موسكو: مدة العمليات العسكرية في سوريا رهن بالتطور على المسار السياسي

مع تجديد تأكيد ثبات مواقفها من الأزمة

موسكو: مدة العمليات العسكرية في سوريا رهن بالتطور على المسار السياسي
TT

موسكو: مدة العمليات العسكرية في سوريا رهن بالتطور على المسار السياسي

موسكو: مدة العمليات العسكرية في سوريا رهن بالتطور على المسار السياسي

كررت ماريا زاخاروفا، المتحدثة الرسمية باسم وزارة الخارجية الروسية، التأكيد على أن موقف موسكو لم يتغير من الأزمة السورية، واصفة المعلومات التي تتناقلها من حين لآخر وسائل إعلام حول تغير الموقف الروسي بأنها «تقارير ترمي إلى خلق حالة من الضبابية حول الموقف الروسي».
وعادت المتحدثة إلى تأكيد أن موسكو التي وقعت على بيان «جنيف 1»: «لم تقل يوما إنه على الأسد الرحيل، أو إنه يجب أن يبقى، وأن المهم بالنسبة لروسيا هو الحفاظ على الدولة، بينما يُترك تحديد مستقبل سوريا للسوريين أنفسهم».
من جانب آخر، يظهر تراجع لافت في الخطاب الروسي تجاه المعارضة السورية المسلحة، فبعدما تجاهلتها موسكو في بداية عمليتها العسكرية في سوريا، وأصرت من خلال تصريحات لكبار المسؤولين السياسيين والعسكريين فيها على اعتبار «كل من يحمل السلاح ضد قوات الحكومة الشرعية في سوريا إرهابيا»، وحاولت بعد ذلك تصوير المعارضة السورية المسلحة بأنها «كيان وهمي»، غيرت لهجة الخطاب مؤخرا، وأعلنت بعد ذلك عن اتصالات مع ممثلين عن هذه المعارضة المسلحة، ومن ثم أكدت تشكيل مركز تنسيق بين القوات الروسية في سوريا ومجموعات من المعارضة المسلحة، وقالت إن الطائرات الروسية قصفت مواقع لتنظيم داعش الإرهابي بموجب إحداثيات حصلت عليها من المعارضة المسلحة.
وفي ما يبدو أنه تناغم بين الجهود الروسية على المحورين العسكري والدبلوماسي، وبالتزامن مع انفتاح روسي أوسع على مجموعات المعارضة السورية المسلحة والحديث عن ضرورة الإطلاق السريع للعملية السياسية لحل الأزمة السورية، قال أناتولي أنطونوف، نائب وزير الدفاع الروسي، إن «مدة العملية العسكرية الروسية في سوريا محدودة، وستستمر فقط خلال عمليات الهجوم البري التي تشنها القوات السورية».
وقالت مصادر مطلعة إن روسيا تنتظر تحقيق تقدم ملموس على المسار السياسي حول الأزمة السورية، لا سيما تهيئة الأجواء لوقف إطلاق نار حقيقي، وعندها قد تعلن بداية تجميد عمليتها في سوريا باستثناء مواصلة قصف مواقع المجموعات التي ستتفق الأطراف الدولية والإقليمية على تسميتها «جماعات إرهابية». ورجحت المصادر أن تجري العمليات في هذه المرحلة ضمن جهد دولي مشترك وبتنسيق وثيق مع قوات التحالف الدولي ضد الإرهاب وكذلك مع القوى الإقليمية المعنية بالملف السوري، لا سيما دول الجوار.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.