لبنان: ناشطو الحراك المدني اعتصموا بـ«الشارات البيضاء» للمطالبة بحلّ بيئي لأزمة النفايات

دعوا اليوم إلى مسيرة سلمية من منطقة المتحف إلى عين المريسة في بيروت

لبنان: ناشطو الحراك المدني اعتصموا بـ«الشارات البيضاء» للمطالبة بحلّ بيئي لأزمة النفايات
TT

لبنان: ناشطو الحراك المدني اعتصموا بـ«الشارات البيضاء» للمطالبة بحلّ بيئي لأزمة النفايات

لبنان: ناشطو الحراك المدني اعتصموا بـ«الشارات البيضاء» للمطالبة بحلّ بيئي لأزمة النفايات

اختار ناشطو المجتمع المدني والمتضامنون مع حملة «طلعت ريحتكم» «الشارة البيضاء» للتعبير عن إصرارهم على تحقيق مطالبهم بإيجاد حلول لأزمة النفايات المتفاقمة وإزالتها من الشوارع ضمن شروط بيئية وصحية، وذلك، بعد سلسة من التحركات والتظاهرات التي لم تثمر إلا عن وعود من قبل الحكومة، ولم يتوافق وزراؤها لغاية الآن، على اعتماد مطامر في مختلف المناطق اللبنانية.
ولبّى يوم أمس، عدد كبير من اللبنانيين، ولا سيما الشباب منهم، دعوة حملة «طلعت ريحتكم» بوضع شريطة بيضاء في اليد، فيما أطلقت عليه «يوم الشريط الأبيض»، داعية كذلك اللبنانيين إلى عدم الذهاب إلى أعمالهم. ويقول الناشط بحملة «طلعت ريحتكم» أسعد ذبيان إن «الشعب اللبناني استجاب لدعوة الحملة بشكل كبير»، مشيرا إلى أن «وسائل التواصل الاجتماعي خير دليل على إثبات المشاركة الواسعة التي حصلت تلبية لدعوتنا، وهناك 4 مدارس أقفلت أبوابها يوم أمس».
ووزّع الناشطون الشارات عند مداخل بيروت وفي مناطق عدة لا سيما في مستديرة الدورة وساحة ساسين وتقاطع الكولا إضافة إلى شارع الحمراء الرئيس وفي منطقة خلدة تحت الجسر، كما أقام الناشطون وللغاية عينها حواجز في ساحة عبد الحميد كرامي بمدينة طرابلس في الشمال وفي ساحة حمانا ومستديرة عالية إضافة إلى دوار بعقلين، في الشوف.
ولفت ذبيان في حديثه لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «ما قامت به (طلعت ريحتكم) هي مبادرة فردية، أردنا من خلالها إيصال رسالتنا، وهي أن نضع شارة بيضاء في أيام سوداء يعيشها المواطن اللبناني في أصغر تفاصيل حقوقه، بعد أن أرادت الحكومة اللبنانية أن تجعل حياته سوداء بلون أكياس النفايات كي يتعايش مع الظروف المأساوية التي يمر بها وطنه».
واستكمالا لتحركاتها السلمية، ومع بدء فصل الشتاء وازدياد المخاطر التي تهدد صحة اللبنانيين في ظل استمرار هذه الأزمة، دعت حملة «طلعت ريحتكم» الشعب اللبناني إلى مسيرة، اليوم الخميس، من منطقة المتحف إلى عين المريسة في بيروت، تنديدًا بمشهد النفايات التي غرق بها لبنان بعد الأمطار في اليومين الأخيرين، وكي تثبت أن الحراك المدني لا يزال موجودا ومستمرا حتى تحقيق المطالب واتخاذ قرارات تثبت أنّ الحكومة اللبنانية جدية في معالجة هذا الملف.
وفي هذا الإطار، قال ذبيان «في مسيرة الخميس، سنخرج سلميّين وسنرتدي القمصان البيضاء»، مؤكدا «رسالتنا موجهة إلى السلطات السياسية التي تدير البلاد حاليا ونريد إيصال صوتنا إليها لأنها فاشلة وفاسدة وأنها أخفقت في حل أزمة النفايات التي تحولت مع الأمطار إلى كارثة بيئية وصحية حقيقية».
وقالت الناشطة في الحراك المدني كارن أبو عمو، في مجموعة «طلعت ريحتكم»: «لسنا حزبيين، بل نحن خليط من شباب يؤمن بضرورة إحداث تغيير إيجابي، يحقق مطلبا اجتماعيا واضحا وهو إسقاط (بلطجية) النفايات». وأضافت: «اليوم لا نعمل من أجل إسقاط حكومة فلا حجة لأحد أن يتهمنا بالتخريب، الجميع يعاني من أزمة النفايات وعلى الشعب اللبناني أن يدفع السلطة (الفاسدة) لإيجاد حل فوري ومستدام لها».



الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
TT

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)

يتضاعف خطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية، وانهيار سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، بفعل الحرب الحوثية على الموارد الرئيسية للبلاد، وتوسيع دائرة الصراع إلى خارج الحدود، في حين تتزايد الدعوات إلى اللجوء للتنمية المستدامة، والبحث عن حلول من الداخل.

وبينما تتوالي التحذيرات من تعاظم احتياجات السكان إلى المساعدات الإنسانية خلال الأشهر المقبلة، تواجه الحكومة اليمنية تحديات صعبة في إدارة الأمن الغذائي، وتوفير الخدمات للسكان في مناطق سيطرتها، خصوصاً بعد تراجع المساعدات الإغاثية الدولية والأممية خلال الأشهر الماضية، ما زاد من التعقيدات التي تعاني منها بفعل توقف عدد من الموارد التي كانت تعتمد عليها في سد الكثير من الفجوات الغذائية والخدمية.

ورجحت شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة حدوث ارتفاع في عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في اليمن في ظل استمرار التدهور الاقتصادي في البلاد، حيث لا تزال العائلات تعاني من التأثيرات طويلة الأجل للصراع المطول، بما في ذلك الظروف الاقتصادية الكلية السيئة للغاية، بينما تستمر بيئة الأعمال في التآكل بسبب نقص العملة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وانخفاض قيمة العملة والتضخم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

وبحسب توقعات الأمن الغذائي خلال الستة أشهر المقبلة، فإنه وبفعل الظروف الاقتصادية السيئة، وانخفاض فرص كسب الدخل المحدودة، ستواجه ملايين العائلات، فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء وحالة انعدام الأمن الغذائي الحاد واسعة النطاق على مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي) أو حالة الطوارئ (المرحلة الرابعة) في مناطق نفوذ الحكومة الشرعية.

انهيار العملة المحلية أسهم مع تراجع المساعدات الإغاثية في تراجع الأمن الغذائي باليمن (البنك الدولي)

يشدد الأكاديمي محمد قحطان، أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، على ضرورة وجود إرادة سياسية حازمة لمواجهة أسباب الانهيار الاقتصادي وتهاوي العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، منوهاً إلى أن عائدات صادرات النفط والغاز كانت تغطي 70 في المائة من الإنفاق العام في الموازنة العامة، وهو ما يؤكد أهميتها في تشغيل مؤسسات الدولة.

ويضيف قحطان في حديث خص به «الشرق الأوسط» أن وقف هذه الصادرات يضع الحكومة في حالة عجز عن الوفاء بالتزاماتها، بالتضافر مع أسباب أخرى منها الفساد والتسيب الوظيفي في أهم المؤسسات الحكومية، وعدم وصول إيرادات مؤسسات الدولة إلى البنك المركزي، والمضاربة بالعملات الأجنبية وتسريبها إلى الخارج، واستيراد مشتقات الوقود بدلاً من تكرير النفط داخلياً.

أدوات الإصلاح

طبقاً لخبراء اقتصاديين، تنذر الإخفاقات في إدارة الموارد السيادية ورفد خزينة الدولة بها، والفشل في إدارة أسعار صرف العملات الأجنبية، بآثار كارثية على سعر العملة المحلية، والتوجه إلى تمويل النفقات الحكومية من مصادر تضخمية مثل الإصدار النقدي.

توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

ويلفت الأكاديمي قحطان إلى أن استيراد مشتقات الوقود من الخارج لتغطية حاجة السوق اليمنية من دون مادة الأسفلت يكلف الدولة أكثر من 3.5 مليار دولار في السنة، بينما في حالة تكرير النفط المنتج محلياً سيتم توفير هذا المبلغ لدعم ميزان المدفوعات، وتوفير احتياجات البلاد من الأسفلت لتعبيد الطرقات عوض استيرادها، وأيضاً تحصيل إيرادات مقابل بيع الوقود داخلياً.

وسيتبع ذلك إمكانية إدارة البنك المركزي لتلك المبالغ لدعم العرض النقدي من العملات الأجنبية، ومواجهة الطلب بأريحية تامة دون ضغوط للطلب عليها، ولن يكون بحاجة إلى بيع دولارات لتغطية الرواتب، كما يحدث حالياً، وسيتمكن من سحب فائض السيولة النقدية، ما سيعيد للاقتصاد توازنه، وتتعافى العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وهو ما سيسهم في استعادة جزء من القدرة الشرائية المفقودة للسكان.

ودعا الحكومة إلى خفض نفقاتها الداخلية والخارجية ومواجهة الفساد في الأوعية الإيرادية لإحداث تحول سريع من حالة الركود التضخمي إلى حالة الانتعاش الاقتصادي، ومواجهة البيئة الطاردة للاستثمارات ورجال الأعمال اليمنيين، مع الأهمية القصوى لعودة كل منتسبي الدولة للاستقرار داخل البلاد، وأداء مهاهم من مواقعهم.

الحكومة اليمنية تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين لوقف حصار تصدير النفط (سبأ)

ويؤكد مصدر حكومي يمني لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة باتت تدرك الأخطاء التي تراكمت خلال السنوات الماضية، مثل تسرب الكثير من أموال المساعدات الدولية والودائع السعودية في البنك المركزي إلى قنوات لإنتاج حلول مؤقتة، بدلاً من استثمارها في مشاريع للتنمية المستدامة، إلا أن معالجة تلك الأخطاء لم تعد سهلة حالياً.

الحل بالتنمية المستدامة

وفقاً للمصدر الذي فضل التحفظ على بياناته، لعدم امتلاكه صلاحية الحديث لوسائل الإعلام، فإن النقاشات الحكومية الحالية تبحث في كيفية الحصول على مساعدات خارجية جديدة لتحقيق تنمية مستدامة، بالشراكة وتحت إشراف الجهات الممولة، لضمان نجاح تلك المشروعات.

إلا أنه اعترف بصعوبة حدوث ذلك، وهو ما يدفع الحكومة إلى المطالبة بإلحاح للضغط من أجل تمكينها من الموارد الرئيسية، ومنها تصدير النفط.

واعترف المصدر أيضاً بصعوبة موافقة المجتمع الدولي على الضغط على الجماعة الحوثية لوقف حصارها المفروض على تصدير النفط، نظراً لتعنتها وشروطها صعبة التنفيذ من جهة، وإمكانية تصعيدها العسكري لفرض تلك الشروط في وقت يتوقع فيه حدوث تقدم في مشاورات السلام، من جهة ثانية.

تحذيرات من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد (أ.ف.ب)

وقدمت الحكومة اليمنية، أواخر الشهر الماضي، رؤية شاملة إلى البنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات القائمة لتتوافق مع الاحتياجات الراهنة، مطالبةً في الوقت ذاته بزيادة المخصصات المالية المخصصة للبلاد في الدورة الجديدة.

وكان البنك الدولي توقع في تقرير له هذا الشهر، انكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة واحد في المائة هذا العام، بعد انخفاضه بنسبة 2 في المائة العام الماضي، بما يؤدي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج الحقيقي.

ويعاني أكثر من 60 في المائة من السكان من ضعف قدرتهم على الحصول على الغذاء الكافي، وفقاً للبنك الدولي، بسبب استمرار الحصار الذي فرضته الجماعة الحوثية على صادرات النفط، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات المالية للحكومة بنسبة 42 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، وترتب على ذلك عجزها عن تقديم الخدمات الأساسية للسكان.

وأبدى البنك قلقه من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد، وتفاقم الأزمات الاجتماعية والإنسانية.