وزير خارجية السودان: حوارنا مع أميركا مستمر

أكد أن مشاركة بلاده في «التحالف العربي» دعما للشرعية في اليمن التزام تجاه القضايا العربية

إبراهيم غندور خلال مشاركته في قمة الرياض أمس (تصوير: بشير صالح)
إبراهيم غندور خلال مشاركته في قمة الرياض أمس (تصوير: بشير صالح)
TT

وزير خارجية السودان: حوارنا مع أميركا مستمر

إبراهيم غندور خلال مشاركته في قمة الرياض أمس (تصوير: بشير صالح)
إبراهيم غندور خلال مشاركته في قمة الرياض أمس (تصوير: بشير صالح)

قال إبراهيم غندور، وزير الخارجية السوداني لـ«الشرق الأوسط»، إن الحديث حول اختراق أو عدمه في عملية الحوار مع أميركا يتطلب تحديد ماهية حجم هذا الاختراق المقصود، مشيرا إلى أن هناك حوارا بين الخرطوم وواشنطن بدأ منذ فبراير (شباط) الماضي، مؤكدا أن الحوار بين البلدين مستمر حتى الآن، من خلال لقاءات ثنائية سواء كان على مستوى بعض المسؤولين الأميركيين في البيت الأبيض، أو على مستوى وزير الخارجية جون كيري، أو لقاءات مع المبعوث الأميركي للسودان أو على مستوى الفنيين.
ولفت غندور إلى أن ما جرى في 22 سبتمبر (أيلول) الماضي بالخرطوم، وما تضمن من نقاش بين مسؤولين أميركيين وسودانيين يشمل كل مجال العلاقات بين البلدين التي جاء على رأسها رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، تأكيد جديد على استمرارية الحوار بين الطرفين، مشيرا إلى أن القرار كان مبعثه البعد السياسي البحت، مبينا أنه لا يدعمه أي مبرر أو أمر آخر.
وقال غندور إن «السودان لا علاقة له بالإرهاب لا من بعيد ولا من قريب، ولكن الحوار مستمر، ونأمل أن نصل إلى تفاهمات؛ إذ إن الحوار لا يزال جاريا بين الطرفين، وحتى الآن نتبادل الرسائل على المستويات المختلفة».
وفي ما يتعلق بمشاركة السودان في «عاصفة الحزم»، أكد غندور أنه لم يكن الهدف منها تعزيز علاقات السودان مع البلاد الخليجية وتحديدا السعودية كما يروج له، أو لأي علاقات ثنائية، إنما هي واجب تمليه دواعي الأخوة العربية، فضلا عن الالتزام بقرارات الجامعة العربية والتنسيق بين الأشقاء العرب، وعلى رأسهم السعودية الشقيقة الكبرى.
وقال إن «علاقاتنا مع الدول العربية وعلى رأسها أشقاؤنا في الخليج تمضي قدما نحو التعاون الثنائي بشكل أعمق».
وعن مستوى العلاقات التي يشهدها السودان مع السعودية، بين غندور أن هناك تنسيقا قائما بين الخرطوم والرياض على مختلف المستويات، وعلى رأسها مستوى القيادة بين خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، والرئيس عمر البشير، وآخرها ما جرى في الرياض الأسبوع الماضي، حيث جرى حوار حول مختلف القضايا العربية سواء في اليمن أو في سوريا أو في ليبيا.. وغيرها من البلاد العربية، كما يجري تنسيق مستمر بين الجانبين بشأنها، وتم توجيه القيادات على مختلف المستويات بالتنسيق من أجل توحيد المواقف وبلورة الرؤى المشتركة.
وبشأن ما يتعلق بالاتفاقيات الاقتصادية الأربع التي وقعت بين الخرطوم والرياض، الأسبوع الماضي، أكد غندور أن التقديرات الأولية لإجمالي هذه المشروعات تناهز 6.5 مليار دولار.
وحول حيثيات الحوار الوطني السوداني - السوداني، أكد غندور أن الحوار مستمر من خلال لجانه المختلفة، وقدمت كثير من الأحزاب رؤاها في اللجان التي يطرح بين يديها الحوار حاليا، وهناك محاولات جادة من لجنة بالاتحاد الأفريقي عالية المستوى، برئاسة ثامبو إمبيكي، لإلحاق الحركات المسلحة بعملية الحوار، وتنسق في ذلك لجنة «7+7» من الحكومة والمعارضة المعنية بإدارة الحوار والإشراف عليه وعلى الحركات المتمردة والحركة الثورية، وما إذا كان هناك نوع من التواصل والحوار لدفع ذلك في مسيرة السلام.



دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
TT

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)

مع توجّه الحكومة اليمنية بطلب إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للمانحين لجهة دعم خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، بعد تزايد الاحتياجات الإنسانية الملحَّة، جددت منظمات دولية وأممية الدعوة إلى زيادة التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية.

وفي حين تواصل الجماعة الحوثية إعاقة جهود الإغاثة في البلاد، ذكر الإعلام الرسمي أن سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أكد على ضرورة أن تظل الأزمة الإنسانية في اليمن على رأس أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحد من المعاناة المتزايدة، داعياً إلى تكثيف الجهود للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطَفين والمعتقَلين، ومحاسبة المسؤولين عن مختلف الانتهاكات، في إشارة إلى الجماعة الحوثية.

وفي بيان اليمن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الجلسة الخاصة بتعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حذَّر السعدي المجتمع الدولي من خطورة تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية لخدمة أجندتها السياسية، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها العسكرية وتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سجون لمن يعارضونها.

أكثر من 19 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات خلال العام المقبل حسب تقديرات أممية (الأمم المتحدة)

وأعاد البيان اليمني التذكير بأهمية نقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير بيئة آمنة للعمل بعيداً عن التدخلات؛ ما يساهم في تحسين القدرة على إيصال المساعدات إلى الفئات المحتاجة في مختلف المناطق. وتتهم الحكومة اليمنية وأوساط إغاثية وحقوقية محلية وأممية ودولية الجماعة الحوثية بالاستمرار في اختطاف العاملين بالمجال الإغاثي، وتبني حملات إعلامية مسيئة للعمل الإنساني، ورفض الاستجابة لطلبات عائلات المختطفين بالسماح بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم الجسدية والنفسية، وتقديم الرعاية لهم.

سوء التنظيم والتخطيط

وجدَّدت الحكومة اليمنية التذكير بالأضرار الكبيرة التي تسببت بها الفيضانات والسيول التي ضربت عدة مناطق يمنية هذا العام، إلى جانب مختلف التطرفات المناخية التي ضاعفت من الآثار الناجمة عن الحرب في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية؛ ما زاد من أهمية وضرورة تكثيف دعم المجتمع الدولي لليمن في مواجهة هذه التحديات.

جهات دولية تتهم الجماعة الحوثية بإعاقة أعمال الإغاثة بعد اختطاف موظفي المنظمات (رويترز)

ولا يتوقع جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن يكون الدعم كبيراً أو كافياً لمواجهة مختلف المتطلبات والاحتياجات، مشيراً إلى أن عملية حشد الأموال لا بد أن تقترن بكيفية تنظيم إدارة العمل الإنساني والإغاثي، وخلق شراكة حقيقية بين الحكومة اليمنية والقطاع الخاص، والمنظمات المحلية والجهات الإغاثية الحالية، لإيصال المساعدات.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يصف بلفقيه الأزمة الإنسانية في بلاده بالأشد قسوة؛ ما يجعل من غير الممكن على اليمنيين الصمود أمام متطلبات معيشتهم، في ظل استمرارها وتصاعدها، منوهاً بأن حجم الأموال التي يمكن الحصول عليها ليس مهماً إذا لم يتم تنظيم عمليات الإغاثة للوصول بكفاءة إلى كل المستحقين.

وانتقد بلفقيه، وهو أيضاً مستشار وزير الإدارة المحلية، التوجهات الأممية الموسمية لزيادة التمويل، عند نهاية عام وبداية عام جديد، مع غياب التخطيط والتنظيم الفاعلين، وعدم مراعاة الاحتياجات المحلية للمتضررين من الأزمة الإنسانية في كل محافظة.

فيضانات الصيف الماضي في اليمن فاقمت من الأزمة الإنسانية وزادت من احتياجات الإغاثة (الأمم المتحدة)

من جهتها، أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن اليمن أصبح يعيش «واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم»، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة؛ ما يزيد من احتياجات التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية، بما فيها الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.

واتهمت المنظمة، في بيان حديث لها، الجماعة الحوثية، باحتجاز وإخفاء 17 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الموظفين من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، ومواصلة احتجازهم دون تهم.

إيقاف التمويل

نقلت «هيومن رايتس ووتش» عن الأمم المتحدة، أن 24.1 مليون يمني، أي ما يساوي 80 في المائة من السكان، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية».

ونبهت المنظمة الدولية إلى أن الحكومة السويدية أقرَّت، أواخر الشهر الماضي، «الإنهاء التدريجي» لمساعداتها الإنمائية لليمن، على خلفية الإجراءات التدميرية المتزايدة للجماعة الحوثية في الأجزاء الشمالية من اليمن، ومنها اختطاف موظفي الأمم المتحدة.

كما دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تصعيد مطالبة الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، وتنسيق جهودهما بشكل أفضل في هذا الهدف المشترك. وقالت: «يجب أن تضاعف وكالات الأمم المتحدة الجهود لحماية ودعم موظفيها المتبقين في اليمن».

رغم تراجع تمويل الإغاثة في اليمن لا تزال وكالات أممية تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين (الأمم المتحدة)

ويتفق الباحث الاقتصادي، عادل السامعي، مع مسؤول الإغاثة اليمني، بلفقيه، حول سوء إدارة أموال الإغاثة في اليمن، وتسبب ذلك في حلول جزئية ومؤقتة للأزمة الإنسانية في البلاد. ويوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً ملحوظاً في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بسبب «الفساد» الذي أضر بالعملية الإغاثية وتجيير كثير من أوجه الدعم والمساعدات لصالح الجماعة الحوثية.

ويلفت إلى أن هناك تراكماً للفجوات بين الاحتياجات التي تفرضها الأزمة الإنسانية في اليمن والتمويل الموجَّه لها؛ فبعد أن كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الـ12 عاماً الماضية تزيد على 33 مليار دولار، جرى تحصيل أقل من 20 مليار دولار فقط.

وخلال الأسبوع الماضي، كشفت الأمم المتحدة عن حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل (2025).

بسبب اختطاف الجماعة الحوثية موظفي الإغاثة في اليمن تراجعت عدد من الدول عن تمويل الاستجابة الإنسانية (أ.ف.ب)

وحذَّر «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)»، في بيان له، من أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025. ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ووفقاً للمكتب الأممي، فإن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام المقبل، من بينهم 17 مليون شخص (49 في المائة من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف «الطوارئ». بينما يؤثر سوء التغذية الحاد على نحو 3.5 مليون شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.