حسم عبد الإله ابن كيران، رئيس الحكومة المغربية الأمين العام لحزب العدالة والتنمية ذي المرجعية الإسلامية، الخلاف بينه وبين عزيز أخنوش، وزير الفلاحة والصيد البحري، حول صندوق دعم التنمية في القرى، وأعلن بشكل ضمني تنازله عن الإشراف على الصندوق لصالح أخنوش، حفاظا على تماسك أغلبيته الحكومية التي كادت أن تعصف بها هذه القضية، في السنة الأخيرة من الولاية التشريعية الحالية.
وكان خلاف حاد قد نشب بين ابن كيران وأخنوش بسبب صندوق التنمية الخاص بالقرى، الذي رصد له مبلغ 50 مليار درهم (5.9 مليار دولار)، وصل حد تبادل الاتهامات، وتلويح أخنوش بالاستقالة بعد تصريحات نسبت إلى ابن كيران في المجلس الحكومي عبر فيها عن غضبه من أخنوش بسبب نقل صلاحيات الإشراف المالي على الصندوق إلى وزير الفلاحة في الموازنة السنوية للعام المقبلة، دون علمه.
وتنص المادة 30 من قانون المالية لعام 2016 على أن «وزير الفلاحة هو الآمر بقبض موارد الصندوق وصرف نفقاته، كما منحت له المادة أيضا صلاحية تعيين الولاة والعمال (المحافظين)، وكذا رؤساء المصالح الخارجية التابعين للوزارات المعنية، آمرين مساعدين بقبض موارد وصرف نفقات هذا الحساب»، وهو ما اعتبر تطاولا على صلاحيات رئيس الحكومة الذي صادق على الموازنة من دون علمه بوجود تلك المادة، وراج في وسائل الإعلام المحلية أن ابن كيران كان ضحية مقلب من الوزيرين محمد بوسعيد، وزير الاقتصاد والمالية، ووزير الفلاحة عزيز أخنوش. إلا أنهما نفيا ذلك، إذ أكد أخنوش أنه طلب من ابن كيران أن تشرف وزارته على الصندوق لضمان فعالية المشروع، ووافق على ذلك بحضور بوسعيد. كما دافع أخنوش في تصريحات صحافية عن نفسه، منتقدا غياب الثقة بين أعضاء الحكومة، وشدد على أنه أصبح «من الصعب عليه القيام بأي إجراء في حكومة تضررت داخلها الثقة»، وهو ما اعتبر تلويحا بالاستقالة.
ورغبة منه في طي صفحة الخلاف مع أخنوش وحلفائه، والتي ظهرت جليا بعد الانتخابات البلدية والجهوية التي جرت في الرابع من سبتمبر (أيلول) الماضي، قال ابن كيران، الذي كان يتحدث مساء أمس في اجتماع لفرق الأغلبية بمجلسي النواب والمستشارين، إنه «في السياسة عليك أن تكون مستعدا لتلقي الضربات».
وخاطب ابن كيران نواب حزبه قائلا: «إذا تلقينا ضربة ما، تعلموا أن تتجاوزوها لنحافظ على هذه اللحمة، ردا على تصريحات نواب حزبه الذين عبروا فيها عن اعتزامهم طلب تعديل المادة 30 من الموازنة موضوع الخلاف، مهددين بالتصويت ضد قانون المالية ككل لعدم استساغتهم استئثار وزير الفلاحة بصلاحيات إدارة صندوق تنمية القرى.
وخاطب ابن كيران النواب والمستشارين قائلا: «شدوا على أيدي بعضكم البعض، وتجاوزوا الخلافات حتى لا نشفي فينا الأعداء»، مذكرا بالأجواء التي مرت فيها الانتخابات، وقال إنها «لم تكن سهلة وبذلنا مجهودات للمحافظة على التحالف، ولم تنته الأمور بالشتيمة في بعضنا البعض، بل نظمنا لقاء مشتركا اليوم لنقول أمام الشعب إنه رغم الجراحات ما زلنا أغلبية لأن في ذلك مصلحة المغرب»، وهو ما صفق له الحضور.
ولم يفوت ابن كيران الفرصة لتوجيه خطاب إلى المعارضة، ممثلة في حزب الاستقلال تحديدا من أجل جس النبض، إذ قال ابن كيران إن «بعض الفرق في المعارضة لم تعد تواجهنا بنفس الشراسة»، متسائلا: «هل ستهاجمنا في المستقبل بشراسة أقل أم أنها لن تهاجمنا، وتذهب ربما إلى المساندة النقدية إذا هداها الله؟».
بدورهم، شدد الأمناء العامون لأحزاب التحالف الحكومي على تماسك تجربتهم الحكومية، إذ قال محمد نبيل بنعبد الله، الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، إن «هذه التجربة يجب أن تستمر وأن تذهب إلى نهايتها في أمان، ونضع المصلحة العليا للبلاد فوق كل اعتبار».
أما محند العنصر، الأمين العام لحزب الحركة الشعبية، فقد أكد أن «هذه التجربة ناجحة، ومستمرة في أداء مهامها»، مشددا على أن «الأغلبية منسجمة في عملها وقادرة على الاستمرار خلال الفترة المتبقية من ولايتها بكل ثبات».
وقال أنيس بيرو، وزير الجالية المغربية في الخارج الذي تحدث باسم صلاح الدين مزوار الأمين العام لحزب التجمع الوطني للأحرار، إن «العراقيل والمطبات التي يواجهها العمل السياسي ليست سلبية دائما، بل تزيده قوة وفاعلية»، لافتا إلى أن الحكومة مستمرة في أداء مهامها وتحقيق المطلوب منها.
رئيس الحكومة المغربية يعلن تجاوز خلافه مع وزير الفلاحة حول صندوق تنمية القرى
ابن كيران: في السياسة عليك أن تكون مستعدًا لتلقي الضربات
رئيس الحكومة المغربية يعلن تجاوز خلافه مع وزير الفلاحة حول صندوق تنمية القرى
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة