنه لا خطة لدى الرئيس فلاديمير بوتين لزيارة سوريا في الوقت الراهن، وجاء هذا الإعلان على لسان دميتري بيسكوف الناطق الرسمي باسم الكرملين، ردًا على سؤال حول احتمالات زيارة بوتين لقاعدة حميميم السورية، حيث ترابط الطائرات الروسية المشاركة في العمليات العسكرية بسوريا.
يذكر أن وزارة الدفاع الروسية كانت نظمت رحلة لعدد من الصحافيين الأجانب في موسكو برفقة المتحدث باسم وزارة الدفاع الجنرال إيغور كوناشينكوف، لزيارة قاعدة حميميم القريبة من مدينة جبلة، التابعة لمحافظة اللاذقية بشمال غربي سوريا لمتابعة العمل القتالي للطيارين الروس ومشاهدة إعداد الطائرات للطلعات القتالية وعمليات صيانة الطائرات، إلى جانب مشاهدة لقطات فيديو صورتها كاميرات طائرات روسية من دون طيار تظهر نتائج الغارات الروسية على المواقع التي تستهدفها داخل الأراضي السورية. وكانت هذه الزيارة قد طرحت احتمالات زيارة مفاجئة للرئيس بوتين لتفقد أوضاع العسكريين في سوريا، شأنما سبق أن فعل في حالات مماثلة أخرى، وذلك بعد إعرابه عن «عالي تقديره للمستوى المهني للطيارين والشجاعة التي يبدونها في سياق العمليات القتالية بسوريا، معربا عن امتنانه العميق لهم».
من جانب آخر، انتقدت ماريا زاخاروفا، الناطقة الرسمية باسم وزارة الخارجية الروسية، ما اتخذته الولايات المتحدة من خطوات تستهدف تشكيل مجموعات العمل الخاصة بسوريا. ووصفتها بأنها «تجربة فاشلة». وقالت زاخاروفا، في مؤتمرها الصحافي الدوري أمس «أن المجموعات المزمع تشكيلها لا تضم دولاً تهتم بحل الأزمة السورية مثل إيران والعراق ولبنان وإيطاليا والاتحاد الأوروبي. أي إن المقصود هو تقييد أو منع مشاركة هذه الدول التي أصرّت روسيا على ضرورة مشاركتها في مجموعة دعم سوريا، في جهود حل الأزمة السورية».
وكانت الناطقة باسم الخارجية الروسية قد شنت هجومًا حادًا على وكالة «رويترز» للأنباء التي اتهمتها بـ«العوار المهني»، وقالت إن الوكالة نشرت «تقريرا مكذوبا حول خطة روسيا بشأن تسوية الأزمة السورية من دون الأخذ في الاعتبار الموقف الرسمي لروسيا الذي كانت الخارجية الروسية أمدتها به ردًا على تساؤلاتها بهذا الشأن». وأضافت أن مكتب الوكالة في موسكو برّر ما جرى من نشر معلومات وصفتها بأنها «مجافية للحقيقة عن موقف روسيا وعدم مراعاة ما تسلمه من الخارجية الروسية من معلومات» بقوله «إن الوكالة في لندن هي التي نشرت التقرير من دون الرجوع إلى مكتب موسكو». ويذكر أن وزارة الخارجية سارعت أول من أمس بإصدار بيان نفت فيه صحة ما نشرته «رويترز» ووصفته بـ«وثيقة موسكو» المتعلقة بخطة كشف عنها ميخائيل بوغدانوف، المبعوث الشخصي للرئيس فلاديمير بوتين إلى الشرق الأوسط، بشأن وجود مبادرة روسية تنوى موسكو طرحها خلال اللقاء المرتقب في العاصمة النمساوية فيينا لتسوية الأزمة السورية. وحسب «الوثيقة» فإن روسيا «تريد أن تتفق الحكومة والمعارضة السورية على بدء عملية إصلاح دستوري تستغرق ما يصل إلى 18 شهرا تليها انتخابات رئاسية مبكرة».
ومما قالته زاخاروفا في نفيها «إن موسكو لم تضع وثيقة خاصة بشأن تسوية الأزمة السورية لطرحها خلال لقاءات فيينا المقبلة. لكن هناك أفكارا متباينة لا تعتبر خطة خاصة أو مبادرة روسية». وردًا على سؤال حول ما إذا كان مقبولاً بقاء رئيس النظام السوري بشار الأسد وهو المتهم بارتكاب الجرائم ضد الكثيرين من أبناء شعبه، كرّرت زاخاروفا الموقف الروسي الرسمي القائل بأن «هذه المسألة أمر يخص الشعب السوري وهو المدعو إلى تحديد مصيره».
وأردفت الناطقة أنه يجب عدم طرح قضية مصير الرئيس السوري في مفاوضات فيينا حول سوريا، و«إن روسيا لا تعتبر النظام السوري (نظامًا مثاليًا) يقوم فقط بخطوات صائبة.. كما أن موسكو بدورها انتقدت بعض خطوات دمشق». لكنها قالت في الوقت ذاته إن ما يحدث اليوم يظهر أن أي خطوة نحو السلام من قبل نظام دمشق تلقى مواجهة «القوى التي تسعى إلى توسيع نطاق الفوضى»، وأدانت في هذا السياق القصف الأخير على مدينة اللاذقية الذي أدى إلى مقتل أكثر من 20 شخصا.
هذا، وسبق لزاخاروفا أن قالت في حديث إلى صحيفة «كومسومولسكايا برافدا» حول مصير الأسد «نحن لم نقل أبدا إنه يجب أن يرحل أو يبقى، بل قلنا إنه إذا أجريت عملية جديدة لتغيير السلطة بالقوة في بلد يقع في الشرق الأوسط، فلن يعرّض ذلك سوريا فقط إلى الهلاك، بل يكون أخطر حلقة في سلسلة الأحداث المدمِّرة، وثقبًا أسود جديدا قد يفجّر المنطقة بكاملها». وعن الأهداف التي تبتغيها روسيا في سوريا قالت زاخاروفا إن «الدولة الروسية ترى ما يجب تحقيقه في سوريا، وهو أولاً الحد من الخطر الإرهابي الذي يهدد أمن روسيا القومي والدولة السورية. وثانيا، إطلاق عملية التسوية السياسية في سوريا عن طريق حوار المعارضة والحكومة السورية بمشاركة كافة الأطراف الخارجية التي تؤثر على الوضع بصورة أو بأخرى».
وإذ أشارت زاخاروفا إلى أن موسكو «تدعو إلى التوصل لاتفاق بشأن تحديد قائمة موحدة للتنظيمات الإرهابية» - على حد تعبيرها - فإنها كررت كلام بوغدانوف عن «إن روسيا تنتظر من شركائها وستافان دي ميستورا، المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى سوريا، اقتراحاتهم بشأن قائمتي تصنيف الإرهابيين والمعارضة السورية قبل اللقاء الثاني في فيينا حول تسوية الأزمة السورية». مدعية أن «أي خطوة نحو السلام من قبل دمشق تلقى مواجهة القوى المهتمة بتوسيع نطاق الفوضى».



القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.