عصابات الخطف والاغتيالات تثير الرعب و«تنشط» هجرة الشباب عبر البوابة التركية

نزوح 11 ألف مواطن.. ومطالبة العبادي بمعالجة تردي الأمن

عناصر أمن عراقيون في إحدى قرى ديالى بعد تحريرها من «داعش}
عناصر أمن عراقيون في إحدى قرى ديالى بعد تحريرها من «داعش}
TT

عصابات الخطف والاغتيالات تثير الرعب و«تنشط» هجرة الشباب عبر البوابة التركية

عناصر أمن عراقيون في إحدى قرى ديالى بعد تحريرها من «داعش}
عناصر أمن عراقيون في إحدى قرى ديالى بعد تحريرها من «داعش}

أصبحت محافظة ديالي العراقية وعلى مدى أكثر من 12 سنة التي أعقبت سقوط نظام صدام حسين عام 2003، مسرحًا لأعمال عنف وفوضى واقتتال طائفي، وبروز تنظيمات متشددة على رأسها «القاعدة»، لكن الأوضاع الأمنية المتردية تفاقمت على نحو غير مسبوق، منذ ظهور تنظيم داعش صيف العام الماضي، واجتياحه مناطق واسعة في شمال البلاد وغربها، من ضمنها بعض المناطق في ديالى. وعلى الرغم من أن القوات العراقية طردت عناصر التنظيم من المحافظة منذ أشهر، فإن الهجمات بالعبوات الناسفة والسيارات الملغومة والقصف بقذائف الهاون العشوائية من قبل مجهولين، أثّرت سلبًا على نمط حياة أهلها الذين يتساقطون ضحايا بشكل يومي، كما دفع بمئات منهم إلى الهجرة نحو دول أوروبية آمنة.
واتهم رئيس «لجنة المهجرين والمهاجرين» في البرلمان العراقي النائب رعد الدهلكي، عصابات خطف منظمة تعمل تحت غطاء حكومي وأمني، وتستخدم سيارات حكومية بخطف واغتيال المواطنين في ديالي. وقال إن: «عمليات الخطف والقتل التي تقوم بها العصابات الإجرامية في المحافظة تجري تحت غطاء جهات متنفذة تعمل على حماية تلك العصابات، ولا يستطيع أحد اعتقال أفرادها، ولعل رفض الدائرة الأمنية التي ينتمي لها أحد الضباط المعروفين بدعمهم للعصابات، والذي صدرت بحقه مذكرة اعتقال خير دليل على ذلك».
وأضاف الدهلكي، أن «جرائم الخطف والابتزاز والاغتيال التي تجري بالقرب من نقاط التفتيش دفعت آلاف المواطنين إلى مغادرة المحافظة والعراق بأكمله حفاظا على حياتهم». وأشار إلى أن «مدينة بعقوبة وبقية مدن ديالي شهدت خلال الأيام الماضية تكرارا لمسلسل عمليات الخطف التي استهدفت شرائح مختلفة، وأن نحو 11 ألف مواطن نزحوا من ديالى أخيرا بعد تصاعد عمليات الخطف، ولا بد من تحرك أمني لمواجهة ظاهرة الخطف التي أصبحت مصدر قلق شعبي حقيقي في أغلب مدن ديالي، وتهدد بهجرة الكفاءات وأصحاب الشركات والتجار بسبب تنامي المخاوف من وقوعهم في قبضة تلك العصابات».
ودعا الدهلكي الأجهزة الأمنية إلى تحرك لمواجهة ظاهرة الخطف، مؤكدًا مناشدته لأكثر من مرة جميع المسؤولين الأمنيين، وعلى رأسهم رئيس الوزراء حيدر العبادي بصفته القائد العام للقوات المسلحة، لمعالجة الوضع ولكن من دون جدوى، مشيرا إلى وجود مؤامرة من بعض الأطراف السياسية تهدف إلى إحداث تغييرات ديموغرافية في المحافظة.
وتتعرض مناطق عدة من ديالي أبرزها قرية المخيسة التابعة لناحية أبي صيدا لقصف متكرر بالهاونات، ما أدى إلى «استشهاد» وجرح العشرات من المدنيين، وإلحاق أضرار مادية بعدد من المنازل.
وفي سياق ذي صله، أعلن زعيم «التيار الصدري» مقتدى الصدر عن تجميد عمل «سرايا السلام» في المحافظة، وعزا ذلك إلى وجود غموض في عمل أعضائها، وأن هناك مندسين يقومون بأعمال خطف وابتزاز.
وقال الصدر في بيان له أصدره أمس، إنه «يجمد عمل (سرايا السلام) في ديالى، وذلك لما يكتنف العمل من غموض واندساس بعض الأفراد الذين يسيئون لهذا العنوان من خلال أعمال الخطف والابتزاز وأمور أخرى لا ترتضيها العقل والإنسانية والشريعة السمحة».
وأمر الصدر معاونه «أبو شجاع» بتطبيق «هذا القرار فورًا مع الإعلان عن أسماء المذنبين المجرمين خلال مدة أقصاها 15 يومًا من تاريخ هذا البيان، ومعهم كل متعاون ومتعاطف، وتخليص العنوان من هؤلاء الحثالة الضالة المظلمة ليبقى عنوان الجهاد والمجاهدين ناصعًا بأعين الجميع».
وفي حين هاجر الكثير من أبناء المحافظة نتيجة تردي الأوضاع الأمنية في مدنها، لجأت عشرات الأسر إلى «إخفاء جوازات السفر» في مسعى إلى حماية أبنائها، ومنعهم من السفر والتعرض للموت غرقا في البحر.
وطالبت عضوة في مجلس محافظة ديالي الحكومة الاتحادية أسماء حميد بتوفير الوظائف ومجابهة فكرة الهجرة غير الشرعية. وقالت إن «من الضروري إجراء تحقيقات لمعرفة هوية المافيات التي تروج لفكرة هجرة الشباب من بعقوبة وبقية المدن إلى أوروبا، لأنها تسعى وراء تحقيق أهداف باتت معروفة للرأي العام». وأضافت أن «الحكومة المركزية ملزمة بتأمين حلول لملف الهجرة، من خلال توفير الوظائف ومساعدة الفقراء، وإعطاء تطمينات تساعد على مجابهة فكرة الهجرة غير الشرعية، والتي دفع الكثير ثمنها في الأشهر القليلة الماضية».
وكان المئات من أبناء بعقوبة وبقية مدن المحافظة هاجروا إلى أوروبا عبر بوابة تركيا خلال الأشهر القليلة الماضية. وقالت السيدة «أم إبراهيم» (51 عاما) وهي من سكان بعقوبة، إن «هجرة الكثير من شباب المدينة نحو أوروبا، وفقدان أثر البعض منهم في رحلة الموت، دفعتني إلى إخفاء جواز سفر ابني الوحيد الذي بدا متأثرا جدا بما يحدث للشباب هنا من عمليات خطف وقتل، بينما يروج بين أصحابه عن نعيم الغرب والأمن والأمان الذي فيه».
وأضافت أن «الكثير ممن هاجروا إلى أوروبا فقد أثرهم منذ فترات زمنية متفاوتة، وأوقعت أهاليهم في حيرة حيال مصيرهم. وهم لا يعرفون إن كانوا أحياء أم ابتلعتهم البحار. يحدث هذا كله بسبب تردي الأوضاع الأمنية هنا في ديالي وغيرها من المحافظات العراقية».
على صعيد آخر، قال مصدر طبي في مستشفى بعقوبة المركزي، إن «المستشفى يستقبل بشكل يومي جثث قتلى معظمهم من المغدورين ومجهولي الهوية، وممن سقطوا نتيجة القصف العشوائي بقذائف الهاون على أحياء سكنية متعددة في مدن المحافظة».
وأضاف المصدر الذي طلب عدم الكشف عن اسمه، أن «دائرة الطب العدلي في المحافظة تستقبل أكثر من 30 جثة بمعدل شهري، بينما تتصاعد عمليات الخطف التي باتت تهددنا كوادر طبية في المحافظة، نتيجة إعلاننا عن حجم الضحايا لوسائل الإعلام».
إلى ذلك، أفاد مصدر في شرطة ديالي أن مسلحين اعترضوا سيارة تاكسي لدى مرورها على الطريق الرابط بين قضاء المقدادية ومديرية بعقوبة واقتادوها إلى جهة مجهولة.



إسرائيل تعترض صاروخاً حوثياً عشية «هدنة غزة»

عنصر حوثي يحمل مجسم صاروخ وهمي خلال تجمع في جامعة صنعاء (أ.ف.ب)
عنصر حوثي يحمل مجسم صاروخ وهمي خلال تجمع في جامعة صنعاء (أ.ف.ب)
TT

إسرائيل تعترض صاروخاً حوثياً عشية «هدنة غزة»

عنصر حوثي يحمل مجسم صاروخ وهمي خلال تجمع في جامعة صنعاء (أ.ف.ب)
عنصر حوثي يحمل مجسم صاروخ وهمي خلال تجمع في جامعة صنعاء (أ.ف.ب)

اعترضت إسرائيل صاروخين باليستيين أطلقتهما الجماعة الحوثية في سياق مزاعمها مناصرة الفلسطينيين في غزة، السبت، قبل يوم واحد من بدء سريان الهدنة بين تل أبيب وحركة «حماس» التي ادّعت الجماعة أنها تنسق معها لمواصلة الهجمات في أثناء مراحل تنفيذ الاتفاق في حال حدوث خروق إسرائيلية.

ومنذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، تشن الجماعة المدعومة من إيران هجمات ضد السفن في البحرين الأحمر والعربي، وتطلق الصواريخ والمسيرات باتجاه إسرائيل، وتهاجم السفن الحربية الأميركية، ضمن مزاعمها لنصرة الفلسطينيين.

وقال المتحدث العسكري باسم الجماعة الحوثية، يحيى سريع، في بيان متلفز، عصر السبت، بتوقيت صنعاء، إن جماعته نفذت عملية عسكرية نوعية استهدفت وزارة الدفاع الإسرائيلية في تل أبيب بصاروخ باليستي من نوع «ذو الفقار»، وإن الصاروخ وصل إلى هدفه «بدقة عالية وفشلت المنظومات الاعتراضية في التصدي له»، وهي مزاعم لم يؤكدها الجيش الإسرائيلي.

وأضاف المتحدث الحوثي أن قوات جماعته تنسق مع «حماس» للتعامل العسكري المناسب مع أي خروق أو تصعيد عسكري إسرائيلي.

من جهته، أفاد الجيش الإسرائيلي باعتراض الصاروخ الحوثي، ونقلت «وكالة الصحافة الفرنسية» أن صافرات الإنذار والانفجارات سُمعت فوق القدس قرابة الساعة 10.20 (الساعة 08.20 ت غ). وقبيل ذلك دوّت صافرات الإنذار في وسط إسرائيل رداً على إطلاق مقذوف من اليمن.

وبعد نحو ست ساعات، تحدث الجيش الإسرائيلي عن اعتراض صاروخ آخر قبل دخوله الأجواء، قال إنه أُطلق من اليمن، في حين لم يتبنّ الحوثيون إطلاقه على الفور.

ومع توقع بدء الهدنة وتنفيذ الاتفاق بين إسرائيل و«حماس»، من غير المعروف إن كان الحوثيون سيتوقفون عن مهاجمة السفن المرتبطة بإسرائيل والولايات المتحدة وبريطانيا في البحر الأحمر، وخليج عدن؛ إذ لم تحدد الجماعة موقفاً واضحاً كما هو الحال بخصوص شن الهجمات باتجاه إسرائيل، والتي رهنت استمرارها بالخروق التي تحدث للاتفاق.

1255 صاروخاً ومسيّرة

زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي استعرض، الخميس، في خطبته الأسبوعية إنجازات جماعته و«حزب الله» اللبناني والفصائل العراقية خلال الـ15 شهراً من الحرب في غزة.

وقال الحوثي إنه بعد بدء سريان اتفاق الهدنة، الأحد المقبل، في غزة ستبقى جماعته في حال «مواكبة ورصد لمجريات الوضع ومراحل تنفيذ الاتفاق»، مهدداً باستمرار الهجمات في حال عودة إسرائيل إلى التصعيد العسكري.

جزء من حطام صاروخ حوثي وقع فوق سقف منزل في إسرائيل (أ.ف.ب)

وتوعّد زعيم الجماعة المدعومة من إيران بالاستمرار في تطوير القدرات العسكرية، وقال إن جماعته منذ بدء تصعيدها أطلقت 1255 صاروخاً وطائرة مسيرة، بالإضافة إلى العمليات البحرية، والزوارق الحربية.

وأقر الحوثي بمقتل 106 أشخاص وإصابة 328 آخرين في مناطق سيطرة جماعته، جراء الضربات الغربية والإسرائيلية، منذ بدء التصعيد.

وفي وقت سابق من يوم الجمعة، أعلن المتحدث الحوثي خلال حشد في أكبر ميادين صنعاء، تنفيذ ثلاث عمليات ضد إسرائيل، وعملية رابعة ضد حاملة الطائرات «يو إس إس ترومان» شمال البحر الأحمر، دون حديث إسرائيلي عن هذه المزاعم.

وادعى المتحدث سريع أن قوات جماعته قصفت أهدافاً حيوية إسرائيلية في إيلات بـ4 صواريخ مجنحة، كما قصفت بـ3 مسيرات أهدافاً في تل أبيب، وبمسيرة واحدة هدفاً حيوياً في منطقة عسقلان، مدعياً أن العمليات الثلاث حقّقت أهدافها.

كما زعم أن جماعته استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «ترومان» شمال البحر الأحمر، بعدد من الطائرات المسيرة، وهو الاستهداف السابع منذ قدومها إلى البحر الأحمر.

5 ضربات انتقامية

تلقت الجماعة الحوثية، في 10 يناير (كانون الثاني) 2025، أعنف الضربات الإسرائيلية للمرة الخامسة، بالتزامن مع ضربات أميركية - بريطانية استهدفت مواقع عسكرية في صنعاء وعمران ومحطة كهرباء جنوب صنعاء وميناءين في الحديدة على البحر الأحمر غرباً.

وجاءت الضربات الإسرائيلية الانتقامية على الرغم من التأثير المحدود للمئات من الهجمات الحوثية، حيث قتل شخص واحد فقط في تل أبيب جراء انفجار مسيّرة في شقته يوم 19 يوليو (تموز) 2024.

مطار صنعاء الخاضع للحوثيين تعرض لضربة إسرائيلية انتقامية (أ.ف.ب)

وإلى جانب حالات الذعر المتكررة بسبب صفارات الإنذار وحوادث التدافع في أثناء الهروب للملاجئ، تضررت مدرسة إسرائيلية بشكل كبير، جراء انفجار رأس صاروخ حوثي، في 19 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، كما أصيب نحو 20 شخصاً جراء صاروخ آخر انفجر في الـ21 من الشهر نفسه.

واستدعت الهجمات الحوثية أول رد من إسرائيل، في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وفي 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، قصفت إسرائيل مستودعات للوقود في كل من الحديدة وميناء رأس عيسى، كما استهدفت محطتَي توليد كهرباء في الحديدة، إضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات، وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً.

دخان يتصاعد في صنعاء الخاضعة للحوثيين إثر ضربات غربية وإسرائيلية (أ.ف.ب)

وتكررت الضربات، في 19 ديسمبر الماضي؛ إذ شنّ الطيران الإسرائيلي نحو 14 غارة على مواني الحديدة الثلاثة، الخاضعة للحوثيين غرب اليمن، وعلى محطتين لتوليد الكهرباء في صنعاء، ما أدى إلى مقتل 9 أشخاص، وإصابة 3 آخرين.

وفي المرة الرابعة من الضربات الانتقامية في 26 ديسمبر 2024، استهدفت تل أبيب، لأول مرة، مطار صنعاء، وضربت في المدينة محطة كهرباء للمرة الثانية، كما استهدفت محطة كهرباء في الحديدة وميناء رأس عيسى النفطي، وهي الضربات التي أدت إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة أكثر من 40، وفق ما اعترفت به السلطات الصحية الخاضعة للجماعة.