الجزائر: شخصيات تتهم مقربين من بوتفليقة بإخفاء حقيقة الأزمة الداخلية

طالبت بلقاء الرئيس في أقرب وقت ممكن

الجزائر: شخصيات تتهم مقربين من بوتفليقة بإخفاء حقيقة الأزمة الداخلية
TT

الجزائر: شخصيات تتهم مقربين من بوتفليقة بإخفاء حقيقة الأزمة الداخلية

الجزائر: شخصيات تتهم مقربين من بوتفليقة بإخفاء حقيقة الأزمة الداخلية

طالبت 19 شخصية جزائرية معروفة في مجال السياسة والأدب، الرئيس بـ«التحرك عاجلا لاستدراك خطورة الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، قبل فوات الأوان»، في وقت تواجه فيه الجزائر أزمة داخلية حادة بسبب انخفاض أسعار النفط، زيادة على تهديدات الإرهاب بالحدود مع ليبيا ومالي، وتبعات الأوضاع المضطربة في تونس.
والتقت مجموعة من الشخصيات، أمس، بفندق بالعاصمة للإعلان عن رفع طلب إلى الرئيس لتنظيم لقاء بهم «في أقرب وقت»، واستلم الطلب وزير الدولة مدير الديوان بالرئاسة أحمد أويحي، وسكرتير الرئيس الشخصي محمد روقاب، بحسب أصحاب الرسالة الذين يوجد من بينهم وزيرة الثقافة سابقا خليدة تومي، وهي من أشد الموالين للرئيس، وفتيحة منتوري الوزيرة المنتدبة لإصلاح البنوك سابقا، وعبد الحميد أبركان وزير الصحة سابقا. وقد عرف عن هؤلاء اعتزالهم الشأن السياسي منذ تنحيتهم عن الحكومات التي اشتغلوا فيها.
وشارك في الاجتماع زهرة ظريف، التي تنتمي إلى «الثلث الرئاسي»، بـ«مجلس الأمة» (الغرفة البرلمانية الثانية)، وهي أيضا معروفة بولائها للرئيس، ومعها رجل ثورة التحرير من الاستعمار الأخضر بورقعة، والروائي رشيد بوجدرة، واليسارية زعيمة «حزب العمال» لويزة حنون، التي ترشحت لانتخابات الرئاسة العام الماضي، وهي دونا عن بقية السياسيين التي التقت بالرئيس ورئيس أركان الجيش الفريق أحمد قايد صالح في عدة مناسبات.
وصرحت حنون للصحافة بعد الاجتماع أن «المبادرة ليست سياسية، كما أنها «ليست برنامجا سياسيا ولا نبتغي من ورائها إقامة حكومة موازية. فقد تحركنا بدافع الوطنية والمخاوف من الانحرافات التي تهدد البلاد»، موضحة أن الرسالة التي وجهت للرئيس «لا تتضمن حلولا لمشكلات البلاد، فنحن لا ندعي أننا نملك مفتاح علاج الأزمة، ولكننا نعتقد أن قرارات غريبة اتخذت مؤخرا تشكل خطرا على استقلال وسيادة البلد»، في إشارة إلى إجراءات أعلنت عنها الحكومة، في سياق خطة عاجلة لمواجهة أزمة انخفاض المداخيل، بسبب تدني أسعار النفط.
وأضافت حنون إننا «نريد أن نعرف إن كان الرئيس على دراية بالقرارات التي صدرت باسمه. فإذا كان يدري، فعليه أن يراجع نفسه. وإذا كان لا يدري، فذلك أخطر». ومن أهم ما يثير مخاوف زعيمة اليسار، تفضيل مجموعة من رجال الأعمال لاستيراد بعض المواد الأساسية كالحبوب والدواء، حيث ترى في ذلك «تنازلا عن سيادة الدولة» لمصلحة هؤلاء.
وقال بورقعة في اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط»، إن «الجزائر تتعرض لمخاطر كبيرة على الصعيدين الأمني والاقتصادي. وينذر الوضع الداخلي بالانفجار نتيجة السياسات الخطيرة التي تنتهجها الحكومة. وهذه الحقائق لا أظن أن الرئيس يعرفها بسبب الجماعة المحيطة به التي تصور له الوضع على أنه طبيعي وعادي، وتوهمه بأن المعارضة تبحث عن التدخل الأجنبي في الجزائر، ليكون مصيرها شبيها بمصير ليبيا»، وأضاف أنه «على الرئيس أن يستفيق من غفلته».
وحول احتمال رفض الرئيس لقاء المجموعة، قال بورقعة: «يلتقي بوتفليقة يوميا بوفود أجنبية، كان آخرها الوفد البرلماني الروسي بقيادة رئيس الدوما، فلماذا لا يقبل استقبال جزائريين يريدون الخير لبلادهم؟».
وذكر شخص تابع اجتماع «مجموعة الـ19»، رفض نشر اسمه، أن حنون اتهمت السعيد بوتفليقة شقيق الرئيس ومستشاره الخاص، وأحمد أويحي، بـ«إخفاء الحقيقة عنه»، بذريعة أن حالته الصحية تمنعه من تسيير الحكومة ومتابعة ما يجري في البلاد.
ونقل المصدر نفسه عن حنون قولها إن «قرارات هامة تخص الاقتصاد والسياسة والتغييرات العميقة التي جرت في الجيش والأجهزة الأمنية منذ عامين، لم تصدر عن الرئيس، وإنما من طبقة رجال الأعمال التي أصبحت تهيمن على مصادر القرار. وعلى رأس هؤلاء علي حداد، رئيس (منتدى رؤساء المؤسسات)، الذي يضم أهم أرباب العمل في البلاد الذين وفروا التمويل للرئيس خلال ترشح لانتخابات الرئاسة في الـ15 سنة الماضية».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.