الوساطة الأفريقية تعلق المفاوضات بين الخرطوم والحركة الشعبية

وزير الخارجية السوداني إلى القاهرة للقاء العربي

علي كرتي
علي كرتي
TT

الوساطة الأفريقية تعلق المفاوضات بين الخرطوم والحركة الشعبية

علي كرتي
علي كرتي

يصل وزير الخارجية السوداني علي كرتي إلى العاصمة المصرية القاهرة اليوم في زيارة رسمية لبحث القضايا الثنائية بين الدولتين وقضايا إقليمية، وفي الوقت ذاته أعلنت الوساطة الأفريقية عن تعليق المفاوضات بين الحكومة السودانية والحركة الشعبية - الشمال إلى أجل غير مسمى، بسبب استحالة تقريب وجهات نظر الطرفين.
وقالت وساطة الاتحاد الأفريقي التي يرأسها ثابو مبيكي إنها علقت المفاوضات بين الحكومة السودانية والحركة الشعبية - الشمال دون تحديد مواعيد جديدة لاستئنافها مجددا.
وذكرت في بيان أمس أن إحداث تقارب بين مواقف الطرفين أمر مستحيل، وأعلنت عن إحالة القضية لمجلس السلم والأمن الأفريقي، ودعت في بيانها إلى استصحاب قضية المنطقتين في الحوار السوداني الداخلي الذي دعا إليه الرئيس السوداني عمر البشير رئيس حزب المؤتمر الوطني الحاكم.
وجاء في البيان أن الوساطة رأت استحالة التقارب بين الطرفين، وأعلنت عن لجوئها إلى مجلس السلم والأمن الأفريقي للبت في القضية، بينما دعت الطرفين لمواصلة الحوار.
وأقرت الوساطة الأفريقية بحق الحركة الشعبية في تقديم ورقة غير مطابقة لورقتها باعتبار أن ورقة الوساطة غير ملزمة للطرفين.
وأنهت الوساطة الأفريقية رفيعة المستوى الاجتماع المشترك الذي ضم وفدي التفاوض بعد الاستماع للردود النهائية لكل طرف حول ورقة الآخر، وأبلغت الوساطة الطرفين - حسبما نقل موقع «شروق نت» عن مصادر - أنها «لا تملك خيارا غير الذي قدم للطرفين». وعبرت عن خيبة أملها للتباعد الكبير في الرؤى والأفكار، ورجحت أن تدفع الوساطة بالقضية للمجلس السلم الأفريقي ومجلس الأمن الدولي لمراجعة القرارات الخاصة بقضيتي النيل الأزرق وجنوب كردفان.
وقال وفد الحكومة السودانية المفاوض في بيان حصلت عليه «الشرق الأوسط» إنه يعطي الوقف الشامل لإطلاق النار والبدء فورا في تنفيذ الاتفاقية الثلاثية المتعلقة بالشأن الإنساني وإغاثة المحتاجين فورا أولوية قصوى، في الوقت الذي تطالب فيه الحركة الشعبية بوقف إطلاق نار مؤقت دون الاتفاق على الحل النهائي.
واتهم الوفد الحكومي في بيانه الحركة الشعبية بأنها تتجنب الردود والتجاوب مع المقترحات المقدمة من الوساطة، ووصف ما تطالب به بأنه لا علاقة له بمقترح الآلية الأفريقية شكلا ومضمونا، وأنه الذي أوصل المفاوضات إلى طريق مسدود.
واتهمها بأنها «نصبت نفسها وصيا على أهل السودان، بإصرارها على طرح كل قضاياه القومية في المنابر الخارجية، تجاوزا للسيادة والإرادة الوطنية، ودون تفويض من الشعب السوداني، وإغفالها عن عمد لدعوة الحوار التي انطلقت في السودان، والتي انخرطت فيها وبفعالية غالب القوي السياسية»، حسب ما نص عليه البيان.
وطالبت الحركة الشعبية في ردها على الوساطة بالاعتراف بها كحزب قانوني، وعقد مؤتمر تحضيري للحوار بين الأحزاب في أديس أبابا، والوصول إلى وقف عدائيات إنسانية، وطالبت الآلية الأفريقية رفيعة المستوى والممثل الخاص المشترك للأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي بدارفور رئيس بعثة اليوناميد وكبير الوسطاء وممثل رئيس الهيئة الحكومية ورئيس الوزراء الإثيوبي وممثل الأمين العام للأمم المتحدة لدولتي السودان وجنوب السودان لتسهيل عملية دستورية وطنية بقيادة سودانية تضم كل الأطراف السودانية المعنية المشاركة.
وفي سياق آخر، قالت وزارة الخارجية السودانية إن الوزير علي كرتي سيتوجه اليوم إلى العاصمة المصرية القاهرة، في زيارة رسمية ليوم واحد، بدعوة من وزير الخارجية المصري نبيل فهمي.
وذكرت في نشرة صحافية حصلت عليها «الشرق الأوسط» أن وزير الخارجية علي كرتي سيجري خلال الزيارة مباحثات متعقلة بالقضايا الثنائية بين البلدين، وقضايا إقليمية أخرى ذات اهتمام مشترك.
وأكدت الوزارة حسب النشرة حرص السودان على استقرار مصر ورفاهية شعبها، باعتبار أن ذلك من استقرار السودان ورفاهية شعبه، وأشارت إلى ما سمته «الدور الإيجابي لمصر» في استقرار المنطقتين العربية والأفريقية والسلم الدولي.
وقالت الخارجية إن وزير الخارجية علي كرتي سيجري مع نظيره المصري مباحثات تتصل بالعلاقات الثنائية، وكل ما من شأنه تعزيز وتقوية الروابط الأخوية المتينة بين البلدين الشقيقين، إلى جانب القضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك.
يشار إلى أن زيارة وزير الخارجية السوداني للقاهرة تأجلت أكثر من مرة، دون إبداء أسباب، وكان مقررا من قبل زهاء أسبوعين أن يزور الوزير كرتي القاهرة، بيد أن وزير الدفاع عبد الرحيم محمد حسين زار القاهرة فجأة والتقى نظيره المصري المشير عبد الفتاح السيسي، في الوقت الذي أجلت فيه زيارة كرتي بعد أن أعلن عنها في كلا البلدين.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.