ما بين برازيليا والرياض.. تكتل سياسي واقتصادي عربي لاتيني

التبادل التجاري قفز من 6 مليارات دولار في 2005 إلى 35 مليارًا

ما بين برازيليا والرياض.. تكتل سياسي واقتصادي عربي لاتيني
TT

ما بين برازيليا والرياض.. تكتل سياسي واقتصادي عربي لاتيني

ما بين برازيليا والرياض.. تكتل سياسي واقتصادي عربي لاتيني

عقدت حتى الآن 4 قمم عربية - لاتينية، الأولى كانت في البرازيل يومي 10 و11 مايو (أيار) عام 2005، حيث شهدت العلاقات الاقتصادية والسياسية بعدها تطورا ملحوظا من خلال زيادة التبادل التجاري والاستثمارات المشتركة، وسط تفاؤل كبير بأن تلعب توصياتها ومخرجاتها دورا أكبر في تعزيز العلاقات الاقتصادية وتوحيد المواقف السياسية في المحافل الدولية، فضلا عن مكافحة الإرهاب ومناصرة الحقوق والقضايا التي تشغل الأمتين؛ العربية واللاتينية، على حد سواء.
انعقدت القمة العربية - اللاتينية الأولى في البرازيل، بينما انعقدت الثانية في العاصمة القطرية الدوحة في 31 مارس (آذار) عام 2009، كما انعقدت القمة الثالثة في ليما في 2 أكتوبر (تشرين الأول) في عام 2012، وجاءت القمة الرابعة التي شهدت العاصمة السعودية الرياض بين يومي 10 و11 أكتوبر الحالي، لتكون إضافة حقيقية للقمم الثلاث التي سبقتها، واشتملت على قرارات مهمة لحماية الخريطة الجغرافية لدول الإقليمين، بجانب مكافحة الإرهاب بأشكاله المختلفة، والعمل على تعزيز الأمن والسلام الدوليين، وتحجيم انتشار السلاح النووي التي تحول بعض الدول التلويح بها بغرض التهديد والوعيد والتدخل في شؤون الغير.
وينظر إلى القمة العربية - اللاتينية الرابعة التي شهدت وقائعها الرياض، اليومين الماضيين، شكلا جديدا من حيث التعاطي مع الأزمات التي تشهدها منطقتا الإقليمين، فضلا عن الانفتاح حول العالم والدول الكبرى بتكتل سياسي مختلف دوره الفاعل في حلحلة أزمة اليمن والأزمة السورية والأزمة الليبية.
وعبر العشرة أعوام الماضية، شهدت العلاقات الاقتصادية والسياسية بين دول الإقليمين مزيدا من التعاون والتقارب والتنسيق وتوحيد المواقف السياسية في المحافل الدولية، خصوصا فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية والقضايا الشبيهة في الإقليمين، حيث قفز التبادل التجاري من 6 مليارات في عام 2005 إلى 35 مليارا في عام 2014، مرشحة للمزيد في العام الحالي والأعوام الذي تليه.
يشار إلى أن الدول التي تجمع القادة المشاركين في القمم العربية اللاتينية، تتألف من 34 دولة منها 22 دولة عربية «مجمدة منها دولة عربية واحدة من عضوية جامعة الدول العربية»، وتشمل: السعودية، والجزائر، والبحرين، وجزر القمر، ومصر، والإمارات، والعراق، والأردن، والكويت، ولبنان، وليبيا، والسودان، وسوريا، وتونس، واليمن، وجيبوتي، وموريتانيا، والمغرب، وعمان، وفلسطين، والصومال، مع مشاركة كل من جامعة الدول العربية واتحاد دول أميركا الجنوبية.
و12 دولة من أميركا الجنوبية، حيث تشمل الأخيرة: الأرجنتين، والبرازيل، وفنزويلا، وبوليفيا، وشيلي، وكولوميبا، والإكوادور، وباراجواي، وغويانا، والبيرو، وأورجواي، وسورينام.
ومن المتوقع تطوير آلية للتعاون في مجالات مختلفة تشمل الاقتصاد والثقافة والتربية، وذلك لتحقيق التنمية الدائمة في تلك البلدان، والتعليم والعلوم والتكنولوجيا وحماية البيئة والسياحة، حيث زاد حجم التبادل التجاري من 8 مليارات دولار عام 2005 إلى 21 مليار دولار عام 2009 ووصل إلى 30 مليار دولار في الآونة الأخيرة. وتكتسب القمة الرابعة أهميتها من خلال الثقل الدولي الذي تتمتع به السعودية على الصعد السياسية والاقتصادية والتجارية والاستثمارية كافة، حيث تضم دول الطرفين عدد سكان يصل إلى أكثر من 700 مليون نسمة، وهو الذي يمهد لمولد كيان اقتصادي جديد موازٍ للكيانات الاقتصادية القائمة في العالم بجانب وجود 25 مليون مواطن عربي في هذه الدول.
وعلى الصعيد العربي، فقد حلت المنطقة العربية للسنة الثانية على التوالي في المرتبة الرابعة عالميًا من بين 7 مجموعات جغرافية، في حين تعول الدول العربية على عدد الجاليات العربية في القارة الأميركية الجنوبية التي تشكل نسبة تقدر بما بين 10 و15 في المائة من سكان القارة في العمل على تطوير العلاقات بين الجانبين.
وبحسابات الأرقام، هذه القمم العربية - اللاتينية آتت أكلها في شكل قفزة ملحوظة في حجم التبادل التجاري، ويعتقد عدد من المراقبين أن الناتج المحلي العربي الإجمالي مشجع، وهو مرشح للارتفاع إلى 3.027 مليار دولار في 2015، ووصل حجم التبادل التجاري بين الجانبين نهاية عام 2014 إلى 30 مليار دولار، بعد أن كان نحو 6 مليارات دولار عام 2005 عند انطلاق أول قمة عربية مع دول أميركا الجنوبية في البرازيل.
وجرى تأسيس مجلس علاقات العالم العربي بأميركا اللاتينية ودول الكاريبي (كارلاك)، الذي نفذ أكثر من 50 فعالية دبلوماسية واقتصادية مشتركة، وتدرس الشركات العربية فرصًا كثيرة للاستفادة من دول جنوب أميركا التي تتكون من نحو 12 دولة رئيسية تقع على مساحة تقدر بنحو 17 مليون كيلومتر مربع، وتعداد سكاني يقارب 400 مليون نسمة، وبهذا تكون القارة الرابعة من حيث المساحة والخامسة من حيث تعداد السكان.



الأمم المتحدة تطالب بإغاثة 10 ملايين يمني

الاستجابة الأممية في 2025 تركز على إغاثة قرابة 4 ملايين نازح يمني (الأمم المتحدة)
الاستجابة الأممية في 2025 تركز على إغاثة قرابة 4 ملايين نازح يمني (الأمم المتحدة)
TT

الأمم المتحدة تطالب بإغاثة 10 ملايين يمني

الاستجابة الأممية في 2025 تركز على إغاثة قرابة 4 ملايين نازح يمني (الأمم المتحدة)
الاستجابة الأممية في 2025 تركز على إغاثة قرابة 4 ملايين نازح يمني (الأمم المتحدة)

بالتزامن مع تحذيرها من تفاقم الأزمة الإنسانية، ووصول أعداد المحتاجين للمساعدات العاجلة إلى أكثر من 19 مليون شخص، أطلقت الأمم المتحدة وشركاؤها خطة الاستجابة للاحتياجات الإنسانية في اليمن للعام الحالي لمساعدة أكثر من 10 ملايين محتاج.

ويأتي ذلك في ظل تراجع حاد للعملة اليمنية، إلى أدنى مستوياتها على الإطلاق، بعد تجاوز سعر الدولار 2160 ريالاً في مناطق سيطرة الحكومة الشرعية، التي عجزت عن سداد رواتب الموظفين منذ 4 أشهر، بعد أكثر من عامين من تسبب الجماعة الحوثية في توقف تصدير النفط، واشتداد أزمات الخدمات العامة، وانقطاع الكهرباء في عدن حيث العاصمة المؤقتة للبلاد لأكثر من نصف اليوم.

ودعت الأمم المتحدة المجتمع الدولي والمانحين إلى توفير مبلغ 2.47 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية لليمن للعام الحالي، لتلبية الاحتياجات الإنسانية العاجلة لأكثر من 19.5 مليون شخص.

وجاءت الدعوة على لسان جوليان هارنيس، منسق الشؤون الإنسانية في اليمن، الذي طالب بتقديم الدعم اللازم لضمان الوصول إلى الفئات الأكثر ضعفاً وتقديم المساعدات المنقذة للحياة لـ10.5 مليون شخص، مشيراً إلى أن الجهود السابقة خلال العام الماضي، شملت أكثر من 8 ملايين شخص بدعم تجاوز 1.4 مليار دولار.

نصف الأطفال اليمنيين يعانون من سوء تغذية وتعدّ النساء والفتيات من الفئات الأكثر ضعفاً (الأمم المتحدة)

وشدَّد هاريس على أن الاحتياجات خلال العام الحالي تتطلب استجابة أوسع وأكثر شمولية لتحقيق الاستقرار وبناء قدرة المجتمعات على الصمود، منوهاً بأن تدهور الأوضاع الاقتصادية، والظروف المناخية القاسية، والتطورات العسكرية الإقليمية أسهمت في مضاعفة الاحتياجات الإنسانية.

ويواجه نصف السكان تقريباً انعداماً حاداً في الأمن الغذائي، ويعيش أكثر من 13 مليون شخص في ظل نقص حاد في مياه الشرب النظيفة، بينما تعمل 40 في المائة من المرافق الصحية بشكل جزئي أو لا تعمل.

وكانت الأمم المتحدة طالبت العام الماضي بـ2.7 مليار دولار لخطة الاستجابة الإنسانية، لكنها لم تحصل سوى على تعهدات ضئيلة، ما تسبب في عجز كبير في تلبية احتياجات المستهدفين.

تناقض الاحتياجات والمطالب

ويؤكد جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أرقام الاحتياجات الإنسانية التي تعلن عنها الأمم المتحدة ووكالاتها والمنظمات الدولية، لكنه يشير إلى التناقض بين ما تعلن عنه من احتياجات ومساعيها للحصول على تمويل لتلبية تلك الاحتياجات، إلى جانب عدم قدرتها على الوصول إلى المستهدفين بسبب نقص المعلومات والبيانات، بالإضافة إلى التغيرات الديموغرافية الحاصلة بفعل النزوح.

استمرار الصراع ترك اليمنيين في حالة احتياج دائم للمساعدات (الأمم المتحدة)

وفي تصريحه لـ«الشرق الأوسط» أعرب بلفقيه عن مخاوفه من عدم إمكانية الحصول على المبالغ المطلوبة لصالح الاستجابة الإنسانية بسبب سوء الترويج للأزمة الإنسانية في اليمن لدى المانحين، لافتاً إلى أن طرق تعامل المنظمات الدولية والأممية في الإغاثة لم تتغير منذ عام 2015، رغم فشلها في تلبية احتياجات اليمنيين، وإنهاء الأزمة الإنسانية أو الحد منها.

وقبيل إطلاقها خطة الاستجابة الإنسانية للعام الحالي، حذّرت الأمم المتحدة، من اشتداد الأزمة الإنسانية في اليمن، بعد تجاوز أعداد المحتاجين إلى مساعدات إنسانية هذا العام 19.5 مليون شخص، بزيادة قدرها 1.3 مليون شخص مقارنة بالعام الماضي، مبدية قلقها على الأطفال الذين يعانون من سوء تغذية، وعلى الفئات الأكثر تهميشاً من بينهم، مثل النساء والفتيات والنازحين البالغ عددهم 4.8 مليون شخص.

وقالت نائبة رئيس مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، جويس مسويا، أمام مجلس الأمن الدولي إنّ اليمنيين ما زالوا يواجهون أزمة خطرة على الصعيدين الإنساني وحماية المدنيين، مشيرة إلى أن تقديرات النداء الإنساني للعام الحالي الذي يجري إعداده، كشفت عن تفاقم الأزمة.

وباء الكوليرا عاد للتفشي في اليمن بالتزامن مع ضعف القطاع الصحي (رويترز)

ووفق حديث مسويا، فإنّ نحو 17 مليون يمني، أي ما يقدر بنصف سكان البلاد، لا يستطيعون تلبية احتياجاتهم الغذائية الأساسية، وما يقرب من نصف الأطفال دون سنّ الخامسة يعانون من تأخر خَطرٍ في النمو بسبب سوء التغذية، مع انتشار مروّع لوباء الكوليرا، بينما يعاني النظام الصحي من ضغوط شديدة.

انهيار العملة

وواصلت العملة اليمنية تراجعها إلى أدنى المستويات، وتجاوز سعر العملات الأجنبية المتداولة في البلاد 2160 ريالاً للدولار الواحد، و565 ريالاً أمام الريال السعودي، بعد أن ظلت تتراجع منذ منتصف العام الماضي، وهي الفترة التي شهدت تراجع الحكومة اليمنية عن قراراتها بفرض حصار على البنوك التجارية المتواطئة مع الجماعة الحوثية.

ويرجع الخبراء الاقتصاديون اليمنيون هذا الانهيار المتواصل للعملة إلى الممارسات الحوثية ضد الأنشطة الاقتصادية الحكومية، مثل الاعتداء على مواني تصدير النفط الخام ومنع تصديره، وإجبار الشركات التجارية على الاستيراد عبر ميناء الحديدة الخاضع للجماعة، إلى جانب المضاربة غير المشروعة بالعملة، وسياسات الإنفاق الحكومية غير المضبوطة وتفشي الفساد.

العملة اليمنية واصلت تدهورها الحاد خلال الأشهر الستة الماضية (رويترز)

ويقدر الباحث الاقتصادي اليمني فارس النجار الفجوة التمويلية لأعمال الإغاثة والاستجابة الإنسانية، بأكثر من 3 مليارات دولار، ويقول إن تراكمات هذا العجز خلال السنوات الماضية أوصل نسبة تغطية الاحتياجات الإنسانية في البلاد إلى 52 في المائة.

ولمح النجار في حديثه لـ«الشرق الأوسط» إلى تضرر الاقتصاد اليمني بفعل أزمة البحر الأحمر وما سببته من تحول طرق التجارة العالمية أو ارتفاع تكاليف الشحن والتأمين، مع عدم بروز إمكانية لتحسن اقتصادي دون توقف الجماعة الحوثية عن ممارساتها أو إلزامها بالكف عنها، بالتوازي مع إجراءات داخلية لتحسين الإيرادات.

استهداف الحوثيين للسفن التجارية في البحر الأحمر ضاعف من تدهور الاقتصاد اليمني (أ.ف.ب)

وحثّ النجار الحكومة اليمنية على اتباع سياسات تزيد من كفاءة تحصيل الإيرادات المحلية، وتخفيف فاتورة الاستيراد، ومن ذلك تشجيع الأنشطة الزراعية والسمكية وتوفير فرص عمل جديدة في هذين القطاعين اللذين يشكلان ما نسبته 30 في المائة من حجم القوى العاملة في الريف، وتشجيع زراعة عدد من المحاصيل الضرورية.

يشار إلى أن انهيار العملة المحلية وعجز الحكومة عن توفير الموارد تسبب في توقف رواتب الموظفين العموميين منذ 4 أشهر، إلى جانب توقف كثير من الخدمات العامة الضرورية، ومن ذلك انقطاع الكهرباء في العاصمة المؤقتة عدن لمدد متفاوتة تصل إلى 14 ساعة يومياً.