البرلمان الليبي يعقد جلسته في فندق.. ويتهم المعتصمين بـ«تعاطي حبوب الهلوسة»

مصادر ليبية لـ {الشرق الأوسط}: سقوط «المؤتمر» يعني سيطرة الثوار المسلحين على السلطة

سيارة رباعية مجهزة بمدفع تقف أمام مقر البرلمان الليبي أمس عقب تكليف قوات عسكرية بحمايته (رويترز)
سيارة رباعية مجهزة بمدفع تقف أمام مقر البرلمان الليبي أمس عقب تكليف قوات عسكرية بحمايته (رويترز)
TT

البرلمان الليبي يعقد جلسته في فندق.. ويتهم المعتصمين بـ«تعاطي حبوب الهلوسة»

سيارة رباعية مجهزة بمدفع تقف أمام مقر البرلمان الليبي أمس عقب تكليف قوات عسكرية بحمايته (رويترز)
سيارة رباعية مجهزة بمدفع تقف أمام مقر البرلمان الليبي أمس عقب تكليف قوات عسكرية بحمايته (رويترز)

استفحلت الأزمة السياسية في ليبيا بعدما قرر نوري أبو سهمين، رئيس المؤتمر الوطني العام (البرلمان)، باعتباره القائد الأعلى للجيش الليبي، تكليف المجلس العسكري بالعاصمة بحماية طرابلس الكبرى بالكامل، قبل أن يطالب أبو سهمين الثوار من مختلف المدن الليبية بالدفاع عن العاصمة والتصدي لما وصفه بـ«مؤامرات» يخطط لها بمنهجية من داخل البلاد أو خارجها. بينما اتهم مسؤولون وأعضاء في المؤتمر المتظاهرين الذين اقتحموا المقر مساء أول من أمس بـ«تعاطي حبوب الهلوسة والمخدرات»، على غرار ما فعله العقيد الراحل معمر القذافي مع المتظاهرين قبل مقتله وسقوط نظام حكمه في شهر أكتوبر (تشرين الأول) عام 2011.
وعاد الهدوء أمس إلى العاصمة طرابلس بعد سقوط قتيل وثلاثة جرحى في اشتباكات مسلحة بين قوات الأمن ومتظاهرين اقتحموا مقر المؤتمر، وأجبروا رئيسه وأعضاءه على الهروب. واندلعت الاشتباكات بين المتظاهرين وقوات الأمن في أحياء بوسط طرابلس على مقربة من مقر المؤتمر الوطني، مما أسفر عن جرح ثلاثة أشخاص ومقتل أحد عناصر دوريات غرفة العاصمة ينتمي إلى كتيبة الإحسان، وفقا لما أكده مصدر أمني مسؤول لـ«الشرق الأوسط».
وعقد المؤتمر الذي يعد أعلى سلطة دستورية وسياسية في البلاد اجتماعا أمس، لكن في أحد فنادق العاصمة وسط إجراءات أمنية مشددة، خصص لمناقشة عملية الاقتحام التي تعرض لها المقر وقيام المتظاهرين بإتلاف محتوياته بالكامل، بالإضافة إلى الاعتداء على أعضاء المؤتمر.
وكشفت مصادر ليبية واسعة الاطلاع النقاب عن اتفاق سري بين رئيس المؤتمر وبعض قيادات الثوار المسلحين والكتائب الموالية له بمنع إسقاط شرعية المؤتمر أو أيلولتها إلى أي كيان آخر، مشيرة إلى أنه «إذا ما جرى إسقاط المؤتمر أو حصل أي مكروه لأغلب أعضائه أو استعصى عقد جلساته، فإن الشرعية ستؤول للثوار فقط».
وأضافت المصادر، التي طلبت حجب تعريفها، أن «الشرعية ستعيد المجالس العسكرية بقوة، ولن يكون هناك توافق إلا بصعوبة بالغة نظرا للتجاذبات والسلاح المنتشر»، موضحة أنه «من الأفضل ترك المؤتمر يستكمل مدته وخطوات تسليم وتسلم».
وعقب عملية اقتحام مقر المؤتمر أصدر أبو سهمين قرارا رسميا بتكليف المجلس العسكري لطرابلس (الذي يترأسه عيسى بدر) بتأمينها، في خطوة من شأنها أن تثير غضب واستياء قيادات من ميليشيات عسكرية مناوئة للمؤتمر.
واتهم مسؤولون وأعضاء في المؤتمر المتظاهرين الذين اقتحموا المقر مساء أول من أمس بـ«تعاطي حبوب الهلوسة والمخدرات»، على غرار ما فعله العقيد الراحل معمر القذافي مع المتظاهرين قبل مقتله وسقوط نظام حكمه في شهر أكتوبر عام 2011، لكن المعتصمين نفوا على الفور هذه الاتهامات.
وردا على المطالب الشعبية بحل المؤتمر الذي مدد ولايته القانونية التي انتهت رسميا في السابع من الشهر الماضي إلى نهاية العام الجاري، عدّ أبو سهمين في كلمة تلفزيونية ألقاها مساء أول من أمس، أن «أجل المؤتمر يجب أن يجري التوافق عليه وفق مدد زمنية حسب خارطة الطريق، أو تعدل أو تسبق الآجال».
وأعلن أن أعضاء المؤتمر «لن يفرطوا في ما ابتغاه هذا الشعب من تحقيق ديمقراطي»، لافتا إلى أن «هناك من يريد أن يتآمر على هذا الشعب وعلى ثورته ويسخر الإعلام والأموال للتغرير بالشباب».
وبعدما أعرب عن أسفه لما وصفه بالاعتداء الصارخ الذي تعرض له مقر المؤتمر، أشار أبو سهمين إلى أن مشاورات مع نوري العبار (الذي قدم استقالته من منصبه كرئيس للمفوضية العليا للانتخابات) لإيجاد طريقة مثلى عاجلة قريبة للتمكين من إجراء انتخابات عاجلة واستفتاء يمكن من الانتقال إلى انتخاب مجلس انتقالي آخر أو مؤتمر وطني أو برلمان قادم رئاسي أو برلماني مباشر أو غير مباشر.
لكن الحكومة الانتقالية عكست في بيان لها أمس توتر العلاقات مع المؤتمر الذي يسعى لإقالة رئيسها علي زيدان وتعيين خليفة له، حيث أكدت في بيان لها على حق المواطنين في التظاهر السلمي والاعتصام، باعتباره أحد مكاسب ثورة 17 فبراير (شباط)، وحثت المؤتمر الوطني على التواصل مع المعتصمين وفتح باب الحوار معهم. كما شدد البيان على رفض الحكومة وشجبها لأعمال العنف لفرض الآراء، داعيا الجميع لتوخي الحكمة وضبط النفس والتحلي بالمسؤولية الوطنية.
من جهتها، عدت دار الإفتاء الليبية أن هذا «الاعتداء الآثم من قبل الانقلابيين الخارجين عن القانون والداعمين لهم يشكل خطرا على الشعب الليبي وثورته ويعمل على إعادة النظام السابق الغاشم ليحكم البلاد مرة أخرى». كما استنكرت في بيان لها صمت الحكومة وتخليها عن حماية المؤتمر ومؤسسات الدولة من المفسدين، وطالبت أعضاء المؤتمر بألا يتخلوا عن مسؤولياتهم حتى يسلموا السلطات إلى جهة منتخبة وألا يستجيبوا للمخربين.
من جهتها، أدانت بعثة الأمم المتحدة بشدة الهجوم على مقر المؤتمر، وأكدت في بيان على ضرورة احترام المؤسسات الشرعية ورفض اللجوء إلى العنف في العمل السياسي وممارسة الحق في التعبير الحر بالوسائل السلمية. وعدت البعثة أن هذا «هو ما يضمن حسن استمرار العملية السياسية بما يحقق انتقال السلطة وفق القواعد الديمقراطية ويحفظ أمن ليبيا واستقرارها».
ولاحظت وكالة الأنباء المحلية في تعليق رسمي لها أن الصور التي تناقلتها وسائط التواصل الاجتماعي وبعض الفضائيات والتي رصدت جوانب من الهجوم على مقر المؤتمر الوطني، كشفت عن عمق الأزمة السياسية التي تعصف بالبلاد والمرشحة للتفاقم وإغراق ليبيا في المجهول، إذا لم يجر تداركها بحسب المراقبين.
من جهة أخرى، اغتال مسلحون مجهولون أمس أحد أفراد قوة التدخل السريع بمدينة بنغازي في شرق ليبيا، في أحدث عملية اغتيال تشهدها المدينة التي باتت مسرحا لعمليات اغتيال وتفجيرات طالت المئات من العسكريين ورجال الأمن والنشطاء السياسيين والإعلاميين أخيرا. كما غادر المدينة أمس جميع العاملين بشركة فرنسية كانت مكلفة بتجهيز البرج الثاني لمركز بنغازي الطبي، بعد يوم واحد من مصرع مهندس فرنسي برصاص مجهولين.
وفي تحد علني لتهديدات اللواء خليفة حفتر القائد العام السابق للقوات البرية بالجيش الليبي باعتقال أي مسؤول حكومي يزور المنطقة الشرقية، قال بيان لحكومة زيدان إن لجنة تضم أربعة وزراء اجتمعت أمس مع المجلس المحلي والغرفة الأمنية المشتركة، ومديرية الأمن الوطني وجهاز المخابرات العامة وقوة عمليات الشرطة بالمدينة، مشيرا إلى أن الاجتماع ناقش كافة السبل التي من شأنها استعادة الأمن في بنغازي والمصاعب التي تواجه الأجهزة الأمنية وتحول دون أداء واجبها على أكمل وجه.
ووقعت مواجهات مسلحة مساء أول من أمس بين حراس للواء حفتر ومجهولين أطلقوا قذيفة صاروخية بالقرب من منزله في بنغازي، لكن مصادر مقربة من حفتر نفت لاحقا لـ«الشرق الأوسط» أن يكون مستهدفا شخصيا في هذا الهجوم الذي لم تتبنه أي جهة.



اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
TT

اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)

استبعدت الحكومة اليمنية تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم، داعية إيران إلى رفع يدها عن البلاد ووقف تسليح الجماعة، كما حمّلت المجتمع الدولي مسؤولية التهاون مع الانقلابيين، وعدم تنفيذ اتفاق «استوكهولم» بما فيه اتفاق «الحديدة».

التصريحات اليمنية جاءت في بيان الحكومة خلال أحدث اجتماع لمجلس الأمن في شأن اليمن؛ إذ أكد المندوب الدائم لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أن السلام في بلاده «لا يمكن أن يتحقق دون وجود شريك حقيقي يتخلّى عن خيار الحرب، ويؤمن بالحقوق والمواطنة المتساوية، ويتخلّى عن العنف بوصفه وسيلة لفرض أجنداته السياسية، ويضع مصالح الشعب اليمني فوق كل اعتبار».

وحمّلت الحكومة اليمنية الحوثيين المسؤولية عن عدم تحقيق السلام، واتهمتهم برفض كل الجهود الإقليمية والدولية الرامية إلى إنهاء الأزمة اليمنية، وعدم رغبتهم في السلام وانخراطهم بجدية مع هذه الجهود، مع الاستمرار في تعنتهم وتصعيدهم العسكري في مختلف الجبهات وحربهم الاقتصادية الممنهجة ضد الشعب.

وأكد السعدي، في البيان اليمني، التزام الحكومة بمسار السلام الشامل والعادل والمستدام المبني على مرجعيات الحل السياسي المتفق عليها، وهي المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل، وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وفي مقدمتها القرار «2216».

عنصر حوثي يحمل صاروخاً وهمياً خلال حشد في صنعاء (رويترز)

وجدّد المندوب اليمني دعم الحكومة لجهود المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، هانس غروندبرغ، وكل المبادرات والمقترحات الهادفة لتسوية الأزمة، وثمّن عالياً الجهود التي تبذلها السعودية وسلطنة عمان لإحياء العملية السياسية، بما يؤدي إلى تحقيق الحل السياسي، وإنهاء الصراع، واستعادة الأمن والاستقرار.

تهديد الملاحة

وفيما يتعلق بالهجمات الحوثية في البحر الأحمر وخليج عدن، أشار المندوب اليمني لدى الأمم المتحدة إلى أن ذلك لم يعدّ يشكّل تهديداً لليمن واستقراره فحسب، بل يُمثّل تهديداً خطراً على الأمن والسلم الإقليميين والدوليين، وحرية الملاحة البحرية والتجارة الدولية، وهروباً من استحقاقات السلام.

وقال السعدي إن هذا التهديد ليس بالأمر الجديد، ولم يأتِ من فراغ، وإنما جاء نتيجة تجاهل المجتمع الدولي لتحذيرات الحكومة اليمنية منذ سنوات من خطر تقويض الميليشيات الحوثية لاتفاق «استوكهولم»، بما في ذلك اتفاق الحديدة، واستمرار سيطرتها على المدينة وموانيها، واستخدامها منصةً لاستهداف طرق الملاحة الدولية والسفن التجارية، وإطلاق الصواريخ والمسيرات والألغام البحرية، وتهريب الأسلحة في انتهاك لتدابير الجزاءات المنشأة بموجب قرار مجلس الأمن «2140»، والقرارات اللاحقة ذات الصلة.

حرائق على متن ناقلة النفط اليونانية «سونيون» جراء هجمات حوثية (رويترز)

واتهم البيان اليمني الجماعة الحوثية، ومن خلفها النظام الإيراني، بالسعي لزعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة، وتهديد خطوط الملاحة الدولية، وعصب الاقتصاد العالمي، وتقويض مبادرات وجهود التهدئة، وإفشال الحلول السلمية للأزمة اليمنية، وتدمير مقدرات الشعب اليمني، وإطالة أمد الحرب، ومفاقمة الأزمة الإنسانية، وعرقلة إحراز أي تقدم في عملية السلام التي تقودها الأمم المتحدة.

وقال السعدي: «على إيران رفع يدها عن اليمن، واحترام سيادته وهويته، وتمكين أبنائه من بناء دولتهم وصنع مستقبلهم الأفضل الذي يستحقونه جميعاً»، ووصف استمرار طهران في إمداد الميليشيات الحوثية بالخبراء والتدريب والأسلحة، بما في ذلك، الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة، بأنه «يمثل انتهاكاً صريحاً لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، لا سيما القرارين (2216) و(2140)، واستخفافاً بجهود المجتمع الدولي».