مقاومة شبوة: الميليشيات تسعى للسيطرة على منابع النفط قبل مشاورات جنيف

قوات عسكرية إماراتية تصل إلى عدن لتأمين محيط العاصمة المؤقتة

الدخان يتصاعد جراء غارة جوية  للتحالف أصابت موقعًا للحوثيين في صنعاء أمس (أ.ف.ب)
الدخان يتصاعد جراء غارة جوية للتحالف أصابت موقعًا للحوثيين في صنعاء أمس (أ.ف.ب)
TT

مقاومة شبوة: الميليشيات تسعى للسيطرة على منابع النفط قبل مشاورات جنيف

الدخان يتصاعد جراء غارة جوية  للتحالف أصابت موقعًا للحوثيين في صنعاء أمس (أ.ف.ب)
الدخان يتصاعد جراء غارة جوية للتحالف أصابت موقعًا للحوثيين في صنعاء أمس (أ.ف.ب)

وصلت إلى مدينة عدن أمس قوة كبيرة من الجيش الإماراتي، معززة بآليات عسكرية ضخمة؛ لتعزيز القوة الإماراتية في اليمن المشاركة ضمن قوات التحالف العربي في الحرب ضد ميليشيا الحوثيين وقوات المخلوع صالح.
وقالت مصادر محلية مطلعة لـ«الشرق الأوسط» إن القوة العسكرية الإماراتية، ستساهم في حفظ الأمن والاستقرار، وتأمين مخارج ومداخل ومحيط العاصمة المؤقتة للبلاد.
وأوضح شهود عيان أنهم شاهدوا قوات إماراتية كبيرة تمر في شوارع المدينة، للانتشار والتمركز في مواقع وأماكن متفرقة من عدن.
وحول تطورات الجبهات القتالية في مديريات بيحان بمحافظة شبوة على الحدود مع محافظتي مأرب والبيضاء، أوضح الناطق الرسمي باسم مجلس المقاومة الجنوبية بمحافظة شبوة سالم ثابت العولقي، أن مناطق بيحان شهدت خلال اليومين الماضيين مواجهات مستمرة بين المقاومة الجنوبية وميليشيات الحوثيين وصالح، واشتدت المعارك بضراوة بعد محاولة الميليشيات استحداث خط جديد تمر فيه تعزيزاتهم العسكرية.
وأشار العولقي في تصريح خاص لـ«الشرق الأوسط» إلى أن طيران التحالف العربي، كثف غاراته على عقبة القندع الخط الرئيسي «للتعزيزات» التي تأتي إلى بيحان عبر البيضاء، وهو ما قاد ميليشيا الحوثيين وقوات المخلوع صالح إلى الدفع بتعزيزات عبر طريق آخر، وهو طريق «الجميلة» المطل على بلاد آل عريف المصعبين، حيث تدور المعارك هناك بشراسة.
وقال ناطق مجلس المقاومة الجنوبية بشبوة إن الغارات الجوية المكثفة لطيران التحالف لمواقع ميليشيا الحوثيين وصالح أدت إلى خسائر مادية كبيرة في صفوف الميليشيات، حيث تم استهداف اللواء 19 وشعب القويبل ومنطقة مفقة ومنطقة الكراع في بيحان، كما استهدف الطيران شعب عيينة في عسيلان وهو معسكر للحوثيين، داعيًا التحالف إلى استهداف معسكر آخر للحوثيين في منطقة مبلقة، وكذا قصف تجمعات الحوثيين في شرق بيحان العلياء.
وكشف العولقي لـ«الشرق الأوسط» أن ميليشيا الحوثيين وصالح تسعى للتقدم نحو عسيلان وبالتحديد نحو وادي بلحارث للسيطرة على منابع النفط كونها منشأة حيوية هامة، ويأتي هذا في إطار سعي الميليشيات لامتلاك أوراق ضغط كثيرة تعزز وتحسن شروطهم في أي عملية تفاوض بهدف إيجاد حل سياسي ينهي حالة الحرب، مشيرًا إلى أن المقاومة الجنوبية تقف سدا منيعا حال دون تقدم وسيطرة الميليشيات على منابع النفط حتى الآن، ومن المهم استهداف الطيران لأي تعزيزات للميليشيا نحو وادي بلحارث.
وقال سالم ثابت العولقي إن تحرير بيحان يجب أن يكون إحدى الأولويات التي يعمل عليها التحالف بالتنسيق مع المقاومة الجنوبية للتحضير لعملية عسكرية مسنودة بطيران التحالف، لا سيما أن تحرير بيحان سيضيق الخناق على الميليشيات في البيضاء وفي مأرب، وسيكون أمانا لقوات التحالف الموجودة في مأرب وحماية لظهرها من الخلف، كما أن عملية استقرار المحافظات المحررة تستوجب تحرير ما تبقى من أراض في تلك المحافظات.
وعلى صعيد المعارك الدائرة مع الميليشيات في جبهات دمت ومريس بمحافظة الضالع شمال عدن، قالت مصادر في المقاومة الجنوبية بالضالع إن المقاومة نصبت كمينا لتعزيزات لميليشيا الحوثيين وصالح بمدينة دمت، حاولت التقدم ناحية منطقة مريس ما بعد منطقة الحقب الكائنة بين منطقتي مريس ودمت بالضالع، وأسفر الكمين عن تفجير وإعطاب طاقمين عسكريين ومصرع وجرح العشرات على متنها، أعقب ذلك اندلاع اشتباكات في الموقع ذاته، أجبرت على إثرها ميليشيا الحوثيين وصالح من التراجع إلى منطقة دمت بعد تكبدها خسائر فادحة في العتاد والأرواح.
وعن تطورات الأحداث والمواجهات على الشريط الساحلي ومنطقة ذباب التابعة لمحافظة تعز قال مصدر عسكري في المنطقة العسكرية الرابعة في إفادة خاصة لـ«الشرق الأوسط»: تمكن الجيش الوطني والمقاومة الشعبية بإسناد من قوات عسكرية للتحالف العربي من السيطرة الكاملة على معسكر العمري، بعد مواجهات شرسة، ومعارك كر وفر مع ميليشيا الحوثيين وقوات المخلوع صالح.
وكانت غارات جوية مكثفة للتحالف قد مكنت المقاومة والجيش الوطني أمس الخميس من التوغل إلى منطقة «السيمل»، على مقربة من معسكر العمري الذي كان في الأسبوعين الماضيين في قبضة ميليشيا الحوثيين وقوات المخلوع صالح، مما أجبر الميليشيات على الفرار ناحية الجبال المطلة على المعسكر بعد معارك عنيفة لقوات التحالف والمقاومة والجيش الوطني للسيطرة على المعسكر بالكامل.
ويأتي ذلك التقدم الميداني للمقاومة والجيش الوطني على الساحل الغربي بعد إسناد وتعزيزات عسكرية لقوات الشرعية وصلت منطقة ذباب قبل يوميين من العاصمة المؤقتة عدن، كانت «الشرق الأوسط» قد تناولت ذلك في تقريرها قبل أول من أمس، في حين استهدفت غارات جوية لطيران التحالف منصة إطلاق صواريخ الكاتيوشا في منطقة الزياد بمدينة المخا محافظة الحديدة غرب اليمن.
في حين تشهد مناطق التماس حدودية بين محافظتي تعز ولحج تجدد المواجهات ومعارك كر وفر في جبهات الصبيحة، وجبل الخزم بالمضاربة وجبل إلياس بمنطقة القبيطة بعد محاولات كثيرة لميليشيا الحوثيين وقوات المخلوع صالح للتقدم ناحية مناطق بمحافظة لحج، إلا أن استماتة مقاتلي المقاومة الجنوبية ورجال القبائل بالصبيحة أجبرتهم على التراجع إلى منطقة الوازعية التابعة لمحافظة تعز بإسناد جوي من طيران التحالف العربي.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم