مصادر في شبوة: الحوثيون يحاولون الوصول إلى منابع النفط.. ونصبوا «كاتيوشا» في المنطقة

قتلى وجرحى في اشتباكات مع «المصعبين».. والطيران يقصف الميليشيات في بيحان

مركبة للقوات الإماراتية العاملة في إطار التحالف تمر بالقرب من مصفاة عدن النفطية (أ.ف.ب)
مركبة للقوات الإماراتية العاملة في إطار التحالف تمر بالقرب من مصفاة عدن النفطية (أ.ف.ب)
TT

مصادر في شبوة: الحوثيون يحاولون الوصول إلى منابع النفط.. ونصبوا «كاتيوشا» في المنطقة

مركبة للقوات الإماراتية العاملة في إطار التحالف تمر بالقرب من مصفاة عدن النفطية (أ.ف.ب)
مركبة للقوات الإماراتية العاملة في إطار التحالف تمر بالقرب من مصفاة عدن النفطية (أ.ف.ب)

حذرت مصادر محلية في محافظة شبوة اليمنية الجنوبية من أن منابع النفط والغاز في المحافظة، باتت في خطر جراء تمدد المتمردين الحوثيين والقوات الموالية للرئيس المخلوع علي عبد الله صالح في تلك الأنحاء.
وكشفت هذه المصادر لـ«الشرق الأوسط» عن معلومات بشأن قيام الميليشيات الحوثية بفتح طرق جديدة تربط محافظتي شبوة (الجنوبية) والبيضاء (الشمالية)، وأن هذه الطرق تؤدي إلى حقول النفط. وأشارت المصادر إلى أن أبرز تحركات الحوثيين هي في المناطق الواقعة بين مديرية بيحان بشبوة المديريات المجاورة من البيضاء، كما أشارت إلى أن الحوثيين نصبوا منصات صواريخ كاتيوشا في المنطقة، إضافة إلى قيامهم بحفر أنفاق في الجبال.
وتشهد مديرية بيحان، وتحديدا جنوب المدينة المحاذي لمحافظة البيضاء، اشتباكات عنيفة، منذ بضعة أيام، بين قبائل المصعبين والمقاومة الشعبية، من جهة، والميليشيات الحوثية والقوات الموالية للرئيس المخلوع علي عبد الله صالح، من أخرى، وأكدت المصادر مقتل نحو 12 مسلحا حوثيا، أمس، وعنصرين من المقاومة الشعبية في الاشتباكات، إضافة إلى تدمير عدد من المنازل، جراء القصف العشوائي الذي تنفذه الميليشيات على المناطق والقرى التابعة لقبائل المصعبين، بعد أن رفضت الأخيرة فتح الطريق أمام الميليشيات للتوغل في المنطقة، بحجة ملاحقة «الدواعش والتكفيريين»، على حد تعبيرهم. وأكدت المصادر لـ«الشرق الأوسط» أن قبائل المصعبين والمقاومة تمنع تمدد الحوثيين نحو وادي النحر، التابع للقبيلة، وأن هناك جبهتي قتال فتحها الحوثيون، عبر الطرق المؤدية من البيضاء نحو بيحان.
وذكر شهود عيان في بيحان لـ«الشرق الأوسط» أن طيران التحالف واصل تدخله لمنع تمدد المتمردين الحوثيين في مناطق جديدة في المديرية، حيث قصفت طائرات التحالف، أمس، مواقع الميليشيات الحوثية وقوات المخلوع صالح. وتؤكد المصادر المحلية سقوط عدد كبير من القتلى والجرحى في صفوف الميليشيات، وتحديدا في الغارات التي استهدفت الجبال المحيطة بمديرية بيحان.
وقال محمد شيخ الفاطمي، أحد وجهاء مديرية بيحان لـ«الشرق الأوسط»، إن الحوثيين «يعملون، حاليا، على فتح طرقات بين بيحان والبيضاء، حيث يعتبرون البيضاء منطقة آمنة، وذلك بعد أن كانت لديهم طريق واحدة توصلهم إلى بيحان وهي عقبة الجنزح، لكنهم تكبدوا خسائر فادحة، في تلك الطريق، من قبل طيران التحالف والمقاومة الشعبية»، مؤكدا أنهم «يعملون على فتح طريقين آخرين يؤديان إلى مديرية بيحان، إضافة إلى الطريق السابقة وهي طريق عقبة الجنزح باتجاه وادي جنة النفطي». وأكد الفاطمي أنه «إذا فتحت هذه الطرق أمام الحوثيين بأمان، فإنهم يصلون إلى حقول النفط». وأشار إلى أن «هناك وجودا، على شكل جماعات، للحوثيين بالقرب من حقول النفط، في جبل بن عقيل وفي حيد بن سبعان في النقوب، إضافة إلى وجودهم في منطقة حريب التابعة لمحافظة مأرب، المجاورة».
من جهته، أكد الشيخ عوض بن عشيم، رئيس تحالف قبائل شبوة، قائد المقاومة الشعبية بالمحافظة، أن هدف الحوثيين هو الوصول إلى حقول النفط والسيطرة عليها وبيع النفط والاستفادة من عائداته. وأضاف بن عشيم لـ«الشرق الأوسط» أن المقاومة في شبوة وتحديدا في بيحان، تواصل تصديها للمتمردين، بحسب الإمكانيات المتاحة، وأن المعلومات التي تؤكد أن الحوثيين، في تلك المنطقة، يواجهون نقصا كبيرا في المواد التموينية والذخائر، وجدد الزعيم القبلي التأكيد على استعانة المتمردين الحوثيين بمقاتلين من الدول الأفريقية المجاورة. وقال إن هؤلاء الأفارقة باتوا يصلون إلى المحافظة بالعشرات وبالمئات، وليس كما كان عليه الحال في السابق على مجموعات صغيرة تطلب اللجوء أو الدخول، بطريقة غير شرعية، إلى الأراضي السعودية، عبر الأراضي اليمنية، وأن «لهؤلاء هدفا غير الهرب من بلادهم، خاصة وأنهم يتوجهون إلى معسكرات خاصة في محافظتي البيضاء ومأرب». وأبدى بن عشيم استغرابه لمجيء هؤلاء الأفارقة إلى منطقة يريد أهلها الهرب منها بسبب الحرب.
وعقب انسحابهم من محافظة شبوة، في أغسطس (آب) الماضي، أبقى الحوثيون على وجود عسكري مكثف في ثلاث مديريات من المحافظة، هي: أمعين، عسيلان وبيحان، وجميعها حدودية مع محافظتي مأرب والبيضاء، وبحسب المعلومات الواردة من المنطقة، فقد عمل الحوثيون ويعملون على تعزيز مواقعهم التي ظلوا فيها في تلك المديريات، وإعادة ترتيب صفوفهم، وهو الأمر الذي يجعل محافظة شبوة الغنية بالنفط والغاز، تحت تهديد مستمر، بحسب المراقبين.



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.