الحوثيون يحاولون التقدم نحو قعطبة والجيش والمقاومة يصدان زحفهم

هادي يطلع على الأوضاع في الضالع بمحادثتين هاتفيتين

الحوثيون يحاولون التقدم نحو قعطبة والجيش والمقاومة يصدان زحفهم
TT

الحوثيون يحاولون التقدم نحو قعطبة والجيش والمقاومة يصدان زحفهم

الحوثيون يحاولون التقدم نحو قعطبة والجيش والمقاومة يصدان زحفهم

صدت المقاومة الشعبية مسنودة بقوات الجيش الوطني في محافظة الضالع، أمس، محاولة تقدم للميليشيات الحوثية وقوات الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح باتجاه مديرية قعطبة.
وقال رئيس عمليات معسكر الصدرين، بمنطقة مريس شمال الضالع بجنوب البلاد، العقيد عبد الله مزاحم، لـ«الشرق الأوسط»، إن المقاومة الشعبية المسنودة بقوات الجيش الوطني تمكنت من إحباط محاولة الميليشيات المسلحة وإعادتها على أعقابها، إثر اشتباكات شهدتها منطقة وسط بين مدينة دمت، مركز المديرية شمالا وموضع الزيلة جنوبا، حيث يسيطر رجال المقاومة الشعبية على الطريق الرئيسي والجبال المحيطة به.
وأشار العقيد مزاحم إلى أن هذه المواجهات استخدمت فيها الأسلحة الخفيفة والمتوسطة، مثل الدوشكا والمضادات الأرضية 23 مم، وإلى أن المقاومة كبدت الميليشيات خسائر بشرية ومادية، فضلا عن أن الميليشيات المهاجمة أجبرت في نهاية المطاف على التراجع. وقالت مصادر محلية في منطقة المواجهات، لـ«الشرق الأوسط»، إن رجال المقاومة لجأوا لأسلوب الكمائن في مواجهتهم للميليشيات الحوثية وأتباع الرئيس المخلوع، مؤكدين أن كمينا نصب في موضع بين مدينة دمت وقرية الحقب المحاذية، ونجح، فجر أمس، في تدمير طقم عسكري سالك في الطريق الرئيسي، وقتل وجرح نحو 5 مسلحين حوثيين. وأكدت المصادر أن المواجهات التي دارت في منطقة يعيس وتقع أسفل جبل ناصة المنتصب على الخط الأسفلتي الواصل بين مديريتي دمت وقعطبة، لم تسفر عن أي تقدم للميليشيات الحوثية رغم كثافة النيران وضراوة المعركة.
وكان الرئيس هادي أجرى اتصالين هاتفيين بمحافظ الضالع، فضل الجعدي، وقائد عمليات معسكر الصدرين، للتأكيد على أهمية التلاحم في قتال الميليشيات ومنعها من السيطرة على مواقع شمال محافظة الضالع. وذكرت مصادر في الضالع، لـ«الشرق الأوسط»، أن محافظ الضالع، فضل محمد الجعدي، ورئيس عمليات معسكر الصدرين، العقيد عبد الله مزاحم، أكدا للرئيس هادي أن قوات الجيش الوطني والمقاومة الشعبية تمارس دورها الريادي والوطني في حفظ الأمن والاستقرار والسلم الاجتماعي، وأن «كل الشرفاء من أبناء المحافظة يقفون اليوم صفا واحدا إلى جانب قوات الجيش الوطني والمقاومة الشعبية للدفاع عن أمن واستقرار المحافظة وضد كل من تسول لهم أنفسهم المساس بأمن استقرار الوطن والمواطن». وأشارت المصادر إلى أن «رئيس الجمهورية قال إن الوطن يمر بمرحلة استثنائية تتطلب تضافر جميع الجهود للحفاظ على أمن واستقرار وسكينة المواطن ومكتسبات الوطن وتجنيبه ويلات الصراعات والفتن المذهبية والطائفية المقيتة التي لا تبني الأوطان، بل إنها تسعى للدمار والخراب وإشعال نيران الفتنة بين أبناء الوطن الواحد الموحد».
وشدد الرئيس هادي، في مكالمتيه الهاتفيتين، على ضرورة «اليقظة العالية والجهوزية والاهتمام بجوانب التدريب والتأهيل واستيعاب أفراد المقاومة في الجيش الوطني وترتيب أوضاعهم، وتطوير الأداء في سبيل تكريس الأمن والاستقرار ومواجهة أي عابث بالأمن والسكينة العامة»، إضافة إلى دعوته «جميع الخيرين من أبناء محافظة الضالع للوقوف إلى جانب قوات الجيش الوطني والمقاومة الشعبية من أجل القيام بدورها الأمني على أكمل وجه والحفاظ على أمن واستقرار المحافظة والتصدي بحزم للجماعات الخارجة عن النظام والقانون التي تحاول زعزعة أمن واستقرار المحافظة». كما وجه المحافظ ببذل الجهود لتقديم الخدمات اللازمة للمواطنين في مختلف المجالات.
وفي سياق تدارس الأوضاع في الضالع، عقد قائد اللواء 33 مدرع، اللواء علي مقبل صالح، لقاء مع قيادة معسكر الصدرين بمنطقة مريس، شرق مدينة قعطبة، استمع خلاله إلى الخطة الأمنية للمعسكر والصعوبات التي تواجه قيادته ومقاتليه. وأكد اللواء مقبل تعزيز قدرات المعسكر ومده بكل ما يحتاجه من قوة بشرية وعتاد عسكري بحسب الإمكانيات المتاحة، داعيا دول التحالف إلى مد المقاومة والجيش بالدعم المادي والعتاد.
وفي سياق متصل، التقت قيادة معسكر الصدرين بعدد من قيادات المقاومة في الضالع ومشايخ من أبناء الضالع ومريس وريشان بمديرية قعطبة، من بينهم الشيخ القيادي طاهر مسعد، والشيخ القيادي عمر سيف الحاج، والقيادي جهاد مسعد ريشان، وعدد من المشايخ المشاركين في هذا اللقاء الذي يأتي تواصلا لسلسلة من اللقاءات السابقة. وقالت مصادر محلية وقبلية حضرت اللقاء، لـ«الشرق الأوسط»، إن مشايخ ووجهاء منطقة مريس أبدوا استعدادهم للدفاع عن المعسكر ومريس وصولا إلى تحرير مدينة دمت ودحر الميليشيات الانقلابية.
وكان طيران التحالف أنزل فجر أمس أسلحة خفيفة ومتوسطة، في المنطقة الواقعة تحت سيطرة المقاومة الجنوبية، غرب مدينة الضالع. كما وصلت أول من أمس بعض التعزيزات العسكرية من الضالع إلى معسكر الصدرين، بمنطقة مريس. وتأتي هذه التعزيزات العسكرية الواصلة إلى جبهة مريس كبداية لتعزيزات أخرى ضخمة ستصل لكل جبهات القتال لمواجهة الحوثيين وقوات المخلوع صالح خلال الساعات المقبلة.



قتال عنيف في منبج... وتوتر في حمص والساحل

رجال موقوفون في إطار حملة على خلايا موالية للنظام السابق في حمص الجمعة (أ.ب)
رجال موقوفون في إطار حملة على خلايا موالية للنظام السابق في حمص الجمعة (أ.ب)
TT

قتال عنيف في منبج... وتوتر في حمص والساحل

رجال موقوفون في إطار حملة على خلايا موالية للنظام السابق في حمص الجمعة (أ.ب)
رجال موقوفون في إطار حملة على خلايا موالية للنظام السابق في حمص الجمعة (أ.ب)

بينما واصلت السلطات السورية الجديدة حملاتها لملاحقة خلايا تتبع النظام السابق في أحياء علوية بمدينة حمص وفي الساحل السوري، أفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، الجمعة، بأن قتالاً عنيفاً يدور بين الفصائل المدعومة من تركيا وقوات سوريا الديمقراطية (قسد) التي يقودها الأكراد في منطقة منبج شمال سوريا.

وأشار «المرصد السوري» الذي يتخذ من بريطانيا مقراً له، إلى مقتل ما لا يقل عن 28 عنصراً من الفصائل الموالية لتركيا في الاشتباكات في محيط مدينة منبج. وذكر «المرصد» أيضاً أن الجيش التركي قصف بعنف مناطق تسيطر عليها «قسد».

وجاء ذلك في وقت قالت فيه «قوات سوريا الديمقراطية» إن القوات الموالية لتركيا شنّت هجوماً واسع النطاق على عدة قرى جنوب منبج وشرقها، مؤكدة أنها نجحت في التصدي للمهاجمين الذين يحاولون منذ أيام السيطرة على المنطقة المحيطة بسد تشرين على نهر الفرات.

جانب من تشييع مقاتلَيْن كرديين قُتلا في معارك منبج ودُفنا في القامشلي بشمال شرقي سوريا يوم الخميس (أ.ف.ب)

وتريد تركيا طرد «وحدات حماية الشعب» الكردية التي تشكّل عماد «قوات سوريا الديمقراطية» من المنطقة؛ بحجة أنها فرع سوري لـ«حزب العمال الكردستاني» المصنّف إرهابياً.

إلى ذلك، في حين كان التوتر يتصاعد في الأحياء ذات الغالبية العلوية في حمص خلال عمليات دهم بحثاً عن عناصر من النظام السابق وتصل ارتداداته إلى الساحل السوري، اجتمع نحو خمسين شخصية من المجتمع الأهلي بصفتهم ممثلين عن طوائف دينية وشرائح اجتماعية في محافظة طرطوس مع ممثلين سياسيين من إدارة العمليات العسكرية (التي تولت السلطة في البلاد الآن بعد إطاحة نظام الرئيس السابق بشار الأسد). وعلى مدى أربع ساعات، طرح المشاركون بصراحة مخاوف المناطق الساحلية؛ حيث تتركز الغالبية الموالية للنظام السابق، وتم التركيز على السلم الأهلي والتماسك المجتمعي في سوريا عموماً والساحل السوري خصوصاً، بعد تقديم إحاطة سياسية حول الوضع في الداخل السوري والوضع الدولي، والتطورات الحالية وتأثيرها في الواقع السوري.

قوات أمنية خلال عمليات التمشيط في حمص الجمعة (أ.ب)

قالت ميسّرة الجلسة الصحافية، لارا عيزوقي، لـ«الشرق الأوسط»، إن المشاركين في الجلسة التي نظّمتها «وحدة دعم الاستقرار» (s.s.u) مثّلوا أطيافاً واسعة من المجتمع المحلي، من مختلف الطوائف الدينية، والشرائح الاجتماعية، بالإضافة إلى مشاركة ممثلين سياسيين من إدارة العمليات. وأكدت لارا عيزوقي أن أبرز مطلب للوفد الأهلي كان ضرورة إرساء الأمن، مشيرة إلى تقديم اقتراح بتفعيل لجان حماية محلية؛ بحيث تتولى كل منطقة حماية نفسها في المرحلة الراهنة لمنع الفوضى، مع الاستعداد لتسليم المطلوبين، على أن تُمنح ضمانات فعلية لمنع الانتقامات.

معتقلون يُشتبه بأنهم من النظام السابق في حمص الجمعة (أ.ب)

وتابعت لارا عيزوقي أن الافتقار إلى الأمن، وحالة الانفلات على الطرقات، أديا إلى إحجام كثير من الأهالي عن إرسال أولادهم إلى المدارس والجامعات، وبالتالي حرمانهم من التعليم. وأشارت إلى أن الجلسة الحوارية تضمّنت مطالبات بالإفراج عن المجندين الإلزاميين الذين كانوا في جيش النظام السابق رغماً عنهم، وجرى اعتقالهم من قِبل إدارة العمليات.

ولفتت إلى أن الوفد الأهلي شدد أيضاً على ضرورة وضع حد لتجاوزات تحدث، مضيفة أنه جرت مناقشة مطولة لما جرى في قرية خربة معزة؛ حيث أقر الأهالي بخطأ حماية المطلوبين، وأن ذلك لا يبرر التجاوزات التي حصلت أثناء المداهمات.

يُشار إلى أن اشتباكات حصلت في طرطوس في 25 ديسمبر (كانون الأول) الماضي لدى ملاحقة قوى الأمن الضابط في جيش النظام السابق محمد حسن كنجو الملقب بـ«سفاح سجن صيدنايا»، وهو رئيس محكمة الميدان العسكري التي تُتهم بأنها السبب في مقتل آلاف المعتقلين.

ومما طرحه أهالي طرطوس، في الجلسة، مطلب صدور عفو عام، إذ إن هناك مئات من الشباب المتعلم اضطرهم الفقر إلى العمل في الأجهزة الأمنية والعسكرية التابعة للنظام. ويريد ممثلو الأهالي بحث إمكانية ضم هؤلاء إلى وزارة الدفاع مجدداً، لتجنّب الانعكاسات السلبية لكونهم عاطلين عن العمل. وحسب لارا عيزوقي، كشف ممثل الإدارة الجديدة عن نية «إدارة العمليات» إصدار عفو عام يستثني المتورطين بشكل مباشر في جرائم النظام السابق.

مواطنون في حمص خلال قيام قوات أمن الحكم الجديد بعمليات دهم الجمعة بحثاً عن عناصر من النظام السابق (أ.ب)

ولفتت لارا عيزوقي إلى وجود ممثلين عن شباب بأعمار تتراوح بين 20 و30 سنة، وقالت إنهم يعتبرون أنفسهم ينتمون الى سوريا، لا إلى طائفة معينة ولا يريدون الهجرة ويتطلعون الى لعب دور في مستقبل سوريا، متسائلين عن كيف يمكن أن يحصل ذلك إذا تمّ تأطيرهم داخل مكوّن طائفي.

وحول تسريح الموظفين، عبّر مشاركون عن مخاوف من تسريح آلاف الموظفين لا سيما النساء من ذوي قتلى النظام واللواتي تعلن عائلاتهن -مع لفت النظر إلى اتساع رقعة الفقر وتعمّقها في الساحل خلال سنوات الحرب- حالة الإفقار الممنهجة التي طالت محافظة طرطوس بصفتها محافظة زراعية تدهورت زراعتها في السنوات الماضية.

أطفال في شاحنة بمدينة حمص الجمعة (أ.ب)

وشهدت مدينة طرطوس، بين مساء الخميس وصباح الجمعة، حالة توتر مع توارد أنباء عن جريمة قتل وقعت قرب «شاليهات الأحلام» حيث تستقر مجموعات من «فصائل إدارة العمليات». وحسب المعلومات، أقدم مجهولون على إطلاق نار على شخصين، مما أدى إلى مقتل أحدهما وإصابة الآخر. وقال «المرصد السوري لحقوق الإنسان» إن الأهالي طالبوا «هيئة تحرير الشام» التي تقود إدارة العمليات العسكرية، «بوضع حد للاعتداءات والانتهاكات التي تُسهم في زعزعة الاستقرار وضرب السلم الأهلي الذي تعيشه المنطقة».

وأشار «المرصد» إلى أن ملثمين مسلحين أعدموا أحد أبناء حي الغمقة الشرقية في مدينة طرطوس، وهو شقيق شخص مطلوب بقضايا جنائية، وذلك خلال تفقد القتيل شاليهاً يملكه في منطقة «شاليهات الأحلام».

وتشهد مناطق تركز العلويين في محافظات حمص وطرطوس واللاذقية انفلاتاً أمنياً بسبب انتشار السلاح، وتحصّن مطلوبين من عناصر النظام السابق في أحياء وقرى، مما يثير مخاوف من تأجيج نزاع مناطقي.

يُشار إلى أن «إدارة العمليات العسكرية» استكملت، الجمعة، حملة التمشيط التي بدأتها في حمص يوم الخميس، وشملت أحياء العباسية والسبيل والزهراء والمهاجرين، بحثاً عن فلول ميليشيات النظام السابق. وأفيد باعتقال عشرات الأشخاص بينهم من أُفرج عنهم بعد ساعات فقط.