ملتقى أبوظبي الاستراتيجي يناقش السياسات الدولية تجاه قضايا المنطقة

رئيسة مركز الإمارات للسياسات: نتطلع لصياغة توصيات قابلة للتنفيذ

ملتقى أبوظبي الاستراتيجي يناقش السياسات الدولية تجاه قضايا المنطقة
TT

ملتقى أبوظبي الاستراتيجي يناقش السياسات الدولية تجاه قضايا المنطقة

ملتقى أبوظبي الاستراتيجي يناقش السياسات الدولية تجاه قضايا المنطقة

يبحث تجمع خبراء في الشؤون السياسة، قضايا الأمن وشؤون الاقتصاد وتحديات تغيرات المحيط، عندما يجتمعون اليوم، في النسخة الثانية من ملتقى أبوظبي الاستراتيجي في العاصمة الإماراتية. ويدرس المجتمعون ملامسة الثابت والمتحول في سياسات الأطراف الدولية تجاه قضايا المنطقة وتحديدا قضايا الخليج، عبر جلسات تنظم اليوم وغدًا.
وقالت الدكتورة ابتسام الكتبي، رئيسة مركز الإمارات للسياسات منظمة الملتقى، إن «تنظيم ملتقى أبوظبي الاستراتيجي واختيار مواضيعه ونقاشاته ينطلقان من مسلمة أن منظومة الدول الخليجية فاعل رئيس ووازن في معادلة القوى والمصالح الإقليمية والدولية، وليست تجمعا يتأثر بشكل أحادي برياح السياسات الإقليمية والدولية»، مشيرة إلى أن طرح هذه القضايا الخليجية يتعدى مجرد إبراز هواجس المنطقة وبواعث قلقها إلى إشراك ممثلين عن الجهات التي تساهم في صنع القرار الخليجي في عرض رؤاهم والتفاعل مع بقية التصورات والأفكار التي يحتضنها الملتقى.
ومن المتوقع أن يشارك نحو عشرين شخصية خليجية في جلسات الملتقى التسع، حيث يتطلع أن تتسم المداخلات بالوضوح في الطرح بعيدا عن الأسلوب الدبلوماسي ولغة المجاملات وأن تلامس القضايا المعروضة للنقاش في أبعادها الاستراتيجية المؤثرة دون الخوض في التفاصيل المرحلية العابرة.
وسيبدأ الملتقى أعماله بجلسة خليجية تحمل عنوان «الخليج في عالم جديد»، تناقش موقع دول المنطقة من المتغيرات العالمية المضطردة، ومشهد العنف المزمن الذي يخيم على الشرق الأوسط. وتحاول هذه الجلسة قراءة الاستراتيجيات الخليجية وشراكاتها إقليميا ودوليا في مواجهة المخاطر المحدقة بالمنطقة، مع التركيز على التحالف الخليجي العربي في اليمن والسيناريوهات المستقبلية التي يمكن أن تنبثق عنه في ظل انحسار الدور الأميركي وتطبيع علاقات إيران مع المجتمع الدولي بعد توقيع الاتفاق النووي مع الغرب.
وفي جلسة ثانية مخصصة للتحولات في دول «الربيع العربي»، يبدو جليا التركيز على العمق الاستراتيجي لدول الخليج من خلال مناقشة المشهد السياسي والأمني في مصر، ودخول روسيا بشكل مباشر على خط الصراع في سوريا، فضلا عن تداعيات فشل الدولة في اليمن وليبيا على المنطقة عموما والخليج على وجه التحديد.
وإذ يحاول الملتقى رصد ديناميكيات التنافر والتجاذب بين القوى العالمية والاتجاهات المستقبلية للسياسة الدولية، فإنه يحاول استقراء السيناريوهات التي يحتمل أن تواجهها دول الخليج، والتحديات الماثلة أمامها، وكذا الفرص التي لا تزال متاحة لها للتعامل بشكل فاعل مع الهزات السياسية والاقتصادية، وبالتالي لرسم معالم نظام إقليمي جديد يضمن مصالحها ويعزز استقرارها.
وحول السبب في التركيز على دول الخليج، قالت رئيسة مركز الإمارات للسياسات: «دول الخليج أصبحت الآن، وعلى عكس ما اعتدناه في السنوات والعقود السابقة، في الصف الأول لعدة جبهات. دول الخليج، وفي مقدمتها السعودية، تقود تحالفا عسكريا في اليمن وتقف بحزم في وجه تمدد الإسلام السياسي في صيغته الإيرانية الطائفية، وهي مشارك فاعل في التحالف الدولي ضد (داعش)، ولها أدوار سياسية محورية في مصر وليبيا وسوريا. كما أنها معنية مباشرة بتغيرات أسعار الطاقة وتقلبات الأسواق العالمية. كل هذا يجعل من الضروري خليجيا الانخراط بشكل نشط في عملية رصد التحولات العاصفة التي تحيط بنا وملاءمة السياسات معها. ومن هنا تركيزنا على إشراك النخب الخليجية باعتبارها قوة اقتراحية مساندة لدوائر القرار».
ولفتت الدكتورة الكتبي إلى أن الملتقى يهدف إلى إيجاد مخارج للأزمات الراهنة وقراءة سيناريوهات المستقبل بمنطق استباقي ووقائي. وزادت: «نبحث عن توصيات قابلة للتنفيذ تساعد صاحب القرار على رسم السياسات التي تتماشى وطبيعة التحديات التي يواجهها في محيط إقليمي وعالمي مضطرب ومتقلب، هذا دون إغفال الطابع الاستراتيجي للقضايا المعروضة للنقاش ولطبيعة ووزن المشاركة الواسعة محليا ودوليا».
وأكدت على أن تحديات منطقة الخليج العربي تحضر كذلك في عدة جلسات مخصصة هذا العام للمتغيرات التي يمليها العصر الرقمي وفضاء وتكنولوجيا المعلومات. حيث يحاول المنتدى تقييم موقع دول الخليج على خريطة النظام الرقمي العالمي الجديد، ورصد التهديدات المحتملة التي يمثلها الفضاء المعلوماتي الجديد عليها وآليات مواجهة المخاطر الرقمية.



السعودية وبريطانيا تؤكدان ضرورة خفض التصعيد الإقليمي

الأمير محمد بن سلمان مستقبلاً كير ستارمر في قصر اليمامة بالرياض (واس)
الأمير محمد بن سلمان مستقبلاً كير ستارمر في قصر اليمامة بالرياض (واس)
TT

السعودية وبريطانيا تؤكدان ضرورة خفض التصعيد الإقليمي

الأمير محمد بن سلمان مستقبلاً كير ستارمر في قصر اليمامة بالرياض (واس)
الأمير محمد بن سلمان مستقبلاً كير ستارمر في قصر اليمامة بالرياض (واس)

أكدت الرياض ولندن، الخميس، ضرورة خفض التصعيد الإقليمي، والالتزام بالمعايير الدولية، وميثاق الأمم المتحدة، وذلك في بيان مشترك عقب زيارة كير ستارمر رئيس الوزراء البريطاني للسعودية هذا الأسبوع، التي جاءت انطلاقاً من أواصر علاقتهما المميزة.

وذكر البيان أن الأمير محمد بن سلمان ولي العهد رئيس مجلس الوزراء السعودي، وستارمر أكدا خلال جلسة مباحثات رسمية على أهمية الدور الذي يقوم به مجلس الشراكة الاستراتيجية في تعزيز التعاون بين البلدين، واستعرضا التقدم الكبير المحرز في تطوير العلاقات الثنائية وتنويعها.

وأكد الجانبان أهمية تعزيز الشراكة الاقتصادية بينهما، والتزامهما برفع حجم التجارة البينية إلى 37.5 مليار دولار بحلول عام 2030، وزيادة الاستثمار في صناعات الغد، بما يحقق النمو المستدام. كما اتفقا على برنامج طموح للتعاون يهدف لتعزيز الازدهار المتبادل، والأمن المشترك، ومعالجة التحديات العالمية.

وأشادا بنمو الاستثمارات المتبادلة، ونوّها بالاستثمارات السعودية الكبيرة في المملكة المتحدة خلال عام 2024، ومنها لصندوق الاستثمارات العامة، مثل «سيلفريدجز» و«مطار هيثرو»، والاستثمار الإضافي في نادي نيوكاسل يونايتد لكرة القدم، ما يعزز العلاقات المتنامية بين شمال شرقي إنجلترا والسعودية.

ولي العهد السعودي ورئيس الوزراء البريطاني خلال جلسة مباحثات رسمية في الرياض (واس)

وبينما تعدّ المملكة المتحدة من أكبر المستثمرين الأجانب في السعودية، نوّه الجانبان بإعلان الهيئة البريطانية لتمويل الصادرات عن خططها لزيادة حجم تعرضها السوقي إلى 6 مليارات دولار أميركي، وذلك في ضوء نجاح التمويل (المتوافق مع الشريعة الإسلامية) بقيمة تبلغ نحو 700 مليون دولار للاستثمار بمشروع القدية (غرب الرياض).

وأعربا عن تطلعهما إلى تطوير شراكات استراتيجية طويلة الأمد تخدم المصالح المتبادلة، والمساهمة في النمو الاقتصادي المستدام. ورحّبا بالتقدم الكبير المحرز بشأن اتفاقية التجارة الحرة بين مجلس التعاون الخليجي والمملكة المتحدة.

وأشادا بالتعاون القائم بين البلدين في قطاع الطاقة، وأكدا أهمية تعزيزه بمجالات الكهرباء، والطاقة المتجددة، والهيدروجين النظيف وتطبيقاته، والتكنولوجيا النظيفة، وابتكارات الطاقة والاستدامة. واتفقا على العمل المشترك لإنشاء تحالف الهيدروجين النظيف بين جامعاتهما بقيادة جامعتي «الملك فهد للبترول والمعادن»، و«نيوكاسل».

وأكدا أهمية تعزيز موثوقية سلاسل التوريد العالمية، وتحديداً مع إطلاق السعودية مبادرة لتأمين الإمدادات، وخاصة بمجالات الطاقة المتجددة، وإنتاج الهيدروجين، والمعادن الخضراء، والبتروكيماويات المتخصصة، وإعادة تدوير النفايات، والمركبات الكهربائية.

جانب من جلسة المباحثات بين الأمير محمد بن سلمان وكير ستارمر (واس)

كما رحّبا بإطلاق السعودية 5 مناطق اقتصادية خاصة تستهدف الصناعات والقطاعات الاستراتيجية، وتوفر للشركات البريطانية فرصة الاستفادة من مزايا وحوافز على جميع مستويات سلاسل التوريد.

وأكد الجانبان أهمية تعزيز التعاون في قطاع الخدمات المالية، ومجال تطوير قطاعات التعدين المستدامة، وتنويع إمدادات المعادن النادرة المستخدمة في التقنيات النظيفة. وأعربت بريطانيا عن دعمها وعزمها المشاركة على مستوى رفيع في «منتدى مستقبل المعادن السعودي» خلال شهر يناير (كانون الثاني) 2025.

كما أكدا على مركزية الاتفاقية الأممية الإطارية بشأن تغير المناخ، واتفاقية باريس، ونوّها بنتائج مؤتمر الأطراف «كوب 29»، وأهمية العمل لتحقيق نتيجة طموحة ومتوازنة في «كوب 30» عام 2025. ورحّبت بريطانيا بطموحات الرياض وقيادتها عبر مبادرتي «السعودية الخضراء» و«الشرق الأوسط الأخضر»، ورئاستها لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر «كوب 16».

وأعربت بريطانيا أيضاً عن دعمها جهود السعودية في مجالات البيئة والتغير المناخي من خلال تنفيذ نهج الاقتصاد الدائري للكربون الذي أطلقته الرياض، وأقرّه قادة مجموعة العشرين، مؤكدة دعمها القوي لـ«رؤية 2030»، والتزامها بالفرص التي تتيحها في إطار الشراكة بين البلدين.

ولي العهد السعودي يصافح رئيس الوزراء البريطاني لدى وصوله إلى قصر اليمامة (واس)

ورحّب البلدان بتزايد عدد الزوار بينهما، وعبّرا عن تطلعهما إلى زيادة هذه الأعداد بشكل أكبر خاصة في ظل زيادة الربط الجوي بينهما، وتسهيل متطلبات الحصول على التأشيرة من الجانبين.

واتفقا على أهمية تعزيز التعاون في مختلف القطاعات الثقافية، بما في ذلك من خلال إطلاق برنامج تنفيذي جديد لتعزيز مشاركة بريطانيا في تطوير محافظة العُلا (شمال غربي السعودية)، كما رحّبا بالاتفاق على إطلاق شراكة بين الهيئة الملكية للعلا والمجلس الثقافي البريطاني تزامناً مع احتفال الأخير بمرور 90 عاماً على تأسيسه.

وأشادا بنتائج تعاونهما الاستراتيجي في مجالات التعليم والتعليم العالي والتدريب. ورحّبا بالخطط الاستراتيجية لزيادة عدد المدارس البريطانية في السعودية إلى 10 مدارس بحلول عام 2030، وافتتاح فروع للجامعات البريطانية في السعودية، كما عبّرا عن التزامهما بمواصلة التباحث حول زيادة التعاون في مجالات الاحتياجات التعليمية الخاصة، والتدريب التقني والمهني.

وأكد الجانبان أهمية تعزيز التعاون في مجال الرعاية الصحية، ومواجهة تحديات الصحة العالمية. ونوّها بالمناقشات الجارية بين الجامعات البريطانية والشركاء السعوديين المحتملين لإنشاء كلية لتدريب الممرضين بالسعودية. كما اتفقا على أهمية الاستفادة من فرصهما لزيادة التعاون بمجالات السلامة الغذائية، والمنتجات الزراعية.

ولي العهد السعودي يستقبل رئيس الوزراء البريطاني (واس)

واتفق الجانبان على تعزيز التعاون في الأنشطة والبرامج الرياضية، وأشادا بالمشروع المشترك بين الجامعات السعودية والبريطانية لدعم تطوير القيادات النسائية المستقبلية بمجال الرياضة، والشراكة المتنامية بمجال الرياضات الإلكترونية.

وأشادا بمستوى تعاونهما بمجال الدفاع والأمن على مرّ العقود الماضية، وأكدا التزامهما بشراكة دفاعية استراتيجية طموحة ومستقبلية، بما يسهم في تطويرها لتركز على الصناعة وتطوير القدرات، وزيادة التشغيل البيني، والتعاون بشأن التهديدات المشتركة بما يسهم في تحقيق الأمن والازدهار في البلدين.

واتفقا على توسيع التعاون في مجالات النشاط السيبراني والكهرومغناطيسي، والأسلحة المتقدمة، والقوات البرية، والطائرات العمودية، والطائرات المقاتلة. كذلك تعزيزه أمنياً حيال الموضوعات المشتركة، بما فيها مكافحة الإرهاب والتطرف.

وأكد الجانبان أهمية تعزيز التعاون في مجال العمل الإنساني والإغاثي، وشدّدا على ضرورة مواصلة التعاون في المحافل والمنظمات الدولية لمعالجة التحديات الاقتصادية العالمية، والتزامهما بتوحيد الجهود لتحقيق أهداف التنمية المستدامة 2030، وعقد حوار استراتيجي سعودي - بريطاني سنوياً بشأن المساعدات والتنمية الدولية، واتفقا على التمويل المشترك لمشاريع في هذا الإطار بقيمة 100 مليون دولار.

الأمير محمد بن سلمان وكير ستارمر قبيل جلسة المباحثات في قصر اليمامة (واس)

وحول تطورات غزة، أكد الجانبان ضرورة إنهاء الصراع، وإطلاق سراح الرهائن فوراً وفقاً لقرارات مجلس الأمن الدولي، مشددين على الحاجة الملحة لقيام إسرائيل بحماية المدنيين والبنية التحتية المدنية لإيصال المساعدات الإنسانية والإغاثية للشعب الفلسطيني، وتمكين المنظمات الدولية والإنسانية من القيام بعملها.

وبحثا كيفية العمل بينهما لتنفيذ حلّ الدولتين بما يحقق إحلال السلام الدائم للفلسطينيين والإسرائيليين. وأعربت بريطانيا عن تطلعها إلى انعقاد المؤتمر الدولي الرفيع المستوى بشأن الحل السلمي، الذي سترأسه السعودية وفرنسا في يونيو (حزيران) 2025.

وفي الشأن السوري، رحّب الجانبان بأي خطوات إيجابية لضمان سلامة الشعب السوري، ووقف إراقة الدماء، والمحافظة على مؤسسات الدولة ومقدراتها. وطالبا المجتمع الدولي بالوقوف بجانب الشعب، ومساعدته في تجاوز معاناته المستمرة منذ سنوات طويلة، مؤكدين أنه حان الوقت ليحظى بمستقبل مشرق يسوده الأمن والاستقرار والازدهار.

وفيما يخص لبنان، أكدا أهمية المحافظة على اتفاق وقف إطلاق النار، والتوصل لتسوية سياسية وفقاً للقرار 1701. كما اتفقا على ضرورة تجاوزه لأزمته السياسية، وانتخاب رئيس قادر على القيام بالإصلاحات الاقتصادية اللازمة.

ولي العهد السعودي يصافح الوفد المرافق لرئيس الوزراء البريطاني (واس)

وبشأن اليمن، أكد الجانبان دعمهما الكامل لمجلس القيادة الرئاسي، وأهمية دعم الجهود الأممية والإقليمية للتوصل لحلٍ سياسيٍ شاملٍ للأزمة اليمنية، وضمان أمن البحر الأحمر لتحقيق استقرار الاقتصاد العالمي.

وحول الأوضاع السودانية، أكدا أهمية البناء على «إعلان جدة» بشأن الالتزام بحماية المدنيين في السودان عبر مواصلة الحوار لتحقيق وقف كامل لإطلاق النار، وحل الأزمة، ورفع المعاناة عن شعبه، والمحافظة على وحدة البلاد، وسيادتها، ومؤسساتها الوطنية.

ورحّب الجانبان باستمرار التواصل بين البلدين بشأن الحرب في أوكرانيا، مؤكدين أهمية بذل كل الجهود الممكنة لتحقيق السلام العادل والمستدام الذي يحترم السيادة والسلامة الإقليمية بما يتماشى مع ميثاق الأمم المتحدة.

جانب من مراسم الاستقبال الرسمية لرئيس الوزراء البريطاني في قصر اليمامة بالرياض (واس)