مبعوث الأمم المتحدة يغادر منصبه بفضيحة سياسية.. وبرلمان طرابلس يطالب بتوضيحات

اختطاف مجموعة جديدة من التونسيين ردًا على اعتقال ليبي في تونس

مبعوث الأمم المتحدة برناندينو ليون (أ.ف.ب)
مبعوث الأمم المتحدة برناندينو ليون (أ.ف.ب)
TT

مبعوث الأمم المتحدة يغادر منصبه بفضيحة سياسية.. وبرلمان طرابلس يطالب بتوضيحات

مبعوث الأمم المتحدة برناندينو ليون (أ.ف.ب)
مبعوث الأمم المتحدة برناندينو ليون (أ.ف.ب)

بينما يواجه مبعوث الأمم لمتحدة لدى ليبيا بريناردينو ليون الذي يستعد لمغادرة منصبه، فضيحة سياسية، بعد تسرب معلومات عن مفاوضات خاضها لتولى إدارة أكاديمية الإمارات الدبلوماسية، طالب رئيس المؤتمر الوطني العام (البرلمان) السابق والمنتهية ولايته من الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، ورئيس مجلس الأمن ماثيو رايكروفت، بتوضيح موقفهما حيال الإعلان عن تعيين ليون في منصبه الجديد.
وتزامنت هذه التطورات مع بداية أزمة جديدة في العلاقات الليبية التونسية، حيث أعلنت عائلات تونسية أن فصائل مسلحة اختطفت عشرات التونسيين في ليبيا وذلك للضغط على السلطات التونسية لإطلاق سراح ليبي قالت إنه معتقل في تونس.
ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن ابنة أحد المخطوفين في ليبيا «أخبرونا أن والدي اختطف في ليبيا من قبل مسلحين لا نعرف خلفياتهم في منطقة ورشفانة».
وأضافت أنهم يطالبون تونس بالإفراج عن ليبي محتجز في سوسة.
وطبقا لما أعلنه مصطفى عبد الكبير، وهو ناشط حقوقي فإن 50 تونسيا اعتقلوا في ورشفانة الليبية غربي طرابلس، لافتا إلى أنه تجرى محاولات لحل المشكلة، حيث يطالب المسلحون بإطلاق سراح ليبي محتجز في تونس.
وتكررت عمليات اختطاف فصائل ليبية مسلحة لعمال تونسيين للضغط على الحكومة التونسية لإطلاق سراح معتقلين ليبيين في تونس، علما بأنه تم خلال الشهر الماضي اعتقال عشرات التونسيين أيضا قبل إطلاق سراحهم.
كما شهد هذا العام اقتحام مسلحين لمقر السفارة التونسية واختطاف عشرة من طاقمها قبل إطلاق سراحهم بعد الإفراج عن ليبي مسجون في تونس على صلة بالميلشيات المسلحة في ليبيا.
إلى ذلك، كشفت الأكاديمية الدبلوماسية في الإمارات، في بيان بثه موقعها الإلكتروني على شبكة الإنترنيت أن مبعوث الأمم المتحدة ليون، سيشغل منصب مديرها العام، خلال الشهر المقبل.
في المقابل، قال أبو سهمين، رئيس برلمان طرابلس غير المعترف به دوليا، في رسالة حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منها، موجهة إلى الأمم المتحدة، إن «تعيين ليون الذي عهدت إليه مهمة الوسيط المحايد والنزيه، لتيسير التوافق بين أطياف الشعب الليبي، بمنصب مرتبط ارتباطا عضويا بدولة أقحمت نفسها طرفا رئيسيا في النزاع القائم في ليبيا، يعد شبهة غير مسبوقة لدور يجب أن يكون حياديا».
وعد أن «توقيت هذا التعيين في الوقت بالذات، الذي يطلب فيه من الشعب الليبي القبول والتسليم باقتراحات ذلك الوسيط، بوصفها اقتراحات نزيهة ومحايدة، يمثل استهتارا بدماء الشعب الليبي وتضحياته».
وفيما يعتبر بمثابة تغيير في موقفه ورضوخا لطلبات الليبيين، أعلن الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون رسميا عن تعيين الألماني مارتن كوبلر ممثلاً خاصًا له ورئيسًا لبعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، خلفا لليون. وقال بيان مفاجئ وزعته البعثة الأممية، إن انتقال القيادة بين كوبلر وليون سيبدأ خلال الأيام القادمة، لكنها لم تقدم أي تفاصيل إضافية أو مواعيد محددة.
ويمثل البيان مفاجأة سياسية لغالبية المتابعين للحوار السياسي الذي ترعاه منذ مطلع العام الحالي الأمم المتحدة، التي سبق أن أكد أمينها العام أن مبعوثه ليون مستمر في عمله حتى نهاية الشهر الحالي.
وأوضح البيان أن كوبلر يتمتع بأكثر من 30 عامًا من الخبرة في المناصب العليا في الأمم المتحدة والسلك الخارجي، حيث عمل ممثلاً خاصًا للأمين العام للأمم المتحدة ورئيسًا لبعثة الأمم المتحدة لتحقيق الاستقرار في جمهورية الكونغو الديمقراطية عام 2003.
كما عمل كممثل خاص للأمين العام للأمم المتحدة في بعثتها بالعراق (2011 - 2013) ونائب في بعثتها بأفغانستان (2010 - 2011). وشغل كوبلر الذي يحمل شهادة في القانون من جامعة بون، ووُلد في عام 1953، ومتزوج ولديه ثلاثة أبناء، عدة مناصب مع الحكومة الألمانية.
وتولى في السابق منصب المدير العام للثقافة والاتصال في وزارة الخارجية الألمانية، كما عمل سفيرًا لدى العراق ومصر، وأسس عام 1994 ممثلية ألمانيا لدى السلطة الفلسطينية في أريحا.
يشار إلى أن برلمان طرابلس قد أعرب عن دهشته لاستمرار دعم مون لمبعوثه ليون، بعد فشله في الوصول إلى حل سياسي.
واعتبرت لجنة الشؤون السياسية في برلمان طرابلس غير المعترف به دوليا، أن إصرار ليون على بقائه في منصبه رغم الإجراءات الرسمية بتعيين كوبلر، أمر محبط للحوار الليبي.
وقالت اللجنة «إننا نحمل المسؤولية الكاملة للأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون حول إصرار ليون للتوقيع على المسودة المعيبة وأن هذا الإجراء سيؤدي إلى الانهيار الكامل للحوار السياسي».
من جهته، أعلن مجلس النواب الليبي تأجيل جلسته للبت في مصير اتفاق سلام لإنهاء الصراع على السلطة في البلاد، إلى الأسبوع المقبل.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.