السيستاني يتهم البرلمان العراقي بالالتفاف على إصلاحات العبادي باسم الدستور

تراجع زخم المظاهرات بات يحرج رئيس الوزراء

السيستاني يتهم البرلمان العراقي بالالتفاف على إصلاحات العبادي باسم الدستور
TT

السيستاني يتهم البرلمان العراقي بالالتفاف على إصلاحات العبادي باسم الدستور

السيستاني يتهم البرلمان العراقي بالالتفاف على إصلاحات العبادي باسم الدستور

في الوقت الذي بدأ فيه زخم التظاهرات الجماهيرية المطالبة بالإصلاح يقل تدريجيًا، وهو ما بات يحرج رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، فقد اتهمت المرجعية الدينية العليا في مدينة النجف السلطة التشريعية بمحاولة الالتفاف على الخطوات الإصلاحية وتسويفها بذريعة «رعاية المسار الدستوري»، وعد ذلك «استغلالا» لتراجع الضغط الشعبي في هذا الوقت.
وقال عبد المهدي الكربلائي ممثل المرجع الشيعي الأعلى علي السيستاني خلال خطبة صلاة الجمعة بمدينة كربلاء أمس إن «التأكيد تم من البداية على ضرورة أن تسير الإصلاحات في مسارات لا تخرج بها عن الأطر الدستورية والقانونية، ولكن لا ينبغي أن يتخذ لزوم رعاية المسار الدستوري والقانوني وسيلة من قبل السلطة التشريعية أو غيرها للالتفاف على الخطوات الإصلاحية أو المماطلة أو التسويف».
وعد الكربلائي، ذلك «استغلالا لتراجع الضغط الشعبي في هذا الوقت»، مؤكدًا أن «تحقق العملية الإصلاحية الضرورية مرتبط بما تتخذه السلطات الثلاث من إجراءات حقيقية في هذا الصدد». وأشار الكربلائي، إلى أن «عملية الإصلاح لا تتم إلا مع وجود إرادة جادة ورغبة صادقة للإصلاح والقضاء على الفساد»، مبينًا أن «انسيابية وفاعلية تلك الإجراءات منوط بالتعاون والتنسيق بين السلطات الثلاث وعدم التقاطع الذي يؤدي إلى عرقلة هذه العملية». كما كرر السيستاني مطالبته إنهاء المحاصصات الحزبية والطائفية ومكافحة الفساد وتخفيض النفقات باعتبار أن مثل هذه الأمور لا غنى عنها لإنهاء الأزمة. كما ربط بين إنهاء الأزمة التي يعيشها العراق وبين اعتماد مبدأ الكفاءة والخبرة والنزاهة في تسلم المواقع والوظائف الرسمية بدل المحاصصات الحزبية والطائفية ومكافحة الفساد ومحاسبة المفسدين وتخفيض النفقات غير الضرورية التي هي كثيرة ومتنوعة، مطالب شعبية محقة».
من جهته، أكد مقرر البرلمان العراقي عماد يوخنا في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «المرجعية الدينية رأيها محترم ونحن معها في كل ما تقوله وتقدمه من نصائح، لكن البرلمان لم يتقاطع مع الإصلاحات، بل إن الإجراء الأخير الذي اتخذه هو ليس سحب الدعم والتأييد للحكومة، بل عدم تفويض الصلاحيات حتى لا يحصل تداخل بالسلطات، وبالتالي فإن ما قمنا به إنما هو عملية وضع النقاط على الحروف من خلال الفصل بين السلطات، وهو ما تحرص المرجعية عليه لأنها لا تريد تداخلا بالسلطات». وأشار يوخنا إلى أن «البرلمان يريد من الحكومة أن تأتي بقوانين أو قرارات وتطلب من البرلمان إقرارها وتكون قابلة للتنفيذ لأن هناك ضغوطا كثيرة يتعرض لها البرلمان لجهة عدم إقرار القوانين أو تعطيلها بينما الحكومة لم ترسل مشاريع تلك القوانين».
وأوضح يوخنا أن «الحقيقة التي يجب أن يعرفها الجميع هو أننا جميعًا سواء كنا برلمانا أو حكومة لم نمس حتى الآن جوهر الإصلاحات لأننا لم نجرؤ على الإشارة بوضوح إلى كبار الفاسدين الذين هم محميون من كتل كبيرة، وبالتالي فإن كل ما يجري اليوم إنما هو إصدار عقوبات بحق موظفين بسطاء أو بشأن قضايا بسيطة وليست جوهرية، وهو ما يجعل الناس ليست مقتنعة بما يجري لأنها لم تلمس تغييرا في واقع الحال، حيث إن كبار الفاسدين ما زالوا يسرحون ويمرحون بينما تصدر مذكرات قبض أو حتى أحكام على أمور عادية بالقياس إلى المسكوت عنه حتى اليوم».
من جهته، أكد منسق التيار المدني الديمقراطي وأحد قادة التظاهرات رائد فهمي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «الخلافات داخل الكتل السياسية تنعكس على أداء البرلمان لأن هذه الخلافات تنتقل إلى داخل البرلمان وبتراكم المشكلات ومع عدم اتخاذ إجراءات حقيقية، فقد بدأت الأمور تسوء أكثر لأنه لم يلمس الناس إصلاحات حقيقية سواء من قبل الحكومة التي لم تتشاور مع أحد في كثير من القضايا التي تحتاج إلى إجراء مشاورات أو البرلمان الذي بات يجد في بعض الإجراءات الحكومية بمثابة مدخل له لكي يطعن ويعرقل لأسباب سياسية».
وأشار إلى أن «قضية سحب التفويض من جانب ودعم الإصلاحات من جانب آخر هي قضية إشكالية جعلت البرلمان عامل عرقلة لكثير مما يمكن أن تقوم به الحكومة من إجراءات وإصلاحات».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.