ينكب الائتلاف الوطني لقوى المعارضة السورية والجيش الحر، حاليا على إعادة هيكلة المجلس العسكري المجمّد، ويتم عقد اجتماعات متسارعة ودورية لهذا الغرض بعد تعثر كل الجهود السابقة في هذا المجال، وهو ما أشار إليه أسامة أبو زيد، المستشار القانوني للجيش الحر، الذي أكد لـ«الشرق الأوسط»، إنجاز خطوات مهمة في مسار إعادة الهيكلة، لافتا إلى أن المجلس المرتقب «سيضم كل الفصائل المعتدلة دون استثناء وسيتم الإعلان عنه خلال فترة قريبة».
ولا تتعاطى المعارضة السورية الغائبة، كما النظام، عن الاجتماعات الدولية المتواصلة لحل الأزمة السورية، بسلبية مع هذا الحراك المتصاعد، لاقتناعها بأن أي حل لا تشارك فيه كل القوى الإقليمية والدولية المتصارعة لن يلقى طريقه إلى التنفيذ، لذلك تراها منصرفة لإعادة ترتيب صفوفها ترقبا للتسوية المقبلة التي تسعى لأن تلعب فيها دورا أساسيا، خاصة بعد إصرار موسكو على تعويم شخصيات معارضة مقربة منها والتسويق للقاءات تجريها مع قياديين في الجيش الحر، بإطار بحثها عن «معارضين معتدلين».
وتراجع دور الائتلاف السوري المعارض، وهو الممثل الأساسي لقوى المعارضة بحسب دول مجموعة «أصدقاء سوريا» في المرحلة الأخيرة، بالتزامن مع انحسار قدرة وفعالية الحكومة المؤقتة وقيادة الجيش الحر المتمثلة بالمجلس العسكري الذي لا يزال مجمدا، على حساب بروز مجموعات وقيادات ميدانية أخرى بدفع من أطراف إقليمية ودولية، إلى حد بات هناك ما يُعرف بـ«معارضة موسكو» و«معارضة القاهرة» و«معارضة إسطنبول».
وشدّد أبو زيد على أن الجيش الحر والائتلاف المعارض، ليسا بعيدين إطلاقا عن الاجتماعات الدولية التي تعقد من أجل حل الأزمة السورية، «حتى ولو لم نكن حاضرين فيها»، لافتا إلى «مشاورات طويلة» قائمة بين فصائل الحر والدول الشقيقة والصديقة لسوريا، وبالتحديد السعودية وتركيا. وأضاف: «كما أننا على تواصل دوري مع الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا، ونحن مطمئنون إلى أن أي تفاهم دولي سيتم إنجازه سيلحظ عدم وجود الأسد في مستقبل سوريا».
وأوضح أبو زيد أن دول أصدقاء سوريا، «تسعى وترغب في حل سياسي للأزمة السورية، لكنّها بالوقت عينه تأخذ بعين الاعتبار الإصرار الروسي على إجهاض الحلول المقترحة، وبالتالي هي لن تقف مكتوفة اليدين في حال استمرار تعنت موسكو». وقال: «منذ دخول روسيا إلى سوريا تم استهداف 116 دبابة نظامية بـ116 صاروخ (تاو)، وهي صواريخ وصلتنا حديثا ولا تزال تصلنا، ونحن نترقب في حال فشل المفاوضات الحاصلة وصول أسلحة بكميات أكبر وبنوعيات جديدة».
ويتابع الائتلاف السوري عن كثب محاولات موسكو المستجدة لـ«شق صفوف المعارضة من خلال سعيها لإنتاج معارضة تلبي مصالحها وطموحاتها»، ويشير ممثل الائتلاف في واشنطن نجيب الغضبان إلى أن المسعى الروسي هذا سيكون مصيره الفشل باعتبار أن أي حل مرتقب للأزمة، لن يكون قابلا للتطبيق على أرض الواقع من دون التواصل والاتفاق مع الشخصيات الحقيقية الممثلة للفصائل المقاتلة.
وقال الغضبان لـ«الشرق الأوسط»: «حاليا يتم التعاطي مع الأبعاد الإقليمية والدولية للأزمة خلال الاجتماعات الحاصلة في العواصم الأوروبية، ولكن وفي حال نجاح الدول المعنية بعقد اتفاق في هذا المجال، فعندها سيتم الالتفات للأطراف المولجة بتطبيق الاتفاق، وهي لا شك لن تشارك في هذه العملية إذا لم تكن موافقة على تفاصيلها».
ويشير مراقبون إلى «إشكاليتين أساسيتين» تكبلان أي حل مرتقب للأزمة في سوريا، أولا غياب القدرة الحقيقية لفرض تطبيق أي تسوية مقبلة، نظرا لتعدد الفصائل والمجموعات المقاتلة وعدم خضوعها لقيادة موحدة، وثانيا، غياب البديل الحقيقي للرئيس السوري بشار الأسد بعدما سعى الأخير إلى تحجيم وإبعاد أي شخصية تتوافر فيها الصفات المطلوبة في الرئيس المقبل. ويرى ماريو أبو زيد، الباحث المتخصص بشؤون الشرق الأوسط، أن «ملامح حل الأزمة السورية بدأت تتبلور لجهة اقتناع معظم الفرقاء، ومن بينهم حلفاء الأسد بوجوب البحث عن بديل له يستلم الحكم في مرحلة لاحقة، على ألا يكون هذا البديل من المعارضة بل شخصية مقبولة منها، والأرجح أن تكون من القيادات العسكرية السابقة أو قيادات من حزب البعث تم نفيها». وقال أبو زيد لـ«الشرق الأوسط»: «لقد بدأ البحث بهذه الأسماء ولعل الأمور ستتضح أكثر بعد لقاء فيينا الموسع».
مساع لإعادة هيكلة مجلس عسكري يضم كل الفصائل المعتدلة في سوريا
المعارضة السورية ترتب صفوفها على وقع الحراك الدولي المتسارع لحل الأزمة
مساع لإعادة هيكلة مجلس عسكري يضم كل الفصائل المعتدلة في سوريا
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة