مناظرة المرشحين لرئاسة الجمهورية ناجحة «إعلانيًا»

كان إعلانا مربحا لتلفزيون «سي إن بي سي»:

مناظرة المرشحين لرئاسة الجمهورية ناجحة «إعلانيًا»
TT

مناظرة المرشحين لرئاسة الجمهورية ناجحة «إعلانيًا»

مناظرة المرشحين لرئاسة الجمهورية ناجحة «إعلانيًا»

في الأسبوع الماضي، انتقلت المناظرات بين المرشحين لرئاسة الجمهورية إلى تلفزيون «سي إن بي سي»، بعد أن أخذت دورها في تلفزيونات «سي إن إن»، و«فوكس»، و«إيه بي سي»، و«سي بي إس».
لكن، هذا تلفزيون اقتصادي. وليس شعبيا. ويشاهده أغلبية الناس المهتمين بالسوق المالية، والاستثمارات، والعقود.
لا بأس، قررت القناة الاقتصادية أن تستفيد من المناظرات السياسية، ربما ليس حبا فيها، ولا بسبب رغبة من ترجيح فائز على آخر. لكن، لتفوز هي، في واحد من أنجح مجالات الاستثمارات التلفزيونية: سوق الإعلانات.
غير أن بيكي كويك، كبيرة مذيعي القناة (أدارت مناظرة المرشحين الجمهوريين في الأسبوع الماضي)، أكدت: «يظل الخبر السياسي هو همنا الأول».
وقالت، في الأسبوع الماضي، لصحيفة «نيويورك تايمز»: «وصلتني رسالة عبر البريد الإلكتروني عن اقتراحات للأسئلة التي سنوجهها إلى المرشحين. استرعى انتباهي، من بين 441 سؤالا مقترحا، سؤال عن سقف الديون (حدود استدانة الحكومة الأميركية من البنوك الأميركية. حتى الآن، بلغت الديون قرابة عشرين تريليون دولار)».
ولاحظت كويك أن أي شخص، في أي مناظرة، في أي قناة تلفزيونية، لم يوجه إلى أي من المرشحين هذا السؤال.
وهتفت: «هذا شيء رائع! جاء وقتنا».
يوجد سبب آخر لاهتمام هذه القناة الاقتصادية بمناظرات المرشحين لرئاسة الجمهورية: منذ أكثر من عشر سنوات، صارت أرباحها تتراجع، وذلك بسبب زيادة المنافسة:
أولا: انتشرت المواقع الاقتصادية في الإنترنت. وصار كثير من الناس يتابعون سوق الأوراق المالية، والأسهم، في هواتفهم.
ثانيا: أسس تلفزيون «فوكس» قناة جديدة هي «فوكس بيزنس» (الاقتصادية).
ثالثا: رغم أن وكالة «بلومبيرغ» الاقتصادية عمرها عشرات السنين، دخلت، مؤخرا، مجال التلفزيون الاقتصادي.
لكن، فعلا، كانت استضافة مناظرة المرشحين لانتخابات رئاسة الجمهورية استثمارا مربحا. عادة، يشاهد القناة كل يوم مائة وثلاثون ألف شخص تقريبا. في الأسبوع الماضي، شاهد مناظرة المرشحين الجمهوريين عشرين مليون شخص.
عادة، يبلغ دخل القناة من الإعلانات ربع دولار مقابل كل مشاهد. وتبلغ جملة دخول الإعلانات نحو 200 مليون دولار كل سنة. خلال المناظرة، فرضت القناة ربع مليون دولار لكل إعلان مدته نصف دقيقة. ويعتقد أن القناة ستكسب خمسين مليون دولار من المناظرة.
خلال الشهور القليلة الماضية، استضاف تلفزيون «فوكس» المرشحين، وشاهد المناظرة 24 مليون شخص. ثم استضافهم تلفزيون «سي إن إن»، وشاهد المناظرة 23 مليون شخص.
كما كان متوقعا، خلال المناظرة التي نقلها تلفزيون «سي إن بي سي»، كانت كثير من الأسئلة عن الاقتصاد: سقف الديون، مشاكل الرأسمالية، ميزانية الحكومة، الخ.. ولحسن حظهم، كان هناك مرشحان اقتصاديان: دونالد ترامب (ملياردير الاستثمارات العقارية)، وكارلي فيورينا (رئيسة سابقة لشركة «إتش بي» الإلكترونية).
في الجانب الآخر، كان جميع الثلاثة الذين أداروا المناظرة صحافيين سابقين في صحيفة «وول ستريت جورنال» (صحيفة رجال الأعمال الأولى في الولايات المتحدة): جون هاروود، يكتب الآن تعليقات في صحيفة «نيويورك تايمز». بيكي كويك، كبيرة مذيعي القناة. هاري كنتانيليا، مسؤول الاستثمارات في القناة.
لا بأس، بعد هذا النجاح الذي حققه تلفزيون «سي إن بي سي» الاقتصادي على حساب المرشحين لرئاسة الجمهورية، أعلن تلفزيون «فوكس بيزنس» الاقتصادي أنه سيستضيف، في الشهر القادم، مناظرة المرشحين الجمهوريين.



تساؤلات بشأن دور التلفزيون في «استعادة الثقة» بالأخبار

شعار «غوغل» (رويترز)
شعار «غوغل» (رويترز)
TT

تساؤلات بشأن دور التلفزيون في «استعادة الثقة» بالأخبار

شعار «غوغل» (رويترز)
شعار «غوغل» (رويترز)

أثارت نتائج دراسة حديثة تساؤلات عدة بشأن دور التلفزيون في استعادة الثقة بالأخبار، وبينما أكد خبراء وجود تراجع للثقة في الإعلام بشكل عام، فإنهم اختلفوا حول الأسباب.

الدراسة، التي نشرها معهد «نيمان لاب» المتخصص في دراسات الإعلام مطلع الشهر الحالي، أشارت إلى أن «الثقة في الأخبار انخفضت بشكل أكبر في البلدان التي انخفضت فيها متابعة الأخبار التلفزيونية، وكذلك في البلدان التي يتجه فيها مزيد من الناس إلى وسائل التواصل الاجتماعي للحصول على الأخبار».

لم تتمكَّن الدراسة، التي حلَّلت بيانات في 46 دولة، من تحديد السبب الرئيس في «تراجع الثقة»... وهل كان العزوف عن التلفزيون تحديداً أم الاتجاه إلى منصات التواصل الاجتماعي؟ إلا أنها ذكرت أن «الرابط بين استخدام وسائل الإعلام والثقة واضح، لكن من الصعب استخدام البيانات لتحديد التغييرات التي تحدث أولاً، وهل يؤدي انخفاض الثقة إلى دفع الناس إلى تغيير طريقة استخدامهم لوسائل الإعلام، أم أن تغيير عادات استخدام ومتابعة وسائل الإعلام يؤدي إلى انخفاض الثقة».

ومن ثم، رجّحت الدراسة أن يكون سبب تراجع الثقة «مزيجاً من الاثنين معاً: العزوف عن التلفزيون، والاعتماد على منصات التواصل الاجتماعي».

مهران كيالي، الخبير في إدارة وتحليل بيانات «السوشيال ميديا» في دولة الإمارات العربية المتحدة، يتفق جزئياً مع نتائج الدراسة، إذ أوضح لـ«الشرق الأوسط» أن «التلفزيون أصبح في ذيل مصادر الأخبار؛ بسبب طول عملية إنتاج الأخبار وتدقيقها، مقارنة بسرعة مواقع التواصل الاجتماعي وقدرتها على الوصول إلى شرائح متعددة من المتابعين».

وأضاف أن «عدد المحطات التلفزيونية، مهما ازداد، لا يستطيع منافسة الأعداد الهائلة التي تقوم بصناعة ونشر الأخبار في الفضاء الرقمي، وعلى مواقع التواصل الاجتماعي». إلا أنه شدَّد في الوقت نفسه على أن «الصدقية هي العامل الأساسي الذي يبقي القنوات التلفزيونية على قيد الحياة».

كيالي أعرب عن اعتقاده بأن السبب الرئيس في تراجع الثقة يرجع إلى «زيادة الاعتماد على السوشيال ميديا بشكل أكبر من تراجع متابعة التلفزيون». وقال إن ذلك يرجع لأسباب عدة من بينها «غياب الموثوقية والصدقية عن غالبية الناشرين على السوشيال ميديا الذين يسعون إلى زيادة المتابعين والتفاعل من دون التركيز على التدقيق». وأردف: «كثير من المحطات التلفزيونية أصبحت تأتي بأخبارها عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي، فتقع بدورها في فخ الصدقية والموثوقية، ناهيك عن صعوبة الوصول إلى التلفزيون وإيجاد الوقت لمشاهدته في الوقت الحالي مقارنة بمواقع التواصل التي باتت في متناول كل إنسان».

وحمَّل كيالي، الهيئات التنظيمية للإعلام مسؤولية استعادة الثقة، قائلاً إن «دور الهيئات هو متابعة ورصد كل الجهات الإعلامية وتنظيمها ضمن قوانين وأطر محددة... وثمة ضرورة لأن تُغيِّر وسائل الإعلام من طريقة عملها وخططها بما يتناسب مع الواقع الحالي».

بالتوازي، أشارت دراسات عدة إلى تراجع الثقة بالإعلام، وقال معهد «رويترز لدراسات الصحافة»، التابع لجامعة أكسفورد البريطانية في أحد تقاريره، إن «معدلات الثقة في الأخبار تراجعت خلال العقود الأخيرة في أجزاء متعددة من العالم». وعلّق خالد البرماوي، الصحافي المصري المتخصص في شؤون الإعلام الرقمي، من جهته بأن نتائج الدراسة «غير مفاجئة»، لكنه في الوقت نفسه أشار إلى السؤال «الشائك»، وهو: هل كان عزوف الجمهور عن التلفزيون، السبب في تراجع الصدقية، أم أن تراجع صدقية الإعلام التلفزيوني دفع الجمهور إلى منصات التواصل الاجتماعي؟

البرماوي رأى في لقاء مع «الشرق الأوسط» أن «تخلّي التلفزيون عن كثير من المعايير المهنية ومعاناته من أزمات اقتصادية، دفعا الجمهور للابتعاد عنه؛ بحثاً عن مصادر بديلة، ووجد الجمهور ضالته في منصات التواصل الاجتماعي». وتابع أن «تراجع الثقة في الإعلام أصبح إشكاليةً واضحةً منذ مدة، وإحدى الأزمات التي تواجه الإعلام... لا سيما مع انتشار الأخبار الزائفة والمضلّلة على منصات التواصل الاجتماعي».