رئيس البرلمان العراقي يدعو الأطراف الكردية إلى طاولة حوار

الجبوري يطلق مبادرة لحل الأزمة السياسية التي تعصف بإقليم كردستان

رئيس البرلمان العراقي يدعو الأطراف الكردية إلى طاولة حوار
TT

رئيس البرلمان العراقي يدعو الأطراف الكردية إلى طاولة حوار

رئيس البرلمان العراقي يدعو الأطراف الكردية إلى طاولة حوار

دعا رئيس البرلمان العراقي سليم الجبوري الأطراف الكردية إلى الجلوس إلى مائدة حوار داخلي لحل أزمة الإقليم بعيدا عن أضواء الإعلام، في وقت رحب فيه الخصمان الرئيسيان الحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود بارزاني وحركة التغيير بزعامة نوشيروان مصطفى بالمبادرة.
وكان الجبوري زار الإقليم الأسبوع الماضي للبدء في حوارات مع مختلف الأطراف هناك بهدف إيجاد حل للأزمة التي عصفت بالإقليم خلال الشهور الماضية على خلفية الخلاف بشأن التمديد لرئيس الإقليم مسعود بارزاني بعد انتهاء ولايته، لكن وفاة زعيم المؤتمر الوطني العراقي المفاجئة أحمد الجلبي أدت إلى تأجيل الحوارات الخاصة بإيجاد حل للأزمة.
وقال الجبوري في بيان أمس إن «الإقليم يشهد اليوم حالة مؤسفة من الاختلاف الذي يضعف قدرة القيادة السياسية على النهوض بالمؤسسات والتقدم بها، وما حصل مؤخرا من تعطيل بعض المؤسسات سبب اختناقا واضحا في البيئة الديمقراطية التي كانت سائدة فيما مضى»، داعيا جميع القيادات الكردية للجلوس إلى طاولة الحوار الداخلي والابتعاد بالأزمة عّن أضواء الإعلام إلى غرف النقاشات الجادة وتحييد مؤسسات الدولة في الإقليم عن الإشكالات الطارئة وعدم استخدامها وسيلة للضغط السياسي، وحكومة الإقليم إلى مزيد من الحوارات مع الحكومة الاتحادية لحسم المشكلات العالقة لأنها بالتأكيد ستلقي بظلالها على المشهد الداخلي بشكل من الأشكال.
وأكد الجبوري أن القيادات الحزبية والنخبة السياسية، مطالبة اليوم بتجاوز كل الاعتبارات الشكلية، إلى ما هو أعظم منها، وهو النظر للمصلحة العامة ووحدة الإقليم والعراق والحفاظ على المكتسبات الديمقراطية والأمنية والعمرانية التي أنجزها إقليم كردستان.
من جانبه رحب عضو البرلمان العراقي عن الحزب الديمقراطي الكردستاني محسن السعدون بمبادرة الجبوري. وقال السعدون في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «هذه المبادرة ستكون موضع ترحيب الجميع في إقليم كردستان سواء على مستوى القيادة الكردستانية أو الشعب الكردي لأنها تعبر عن الحرص على إيجاد حل للأزمة التي يعانيها الإقليم والتي تحتاج إلى تضافر كل الجهود لحلها، إذ إن مبادرة رئيس البرلمان الاتحادي الدكتور سليم الجبوري تضاف إلى سلسلة مبادرات وتحركات قام بها عدد من القادة السياسيين العراقيين ومنهم السيدان عمار الحكيم وإياد علاوي». وأضاف السعدون، أن الجميع في الإقليم يريد حلا لهذه الأزمة التي هي قانونية قبل أن تكون سياسية، مشيرا إلى أن رئيس الإقليم مسعود بارزاني لا يعارض، لكنه يريد البديل والكيفية التي يمكن أن يكون فيها النظام هناك، هل هو رئاسي أم برلماني، وهل رئيس الإقليم يجري انتخابه من قبل الشعب مباشرة أم من خلال البرلمان؟ إذ إن هذه المسائل لم يتم الاتفاق عليها وهي مثار الخلاف بينما هي في الحقيقة قانونية بحتة، وليست سياسية، إذ إن الأهم بالنسبة لنا هو مستقبل الإقليم والعملية السياسية».
وأوضح السعدون أن وفودا من زعماء العشائر والوجهاء في الإقليم، وبخاصة من السليمانية، وكلهم ينتمون إلى الاتحاد الوطني الكردستاني وحركة التغيير زاروا رئيس الإقليم مسعود بارزاني، مطالبين بإيجاد حل للأزمة حفاظا على الإقليم وما حققه من ازدهار خلال السنوات الماضية.
في السياق نفسه، أكد عضو البرلمان العراقي عن حركة التغيير الكردية مسعود حيدر أن مثل هذه المبادرات سواء تلك التي أعلنها رئيس البرلمان سليم الجبوري أو مبادرات عمار الحكيم وإياد علاوي، إنما تؤكد حرصهم على أهمية تحقيق الاستقرار بالإقليم وبالتالي فإننا كحركة سنتعامل مع هذه المبادرة بكل شفافية ومسؤولية، لكننا نرى أن الحوار يجب أن يستند على قاعدة سليمة، ولا يمكن أن يتحقق ذلك دون عودة الشرعية إلى الإقليم ممثلة بعودة البرلمان ورئيسه ووزراء حركة التغيير وبالتالي سيكون أمامنا متسع من الوقت لحل المشكلات السياسية والقانونية في إقليم كردستان من خلال التفاهمات بين كل الأطراف. وأضاف حيدر أن «المبادرات التي تقوم بها القيادات العراقية وفي المقدمة منها اليوم مبادرة الجبوري، إنما تعكس اهتمام هذه القيادات على أهمية استقرار الإقليم لأنه ينعكس بالضرورة على استقرار العراق، لكن إصرار الحزب الديمقراطي الكردستاني على تمديد ولاية السيد مسعود بارزاني هو الذي نسف الحلول»، كاشفا عن «وجود مشروع متكامل للأحزاب الكردية الأربعة، وهي: الاتحاد الوطني الكردستاني، والتغيير، والجماعة الإسلامية، والاتحاد الإسلامي الكردستاني، لحل الأزمة وقضية التمديد وتعديل قانون رئاسة الإقليم، وهو ما سيتم الاتفاق عليه ليكون قاعدة التفاهم بين الأطراف المجتمعة هناك».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.