قوات النظام السوري تبدأ معارك بمحيط دمشق لتأمين مطارها الدولي وقاعدة المزة الجوية

ناشطون: الهجوم على داريا فشل.. مقابل استمرار القصف على دوما

صورة من وثائق قوات المعارضة السورية للدمار الهائل في مدينة دوما القريبة من العاصمة السورية دمشق الذي ألحقه قصف الطيران الحربي الروسي بالمنطقة يوم الخميس 29 أكتوبر الماضي (أ.ب)
صورة من وثائق قوات المعارضة السورية للدمار الهائل في مدينة دوما القريبة من العاصمة السورية دمشق الذي ألحقه قصف الطيران الحربي الروسي بالمنطقة يوم الخميس 29 أكتوبر الماضي (أ.ب)
TT

قوات النظام السوري تبدأ معارك بمحيط دمشق لتأمين مطارها الدولي وقاعدة المزة الجوية

صورة من وثائق قوات المعارضة السورية للدمار الهائل في مدينة دوما القريبة من العاصمة السورية دمشق الذي ألحقه قصف الطيران الحربي الروسي بالمنطقة يوم الخميس 29 أكتوبر الماضي (أ.ب)
صورة من وثائق قوات المعارضة السورية للدمار الهائل في مدينة دوما القريبة من العاصمة السورية دمشق الذي ألحقه قصف الطيران الحربي الروسي بالمنطقة يوم الخميس 29 أكتوبر الماضي (أ.ب)

وسّعت قوات النظام السوري دائرة هجماتها في محيط العاصمة السورية دمشق، في محاولة لاستعادة السيطرة على نقاط عسكرية تركزت في منطقة الغوطة الشرقية وفي ضاحية داريا جنوب غربي دمشق، وذلك ضمن خطة لتأمين مطاري المزّة ومطار دمشق الدولي «وإبعاد خطر استهدافهما أو قطع الطريق عنهما»، كما قالت مصادر المعارضة بريف دمشق، لـ«الشرق الأوسط» إن الهجوم على داريا (غرب العاصمة) «باء بالفشل».
وحقًا، تراجعت حدة الاشتباكات في داريا، عقب فشل قوات نظام بشار الأسد في التقدم بداخلها، وانتقلت المعارك إلى أطراف المدينة - الضاحية، وسط قصف جوي عنيف، تصاعدت وتيرته بعد فشل اقتحام داريا من أطرافها الغربية. وللعلم، كانت قوات النظام مدعومة بمقاتلين من ميليشيا «الدفاع الوطني» قد شنت هجومًا أول من أمس على داريا، التي تعتبر عاصمة الغوطة الغربية لدمشق، انطلاقًا من الأحياء الغربية القريبة من فندق «الفصول الأربعة»، بعد قصف تمهيدي بالبراميل المتفجرة بمعدل 40 برميلاً يوميًا، استمر أكثر من أسبوع. ويعد هذا الهجوم الأول، منذ سيطرة قوات المعارضة على حي الجمعيات، الذي يتضمن أربعة كتل بنائية، خلال أغسطس (آب) الماضي، ما وضع قوات المعارضة على تماسٍّ مع مطار المزّة العسكري.
وقال متحدث باسم «الاتحاد الإسلامي لأجناد الشام» لـ«الشرق الأوسط» إن القوات النظامية: «بدأت قصفًا تمهيديًا قبل أيام للمنطقة، قبل أن تبدأ هجومًا أمس من المحور الغربي قرب فندق الفصول الأربعة»، مشيرًا إلى أن تلك القوات توغلت «قبل أن تقع بكمين أسفر عن مقتل عدد كبير منهم وتدمير عربة بي إم بي». وتابع: «إثر ذلك، شن النظام هجومًا واسعًا من مختلف المحاور في الشرق والغرب وشمال المدينة، بهدف تخليص جنوده من الكمين، وقطع طرقات أساسية حول داريا بينها أوتوستراد السلام، كما أخلى المنطقة الغربية الخاضعة لسيطرته من المدنيين». وإذ أكد أن الهجوم فشل، قال: إن النظام «أنهى محاولة الاقتحام، مستعيضًا عنها بالقصف الجوي». وأشار المتحدث إلى مقتل 7 مقاتلين من قوات المعارضة على الأقل، بينهم المسؤول الإعلامي في «الاتحاد الإسلامي لأجناد الشام»، فضلاً عن مقتل عدد من القتلى والجرحى في صفوف قوات النظام والمسلحين الموالين لها.
ومن جهة ثانية، أفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» أمس، باندلاع اشتباكات عنيفة بين قوات النظام والمسلحين الموالين لها من جهة، والفصائل الإسلامية والمقاتلة من جهة أخرى في الجهة الغربية من داريا. وذكر أن الهليكوبترات العسكرية جددت قصفها بالبراميل المتفجرة لمناطق في المدينة، بلغت 70 برميلاً متفجرًا، خلال اليومين الماضيين، وترافق مع قصف قوات النظام بالمدفعية لمناطق في المدينة. ويأتي الهجوم بعد ساعات على هجوم شنته قوات النظام في محاولة لاستعادة السيطرة على منطقة المرج في الغوطة الشرقية.
ويبدو الهجومان، محاولة من قوات النظام لتأمين شبكات الطرق إلى المطارين الدولي والعسكري الموجودين في دمشق. وحسب كلام عضو مجلس قيادة الثورة في ريف دمشق إسماعيل الداراني، فإن الخطة التي تتبعها القوات النظامية «تقضي بتأمين محيط مطار المزة العسكري الملاصق لمدينة داريا»، فضلاً عن «تأمين الطريق الرئيسي إلى مطار دمشق الدولي عبر السيطرة على منطقة المرج». وأوضح الداراني أن داريا «تمثل عقدة مواصلات مهمة بين دمشق ودرعا والسويداء، فضلاً عن أنها تحاذي مطار المزة العسكري» الذي يعتبر آخر المطارات العسكرية الفاعلة في داخل مدينة دمشق، ويبعد مسافة 3 كيلومترات عن داريا. واستطرد: «تمثل داريا أكبر خطر على العاصمة السورية، ولو توفر للمعارضة امتلاك صواريخ، فإنها قادرة على تحييد المطار وتهديد أحياء يقطنها سياسيون سوريون»، موضحًا أن الحصار المفروض على داريا منذ ثلاث سنوات «منع عن الثوار امتلاك الصواريخ والأسلحة النوعية».
أما منطقة المرج في الغوطة الشرقية، فإنها تعتبر خط الإمداد الرئيسي إلى مطار دمشق الدولي، وتشكل عقدة المواصلات بين العاصمة والمطار. ووفق الداراني: «شنت القوات النظامية هجومًا على المرج بالتزامن مع الهجوم على داريا، ما يوحي بأن المعركة، تهدف إلى تأمين المطارات»، مشيرًا إلى أن القصف الذي استهدف منطقة دوما، وهي عاصمة الغوطة الشرقية ومعقل تنظيم «جيش الإسلام» بزعامة زهران علوش: «فيأتي للضغط على الثوار، ومنع الإمدادات إلى جبهة المرج». وفعلاً، تحدث ناشطون أمس عن تجدد القصف على مدينة دوما، وأسفر، بحسب «المرصد» عن مقتل 12 شخصًا بينهم مواطنة وطفل على الأقل عدد «الشهداء» الذين قضوا جراء سقوط صواريخ يعتقد أنها من نوع أرض – أرض أطلقتها قوات النظام على مناطق في المدينة.
هذا، وقتل مقاتل من الفصائل الإسلامية من بلدة كفربطنا في اشتباكات مع قوات النظام والمسلحين الموالين لها في الغوطة الشرقية، اندلعت اشتباكات أخرى في منطقة الشياح بالقرب من معضمية الشام بالغوطة الغربية. وأيضًا في دمشق، سقطت عدة قذائف على أماكن بمحيط الشركة الخماسية في حي القابون ما أدى لسقوط عدد من الجرحى، كما سمع صوت انفجار في حي القابون شمال شرقي العاصمة السورية.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.