«فيروز» يفتتح مهرجان «بيروت للأفلام الفنيّة الوثائقية»

نقل مشاهده إلى زمن لبنان «الجميل» وشكّلت شخصية نجمته المتواضعة محوره الأهم

«فيروز» يفتتح مهرجان «بيروت للأفلام الفنيّة الوثائقية»
TT

«فيروز» يفتتح مهرجان «بيروت للأفلام الفنيّة الوثائقية»

«فيروز» يفتتح مهرجان «بيروت للأفلام الفنيّة الوثائقية»

نجح القيمون على مهرجان «بيروت للأفلام الفنيّة الوثائقية» (baff)، في اختيار فيلم «فيروز» لافتتاح الأمسية الأولى منه وهو مستمر حتى الثامن الشهر الحالي. فقد امتلأت مقاعد صالتي سينما متروبوليس في منطقة الأشرفية بالمعجبين بهذا النوع من الأفلام، ممنين النفس في التمتّع بواحد من أهمها ويدور موضوعه حول حياة فيروز الفنية والشخصية.
نقل هذا العمل الفني مشاهده إلى عالم حالم أعاد الذاكرة إلى زمن لبنان الجميل. ومما زاد من أهميته هو أسلوب مؤلّفه ومنفّذه الإعلامي وهو الوزير الفرنسي الأسبق فريديريك ميتران. فقد علّق على أحداث الفيلم بنصّ رصّعه بكلمات من وزن الأحجار الكريمة، التي تليق بفيروز، فخاطب متابعيه بلغة راقية، مما جعل حالة من الصمت والإصغاء البالغين، يسودان صالة السينما طيلة عرض الفيلم ومدّته نحو الـ60 دقيقة.
استهلّ الفيلم مشاهده الأولى بحفلة لفيروز أحيتها في دار الأوبرا الفرنسية عام 1997، ومن هناك راح ينقلنا بوقائعه الموثّقة بالصوت والصورة، وبمقتطفات من الحوار الذي أجراه ميتران مع ضيفته موضوع الفيلم.
وبكاميرا سريعة نقلت مقتطفات عن لبنان أيام العزّ، عندما كانت تجري على أرضه أهم الأحداث الفنيّة والجمالية (مثل انتخاب ملكة جمال أوروبا واستضافة مهرجانات بعلبك لنجوم عالميين)، إضافة إلى مشاهد أخرى عن بيروت السياحة والبسط والتسلية، ترافق مع حديث فيروز حول بداياتها الفنيّة، عندما سجّلت أول أغنية لها عام 1952. وكيف كان عاصي الرحباني بعدما أصبح زوجها في عام 1954 ممسكا بزمام الأمور فيما يخص مشوارها الفني. ومما قالته في هذا الخصوص: «أنا لم أختر أي شيء من الذي قمت به، بل إن عاصي من قام بذلك بإصراره، مقابل الخوف الذي كان يعتريني قبيل اتخاذ أي قرار»، ولم تتوان عن ذكر مواقف صعبة مرّت بها، وكان وحده زوجها يخرجها منها بصلابته وعزمه على النجاح.
«في إحدى المرات دعينا لإحياء حفلة غنائية في أميركا، وقد هوجمنا من قبل إعلام مغرض، وبدا لنا الأمر صعبا، وفاجأني عاصي عندما قال لي: حتى إذا لم يحضر أحد إلى الصالة قفي وغنّي»، تتذكّر فيروز بنظرة شاردة تلك الحقبة وتضيف: «يومها سألته كيف يعني سأقف على المسرح حتى لو لم يأت أحد؟ فحزنت وبكيت، إلا أنني في النهاية كنت أنصاع لما يقوله لي، وبالفعل عندما حان وقت الحفلة وقفت على المسرح إلا أن الصالة كانت قد امتلأت بجمهور غفير».
كما أنها لم تتوان عن وصف المرحلة التي عاشتها ما بعد رحيله. وتقول في هذا الصدد: «عندما مرض عاصي صرت أشعر بأحاسيس كثيرة لا يمكنني ذكرها جميعها، ولكن أهمها الخوف. الخوف عليه وعلى نفسي وعلى مصير عملنا وعلى أشياء أخرى تشملها».
أطلّت فيروز ومن نافذة ذكريات رسمت على وجهها الابتسامة، على حياتها الخاصة. فأشارت إلى أن طبيعة حياتها هذه كانت تدور حول الفن فقط وقالت: «كنا عندما نخرج في نزهة مع أولادنا أو نلبّي دعوة ما خارج إطار الفن، نشعر وكأننا في مكان غريب، فلا نحسّ بأننا في عقر دارنا وأن حياتنا تسير على ما يرام إلا عندما نعود إلى استوديو التسجيل».
هذا العمل الذي رأى النور عام 1998، شكّل خبطة إعلامية شغلت يومها الإعلامين اللبناني والعالمي. ورغم أن غالبية الحضور الذي جاءوا خصيصا لمشاهدته ضمن افتتاحية مهرجان «بيروت للأفلام الفنية الوثائقية» في سنته الأولى، سبق وشاهدوا هذا الفيلم منذ 20 عاما، فإنهم استمتعوا بمشاهدته هذه المرة بعد أن وصلتهم منه رسائل لم يكونوا ليتنبهوا إليها وهم أصغر سنّا.
ففيروز ورغم كل النجاحات والشهرة والعالمية التي حققتها في مشوارها الفني، لم تتلفّظ بكلمة «أنا»، ولم تحل نجاحاتها تلك إلى موهبتها فقط، فكانت طيلة مجريات حديثها في الفيلم، تتكلّم بلغة الجمع وتقول: «نجحنا في الحفلات.. وصادفنا صعوبات.. وحققنا الشهرة» شاملة بذلك جهد الراحلين زوجها وشقيقه منصور الرحباني في شقّ طريقهم إلى النجاح. حتى إن نوعا من الخفر والخجل كانا يغمران محياها ونظرتها، عندما تتطرّق إلى تلك المواضيع الغنيّة بحقبات الازدهار الفني في مشوارها.
يأخذك الفيلم إلى مزيج من الأحاسيس التي تغمرك بصورة لاشعورية. فالابتسامة ترتسم على ثغرك لمجرّد سماعك أغانيها التي تذكرك بالطفولة، مثل «تك تك تك يا أم سليمان» أو «مراكبنا عالمينا»، وتغمرك بالحنين عند تأديتها أغنية «وطني»، وتبكي تأثّرا عندما ينتهي هذا العمل بأغنية «يا زهرة الجنوب».
ويختتم فريديريك ميتران الفيلم برسالة يوجهها إلى السياسيين اللبنانيين، رافقتها مشاهد من لبنان الحرب والدمار قال فيها: «أنتم الذين لم تعرفوا كيف تحافظون على هذا البلد الجميل والحياة الرغيدة التي كانت تعمّه، لا تتأملوا في أن تغني لكم فيروز. أنتم الذين ساهمتم في عزله وإغراقه بالنار والدم، وإدخاله في متاهات مظلمة.. لا تتكلوا على فيروز لتنسوا كل ما دمّرتموه...وعلى هدير أسلحتكم لا تنتظروا منها إلا الصمت جوابا لكم».
وتسدل الستارة الأخيرة على وقع حديث لها تقول فيه: «ما في صفحة بتنقلب أو شي بفلّ، كلّه بيبقى بالنفس حسب اللحظة اللي بتخلّيك ترجع وقدّيش بتخلّيك ترجع ولوين ولمين ترجع..» ويأتي هنا تعليق ميتران ليقول: «إذن لا تتساءلوا لماذا فيروز لا تعود إلى طرقات الماضي، فستبتسم لكم في كل مرة ترفض فيها الردّ على هذا السؤال».
وتجدر الإشارة إلى أن مهرجان «بيروت للأفلام الفنية الوثائقية»، سيتضمن برنامجه عرض 25 فيلما، تتنوع مواضيعها ما بين الجمال والفن والرقص والهندسة المعمارية والمتاحف وغيرها.



هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
TT

هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز

يعتمد الموسيقار المصري هشام خرما طريقة موحّدة لتأليف موسيقاه، تقتضي البحث في تفاصيل الموضوعات للخروج بـ«ثيمات» موسيقية مميزة. وهو يعتزّ بكونه أول موسيقار عربي يضع موسيقى خاصة لبطولة العالم للجمباز، حيث عُزفت مقطوعاته في حفل الافتتاح في القاهرة أخيراً.
يكشف خرما تفاصيل تأليف مقطوعاته الموسيقية التي عُزفت في البطولة، إلى جانب الموسيقى التصويرية لفيلم «يوم 13» المعروض حالياً في الصالات المصرية، فيعبّر عن فخره لاختياره تمثيل مصر بتقديم موسيقى حفلِ بطولة تشارك فيها 40 دولة من العالم، ويوضح: «أمر ممتع أن تقدّم موسيقى بشكل إبداعي في مجالات أخرى غير المتعارف عليها، وشعور جديد حين تجد متلقين جدداً يستمعون لموسيقاك».
ويشير الموسيقار المصري إلى أنه وضع «ثيمة» خاصة تتماشى مع روح لعبة الجمباز: «أردتها ممزوجة بموسيقى حماسية تُظهر بصمتنا المصرية. عُزفت هذه الموسيقى في بداية العرض ونهايته، مع تغييرات في توزيعها».
ويؤكد أنّ «العمل على تأليف موسيقى خاصة للعبة الجمباز كان مثيراً، إذ تعرّفتُ على تفاصيل اللعبة لأستلهم المقطوعات المناسبة، على غرار ما يحدث في الدراما، حيث أشاهد مشهداً درامياً لتأليف موسيقاه».
ويتابع أنّ هناك فارقاً بين وضع موسيقى تصويرية لعمل درامي وموسيقى للعبة رياضية، إذ لا بدّ أن تتضمن الأخيرة، «مقطوعات موسيقية حماسية، وهنا أيضاً تجب مشاهدة الألعاب وتأليف الموسيقى في أثناء مشاهدتها».
وفي إطار الدراما، يعرب عن اعتزازه بالمشاركة في وضع موسيقى أول فيلم رعب مجسم في السينما المصرية، فيقول: «خلال العمل على الفيلم، أيقنتُ أنّ الموسيقى لا بد أن تكون مجسمة مثل الصورة، لذلك قدّمناها بتقنية (Dolby Atmos) لمنح المُشاهد تجربة محيطية مجسمة داخل الصالات تجعله يشعر بأنه يعيش مع الأبطال داخل القصر، حيث جرى التصوير. استعنتُ بالآلات الوترية، خصوصاً الكمان والتشيللو، وأضفتُ البيانو، مع مؤثرات صوتية لجعل الموسيقى تواكب الأحداث وتخلق التوتر المطلوب في كل مشهد».
يشرح خرما طريقته في التأليف الموسيقي الخاص بالأعمال الدرامية: «أعقدُ جلسة مبدئية مع المخرج قبل بدء العمل على أي مشروع درامي؛ لأفهم رؤيته الإخراجية والخطوط العريضة لاتجاهات الموسيقى داخل عمله، فأوازن بين الأشكال التي سيمر بها العمل من أكشن ورومانسي وكوميدي. عقب ذلك أضع استراتيجية خاصة بي من خلال اختيار الأصوات والآلات الموسيقية والتوزيعات. مع الانتهاء المبدئي من (الثيمة) الموسيقية، أعقد جلسة عمل أخرى مع المخرج نناقش فيها ما توصلت إليه».
ويرى أنّ الجمهور المصري والعربي أصبح متعطشاً للاستمتاع وحضور حفلات موسيقية: «قبل بدء تقديمي الحفلات الموسيقية، كنت أخشى ضعف الحضور الجماهيري، لكنني لمستُ التعطّش لها، خصوصاً أن هناك فئة عريضة من الجمهور تحب الموسيقى الحية وتعيشها. وبما أننا في عصر سريع ومزدحم، باتت الساعات التي يقضيها الجمهور في حفلات الموسيقى بمثابة راحة يبتعد فيها عن الصخب».
وأبدى خرما إعجابه بالموسيقى التصويرية لمسلسلَي «الهرشة السابعة» لخالد الكمار، و«جعفر العمدة» لخالد حماد، اللذين عُرضا أخيراً في رمضان.