ولد الشيخ: الوضع الإنساني في اليمن يتدهور.. ونحتاج لمراقبين لرصد الانتهاكات

الزياني أكد أن اليمن يحتاج إلى استراتيجية شاملة لحل أزماته السياسية والاقتصادية والأمنية

يمنيون يتفقدون حطام سيارة مفخخة انفجرت قرب فندق في مدينة إب التي يسيطر عليها الحوثيون وسط اليمن ولم تعلن أي جهة مسؤوليتها عن التفجير (أ.ف.ب)
يمنيون يتفقدون حطام سيارة مفخخة انفجرت قرب فندق في مدينة إب التي يسيطر عليها الحوثيون وسط اليمن ولم تعلن أي جهة مسؤوليتها عن التفجير (أ.ف.ب)
TT

ولد الشيخ: الوضع الإنساني في اليمن يتدهور.. ونحتاج لمراقبين لرصد الانتهاكات

يمنيون يتفقدون حطام سيارة مفخخة انفجرت قرب فندق في مدينة إب التي يسيطر عليها الحوثيون وسط اليمن ولم تعلن أي جهة مسؤوليتها عن التفجير (أ.ف.ب)
يمنيون يتفقدون حطام سيارة مفخخة انفجرت قرب فندق في مدينة إب التي يسيطر عليها الحوثيون وسط اليمن ولم تعلن أي جهة مسؤوليتها عن التفجير (أ.ف.ب)

توقع إسماعيل ولد الشيخ أحمد، مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى اليمن، أمس، بدء جولة جديدة من المشاورات بين الأطراف اليمنية بحلول منتصف الشهر الجاري.
وذلك في ضوء الاتصالات التي يجريها مع كافة الأطراف، التي أعلنت موافقتها، وجاء تجديد تأكيد المبعوث الأممي على عقد المباحثات، بعد التناقض الذي شاب مواقف المتمردين الحوثيين، اليومين الماضيين.
فبعد أن أعلنت بعض قياداتهم الرئيسية عدم المشاركة في المشاورات، وهاجمت ولد الشيخ، عادت قيادات أخرى، واعتذرت عن التطاول الذي صدر عن صالح الصماد، رئيس المجلس السياسي لحركة أنصار الله الحوثية بحق المبعوث الأممي، وأكدت تلك القيادات المشاركة في المشاورات، التي لم يحدد لها مكان معين، غير أنه من المرجح أن تعقد في جنيف.
وقال ولد الشيخ، أمس لوكالة رويترز إنه يتوقع «أنه قبل منتصف شهر نوفمبر (تشرين الثاني) إن شاء الله سيكون هناك تحديد للتاريخ.. وأن يبدأ الحوار قبل منتصف نوفمبر الحالي».
وتهدف المشاورات المقررة برعاية الأمم المتحدة إلى مناقشة آلية تنفيذ القرار 2216. الصادر عن مجلس الأمن الدولي، وذلك بعد إعلان المتمردين الحوثيين والرئيس المخلوع علي عبد الله صالح الموافقة على تنفيذ القرار، الذي ينص على انسحاب الميليشيات الحوثية من المدن الرئيسية وتسليم الأسلحة الثقيلة التي تم الاستيلاء عليها بعد انقلاب الحوثيين على شرعية الرئيس عبد ربه منصور هادي في 21 سبتمبر (أيلول) العام الماضي، إلى الدولة.
وقال ولد الشيخ أحمد إن أعضاء فريقه كانوا في الرياض وقبل ذلك كانوا في مسقط من أجل التوصل إلى اتفاق بشأن موعد ومكان إجراء المحادثات، وتطرق المبعوث الأممي، في تصريحاته، إلى الوضع الإنساني، الذي قال: إنه يتدهور، مؤكدا أنه يتعين إيجاد حل والعودة إلى الطاولة بأسرع ما يمكن.
وتتزامن المساعي الأممية لعقد مشاورات جنيف لإنهاء النزاع في اليمن، مع استمرار العمليات العسكرية الميدانية، حيث تتواصل المواجهات في عدد من جبهات القتال، غير أن أبرز الجبهات هي في محافظة تعز، التي تستعد لبدء عملية عسكرية واسعة النطاق لتحريرها من قبضة المسلحين الحوثيين والقوات الموالية للمخلوع صالح.
في غضون ذلك أكد الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية الدكتور عبد اللطيف الزياني خلال الجلسة الحوارية التي عقدت أمس لقمة الأمن الإقليمي التي ينظمها المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية في مملكة البحرين أن الشعب اليمني قادر على التعافي وتجاوز هذه المحنة المؤلمة وسيبني مستقبله بعزيمته وبدعم من أشقائه في دول مجلس التعاون، وبمساندة من المجتمع الدولي والدول الصديقة.
وقال الزياني إن «تغيرًا كبيرًا حدث في اليمن ممثلا في تشكل التحالف العربي الذي قادته السعودية، بدأ بـ(عاصفة الحزم)، ومن ثم (إعادة الأمل)».. معربًا عن تفاؤله بمستقبل اليمن. وأضاف: «إن اليمن سيكون أكثر أمنا واستقرارا وازدهارا إذا ما تم انتهاج استراتيجية فاعلة وشاملة لحل الأزمة بكافة أبعادها السياسية والأمنية والاقتصادية والاجتماعية».
ولفت الزياني وفقا لوكالة الأنباء اليمنية (سبأ) في نسختها الموالية للشرعية، إلى أنه يتم التعامل مع الأزمة اليمنية وفق استراتيجية تقوم على ستة محاور أساسية، وهي تتطلب عملا دؤوبا، وجهودا متواصلة، وتعاونا وتنسيقا مستمرا من كافة الأطراف الإقليمية والدولية التي ترغب في عودة الأمن والاستقرار إلى ربوع اليمن، والحفاظ على الأمن والسلم الإقليميين، وهي محاور متداخلة تتطلب تنفيذها كوحدة واحدة.
وبين الزياني أن المحور الأول هو مواصلة الجهد العسكري لتحرير المحافظات التي سيطرت عليها القوى المناوئة للشرعية ممثلة بالميليشيا الحوثية وصالح وفك الحصار عن المحافظات التي تتعرض يوميا لقصف عسكري مستمر يستهدف المدنيين.. مشيرًا إلى أن المحور الثاني هو دعم الجهود الدبلوماسية التي تبذلها الأمم المتحدة، بالتعاون والتنسيق مع الدول الإقليمية للتوصل إلى تسوية تنهي هذه الأزمة من خلال المرجعيات الأساسية التي تم التوافق عليها دوليا، وهي المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل، وقرار مجلس الأمن الدولي رقم 2216 لعام 2015م.
فيما المحور الثالث المتعلق بإيصال المساعدات الإغاثة والإنسانية إلى الشعب اليمني، ورفع الحصار عن المحافظات والمدن التي تعاني من نقص، بل شح في مواد الإغاثة المعيشية، والمحور الرابع يتعلق بانتهاكات حقوق الإنسان في اليمن، الذي عانى من ممارسات ظالمة وانتهاكات مرفوضة حرمته من حقوقه التي كفلتها القوانين والمواثيق الدولية، وأشار إلى أن المحور الخامس يتعلق بإعادة الإعمار والبناء، نتيجة ما خلفته الحرب الدائرة من دمار وخراب، وأكد أن مجلس التعاون الخليجي تحرك بالفعل في هذا المحور ونجح مؤخرا في عقد اجتماع للمانحين لتلبية الاحتياجات العاجلة التي طلبتها الحكومة اليمنية بمبلغ 510 ملايين دولار، ولفت الزياني إلى أن المحور السادس هو مواصلة التعاون والتنسيق الإقليمي بالتعاون مع المجتمع الدولي لمكافحة الإرهاب والقضاء على تنظيماته التي وجدت في اليمن مرتعا لها لمتابعة أنشطتها الهدامة.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم