محقق في حادث «الطائرة الروسية» يرجح فرضية «انفجار قنبلة» بنسبة 90 %

روسيا تواصل إجلاء رعاياها من شرم الشيخ والغردقة

ضابط شرطة مصري يدقق في حاجيات سائح غربي قبل مغادرته مطار شرم الشيخ أمس (أ.ف.ب)
ضابط شرطة مصري يدقق في حاجيات سائح غربي قبل مغادرته مطار شرم الشيخ أمس (أ.ف.ب)
TT

محقق في حادث «الطائرة الروسية» يرجح فرضية «انفجار قنبلة» بنسبة 90 %

ضابط شرطة مصري يدقق في حاجيات سائح غربي قبل مغادرته مطار شرم الشيخ أمس (أ.ف.ب)
ضابط شرطة مصري يدقق في حاجيات سائح غربي قبل مغادرته مطار شرم الشيخ أمس (أ.ف.ب)

راوحت أزمة الطائرة الروسية التي تحطمت فوق سيناء مطلع الأسبوع الماضي مكانها، وكرست حضورها في مساحة الظلال التي تخيم على الحادث منذ إعلان رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون أن لدى بلاده شكوكا حول تعرض الطائرة لعمل إرهابي. وغداة إصدار لجنة التحقيق في الحادث بيانا أكد أنها لم تصل لاستنتاجات بعد بشأن أسباب الحادث، قال عضو باللجنة إن المحققين متأكدون بنسبة 90 في المائة من أن صوت الضوضاء الذي سمع في الثانية الأخيرة من تسجيلات الرحلة كان انفجار قنبلة. وتأتي هذه التطورات فيما لا تزال رحلات الطيران البريطانية والروسية تتوافد على مطار شرم الشيخ لإجلاء مواطني البلدين، فيما تجلي روسيا رعاياها من مدينة الغردقة أيضًا.
رسميًا، يرفض مسؤولون مصريون معنيون بالملف التصريحات جملة وتفصيلاً. وقال محمد رحمة المتحدث الرسمي باسم وزارة الطيران المدني لـ«الشرق الأوسط»، أمس: «لا يمكنني الالتفات لتصريحات مجهلة في حين أملك بيانًا رسميًا من اللجنة صادرًا بتوقيع الممثلين الخمسة للدول المشاركة في التحقيقات يقول إن اللجنة لم تحدد هوية هذا الصوت وإنها لم تتوصل لمعرفة أسباب تفكك الطائرة حتى الآن».
وتضم اللجنة 57 عضوًا من خمس دول هي مصر وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وآيرلندا، يحق لـ5 منهم التوقيع ممثلاً عن بلاده.
ونقلت وكالة «رويترز» عن عضو بلجنة التحقيق في حادث الطائرة الروسية قوله، إن «المحققين متأكدون بنسبة 90 في المائة من أن صوت الضوضاء الذي سمع في الثانية الأخيرة من تسجيلات الرحلة كان انفجار قنبلة».
ونفى رحمة ما تردد عن انسحاب أعضاء اللجنة الأجانب قبل بدء المؤتمر الصحافي قبل يومين، وأوضح أن «أعضاء اللجنة طلبوا عدم الظهور في المؤتمر لكونهم غير مدربين على التعامل مع وسائل الإعلام وفوضوا رئيس اللجنة بإلقاء بيان اللجنة التي تعد في نهاية المطاف لجنة قضائية». وأشار رحمة إلى أن المشكلة الرئيسية أن البعض ينتظر النتيجة فورًا، هذا غير وارد.
وانتقد مسؤول مصري آخر أداء وسائل الإعلام الغربية في تناولها لحادث تحطم الطائرة الروسية. وقال لـ«الشرق الأوسط»، إن «وكالات الأبناء التي تستندون إليها الآن قالت عقب الكارثة مباشرة إن الطائرة الروسية وصلت الأجواء التركية.. بالإمكان أن نصدق هذا جميعا وتنتهي الأزمة.. تلك الوكالات قالت إن الصندوقين الأسودين سافرا إلى روسيا ولم يكن هذا صحيحا.. وقالوا إن اللجنة استمعت لمحتويات الصندوق في الوقت الذي لم تكن فيه عملية تفريغ البيانات قد انتهت بعد».
وفي غضون ذلك، قال مصدر مطلع، إن لجنة التحقيق في حادث سقوط الطائرة الروسية، استدعت 11 موظفا في مطار شرم الشيخ أمس لسماع أقوالهم بشأن الحادث، مشيرة إلى أن «من بين المستدعين للتحقيق قيادات بالمطار». وكانت اللجنة قد استمعت إلى أقوال 7 موظفين في وقت سابق، بحسب المصدر نفسه.
وبينما تواصل لجنة التحقيق عملها، يتكرس مشهد جديد في مدينة شرم الشيخ التي استقبل مطارها أمس 27 طائرة من بريطانيا وروسيا لإجلاء مواطني البلدين.
وقال المتحدث الرسمي باسم وزارة الطيران، إن مطار شرم الشيخ استقبل 8 رحلات بريطانية، و19 رحلة روسية، لافتا إلى أن تعليق الرحلات بالنسبة للجانب البريطاني يقتصر على شرم الشيخ، مشيرا إلى أن مطار الغردقة (على البحر الأحمر جنوب القاهرة) استقبل رحلة بريطانية واحدة حملت سائحين إلى المدينة الساحلية.
وأكد رحمة أن روسيا هي الدولة الوحيدة التي علقت رحلاتها لمطار الغردقة أيضًا، لافتًا إلى أنها تجلي رعاياها منها أيضًا.
وقالت وكالة الإعلام الروسية، إن روسيا أعادت 11 ألفا من سائحيها في مصر خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية، لكن لا يزال عشرات الآلاف بانتظار رحلات للعودة لبلدهم.
وبحسب إحصاءات رسمية للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، وصل عدد السياح الروس الذين زاروا مصر خلال العام الحالي إلى مليون و604 آلاف سائح، في الفترة بين يناير (كانون الثاني) ويوليو (تموز). ويمثل السائحون الروس النسبة الأكبر في أعداد السائحين الذين يزورون البلاد التي تعتمد إلى حد بعيد على عائدات السياحة لدعم احتياطياتها من النقد الأجنبي.



هل يشغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة العربية؟

مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)
مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)
TT

هل يشغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة العربية؟

مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)
مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)

تزامناً مع الاستعداد لزيارة وفد من جامعة الدول العربية إلى دمشق خلال أيام، أثيرت تساؤلات بشأن ما إذا كان قائد الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع سيشغل مقعد بلاده في اجتماعات الجامعة المقبلة.

وأعلن الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، السفير حسام زكي، في تصريحات متلفزة مساء الأحد، أنه «سيزور العاصمة السورية دمشق خلال أيام على رأس وفد من الأمانة العامة للجامعة لعقد لقاءات من الإدارة السورية الجديدة وأطراف أخرى؛ بهدف إعداد تقرير يقدم للأمين العام، أحمد أبو الغيط، وللدول الأعضاء بشأن طبيعة التغيرات في سوريا».

وكانت «الشرق الأوسط» كشفت قبل أيام عن عزم وفد من الجامعة على زيارة دمشق بهدف «فتح قناة اتصال مع السلطات الجديدة، والاستماع لرؤيتها»، وفقاً لما صرح به مصدر دبلوماسي عربي مطلع آنذاك.

وخلال تصريحاته، عبر شاشة «القاهرة والناس»، أوضح زكي أنه «قبل نحو ثلاثة أيام تواصلت الجامعة العربية مع الإدارة السورية الجديدة لترتيب الزيارة المرتقبة».

وبينما أشار زكي إلى أن البعض قد يرى أن الجامعة العربية تأخرت في التواصل مع الإدارة السورية الجديدة، أكد أن «الجامعة ليست غائبة عن دمشق، وإنما تتخذ مواقفها بناءً على قياس مواقف جميع الدول الأعضاء»، لافتاً إلى أنه «منذ سقوط نظام بشار الأسد لم يحدث سوى اجتماع واحد للجنة الاتصال العربية المعنية بسوريا منتصف الشهر الماضي».

وأوضح الأمين العام المساعد أن «الجامعة العربية طلبت بعد ذلك بأسبوع اجتماعاً مع الإدارة السورية الجديدة»، وقال: «نقدّر الضغط الكبير على الإدارة الجديدة، وربما عدم وجود خبرات أو أفكار كافية لملاحقة مثل هذه الطلبات».

وعقدت لجنة الاتصال الوزارية العربية المعنية بسوريا اجتماعاً بمدينة العقبة الأردنية، في 14 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، أكدت خلاله الوقوف إلى جانب الشعب السوري في هذه المرحلة الانتقالية.

وحول الهدف من الزيارة، قال زكي: «هناك دول عربية تواصلت مع الإدارة الجديدة، لكن باقي أعضاء الجامعة الـ22 من حقهم معرفة وفهم ما يحدث، لا سيما أنه ليس لدى الجميع القدرة أو الرغبة في التواصل». وأضاف أن «الزيارة أيضاً ستتيح الفرصة للجانب السوري لطرح رؤيته للوضع الحالي والمستقبل».

ولن تقتصر زيارة وفد الجامعة إلى سوريا على لقاء الإدارة الجديدة، بل ستمتد لأطراف أخرى فصَّلها زكي بقوله: «سنلتقي أي أطراف من المجتمع المدني والقيادات الدينية والسياسية». لكنه في الوقت نفسه نفى إمكانية لقاء «قسد»، وقال «(قسد) وضعها مختلف، كما أنها بعيدة عن العاصمة، حيث ستقتصر الزيارة على دمشق».

ومنذ إطاحة نظام بشار الأسد، في الثامن من ديسمبر (كانون الأول) الماضي، تسعى الإدارة السورية الجديدة إلى طمأنة الدول العربية والمجتمع الدولي. وفي هذا السياق، تواصلت دول عربية عدة مع الإدارة الجديدة، سواء عبر زيارات رسمية أو وفود برلمانية واستخباراتية أو اتصالات هاتفية.

وهو ما وصفه رئيس وحدة الدراسات العربية والإقليمية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور محمد عز العرب، بـ«الانفتاح العربي». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «اختيار وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني للسعودية أولى محطاته الخارجية يعدّ تأكيداً على رغبة دمشق في تعميق علاقتها العربية، لا سيما مع حاجتها إلى دعمها من أجل رفع العقوبات عن البلاد وإعادة إعمارها».

وأكد عز العرب أن «زيارة وفد الجامعة العربية المرتقبة إلى دمشق ستعمّق العلاقات العربية - السورية، في سياق انفتاح متبادل بين الجانبين».

واتفق معه أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور أحمد يوسف أحمد، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الجامعة العربية تتحرك بما يتلاءم مع توجهات أعضائها أو على الأقل الدول الوازنة فيها».

هذا الانفتاح العربي يأتي إيماناً بأن «سوريا دولة كبيرة ومهمة»، بحسب الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، الذي قال: «سوريا تحتاج إلى كل الدعم العربي السياسي والمادي»، مضيفاً: «قد يكون الوضع غير مرضٍ للبعض، ويمكن تفهم هذا، لكن الشأن السوري أمر مرتبط بالسوريين أنفسهم إلى أن يبدأ في التأثير على دول قريبة».

وأضاف: «سوريا تمر بمرحلة جديدة، لكتابة التاريخ بأيدي مواطنيها، وعلى الدول العربية مدّ يد العون لها».

وبشأن شغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة، قال زكي إن «القرار بيد الدول العربية وليس الأمانة العامة»، موضحاً أنه «لو كانت سوريا غير ممثلة ومقعدها شاغر كان من الممكن بحث عودتها الآن وربما وضع بعض المطالب لتحقيق ذلك».

وأضاف: «الواقع يقول إن سوريا موجودة في الجامعة وتشغل مقعدها، أما من يمثلها في هذا المقعد فهو أمر سوري في الأساس. عند تغيير الحكم في أي دولة يمثل الحكم الجديد بلده في المنظمة». لكن زكي أشار في الوقت نفسه إلى أن «هناك أموراً تتعلق بتمثيل شخص معين للدولة، وهنا قد يكون الأمر مرتبطاً بمجلس الأمن، حيث إن هناك قرارات تخصّ التنظيم الذي يرأسه الشرع لا بد من التعامل معها بشكل سريع وسلس».

وقال: «سوريا دولة كبيرة وما يحدث لها يعني العرب، ونظام الحكم الحالي غير النمطي قد لا يسهل الانفتاح عليه، لكن في النهاية دولة بهذه التركيبة لا يمكن أن تترك من جانب العرب».

وأقرّ مجلس وزراء الخارجية العرب في اجتماع طارئ عقد في القاهرة في 7 مايو (أيار) 2023 عودة سوريا لمقعدها بالجامعة، منهياً قراراً سابقاً بتعليق عضويتها صدر في نوفمبر (تشرين الثاني) 2011، بعد 8 أشهر من اندلاع الاحتجاجات في سوريا.

بدوره، قال الكاتب والباحث السياسي السوري، غسان يوسف، لـ«الشرق الأوسط» إن «الإدارة الحالية هي التي تقود العملية السياسية في سوريا، وهي سلطة الأمر الواقع، وأي اجتماع في الجامعة العربية سيحضره من يمثل هذه الإدارة لأنه ليس هناك بديل آخر الآن».

بينما أكد أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة إن «شغل الشرع لمقعد بلاده يتطلب اعترافاً من الجامعة العربية بالإدارة الجديدة، فالتواصل الذي حدث حتى الآن لا يعني بالضرورة اعترافاً به». وأشار إلى أن «الأمر قد يرتبط أيضاً بقرارات مجلس الأمن بهذا الشأن وما إذا كان سيسقط تكييف (الإرهاب) عن (هيئة تحرير الشام)».

لكن أحمد أشار إلى أن «الانفتاح العربي الحالي قد يحل المسألة، لا سيما مع وجود سوابق تاريخيّة اعترفت فيها الجامعة بحكم انتقالي كما حدث في العراق عام 2003».

وفي سبتمبر (أيلول) عام 2003 أعلنت الجامعة العربية، عقب اجتماع على مستوى وزراء الخارجية، الموافقة على شغل مجلس الحكم الانتقالي العراقي مقعد بلاده في الجامعة بصورة مؤقتة إلى حين قيام حكومة شرعية في بغداد.

وأعرب عز العرب عن اعتقاده أن «الفترة المقبلة ستشهد رفعاً للعقوبات الدولية عن سوريا، وتعزيزاً لشرعية الإدارة الجديدة».

وبينما أكد غسان يوسف أن «العقوبات لم ترفع عن سوريا حتى الآن»، أبدى تفاؤلاً بـ«إمكانية تغير الوضع مع عقد مؤتمر الحوار الوطني في سوريا الذي سيعطي مشروعية للحكومة».

وكانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف سابقاً باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت علاقتها به عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما أن قائدها أحمد الشرع، وكان وقتها يكنى «أبو محمد الجولاني» مدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.