ديسمبر.. الشهر المفضل للمستثمرين في العالم

اجتماعان لـ«المركزي الأميركي» و«أوبك» يحددان اتجاه تدفق الأموال.. وعيون الاقتصاديين على تصريحات يلين والنعيمي

زعماء المال والاقتصاد العالميين سيكونون تحت نظر المستثمرين خلال ديسمبر المقبل (غيتي)
زعماء المال والاقتصاد العالميين سيكونون تحت نظر المستثمرين خلال ديسمبر المقبل (غيتي)
TT

ديسمبر.. الشهر المفضل للمستثمرين في العالم

زعماء المال والاقتصاد العالميين سيكونون تحت نظر المستثمرين خلال ديسمبر المقبل (غيتي)
زعماء المال والاقتصاد العالميين سيكونون تحت نظر المستثمرين خلال ديسمبر المقبل (غيتي)

في وقت يبحث فيه المستثمرون عن فرص تجارية لاقتناص أرباح مالية، وسط بوادر أزمة اقتصادية عالمية تلوح في الأفق، يتردد البعض منهم في إصدار قرار شرائي أو استثماري حتى لو ظهرت فرصة استثمارية يبدو أن عائدها الربحي كبير؛ وذلك انتظارًا لشهر ديسمبر (كانون الأول) المقبل.
ويأتي ذلك الترقب كونه من المقرر أن يحدد مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأميركي) موقفه من رفع سعر الفائدة الشهر المقبل، فضلا عن اجتماع منظمة الدول المصدرة للبترول (أوبك) الذي تنتظره الكثير من الدول داخل المنظمة وخارجها بداية شهر ديسمبر.
والقراران يمثلان أهمية كبيرة للمستثمرين الذين يضعون أعينهم على تصريحات المركزي الأميركي لتحديد وجهة الدولار، وبالتالي اتجاه المعدن الأصفر النفيس (الذهب) وتأثر الأسهم والسندات، فضلا عن التلميحات السعودية التي تحدد وجهة أسعار النفط في العالم، وهو ما سيتحدد بالفعل قولا نافذًا في ديسمبر، الذي يمثل وجهة المستثمرين سواء في سلة العملات أو الذهب أو الأسهم والسندات أو النفط أو السلع الأولية.
فوفقًا لرئيسة مجلس الاحتياطي الاتحادي جانيت يلين، التي أبلغت الكونغرس يوم الأربعاء الماضي بأن الاقتصاد الأميركي يظهر «أداءً جيدًا» قد يبرر زيادة في أسعار الفائدة في ديسمبر، فإن ذلك أعطى المستثمرين دفعة قوية زادت من توقعاتهم برفع سعر الفائدة الشهر المقبل، وهو ما رفع الدولار أمام سلة العملات. وقالت يلين: «أرى أن المعدلات المنخفضة لاستغلال موارد العمالة تضاءلت بشكل كبير»، في حين أنه من المتوقع أن يرتفع التضخم على المدى المتوسط.
وحسمت يلين الأمر بأن البنك المركزي الأميركي «يتوقع أن يواصل الاقتصاد النمو بوتيرة تعيد التضخم إلى المستوى الذي نستهدفه على المدى المتوسط. إذا دعمت المعلومات الواردة تلك التوقعات.. فإن ديسمبر سيكون احتمالا حقيقيًا» لرفع للفائدة.
وإذا ما شهد شهر ديسمبر رفعًا للفائدة الأميركية فإنه من المقرر أن يتخذ نهجًا تدريجيًا في الزيادة. إذ سيكون ذلك أول رفع للفائدة في نحو عشر سنوات وإشارة مهمة إلى عودة الاقتصاد الأميركي إلى مساره الطبيعي منذ الأزمة المالية العالمية.
أما المهندس علي النعيمي، وزير البترول والثروة المعدنية السعودي، فعندما سئل عن رفع الدعم يوم الأربعاء الماضي أيضا، رد قائلا: «ما هو تعريف الدعم؟ عرفوا لي مصطلح الدعم قبل أي شيء حتى نرى إذا ما كان هناك دعم. نحن في السعودية لا ندعم الطاقة، بل نقدم مساعدات للمواطنين حتى يحصلوا على الطاقة بأسعار مناسبة ونضمن لهم حياة رغدة. ونحن لسنا في حاجة ماسة لإيقاف هذه المساعدات للمواطنين الآن». وأضاف: «لا يعود المرء ويلغي المساعدة إلا إذا كانت هناك حاجة ملحة لذلك. ولحسن الحظ فإن السعودية في الوقت الحالي لا تواجه مثل هذه الحاجة».
ويفهم من حديث النعيمي وضع السعودية القوي إبان تراجع أسعار النفط، حتى إنها لا ترى في الوقت الحالي ضرورة حتمية لتخفيض المساعدات المالية أو «دعم المواطنين»، وهو ما يشير هنا إلى وجود مؤشرات لتمسك السعودية باستراتيجيتها في إبقاء مستويات الإنتاج دون تغيير في اجتماع منظمة الدول المصدرة للبترول (أوبك) ديسمبر المقبل.
ويدعم هذا القرار، إذا ما تم الاتفاق عليه خلال الاجتماع المقبل، انخفاض الأسعار أو ثباتها عند المستويات الحالية. ويتداول سعر برميل النفط حاليًا عند مستويات دون 50 دولارًا، نزولا من 115 دولارًا في يونيو (حزيران) من العام الماضي.
وبعد الإجراءات الصينية الأخيرة لتخفيض عملتها، بدا للمستثمرين أن قرارات في الأفق يجب أن تصدر من بكين للمحافظة على معدلات نمو تضمن استقرار الوضع المالي العالمي، ما دامت الصين ثاني أكبر اقتصاد في العالم بعد أميركا.
وكان بنك الشعب الصيني (المركزي الصيني) قد أعلن في 25 أغسطس (آب) الماضي خفضه سعر الإقراض المصرفي القياسي لأجل عام بمقدار 25 نقطة أساس، ليصل إلى 4.6 في المائة، كما خفض نسبة الاحتياطي الإلزامي لمعظم البنوك الكبيرة 50 نقطة أساس إلى 18 في المائة. لكن الصين تواجه تحديات جمة تتمثل في انخفاض نصيب الفرد من الناتج المحلي، وتأثرها الكبير بالأحداث المالية العالمية نتيجة وجود نقص في الموارد لديها، مما يجبرها على اللجوء لشراء المواد الأولية والطاقة لتتناسب مع النمو الاقتصادي المأمول.
أيضا يتّبع بنك الشعب الصيني سياسة الادخار باعتماده على الطلب العالمي أكثر من الداخلي، مما يرفع مستوى التأثير على الاقتصاد الصيني عند حدوث أي أزمة اقتصادية خارجية. وأدى انخفاض قيمة العملة في أوروبا واليابان أمام الدولار إلى زيادة قيمة اليوان، التي أسهمت في تآكل الطلب على الصادرات، وهو أحد أسباب تخفيض بكين لعملتها.
ومن المقرر عقد محادثات للتجارة الحرة بين الصين واليابان وكوريا الجنوبية في ديسمبر المقبل، وهو الأمر الذي يضمن إنعاش اقتصاد النمور الآسيوية مجددًا، ويوفر دورة جديدة لرأسمال قد يدفع معدلات النمو للارتفاع.
وبينما ينتظر المستثمر في الصين قرارات حكومية تنعش تباطؤ الاقتصاد هناك لضخ سيولة مالية جديدة، فإن المستثمر الأميركي ينظر بعين على تلك القرارات وعين أخرى على قرار البنك المركزي الأميركي عن سعر الفائدة، في حين ينظر بانتباه شديد المستثمرون في أوروبا على الصين وأميركا لتأثيرهما القوي على اقتصاد منطقة اليورو، ويراقب المستثمر الروسي التحركات السعودية في سوق النفط من خلال (أوبك) نظرًا لاعتماد موسكو على بنسبة كبيرة على إيرادات النفط، أما المستثمر العربي فعينيه على جميع التحركات الدولية، لارتباط اقتصادات الدول العربية بشكل مباشر بالدول الغربية.
وإذا ما قرر البنك المركزي الأميركي رفع سعر الفائدة في ديسمبر، فإن الدولار سيتخذ اتجاهًا صعوديًا ليسجل مستويات لم يصل إليها منذ سنوات، مع زيادة الحذر في شراء الأسهم، مقابل تراجع أسعار الذهب وباقي العملات. والقرار لا يدعم الطلب على النفط، نظرًا لأن صعود الدولار يرفع من التكلفة المالية لحائزي العملات الأخرى، في حين أن قرار أوبك بإبقاء مستويات الإنتاج دون تغيير سيضغط أكثر على سعر البرميل.
والتوقعات تشير على الأرجح إلى رفع البنك المركزي الأميركي أسعار الفائدة في ديسمبر إذا استمر الاقتصاد الأميركي في التحسن، بينما لا توجد أي مؤشرات على تغيير منظمة الدول المصدرة للبترول (أوبك) من استراتيجيتها في إبقاء الإنتاج دون تغيير للحفاظ على حصتها السوقية.



«تسلا» تسجل تراجعاً سنوياً لأول مرة منذ 2015 رغم ارتفاع مبيعات الربع الأخير

سيارة «تسلا سايبركاب» في معرض «أوتوموبيلتي LA» للسيارات في 21 نوفمبر 2024 (أ.ب)
سيارة «تسلا سايبركاب» في معرض «أوتوموبيلتي LA» للسيارات في 21 نوفمبر 2024 (أ.ب)
TT

«تسلا» تسجل تراجعاً سنوياً لأول مرة منذ 2015 رغم ارتفاع مبيعات الربع الأخير

سيارة «تسلا سايبركاب» في معرض «أوتوموبيلتي LA» للسيارات في 21 نوفمبر 2024 (أ.ب)
سيارة «تسلا سايبركاب» في معرض «أوتوموبيلتي LA» للسيارات في 21 نوفمبر 2024 (أ.ب)

شهدت مبيعات «تسلا» العالمية زيادة بنسبة 2.3 في المائة بالربع الأخير، رغم البداية البطيئة للعام، التي ساهمت في تسجيل أول انخفاض سنوي في مبيعات الشركة منذ عام 2015 على الأقل.

وجاء هذا التراجع السنوي على الرغم من العروض الترويجية الجذّابة التي قدمتها «تسلا»، مثل التمويل بنسبة صفر في المائة، والشحن المجاني، والإيجارات بأسعار مخفضة، وفق وكالة «أسوشييتد برس».

وسلمت «تسلا» 495 ألفاً و570 مركبة في الفترة من أكتوبر (تشرين الأول) إلى ديسمبر (كانون الأول)، ما رفع إجمالي عمليات التسليم السنوية إلى 1.79 مليون سيارة. ومع ذلك، مثّل هذا الرقم انخفاضاً بنسبة 1.1 في المائة، مقارنة بمبيعات عام 2023 التي بلغت 1.81 مليون، في ظل تباطؤ الطلب العام على السيارات الكهربائية في الولايات المتحدة وأماكن أخرى.

وقد تحقق هذا الارتفاع في الربع الأخير بتكلفة كبيرة؛ إذ توقع المحللون الذين استطلعت «فاكت ست» آراءهم أن ينخفض متوسط سعر بيع سيارات «تسلا» إلى ما يزيد قليلاً على 41 ألف دولار في الربع الأخير، وهو أدنى مستوى له منذ 4 سنوات على الأقل، وهذا يُشير إلى تحديات كبيرة تواجه أرباح «تسلا» في الربع الأخير، التي من المتوقع أن تكشف الشركة عن تفاصيلها في 29 يناير (كانون الثاني) المقبل.

وفي عام 2022، كانت «تسلا» تتوقع أن تنمو مبيعاتها بنسبة 50 في المائة سنوياً في معظم السنوات، لكن هذه التوقعات اصطدمت بتحديات، مثل الطرازات القديمة والمنافسة المتزايدة من الشركات في الصين وأوروبا والولايات المتحدة.

وفي السوق الأميركية، يُشير المحللون إلى أن معظم المتبنين الأوائل للتكنولوجيا قد اقتنوا بالفعل سيارات كهربائية، في حين يواجه المشترون الجدد مخاوف بشأن المدى والسعر والقدرة على العثور على محطات شحن خلال الرحلات الطويلة.

كما أن عمليات التسليم في الربع الأخير كانت أقل من تقديرات «وول ستريت»؛ حيث توقعت «فاكت ست» أن تصل المبيعات إلى 498 ألف مركبة. وفي رد فعل على هذه النتائج، انخفضت أسهم «تسلا» بنسبة 5.2 في المائة خلال التعاملات المبكرة يوم الخميس، لكن السهم شهد ارتفاعاً كبيراً على مدار الـ12 شهراً الماضية، إذ ارتفع بنسبة أكثر من 50 في المائة، بدعم من فوز دونالد ترمب في الانتخابات.

وقد أدّت الانخفاضات المبكرة في المبيعات إلى خصومات غير مسبوقة من قبل «تسلا»، ما أثّر على هوامش الربح القياسية التي كانت تتمتع بها الشركة، كما تزايدت المنافسة من الشركات التقليدية الناشئة في صناعة السيارات، التي تسعى للاستحواذ على حصة «تسلا» في السوق.

وجاءت معظم مبيعات «تسلا» من طرازيها الأصغر والأقل تكلفة «موديل 3» و«موديل واي»، مع بيع 23 ألفاً و640 سيارة فقط من طرازيها الأكثر تكلفة، «إكي» و«إس»، إضافة إلى سيارة «سايبر تراك» الجديدة.

ورغم التحديات، تجاوزت مبيعات السيارات الكهربائية العالمية لشركة «تسلا» منافستها الصينية «بي واي دي»، التي أعلنت الخميس عن ارتفاع في المبيعات بنسبة 41 في المائة العام الماضي إلى 1.77 مليون سيارة كهربائية، ما وضع الشركتين في المنافسة على لقب أكبر شركة لصناعة السيارات الكهربائية في العالم.

وبلغ إنتاج «تسلا» في الربع الأخير 459 ألفاً و445 مركبة، وهو أقل من إجمالي التسليمات للربع، في حين كان الإنتاج السنوي البالغ 1.77 مليون مركبة أقل من المبيعات السنوية.