المعارضة السورية تتحفظ على القرار الأميركي إرسال قوات خاصة.. وتطالب بتوضيحات

كيري: قرار إرسالها إلى سوريا لا يعني الدخول في الحرب الأهلية.. وأوباما اتخذ القرار الصحيح

مقاتل سوري يتأمل صور الدخان المنبعث جراء مواجهات بين الجيش النظامي والمعارضة (أ.ف.ب)
مقاتل سوري يتأمل صور الدخان المنبعث جراء مواجهات بين الجيش النظامي والمعارضة (أ.ف.ب)
TT

المعارضة السورية تتحفظ على القرار الأميركي إرسال قوات خاصة.. وتطالب بتوضيحات

مقاتل سوري يتأمل صور الدخان المنبعث جراء مواجهات بين الجيش النظامي والمعارضة (أ.ف.ب)
مقاتل سوري يتأمل صور الدخان المنبعث جراء مواجهات بين الجيش النظامي والمعارضة (أ.ف.ب)

لم ترحب المعارضة السورية العسكرية والسياسية على حد سواء بالقرار الأميركي القاضي بإرسال قوات خاصة إلى شمال سوريا بمهمة استشارية للمساهمة في قتال تنظيم داعش، باعتبار أن واشنطن لم تنسق لا مع الائتلاف السوري المعارض ولا مع قيادة الجيش الحر هذه الخطوة، ونظرا لكون مهمة المستشارين الذين سيصلون إلى سوريا خلال الشهر الحالي ستنحصر بالتعاون مع القوات الكردية و«قوات سوريا الديمقراطية» التي تضم مقاتلين سوريين معارضين، لكن يهيمن عليها الأكراد.
وكشف عضو الهيئة السياسية في الائتلاف المعارض بدر جاموس أن المعارضة طالبت واشنطن بـ«توضيح هذه الخطوة التي لم يتم إبلاغ المعارضة السياسية والجيش الحر بها». وقال لـ«الشرق الأوسط»: «انحصار اهتمام الولايات المتحدة الأميركية بالمنطقة التي تضم القوات الكردية أمر مقلق ويحتاج إلى توضيح».
ونبّه جاموس من «تحول الميدان السوري إلى حلبة صراع بين دول عظمى تستخدم الشعب السوري أداة لتحقيق مصالحها»، مشددا على رفض الائتلاف «جملة وتفصيلا لتحويل الثورة السورية لحرب تصفية حسابات بين روسيا وأميركا»، وأضاف: «كنا ولا نزال نطالب بحصر الدعم العسكري بالجيش السوري الحر القادر على حسم المعركة وإسقاط النظام في حال تم تلبية احتياجاته العسكرية».
من جهته، قال وزير الخارجية الأميركي جون كيري إن الرئيس باراك أوباما اتخذ القرار الصحيح بإرسال قوات خاصة إلى سوريا، مشيرًا إلى أن القرار يركز تمامًا على قتال تنظيم داعش، وليس دليلاً على دخول الولايات المتحدة في الحرب الأهلية السورية.
وأضاف: «الرئيس أوباما اتخذ قرارًا في غاية القوة والفعالية والبساطة يتماشى تمامًا مع سياسته المعلنة بضرورة دحر وتدمير (داعش)». وقال في إفادة صحافية أثناء زيارة يقوم بها لبشكك عاصمة قرغيزستان: «هذا ليس قرارًا بدخول الحرب الأهلية السورية، وليس عملاً يركز على الرئيس السوري بشار الأسد، وإنما يركز تماما على (داعش) وعلى زيادة قدرتنا على مهاجمة (داعش) سريعا». وعند سؤاله بشأن احتمالات إرسال واشنطن المزيد من الجنود أو الانخراط أكثر في الصراع قال كيري: «لا أستطيع أن أتكهن بما سيحمله المستقبل إزاء سياستنا لتدمير (داعش) ودحر هذا الشر. لكني أعتقد أن الرئيس اتخذ قرارًا أؤيده وأتفق معه تمامًا».
وكان البيت الأبيض أعلن، أول من أمس، عن نشر عشرات من قوات العمليات الخاصة الأميركية في شمال سوريا لتقديم المشورة لقوات المعارضة في حربها ضد تنظيم داعش. ويمثل القرار تحولاً في سياسة أوباما الذي قاوم دعوات لإرسال جنود إلى سوريا لتفادي الدخول في حرب أخرى بالشرق الأوسط. ووصف كيري في مستهل جولة لخمس جمهوريات سوفياتية سابقة بآسيا الوسطى تنظيم داعش بأنه «مدمر ويهدد بأفعال ضد أميركا وكندا والمكسيك وضد كل بلدان العالم. لذا فإن (داعش) تهديد علينا التصدي له». وقال مسؤول أميركي في إفادة صحافية خلال الرحلة إن زيارة كيري للمنطقة تهدف في جانب منها لطمأنة حكوماتها القلقة من تهديد المتشددين، خصوصًا الموجودين في أفغانستان.
ورجّح أسامة أبو زيد، المستشار القانوني للجيش السوري الحر أن تركّز القوات الأميركية التي ستصل إلى سوريا مهامها مع القوات الكردية وما يُعرف بـ«قوات سوريا الديمقراطية»، متحدثًا عن «تحفظات كبيرة» لدى الجيش الحر والمعارضة السورية حول هذه القوات التي تدعمها واشنطن، علما أن جزءا منها يتعاون مع النظام السوري. وقال أبو زيد لـ«الشرق الأوسط»: «سبق لنا أن تحفظنا على خطة التدريب الأميركية والتي كانت تستهدف محاربة تنظيم داعش دون سواه، وها نحن نتحفظ اليوم على القرار الأميركي المستجد الذي لا يعالج أساس مشكلة الإرهاب ألا وهو النظام السوري»، موضحًا أن «تحفظ الجيش الحر على أداء الولايات المتحدة في محاربة (داعش) يكمن في كون طائراتها وقواتها لا تشارك في قتال التنظيم إلا في المواقع القريبة من مناطق وجود الأكراد».
وكان مصدر عسكري أميركي أفاد الجمعة، بأن عناصر من القوات الخاصة الأميركية ستصل إلى شمال سوريا خلال الشهر المقبل، لبدء مهمة استشارية لا تشمل مرافقة المقاتلين في عمليات ضدّ «داعش».
وقال المتحدث باسم البيت الأبيض جوش أرنست، إن العسكريين الذين سيرسلون إلى سوريا «أقل من خمسين عنصرًا» ولن يقوموا بـ«مهمة قتالية». وأوضح أن «صلب استراتيجيتنا العسكرية في سوريا هو تعزيز قدرات القوات المحلية لمواجهة تنظيم داعش على الأرض، في بلدهم».
ويترافق القرار الأميركي بإرسال مستشارين عسكريين إلى سوريا مع نشر طائرات هجومية من نوع «إيه - 10» ومقاتلات «إف - 15» في قاعدة أنجرليك الجوية جنوب شرقي تركيا.
ونقلت وكالة «آرا نيوز» التي تُعنى بالشأن الكردي عن مصدر مطلع في المعارضة السورية قوله إن «هناك مرات كثيرة خلال سنوات الحرب في سوريا، وصلت فيها قوات أميركية خاصة إلى داخل سوريا، في عمليات إنزال، أو ضمن برامج سرية لتدريب مقاتلي المعارضة، وربما ما زالت هناك أعداد منهم داخل الأراضي السورية حتى الآن».
وأوضح ريدور خليل، الناطق الرسمي باسم وحدات حماية الشعب الكردية أن التنسيق العسكري مع قوات التحالف مستمر منذ أكثر من عام، لافتًا إلى أنّه «تتم لقاءات عسكرية بيننا وبين قياديين في التحالف على أعلى المستويات». وقال لـ«الشرق الأوسط»: «كل العمليات التي سيشارك بها المستشارون الأميركيون ستكون بالتنسيق المباشر مع قوات سوريا الديمقراطية».
بدوها أكدت مصادر في «قوات سوريا الديمقراطية» ترحيبها بإرسال واشنطن مستشارين للمشاركة بقتال «داعش»، لافتة في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «العمل المشترك والتنسيق مع قوات التحالف قائم ومستمر، خصوصا أنه تم مدنا أيضًا بالسلاح».
وحذرت روسيا من احتمال اندلاع «حرب بالوكالة» في الشرق الأوسط بعد قرار الولايات المتحدة إرسال قوات خاصة إلى سوريا. وقال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف إن «هذا القرار يزيد الحاجة للتعاون بين الولايات المتحدة وروسيا».
وأوضح وزير الخارجية الروسي أن الولايات المتحدة «اتخذت قرارها بصورة أحادية ودون الرجوع إلى القيادة السورية». وأضاف: «أنا مقتنع أن أيا من الولايات المتحدة وروسيا لا تريد أي نوع من الانزلاق إلى ما يُطلق عليه حرب بالوكالة. لكن بالنسبة لي من الواضح أن هذا الوضع يجعل مهمة التعاون بين الجيشين أمرا أكثر صلة».
واستبعد السفير اللبناني السابق في واشنطن عبد الله بو حبيب أن يؤدي القرار الأميركي الأخير بإرسال قوات خاصة إلى سوريا إلى خلاف أو قتال مع الروس، لافتا إلى أن الهدف الأول للطرفين يبقى قتال تنظيم داعش.
وأشار بو حبيب في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن الدخول الروسي العسكري إلى سوريا كما الضغط الأوروبي الهائل الذي يمارسه الأوروبيون عليهم على خلفية أزمة النازحين، دفع الأميركيين إلى تعديل تكتيك عملهم في سوريا وليس سياستهم تجاهها. وأضاف: «الإطاحة بنظام الرئيس السوري بشار الأسد أصبحت الأولوية الثانية للأميركيين بعد القضاء على تنظيم داعش بخلاف حلفائهم في المنطقة الذين لا تزال أولويتهم إسقاط النظام». وأوضح بو حبيب أن «واشنطن لا تزال مقتنعة بوجوب رحيل الأسد على أن يتم ذلك بانتقال سلس للسلطة وليس بانقلاب على السلطة أو فوضى فيها».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».