مصر: المال السياسي يربك مخطط «الأوقاف» لإبعاد دور العبادة عن «الصراع الانتخابي»

صور المرشحين حاصرت المآذن.. ومسؤول حكومي حذر من استغلال «صناديق التبرعات»

مئذنة مسجد النور المحمدي بشبرا الخيمة («الشرق الأوسط»)
مئذنة مسجد النور المحمدي بشبرا الخيمة («الشرق الأوسط»)
TT

مصر: المال السياسي يربك مخطط «الأوقاف» لإبعاد دور العبادة عن «الصراع الانتخابي»

مئذنة مسجد النور المحمدي بشبرا الخيمة («الشرق الأوسط»)
مئذنة مسجد النور المحمدي بشبرا الخيمة («الشرق الأوسط»)

«شاركوا في الانتخابات ولا تقاطعوا.. واختاروا خير من يمثلكم»، «لا تمنعوا صوتكم عنهم فهم يستحقون دعمكم لأنهم أصحاب بر».. عبارات أطلقتها مكبرات الصوت داخل أحد المساجد في ضاحية عين شمس (شرق القاهرة)، لخصت المشهد ما بين سلطات رسمية تحاصر مساجدها وقوى سياسية ودينية تسعى لإدخال المنابر في الصراع الانتخابي، قبيل انطلاق المرحلة الثانية من الانتخابات المصرية التي شهدت إقبالا محدودا في مرحلتها الأولى الشهر الماضي.
وبينما دعا الشيخ أحمد (ع) إمام المسجد بشكل صريح لدعم المرشح الانتخابي محمد (ن) الذي زينت صوره مئذنة وجدران وحوائط المسجد، مؤكدا أنه «يقدم خدمات للمصلين ولا يبخل على المسجد بأي شيء».. الشيخ أحمد، المعين رسميا في الأوقاف، يأتي كلامه في وقت ما زالت وزارة الأوقاف، المسؤولة عن المساجد، تتوعد المخالفين من الأئمة والعاملين بالمساجد بالعقاب الشديد؛ وقال قيادي مسؤول في الأوقاف «دورنا يتوقف على تحرير محضر فقط للمرشح المخالف، والتنبيه على عمال المساجد بإزالة اللافتات». بينما قال مراقبون إن «المال السياسي أفشل محاولات الأوقاف لإبعاد المساجد عن السياسة، والمرشحون يستغلون حاجة الأئمة والمسؤولين عن المسجد لتوجيه الناخبين لدعمهم». لكنه تحدث عن حالة من «الربكة» داخل أروقة «الأوقاف» الآن، بعدما فقدت الوزارة سيطرتها على أغلب المساجد - بحسب المسؤول.
وتصدرت صور المرشحين المستقلين ورجال نظام الرئيس الأسبق حسني مبارك جدران وحوائط المساجد، ووصل الأمر لتزيين اللافتات مئذنة المساجد، فيما دفع حزب النور «السلفي» بكل دعاته لتخصيص ندوات وخطب كاملة لدعم مرشحيه ضاربا بتوعدات الأوقاف عرض الحائط، وقال الشيخ نبيل نعيم، القيادي السابق في تنظيم الجهاد المصري، إن «ما تدعيه الأوقاف بسيطرتها على المساجد غير حقيقي، فالمال السياسي يلعب دورا في الانتخابات ليس فقط من قبل دعاة (النور) المتشددين؛ بل كذا من رجال نظام مبارك وجميع الأحزاب المصرية»، لافتا إلى أن «أغلب أئمة الأوقاف ينتمون إما لأحزاب أو تيار ديني آخر، لذلك فهو يروج له.. وأغلبهم تم منحه أموالا خارج النطاق القانوني» - على حد قوله، مضيفا لـ«الشرق الأوسط» أن «الأوقاف لن تستطيع أن تفرض سيطرتها على جميع المساجد، خاصة أن كل مرشح تربطه علاقة طيبة بأهل منطقته أو قريته التي يعيش فيها، ولذلك يتم مجاملته».
وجددت وزارة الأوقاف تحذيرها لجميع المرشحين للانتخابات البرلمانية من محاولة إقحام المساجد أو استخدامها بأي شكل من الأشكال في الدعاية الانتخابية، مؤكدة الوقوف بحسم ضد محاولة أي مرشح أو فصيل أو تيار لتوظيف المسجد لصالحه انتخابيا بأي شكل من الأشكال. وقال القيادي المسؤول بالأوقاف إن «الوزارة تقوم بدورها وهناك غرفة عمليات لمتابعة ضبط المساجد، وإحالة الأئمة المتسببين في ذلك إلى التحقيق الإداري»، لافتا إلى أن «مفتشي الوزارة بالمحافظات يقومون بالمرور بشكل دائم على المساجد لرصد أي تجاوزات»، مضيفا لـ«الشرق الأوسط» أن «الوزارة دفعت بالكثير من مسؤوليها لعودة الانضباط بالمساجد من جديد».
لكن الشيخ أحمد (ع)، الذي فضل ذكر الحرف الأول من اسمه الثاني خوفا من المساءلة، أكد أن «مفتشي الأوقاف لا يمرون على المساجد من الأساس وجميع الرسميين من الأئمة في الوزارة يدعون لانتخاب مرشحين بعينهم، كما أنه يتم توزيع الدعاية من داخل المساجد عقب كل صلاة»، لافتا إلى أن أغلب المساجد معلق على حوائطها وداخلها وخارجها دعاية المرشحين، وأن «البانرات واللافتات تغرق المساجد حتى الكبيرة منها مثل مسجد النور الشهير في حي العباسية (شرق القاهرة)، ومسجد الفتح برمسيس بوسط القاهرة».
وكشف المسؤول في الأوقاف عن أنه «تم تحرير محضر لبعض المرشحين علقوا لافتات انتخابية في محيط مسجد النور بالعباسية، كما تم تحرير عشرات المحاضر في المحافظات أبرزها في مسجد الزهور بمدينة كفر الشيخ ضد مرشحين مستقلين ومرشح لـ(النور)»، لافتا إلى أنه «سوف يتم رفع كل هذه المحاضر إلى اللجنة العليا المشرفة على الانتخابات»، مؤكدا أن الوزارة مستمرة في كشف أي مخالفة لإبعاد المساجد وما حولها عن أي خلافات سياسية أو حزبية أو انتخابية حفاظا على وقارها كمكان للعبادة لله وحده.
وتؤكد الأوقاف أنها تسيطر على نحو 120 ألف مسجد في مصر؛ لكن هذا الرقم بعيد عن الزوايا التي تقدر بالآلاف ومعظمها خارج سيطرة الوزارة فضلا عن مساجد الجمعية الشرعية التي تقدر بنحو 6 آلاف مسجد وزاوية في مختلف قرى ونجوع مصر، التي يسيطر على أغلبها «الدعوة السلفية».
من جانبه، قال وزير الأوقاف المصري محمد مختار جمعة إن «وزارته سوف تتصدى بكل قوة لمحاولات بعض القوى أو التيارات السياسية استخدام الشعارات الدينية أو دور العبادة أو ملحقاتها في الدعاية الانتخابية»، مشيرا إلى تأكيد الوزارة بعدم استخدام المساجد وملحقاتها أو ساحاتها بأي شكل من أشكال للتوظيف السياسي أو الدعاية الانتخابية لأي شخص أو حزب أو قائمة.
وكانت وزارة الأوقاف، قد أصدرت قرارا بمنع أي شخص يترشح لانتخابات مجلس النواب من الخطابة أو أداء الدروس الدينية بالمساجد. وأرغمت الأوقاف أئمتها في التقدم بإجازة رسمية قبل التقدم بأوراق الترشيح، وحال ثبوت تقدم أي من العاملين بها للترشح دون الحصول على إجازة مسبقة سيتم إحالته للتحقيق ووقفه عن العمل لحين انتهاء التحقيق. لكن الشيخ أحمد يقول إن المرشحين «المستقلين» وأغلبهم يعملون في الأوقاف يعقدون مؤتمرات انتخابية في المساجد، ويقدمون دروسا يومية، بالإضافة لمرشحي «النور» الذين لا زلوا يصعدون المنابر رغم ترشحهم في الانتخابات.
فيما أكد نعيم، أن «الأوقاف تقدم دائما نماذج لبعض الأئمة والعاملين بالمساجد الذين تم إحالتهم للتحقيق سواء لدعمهم لمرشحين أو لسماحهم بتعليق لافتات على جدران دور العبادة أو للجميع بين الدعوة بالمسجد والترشح للبرلمان، لتؤكد فرض سيطرتها ولتخيف الآخرين.. وهذا غير حقيقي».
ويرى مراقبون أن الأوقاف قصدت من قرارها دعاة «التيار السلفي» الذين يخوض حزبهم «النور» المرحلة الثانية بقوة بعد خسارته في الأولى وحصوله على عدد قليل من المقاعد؛ لكن الوزارة فوجئت بأن أغلب الأحزاب المدنية دخلت في سباق مع «النور» للدعاية من داخل المساجد.
من جهته، قال القيادي المسؤول لـ«الشرق الأوسط» إن «الأوقاف تتخوف من خروج المساجد من تحت سيطرتها بعدما خاضت معارك كبيرة لإحكام سيطرتها عليها منذ عزل جماعة الإخوان عن السلطة قبل عامين».
وتجري المرحلة الثانية والأخيرة من الانتخابات خارج مصر على مدى يومي 21 و22 نوفمبر (تشرين الثاني) الجاري، وفي الداخل يومي 22 و23 نوفمبر.
وتخشى السلطات المصرية المسيطرة على المساجد من تكرار تجربة جماعة الإخوان المسلمين خلال انتخابات عام 2012 والتي حصلت على أغلبيتها، بعدما استغلت منابر المساجد والمناسبات الدينية للحصول على أصوات انتخابية، واستخدمت خطابا طائفيا يفرق ولا يجمع طوائف الشعب، فخلطت بين الدين والسياسة وأفسدت إمكانية قيام حياة نيابية، وقال القيادي المسؤول، إن «حزب «النور» يستخدم لغة طائفية في المساجد غير التابعة للأوقاف والزوايا، للتقليل من شأن بعض الأحزاب واللعب بأوراق المسلمين والمادة الثانية من الدستور والتي تخص هوية مصر، للتأثير على الناخبين ومنحهم أصواتهم.
وفي مسجد «نور الحق» بضاحية المطرية، وقف أحد دعاة التيار السلفي ويدعى الشيخ ياسر حسني على المنبر، ودعا عقب صلاة العصر لحل الأحزاب الليبرالية، معتبرا أنها تنادي بفصل الدين عن الدولة؛ محذرا من انتخاب مرشحيها، بقوله: إن «الصناديق سوف تغضب منكم يا مسلمين لو انتخبتم هؤلاء العلمانيين». وتابع بقوله: انتخبوا من يمثل الدين والعفة.. مرشح حزب «النور».
وسبق أن طالبت وزارة الأوقاف من أئمة محسوبين على «الدعوة السلفية» بتوقيع إقرارات رسمية موثقة بعدم دعم مرشحي الانتخابات قبيل انطلاق المرحلة الثانية.
ويقول سيد حسين، أحد المترددين على مسجد نور المحمدي بضاحية شبرا الخيمة بمحافظة القليوبية بالقاهرة الكبرى إن «المسجد لديه خطيب رسمي من الأوقاف؛ لكنه لا يأتي أصلا للصلاة وإمامة المصلين، لذلك يصعد مشايخ (النور) وآخرون ممن يجيدون الخطابة من مختلف المستويات والتوجهات لتحفيز المصلين على انتخاب ذويهم»، لافتا إلى أن «هؤلاء الذين يخطبون يتميزون بكلامهم المعسول الذي يقتنع به البسطاء من رواد المسجد»، مشددا على أن «ذلك هو مكمن الخطر».
ووضعت السلطات المصرية شروطا وإجراءات عقابية تصل لحد السجن والغرامة لكل من يصعد للمنابر من غير الأزهريين؛ لكن عدم وجود رقيب – بحسب المراقبين - أتاح الفرصة لأي شخص يخطب ويمنح دروسا قد تكون يومية خاصة في مساجد الأحياء والزوايا المنتشرة في العاصمة ومحافظات مصر.
وقال المسؤول في الأوقاف إن «تقارير رسمية حذرت من انتشار الدعايات الانتخابية داخل المساجد وفي محيطها»، لافتا إلى أن «هذه التقارير أكدت وجود تقصير من قبل مسؤولي التفتيش بالوزارة»، مضيفا: أن «حاجة بعض الأئمة وتدني مستوى معيشتهم دفعهم لقبول أي تبرعات للمساجد عن طريق صناديق التبرعات، بالمخالفة للقانون».
وتعد صناديق «النذور والتبرعات» أبوابا خلفية لنشر الفكر المتشدد في المجتمع، وسبق أن وضعتها الأوقاف تحت سيطرتها بعدما تأكد لها استخدام أموالها في تمويل مظاهرات جماعة الإخوان؛ لكن الشيخ أحمد (ع) قال: إن «أغلب المرشحين يتبرعون للمساجد، لذلك لا يستطيع أحد منعهم من نشر صورهم ولافتاتهم في المساجد».
بدوره نفى الشيخ محمد عبد الرازق رئيس القطاع الديني بالأوقاف، المتحدث الرسمي للوزارة، وجود أي لافتات معلقة على جدران أو مآذن المساجد، مؤكدا لـ«الشرق الأوسط» أن «الوزارة لم ترصد حتى الآن أي خروج للمساجد عن الإطار القانوني وعن الضوابط المحددة، وأن غرفة العمليات بالوزارة لم تتلق أي شكاوى بوجود دعاية انتخابية داخل أو في محيط المساجد».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.