تسوية مرحلية لأزمة النفايات في لبنان تراعي الشروط الصحية والبيئية.. والمحاصصة الطائفية

وزير الزراعة يقدر حجم غير المطمورة منها بمائة ألف طن

تسوية مرحلية لأزمة النفايات في لبنان تراعي الشروط الصحية والبيئية.. والمحاصصة الطائفية
TT

تسوية مرحلية لأزمة النفايات في لبنان تراعي الشروط الصحية والبيئية.. والمحاصصة الطائفية

تسوية مرحلية لأزمة النفايات في لبنان تراعي الشروط الصحية والبيئية.. والمحاصصة الطائفية

يبدو أن أزمة النفايات التي يرزح لبنان تحت وطأتها منذ يوليو (تموز) الماضي شارفت على الانتهاء مع تحديد مواقع لمطامر صحية ستستوعب النفايات لمرحلة انتقالية على أن يتم اعتماد مبدأ لا مركزية الحل في المرحلة المستدامة. إلا أن هذه الأزمة أسدلت في الساعات القليلة الماضية الستار عن فيدرالية طائفية غير معلنة تتحكم بالبلد وبملفات حيوية لا يمكن أن تجد طريقها للحل إلا بموافقة كل زعماء الطوائف دون استثناء على أدق تفاصيلها.
نجح المعنيون بإيجاد حل لأزمة النفايات بالقفز فوق لغم طائفي كاد يفجّر الخطة التي وضعها وزير الزراعة أكرم شهيب ووافقت عليها الحكومة، بعدما أصر الفرقاء المسيحيون على رفض تحديد موقع لمطمر في مناطقهم «باعتبار أن الخطة الأساسية لم تكن تلحظ بندا مماثلا، كما أن مطمر برج حمود (الموجود في منطقة ذات أكثرية مسيحية) استوعب نفايات معظم المناطق اللبنانية طوال 25 عاما».
وقال وزير الصحة وائل أبو فاعور لـ«الشرق الأوسط» بأن العقدة التي طرأت في الساعات الماضية لجهة تحديد موقع مطمر جديد يستوعب نفايات مناطق كسروان وجبيل وضواحي بيروت (وهي مناطق ذات أكثرية مسيحية)، تم حلها تقريبا من خلال الاتفاق على استيعاب مطمري الشمال والجنوب هذه النفايات. ورجّح الوزير الذي يتابع عن كثب آخر التطورات في هذا الملف أن يتم عقد جلسة لمجلس الوزراء الاثنين المقبل للتصديق على الاتفاق وتحديد الخطوات التنفيذية.
وتقوم الخطة التي سيتم اعتمادها لحل الأزمة والمعروفة باسم «خطة شهيب» على مرحلتين، الأولى انتقالية تقضي برفع النفايات المكدسة في الشوارع ومعالجتها، والثانية مستدامة تهدف إلى تكريس مبدأ لا مركزية الحل وإعطاء السلطات المحلية الدور الأساس. وتلحظ الخطة تحويل مبالغ من الأموال لإنماء المناطق التي سوف تستوعب النفايات والحرص على أن يتم طمرها بعد مراعاة الشروط البيئية.
وكشف وزير الزراعة في الساعات الماضية عن «أرقام مخيفة» نتيجة استمرار الأزمة منذ أكثر من مائة يوم، لافتا إلى أن هناك ما يناهز المائة ألف طن من النفايات منتشرة من دون طمر، ونحو مائة ألف طن أخرى طمرت بين البحر وجدار المطار، كما أحرق ما بين 10 و12 ألف طن.
واتخذ الملف منحى طائفيا خطيرا بعد سعي المعنيين بالملف إلى رمي الكرة في الملعب المسيحي مطالبين الزعماء المسيحيين بتحديد موقع لمطمر يستوعب نفايات المناطق المسيحية، باعتبار أن تيار «المستقبل» تكفّل باستيعاب مطمر سرار في منطقة عكار شمال البلاد قسما من النفايات، فيما تكفّل حزب الله وحركة «أمل» بأن يستقبل أحد المواقع جنوب البلاد القسم الآخر، بعد أن وافق الزعيم الدرزي وليد جنبلاط على فتح مطمر الناعمة لأيام معدودة لاستيعاب النفايات المتراكمة على الطرقات.
وشدّد وزير العمل سجعان قزي على أن «عقدة النفايات لم تكن يوما مسيحية بل تندرج بإطار صراع سياسي سني - شيعي»، معتبرا أن «هناك من يريد نقل المشكلة إلى المناطق المسيحية بعدما وصل الملف أمام حائط مسدود بين البقاع وسرار».
وقال قزي في حديث إذاعي: «لا إشكالية لدى المناطق المسيحية بأن تكون شريكة في أي حل صحي بيئي، ولنتذكر أننا تحملنا في برج حمود وحدنا نفايات كل لبنان لـ25 عاما، علما بأن هذه المنطقة هي جزء لا يتجزأ من المنطقة المسيحية ألا وهو المتن الشمالي».
بدوره، أشار وزير التربية إلياس بو صعب إلى أن الوزير شهيب طرح عليه أن يهتم قضاء المتن وكسروان بنفاياتهما بعد أن تم التوافق في بقية المناطق: «لكنه سرعان ما عاد عن طرحه خلال ساعات المساء».
ونفى بو صعب، في حديث إذاعي أن يكون حل أزمة النفايات قريبا، مرجعًا السبب لـ«مافيا النفايات التي تبدو أقوى من قرارات مجلس الوزراء».
ويُنتظر أن يحدد الحراك المدني في الساعات القليلة المقبلة خطواته الجديدة للتعامل مع الملف خاصة بعد دخوله بحسب الناشط في حملة «طلعت ريحتكم» عماد بزي في إطار المحاصصة الطائفية بعدما دخل منذ فترة في منطق المحاصصة السياسية.
وقال بزي لـ«الشرق الأوسط»: «كنا نتوقع أن يصل الأمر بالطبقة السياسية لتقسيم النفايات طائفيا وحزبيا، وهذا أمر مرفوض جملة وتفصيلا وسنكون بالمرصاد للتصدي له».



رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
TT

رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

حظيت رسائل «طمأنة» جديدة أطلقها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال احتفال الأقباط بـ«عيد الميلاد»، وأكد فيها «قوة الدولة وصلابتها»، في مواجهة أوضاع إقليمية متوترة، بتفاعل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي.

وقال السيسي، خلال مشاركته في احتفال الأقباط بعيد الميلاد مساء الاثنين، إنه «يتابع كل الأمور... القلق ربما يكون مبرراً»، لكنه أشار إلى قلق مشابه في الأعوام الماضية قبل أن «تمر الأمور بسلام».

وأضاف السيسي: «ليس معنى هذا أننا كمصريين لا نأخذ بالأسباب لحماية بلدنا، وأول حماية فيها هي محبتنا لبعضنا، ومخزون المحبة ورصيدها بين المصريين يزيد يوماً بعد يوم وهو أمر يجب وضعه في الاعتبار».

السيسي يحيّي بعض الأقباط لدى وصوله إلى قداس عيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

وللمرة الثانية خلال أقل من شهر، تحدث الرئيس المصري عن «نزاهته المالية» وعدم تورطه في «قتل أحد» منذ توليه المسؤولية، قائلاً إن «يده لم تتلوث بدم أحد، ولم يأخذ أموال أحد»، وتبعاً لذلك «فلا خوف على مصر»، على حد تعبيره.

ومنتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي، قال السيسي في لقاء مع إعلاميين، إن «يديه لم تتلطخا بالدم كما لم تأخذا مال أحد»، في إطار حديثه عن التغييرات التي تعيشها المنطقة، عقب رحيل نظام بشار الأسد.

واختتم السيسي كلمته بكاتدرائية «ميلاد المسيح» في العاصمة الجديدة، قائلاً إن «مصر دولة كبيرة»، مشيراً إلى أن «الأيام القادمة ستكون أفضل من الماضية».

العبارة الأخيرة، التي كررها الرئيس المصري ثلاثاً، التقطتها سريعاً صفحات التواصل الاجتماعي، وتصدر هاشتاغ (#مصر_دولة_كبيرة_أوي) «التريند» في مصر، كما تصدرت العبارة محركات البحث.

وقال الإعلامي المصري، أحمد موسى، إن مشهد الرئيس في كاتدرائية ميلاد المسيح «يُبكي أعداء الوطن» لكونه دلالة على وحدة المصريين، لافتاً إلى أن عبارة «مصر دولة كبيرة» رسالة إلى عدم مقارنتها بدول أخرى.

وأشار الإعلامي والمدون لؤي الخطيب، إلى أن «التريند رقم 1 في مصر هو عبارة (#مصر_دولة_كبيرة_أوي)»، لافتاً إلى أنها رسالة مهمة موجهة إلى من يتحدثون عن سقوط أو محاولة إسقاط مصر، مبيناً أن هؤلاء يحتاجون إلى التفكير مجدداً بعد حديث الرئيس، مؤكداً أن مصر ليست سهلة بقوة شعبها ووعيه.

برلمانيون مصريون توقفوا أيضاً أمام عبارة السيسي، وعلق عضو مجلس النواب، محمود بدر، عليها عبر منشور بحسابه على «إكس»، موضحاً أن ملخص كلام الرئيس يشير إلى أنه رغم الأوضاع الإقليمية المعقدة، ورغم كل محاولات التهديد، والقلق المبرر والمشروع، فإن مصر دولة كبيرة وتستطيع أن تحافظ علي أمنها القومي وعلى سلامة شعبها.

وثمّن عضو مجلس النواب مصطفى بكري، كلمات السيسي، خاصة التي دعا من خلالها المصريين إلى التكاتف والوحدة، لافتاً عبر حسابه على منصة «إكس»، إلى مشاركته في الاحتفال بعيد الميلاد الجديد بحضور السيسي.

وربط مصريون بين عبارة «مصر دولة كبيرة» وما ردده السيسي قبل سنوات لقادة «الإخوان» عندما أكد لهم أن «الجيش المصري حاجة كبيرة»، لافتين إلى أن كلماته تحمل التحذير نفسه، في ظل ظهور «دعوات إخوانية تحرض على إسقاط مصر

وفي مقابل الكثير من «التدوينات المؤيدة» ظهرت «تدوينات معارضة»، أشارت إلى ما عدته تعبيراً عن «أزمات وقلق» لدى السلطات المصرية إزاء الأوضاع الإقليمية المتأزمة، وهو ما عدّه ناجي الشهابي، رئيس حزب «الجيل» الديمقراطي، قلقاً مشروعاً بسبب ما تشهده المنطقة، مبيناً أن الرئيس «مدرك للقلق الذي يشعر به المصريون».

وأوضح الشهابي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أنه «رغم أن كثيراً من الآراء المعارضة تعود إلى جماعة الإخوان وأنصارها، الذين انتعشت آمالهم بعد سقوط النظام السوري، فإن المصريين يمتلكون الوعي والفهم اللذين يمكنّانهم من التصدي لكل الشرور التي تهدد الوطن، ويستطيعون التغلب على التحديات التي تواجههم، ومن خلفهم يوجد الجيش المصري، الأقوى في المنطقة».

وتصنّف السلطات المصرية «الإخوان» «جماعة إرهابية» منذ عام 2013، حيث يقبع معظم قيادات «الإخوان»، وفي مقدمتهم المرشد العام محمد بديع، داخل السجون المصرية، بعد إدانتهم في قضايا عنف وقتل وقعت بمصر بعد رحيل «الإخوان» عن السلطة في العام نفسه، بينما يوجد آخرون هاربون في الخارج مطلوبون للقضاء المصري.

بينما عدّ العديد من الرواد أن كلمات الرئيس تطمئنهم وهي رسالة في الوقت نفسه إلى «المتآمرين» على مصر.