المتحدث باسم وزارة الدفاع التونسية ينفي وجود صفقة عسكرية مع روسيا

أنصار إمام معزول يمنعون إقامة صلاة الجمعة للأسبوع الثالث على التوالي

المتحدث باسم وزارة الدفاع التونسية ينفي وجود صفقة عسكرية مع روسيا
TT

المتحدث باسم وزارة الدفاع التونسية ينفي وجود صفقة عسكرية مع روسيا

المتحدث باسم وزارة الدفاع التونسية ينفي وجود صفقة عسكرية مع روسيا

فند بلحسن الوسلاتي المتحدث باسم وزارة الدفاع التونسية، الأنباء التي تحدثت عن وجود صفقة عسكرية تطبخ على نار هادئة وفي سرية تامة بين تونس وروسيا لاقتناء معدات عسكرية روسية. وأكد في المقابل أن بلاده مهتمة بكل العروض التي تدعم جهودها في مكافحة الإرهاب، وأنها منفتحة على عدة بلدان تدعم هذه التوجه الدولي.
وتسربت هذه الأخبار بعد التدخل الروسي في سوريا، ودعوة عدة منظمات إلى ضرورة التنسيق مع روسيا في حربها ضد الإرهاب والمجموعات المتطرفة في سوريا. كما دعت إلى مد العسكريين الروس بكل المعلومات المتوفرة لدى تونس بخصوص نحو ثمانية آلاف مقاتل تونسي على الجبهة السورية، في حال عدم القدرة على الذهاب إلى الإرهابيين التونسيين في بؤر التوتر، وعوضا عن انتظار عودتهم مدربين على فنون القتال إلى تونس.
وفي المقابل، قال الوسلاتي إن تونس تنتظر تسلّم مروحيات قتالية من نوع «بلاك هوك» من الولايات المتحدة الأميركية نهاية السنة المقبلة، موضحا أن هذه المعدات تندرج ضمن صفقة عسكرية مبرمة بين البلدين، هدفها تعزيز قدرات الجيش التونسي في حربه على الإرهاب.
وأضاف في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «الصفقة مع الأميركيين تشمل أيضًا برنامجا تدريبيا لإعداد طيارين لهم القدرة على التدخّل في مناطق محددة بدقة متناهية».
وأكد بلحسن الوسلاتي على هامش مؤتمر دولي، عقد بتونس العاصمة حول إطلاق المؤشر الحكومي لمكافحة الفساد في قطاع الدفاع، أن وزارة الدفاع اتخذت كل الإجراءات الضرورية على حدودها الشرقية مع ليبيا من خلال وضع كتيبة عسكرية وأمنية أوكلت لها مهمة التصدي لأي خطر إرهابي، كما حفرت خنادق على الحدود ستكون جاهزة نهاية السنة الحالية، وهي في طريقها لتركيز منظومة مراقبة إلكترونية إذا ما توفر الدعم المالي الدولي لتنفيذ هذه العملية الوقائية المهمة.
من ناحية أخرى، أشرف الرؤساء الثلاثة الباجي قائد السبسي رئيس الجمهورية، والحبيب الصيد رئيس الحكومة، ومحمد الناصر رئيس البرلمان، على افتتاح السنة القضائية الجديدة. وحضر موكب الافتتاح أعضاء الحكومة وعدد من نواب البرلمان، وممثلو الهيئات الوطنية ومنظمات دولية، وممثلون عن بعثات دبلوماسية معتمدة في تونس ووفد عن محكمة التعقيب الفرنسية.
وأكد خالد العياري، الرئيس الأول لمحكمة التعقيب ورئيس الهيئة الوقتية للقضاء العدلي، على ضرورة تركيز المؤسسات الدستورية، وأهمها المجلس الأعلى للقضاء، والمحكمة الدستورية الضامنة لاستقلالية وحياد القضاء لضمان أهمية الدستور كأساس لبناء النظام الديمقراطي في البلاد. إلا أن هيئات قضائية دعت إلى مقاطعة هذا الحفل في ظل غياب أهم المؤسسات الدستورية، لكن روضة القرافي، رئيسة جمعية القضاة التونسيين، أكدت في تصريح أن حضور هذا الحفل «لا يتعارض مع مواصلة السلطة القضائية نضالها الميداني المبدئي لتكريس جودة العدالة»، على حد تعبيرها.
من جهة ثانية، منع أنصار إمام مثير للجدل عزلته السلطات مؤخرا إقامة صلاة الجمعة أمس في جامع سيدي اللخمي بمدينة صفاقس (وسط شرق)، للأسبوع الثالث على التوالي، وطالبوا بإعادته. وكما حصل في الأسبوعين السابقين، فقد منع أنصار رضا الجوادي إماما جديدا عينته وزارة الشؤون الدينية من اعتلاء المنبر وإلقاء خطبة الجمعة. وعندما همّ الإمام الجديد باعتلاء المنبر، شرع مئات من أنصار الإمام المعزول بالهتاف بصوت واحد «الله أكبر»، ما اضطر الإمام إلى الانسحاب.
وتجمع هؤلاء لاحقا أمام مقر «المنظمة التونسية للشغل» (نقابة عمال)، وشرعوا في ترديد شعارات مناهضة لوزير الشؤون الدينية عثمان بطيخ، وخطب أحد المتظاهرين في البقية قائلا: «نريد توجيه رسالة إلى رئيس الحكومة الحبيب الصيد، نقول له فيها إنه يتعين الحفاظ على الهدوء في صفاقس. والقرارات القمعية والظالمة لا تحقق السلم في هذه المدينة».
وكانت وزارة الشؤون الدينية في حكومة الترويكا قد عينت في 2012 رضا الجوادي إمام جمعة في جامع سيدي اللخمي، الذي يعد أكبر جامع في صفاقس. وقد عزلته الوزارة في سبتمبر (أيلول) الماضي بسبب تنظيمه «اجتماعات نقابية» في الجامع. ومساء الخميس أطلقت السلطات سراح الجوادي مع آخرين بعد أن جرى توقيفهم الثلاثاء بتهمة «جمع أموال من دون ترخيص (قانوني) في جامع سيدي اللخمي»، على أن يمثلوا لاحقا أمام القضاء. وقد أعلن مسؤول بوزارة الشؤون الدينية في تصريح للإذاعة الرسمية، أن الملاحقين في هذه القضية جمعوا تبرعات من المصلين، وأموالا من مواطنين مقابل «إشهار عقود الزواج بالجامع وهذا مخالف للقانون»، مضيفا أن هؤلاء تصرفوا في الجامع و«كأنه ملك خاص»، وقاموا بـ«بيع ممتلكات الجامع» من دون علم الوزارة و«كأننا بدولة داخل الدولة». لكن رضا الجوادي قال بعيد الإفراج عنه، إن التهم الموجهة إليه «كيدية».



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.