بدء العد التنازلي لتحرير صنعاء.. وجميع منافذها متاحة للاختراق

مصدر عسكري لـ {الشرق الأوسط}: التنسيق مع المقاومة بالداخل قبل تنفيذ الخطة

أمير قطر تميم بن حمد آل ثاني يتقدم المشيعين حول قبر الجندي القطري بقوات التحالف الذي «استشهد»  في اليمن بعد دفنه في الدوحة أمس (رويترز)
أمير قطر تميم بن حمد آل ثاني يتقدم المشيعين حول قبر الجندي القطري بقوات التحالف الذي «استشهد» في اليمن بعد دفنه في الدوحة أمس (رويترز)
TT

بدء العد التنازلي لتحرير صنعاء.. وجميع منافذها متاحة للاختراق

أمير قطر تميم بن حمد آل ثاني يتقدم المشيعين حول قبر الجندي القطري بقوات التحالف الذي «استشهد»  في اليمن بعد دفنه في الدوحة أمس (رويترز)
أمير قطر تميم بن حمد آل ثاني يتقدم المشيعين حول قبر الجندي القطري بقوات التحالف الذي «استشهد» في اليمن بعد دفنه في الدوحة أمس (رويترز)

كشف مصدر عسكري رفيع أن عملية تحرير العاصمة اليمنية صنعاء أصبحت وشيكة، وستكون خلال فترة وجيزة، وفقا للخطة العسكرية التي وضعت بالتزامن مع تطهير معظم المدن والقرى القريبة من صنعاء، لافتا إلى أن جميع خيارات منافذ الدخول للمدينة متاحة أمام المقاومة الشعبية والجيش الوطني الموالي للشرعية وقوات التحالف العربي الذي تقوده السعودية، والذين يدرسون هذه الخيارات بعناية.
وقال المصدر العسكري، لـ«الشرق الأوسط»: «إن قراءة الوضع الداخلي لمدينة صنعاء تجري بالتنسيق مع المقاومة الشعبية في الداخل، التي لن تظهر بشكل مباشر في الوقت الراهن لكي لا يشكل ظهورها خطرا على وجودها، لكننا نعمل معها في نقل المعلومات العسكرية السرية لميليشيا الحوثيين وحليفهم علي صالح».
وأضاف المصدر العسكري أن «ظهور المقاومة الشعبية سيكون واضحا مع تطويق الجيش الموالي للرئيس عبد ربه منصور هادي، وقوات التحالف العربي، لصنعاء، والذي سيسبقه دعم لوجيستي للمقاومة في الداخل، والتشاور مع قيادتها حول الإعداد والتحضير لساعة الصفر، مع تحديد القدرات العسكرية للمقاومة وجاهزيتها لتنفيذ المهام العسكرية قبل اقتحام الجيش الوطني للمدينة».
وأشار المصدر إلى أن عملية تحرير صنعاء ستعتمد على نقاط رئيسية، منها تجهيز الوحدات العسكرية، والتحضير لعملية التحرير، مع توفير الإمكانات اللازمة للتحرك السريع في كل الاتجاهات لحسم الأمور في فترة وجيزة، وهو ما نجحت فيه قوات التحالف العربي في مرحلة سابقة، بسرعة التجهيز العسكري للمقاومة الشعبية والجيش، والتي نتج عنها تجهيز أربعة ألوية، وإعادة تأهيل عدد من الألوية في المدن التي كانت تسيطر عليها ميليشيا الحوثيين، لافتا إلى أنه وفي كل الحالات سيجري تحرير صنعاء في فترة وجيزة غير مسبوقة، لن تزيد على الشهر.
وربط المصدر الفترة الزمنية لتحرير صنعاء بما يتحقق على الأرض من انتصارات في جميع الجبهات، ومنها محافظة تعز التي تشهد تقدما عسكريا للمقاومة الشعبية بدعم من قوات التحالف العربي، إضافة إلى دخول جنود من قوات التحالف إلى جبهات القتال، والذي عزز القدرة القتالية في الجبهات الشرقية والغربية من محافظة تعز، وهو ما أتاح للمقاومة والجيش السيطرة على مواقع جديدة كانت تحت سيطرة ميليشيا الحوثيين وحليفهم علي صالح.
وأشار المصدر العسكري إلى أن أي عملية عسكرية نوعية تحتاج إلى تخطيط شامل قبل البدء في تنفيذها، ومن ذلك تطهير باقي المدن التي تراجعت فيها الميليشيا ومنها مأرب، وشبوة، وطرد بعض الجيوب العسكرية في أطراف مدينتي الجوف وذمار، حيث تقوم المقاومة الشعبية بدور مهم في هذه المرحلة للتعامل مع هذه الجيوب، لافتا إلى أن السبب في تأخر التقدم نحو صنعاء هو انتشار حقول الألغام في المدن المحررة، والطرق المؤدية لمعاقل الحوثيين، ولولا هذه العوامل لتقلصت الفترة الزمنية لتحرير صنعاء.
وحول حجم الألوية التي ستشارك في عملية تحرير صنعاء، قال المصدر «إن هناك الكثير من الألوية الجاهزة لتنفيذ المهام بالتنسيق مع قوات التحالف العربي، ومن أبرز تلك الألوية المناط بها تنفيذ المهام البرية لواء صنعاء، الموجود – حاليا - في مأرب بعد أن أعادت القوات المسلحة تشكيله وتجهيزه، وتجنيد الأعداد اللازمة لتنفيذ المهام العسكرية، خاصة أن هناك عددا من الضباط المتمرسين على الأعمال القتالية ضمن هذا اللواء.
وعن المداخل المحتملة لقوات التحالف والجيش الوطني لتحرير صنعاء، قال المصدر «إن جميع الخيارات متاحة لدخول صنعاء، وسيكون هناك تنسيق مع المقاومة الشعبية قبل البدء في تنفيذ العملية، ومنها: اتجاه غرب صنعاء، وصرواح صنعاء، واتجاه ذمار صنعاء، وكلها مداخل يمكن اختراقها لقرب قيادة العمليات التابعة للجيش الموالي للشرعية من هذه المدن، إضافة إلى ذلك تحرك الوحدات باتجاه المخا نحو الحديدة، التي ستفتح عمقا عسكريا كبيرا لدخول الآليات العسكرية».



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.