انخفاضات الأسعار في دبي تبرز فرصًا عقارية وتعد بتداولات نشطة خلال الربع الأخير من 2015

العرض والطلب يتحكمان بالسوق.. وتوقعات بارتفاع الحركة خلال الفترة المقبلة

استمرار البناء وطرح المشاريع يعكس وضع السوق العقارية في المستقبل القريب بمدينة دبي («الشرق الأوسط»)
استمرار البناء وطرح المشاريع يعكس وضع السوق العقارية في المستقبل القريب بمدينة دبي («الشرق الأوسط»)
TT

انخفاضات الأسعار في دبي تبرز فرصًا عقارية وتعد بتداولات نشطة خلال الربع الأخير من 2015

استمرار البناء وطرح المشاريع يعكس وضع السوق العقارية في المستقبل القريب بمدينة دبي («الشرق الأوسط»)
استمرار البناء وطرح المشاريع يعكس وضع السوق العقارية في المستقبل القريب بمدينة دبي («الشرق الأوسط»)

أفرزت حركة التداولات العقارية في دبي فرصا عقارية مع الانخفاض المحدود الذي تشهده الأسعار في البيع والإيجار، مع توقعات بأن تشهد الإمارة الخليجية حركة بيع وإيجار مع ما يوصف بالتصحيح في الوقت الحالي، الأمر الذي سينعكس إيجابا على أداء السوق بصورة عامة.
وبحسب خبراء فإن السوق العقارية في دبي تتحرك وفق ميزان العرض والطلب. وعلى الرغم من حركة البيع والشراء الواسعة وفقا لأرقام دائرة الأراضي والأملاك في الإمارة، فقد أسهمت تلك الانخفاضات في زيادة التداولات، مما يدفع السوق العقارية إلى مسار النمو في التداولات خلال الفترة المقبلة.
وقال كريج بلامب، رئيس قسم الأبحاث بشركة «جيه إل إل» الشرق الأوسط وشمال أفريقيا: «لا تزال سوق دبي العقارية تشهد تباطؤا في الأداء خلال الربع الثالث من العام، ومن المتوقع أن يستمر هذا الاتجاه على مدار الأشهر المتبقية من عام 2015، حيث استمرت أسعار بيع الوحدات السكنية في الانخفاض، حيث انخفضت أسعار الفيلات بنسبة 11 في المائة على مدار العام حتى شهر أغسطس (آب) الماضي. كما شهدت أسعار الإيجارات أيضا انخفاضًا للمرة الأولى (وإن كان هامشيًا) خلال الربع الثالث من العام».
وينتظر أن تنتعش السوق في الربع الأخير من العام الحالي، بتداولات أفضل من الذي شهده الربع الثالث في شهري يوليو (تموز) وأغسطس، اللذين يعتبران إجازة موسمية في مدينة دبي، في الوقت الذي شكل فيه شهر سبتمبر (أيلول) حركة كبيرة في التداولات، إذ حقق إجمالي التصرّفات العقارية نحو 20.4 مليار درهم (5.4 مليار دولار)، منها 12.33 مليار درهم (3.3 مليار دولار) معاملات بيع أراض وشقق وفيلات، و8.03 مليار درهم (2.1 مليار دولار) معاملات رهن. وأوضحت بيانات دائرة الأراضي والأملاك في دبي وجود ارتفاع قوي في قيمة التصرّفات خلال شهر سبتمبر الماضي، مقارنة بشهري يوليو وأغسطس، حيث بلغت قيمة التصرفات 13.6 مليار درهم (3.7 مليار دولار) في أغسطس، و9.2 مليار درهم (2.5 مليار دولار) في يوليو الماضي.
وقال تقرير «جي إل إل» إن الاتجاه الهبوطي لأداء الشريحة السكنية استمر خلال الربع الثالث من العام، حيث يزداد انخفاض أسعار البيع وتُسجل الإيجارات انخفاضًا هامشيًا. وعلى الرغم من انخفاض مؤشر «ريندر» العام للمبيعات بمعدل 10 في المائة خلال الفترة نفسها من العام في أغسطس، يُشير مؤشر الإيجارات إلى وجود انخفاض نسبته 1 في المائة في قيم الإيجارات. ويرجع ذلك بشكل كبير إلى تشدد اللوائح الحكومية وارتفاع مستويات التضخم وقوة الدولار، مما جعل العقارات مكلفة بالنسبة لكل من المستثمرين المحليين والأجانب، مما أدى إلى انخفاضٍ في حجم المعاملات وانخفاضٍ في الأسعار إلى مستويات أكثر استدامة.
من جهته، قال خالد الضبعان، الخبير العقاري، إن سوق دبي سوق مرنة تتحرك وفق ميزان العرض والطلب، وهو ما يجعل السوق في متغيرات مختلفة وفق عوامل التغير المتعددة، والتي يعتبر من أهمها حجم الطلب الداخلي والخارجي على العقارات المختلفة، مشيرا إلى أن سوق دبي أعطت صورة واضحة حول المتغيرات المختلفة التي يمكن أن تطرأ عليه من خلال سلوك التداولات الحاصل خلال السنوات العشر الماضية.
وقال الضبعان: «أعتقد أن سوق دبي أصبحت أكثر نضجا وتحملا للأزمات، خاصة في ظل التشريعات التي تقرها الحكومة بين الحين والآخر، واستمرار كبرى الشركات في ضخ الوحدات السكنية التي تتناسب مع مختلف الطلبات سواء الداخلية أو الخارجية». وأضاف: «الشركات الكبرى لا تزال تواصل عمليات البناء، وهو ما يعطي مؤشرا على أن السوق لا تزال تتميز بطلب، وإن كان أقل مستوى مما كان عليه العام الماضي لاعتبارات عدة منها الانتعاش الاقتصادي العالمي، وهو ما قد يختلف خلال هذا العام مع انخفاض أسعار النفط، مما أثر على القدرة الشرائية بالنسبة للمستهلكين، وهو ما يعكس أيضا أن سوق دبي موجهة للمستفيد النهائي، وابتعاد المضاربين عنها في ظل القوانين التي وضعتها المدينة».
وكان علي راشد لوتاه، رئيس مجلس إدارة شركة «نخيل العقارية»، قال في وقت سابق إن سوق دبي سوق حرة محكومة بالعرض والطلب، وإن الاستقرار الذي تتمتع به دبي عن غيرها يسهم بشكل كبير في جاذبية السوق، في الوقت الذي يتم فيه تصحيح بعد الأسعار التي شهدت ارتفاعا عاليا، وبالتالي فإن السوق تصحح نفسها بنفسها، مؤكدا أنه لا يوجد تمويل كبير من البنوك في ما يتعلق بشراء الأفراد للوحدات العقارية، مما يبعد الخوف من وجود مشاكل تمويلية أو عقارية في القطاع، وهو الأمر الذي يعطي وقاية من تأثير سوق التمويل بشكل مباشر على سوق العقارات.



الأحياء المصرية العريقة تربح سوق الوحدات الفارهة

الأحياء المصرية العريقة تربح سوق الوحدات الفارهة
TT

الأحياء المصرية العريقة تربح سوق الوحدات الفارهة

الأحياء المصرية العريقة تربح سوق الوحدات الفارهة

يَعدّ المصريون الاستثمار العقاري من بين أكثر أنواع الاستثمار أمناً وعائداً، مع الأسعار المتزايدة يوماً بعد يوم للوحدات السكنية والتجارية في مختلف الأحياء المصرية، بناءً على تغيّرات السوق، وارتفاع أسعار الأراضي ومواد البناء، ورغم أن هذه المتغيرات تحدد سعر المتر السكني والتجاري، فإن بعض الوحدات السكنية قد تشذّ عن القاعدة، ويخرج سعرها عن المألوف لوقوعها في حي راقٍ شهير وسط القاهرة وتطل على النيل، أو حتى في عمارة سكنية شهيرة.
وبتصفح إعلانات بيع الوحدات السكنية على المواقع الإلكترونية والتطبيقات المخصصة لذلك قد يصطدم المشاهد برقم غريب يتجاوز الأسعار المتعارف عليها في الحي بشكلٍ كبير جداً، لتقفز من وحدات سكنية سعرها 3 ملايين جنيه مصري (الدولار الأميركي يعادل 15.6 جنيه مصري)، إلى أخرى مجاورة لها بأربعين مليوناً، هذه الإعلانات التي يصفها متابعون بأنها «غريبة جداً» على مواقع التواصل الاجتماعي، وسط أسئلة منطقية عن السبب الرئيسي وراء هذه الأسعار، التي تؤكد تفوق أسعار بيع بعض الشقق السكنية على أسعار فيلات بالمدن الجديدة.
على كورنيش النيل، تطل واحدة من أشهر العمارات السكنية بحي الزمالك وسط القاهرة، تحديداً في عمارة «ليبون» التي سكنها عدد من فناني مصر المشهورين في الماضي، تُعرض شقة مساحتها 300 متر للبيع بمبلغ 40 مليون جنيه، أي نحو 2.5 مليون دولار، رغم أن متوسط سعر المتر السكني في الحي يبلغ 23 ألف جنيه، وفقاً لموقع «عقار ماب» المتخصص في بيع وشراء الوحدات السكنية في مصر.
ولا يشتري الناس بهذه الأسعار مجرد شقة، بل يشترون ثقافة حي وجيراناً وتأميناً وخدمات، حسب حسين شعبان، مدير إحدى شركات التسويق العقاري بحي الزمالك، الذي أوضح لـ«الشرق الأوسط» أن «عمارة ليبون واحدة من أعرق العمارات في مصر، وأعلاها سعراً، والشقة المعروضة للبيع كانت تسكنها الفنانة الراحلة سامية جمال»، مؤكداً أن «هذه الإعلانات تستهدف المشتري العربي أو الأجنبي الذي يبحث عن عقار مؤمّن، وجيراناً متميزين، وثقافة حي تسمح له بالحياة كأنه في أوروبا، فسعر الشقة ربما يكون مماثلاً لسعر فيلا في أفضل التجمعات السكنية وأرقاها في مصر، لكنه يبحث عن شقة بمواصفات خاصة».
وفي عام 2017 أثار إعلان عن شقة بجوار فندق «أم كلثوم» بالزمالك، الجدل، بعد عرضها للبيع بمبلغ 3 ملايين دولار، وتبين فيما بعد أن الشقة ملك للسياسي المصري أيمن نور، لكن شعبان بدوره يؤكد أن «الناس لا تهتم بمن هو مالك الشقة في السابق، بل تهتم بالخدمات والجيران، وهذا هو ما يحدد سعر الشقة».
ويعد حي الزمالك بوسط القاهرة واحداً من أشهر الأحياء السكنية وأعلاها سعرها، حيث توجد به مقرات لعدد كبير من السفارات، مما يجعله مكاناً لسكن الأجانب، وينقسم الحي إلى قسمين (بحري وقبلي) يفصلهما محور (26 يوليو)، ويعد الجانب القلبي هو «الأكثر تميزاً والأعلى سعراً، لأنه مقر معظم السفارات»، وفقاً لإيهاب المصري، مدير مبيعات عقارية، الذي أوضح لـ«الشرق الأوسط» أن «ارتفاع الأسعار في الزمالك مرتبط بنقص المعروض في ظل ازدياد الطلب، مع وجود أجانب يدفعون بالعملات الأجنبية، وهم هنا لا يشترون مجرد إطلالة على النيل، بل يشترون خدمات وتأميناً عالي المستوى».
وعلى موقع «أوليكس» المخصص لبيع وتأجير العقارات والأدوات المنزلية، تجد شقة دوبليكس بمساحة 240 متراً في الزمالك مكونة من 4 غرف، معروضة للبيع بمبلغ 42 مليون جنيه، وشقة أخرى للبيع أمام نادي الجزيرة مساحة 400 متر بمبلغ 40 مليون جنيه.
ورغم ذلك فإن أسعار بعض الوحدات المعروضة للبيع قد تبدو مبالغاً فيها، حسب المصري، الذي يقول إن «السعر المعلن عنه غير حقيقي، فلا توجد شقة تباع في عمارة (ليبون) بمبلغ 40 مليون جنيه، وعند تنفيذ البيع قد لا يتجاوز السعر الثلاثين مليوناً، وهو سعر الوحدة السكنية في عمارة (العبد) المطلة على نادي الجزيرة والتي تعد أغلى عقارات الزمالك».
والشريحة المستهدفة بهذه الأسعار هي شريحة مختلفة تماماً عن الشريحة التي يستهدفها الإسكان الاجتماعي، فهي شريحة تبحث عن أسلوب حياة وإمكانيات معينة، كما يقول الخبير العقاري تامر ممتاز، لـ«الشرق الأوسط»، مشيراً إلى أن «التعامل مع مثل هذه الوحدات لا بد أن يكون كالتعامل مع السلع الخاصة، التي تقدم ميزات قد لا تكون موجودة في سلع أخرى، من بينها الخدمات والتأمين».
وتتفاوت أسعار الوحدات السكنية في حي الزمالك بشكل كبير، ويقدر موقع «بروبرتي فايندر»، المتخصص في بيع وتأجير العقارات، متوسط سعر الشقة في منطقة أبو الفدا المطلة على نيل الزمالك بمبلغ 7 ملايين جنيه مصري، بينما يبلغ متوسط سعر الشقة في شارع «حسن صبري» نحو 10 ملايين جنيه، ويتباين السعر في شارع الجبلاية بالجانب القبلي من الحي، ليبدأ من 4.5 مليون جنيه ويصل إلى 36 مليون جنيه.
منطقة جاردن سيتي تتمتع أيضاً بارتفاع أسعار وحداتها، وإن لم يصل السعر إلى مثيله في الزمالك، حيث توجد شقق مساحتها لا تتجاوز 135 متراً معروضة للبيع بمبلغ 23 مليون جنيه، ويبلغ متوسط سعر المتر في جاردن سيتي نحو 15 ألف جنيه، وفقاً لـ«عقار ماب».
وتحتل الشقق السكنية الفندقية بـ«فورسيزونز» على كورنيش النيل بالجيزة، المرتبة الأولى في الأسعار، حيث يبلغ سعر الشقة نحو 4.5 مليون دولار، حسب تأكيدات شعبان والمصري، وكانت إحدى شقق «فورسيزونز» قد أثارت الجدل عندما عُرضت للبيع عام 2018 بمبلغ 40 مليون دولار، وبُرر ارتفاع السعر وقتها بأن مساحتها 1600 متر، وتطل على النيل وعلى حديقة الحيوانات، وبها حمام سباحة خاص، إضافة إلى الشخصيات العربية المرموقة التي تسكن «فورسيزونز».
وتحدد أسعار هذا النوع من العقارات بمقدار الخدمات والخصوصية التي يوفّرها، وفقاً لممتاز، الذي يؤكد أن «العقار في مصر يعد مخزناً للقيمة، ولذلك تكون مجالاً للاستثمار، فالمشتري يبحث عن عقار سيرتفع سعره أو يتضاعف في المستقبل، ومن المؤكد أنه كلما زادت الخدمات، فإن احتمالات زيادة الأسعار ستكون أكبر، خصوصاً في ظل وجود نوع من المستهلكين يبحثون عن مميزات خاصة، لا تتوافر إلا في عدد محدود من الوحدات السكنية».