الانتحاري الحارثي: تعثر انضمامه بسوريا.. فنفذ عمليته في نجران

مصادر لـ«الشرق الأوسط»: منفذ العملية لم يكن من أهل المدينة وجرى إيقافه بعد عودته من لبنان

الانتحاري الحارثي: تعثر انضمامه بسوريا.. فنفذ عمليته في نجران
TT

الانتحاري الحارثي: تعثر انضمامه بسوريا.. فنفذ عمليته في نجران

الانتحاري الحارثي: تعثر انضمامه بسوريا.. فنفذ عمليته في نجران

علمت «الشرق الأوسط»، أن السعودي سعد بن سعيد الحارثي، منفذ العملية الانتحاري في مسجد المشهد في منطقة نجران (جنوب السعودية)، غادر البلاد في 2013، إلى لبنان، في طريقه إلى سوريا، للانضمام إلى صفوف مقاتلي تنظيم "داعش" الإرهابي، إلا أنه لم يستطيع الوصول إليهم، فعاد إلى العاصمة الرياض، وألقي القبض عليه، بعد أن سجن في السعودية قرابة ستة أشهر ثم أطلق سراحه. وأن الانتحاري الحارثي كان يريد تنفيذ العملية الانتحارية أثناء أداء الصلاة، إلا أن إقفال باب المسجد، منعه من التوسط بين المصلين، ووقوع ضحايا كثر.
وكان اللواء منصور التركي المتحدث الأمني في وزارة الداخلية السعودية، أعلن عن هوية الانتحاري في ساعة مبكرة من يوم أمس، واسمه سعد بن سعيد بن سعد الحارثي، من مواليد شهر أغسطس (آب) 1982.
وأوضحت المصادر في اتصال هاتفي أمس، أن الانتحاري الحارثي جنّد من قبل التنظيم الإرهابي "داعش"، بعد أن تعثر وصوله إليهم، حيث يستهدف "داعش" مساجد المسلمين في السعودية، من أجل صراع الهويات الطائفية في المنطقة، لمحاولة ضرب الوحدة الأمنية السعودية عبر الطائفية، مؤكدة أن الحارثي لم يكن من أهل المنطقة، بل وصل إليها، قاصداً تنفيذ العملية الانتحارية.
وقالت المصادر، إن الحارثي منفذ العملية، كان يريد أن يدخل مسجد المشهد في نجران أثناء قيام صلاة المغرب أول من أمس كي يتوسط المصلين، من أجل إلحاق الضرر بعدد أكبر من المواطنين المصلين، إلا أن إغلاق باب المسجد حال بينه وبين تنفيذ مخططه الإرهابي؛ حيث انتظر في باحة المسجد حين الانتهاء من الصلاة، وأثناء خروج المصلين دخل إلى المسجد وسط ارتباك؛ الأمر الذي جعل "الشهيد" السبعيني علي آل مرضمة يتصدى له من إكمال مشواره وتنفيذ عمليته الانتحارية بين مجموعة كبيرة من المصلين الجالسين على الارض، وهم يهللون ويستغفرون بعد أداء الصلاة.
وأشارت المصادر إلى أن الحارثي جرى إيقافه قرابة ستة أشهر، ثم عرض على لجنة المناصحة وأطلق سراحه بعد ذلك نتيجة سفره إلى سوريا عبر لبنان، حيث انتظر في بيروت لمدة أيام، ولم يتمكن من السفر إلى سوريا للانضمام إلى العناصر الإرهابية في "داعش"، ثم عاد إلى السعودية، حيث جرى اعتقاله هناك.
ولفتت المصادر إلى أن سيارة الانتحاري كانت تحمل أشرطة مسموعه دعوية، بعضها تحريضية، جيّشت الانتحاري طوال تنقلاته الفترة الماضية على الاقدام على عملية انتحارية، لاسيما وأن الجهات الأمنية تعمل على التوصل من خلال التحقيقات مع كل من وفر له الحزام الناسف المليء بالمتفجرات، ومن قام بالتوجيهه نحو العملية الانتحارية، وكذلك اختيار موقع الحادثة.
من جهة أخرى، شيّع المئات من المواطنين من أهالي منطقة نجران أمس، "شهيدي" تفجير مسجد المشهد بحي دحضة وهما علي بن أحمد آل مرضمة وسعيد سالم آل مسعود، اللذان "استشهدا" مغرب أول من أمس، وذلك بتفجير انتحاري بحزام ناسف، تبناه تنظيم "داعش"، حيث أديت صلاة الميت على روحيهما، بعد صلاة الظهر، ووري جثمانهما الثرى في مقبرة الفيصلية بنجران.
من جهة أخرى، قدم الأمير جلوي بن عبد العزيز أمير منطقة نجران، تعازي القيادة والوطن وقال "نعزي أنفسنا جميعا في استشهاد اثنين من أبناء الوطن، فإن كان فراقهما مُرًّا علينا فإن من أعظم الشرف وأجل الفخر أنهما استشهدا في بيت من بيوت الله، مؤدين ركنا من أركان الإسلام، كما ندعو المولى أن يعجّل في شفاء المصابين".
وأوضح الأمير جلوي بن عبد العزيز، عقب زيارته للمصابين في المستشفى، أن هذه الأعمال الإرهابية الجبانة لاتزيد الوطن إلا قوة وإصرارًا، ولا تزيد أبناءه إلا تماسكاً ولحمة.
واضاف "أن أيادي الغدر والجبن تحاول زرع الفتنة بين أبناء الوطن المتآخين، بارتكاب جرائم بشعة، لاتمت للإسلام ولا للإنسانية بأية صلة، وهم شرذمة بغيضة يأخذون الإسلام دين السلام والمحبة غطاء لتنفيذ مخططاتهم المستنكرة من جميع أطياف المجتمع السعودي، لكنهم فشلوا مقابل ثبات أبناء الوطن الذين يميّزون الحق عن الباطل، والصواب عن الخطأ، والرشاد عن الضلال".
وأشار أمير منطقة نجران إلى "أن موقف أهالي المنطقة البطولي التي سجله أهالي المنطقة عبر وسائل التواصل الاجتماعي ومن خلال الاتصالات العديدة التي وردت إلى منزلي من مشايخ القبائل والأعيان، فهي مواقف تثلج صدر كل مواطن، وهي في الوقت ذاته ليست بمستغربة أبدا، فهم نسل الرجال الذين أثبتوا ببطولاتهم إخلاصهم ووفاءهم للوطن، والولاء لقادته، منذ قيام هذه البلاد المباركة".
وأضاف الأمير جلوي بن عبد العزيز "إنني قلتها مرارا، وأعيدها اليوم، إن كانت جبال نجران شامخة وصامدة، فأهلها أسمى شموخاً وأقوى صمودًا في وجه العدو، وضد كل من يحاول المساس بأمن الوطن ووحدة أبنائه ولحمتهم، وما شاهدته اليوم في المسجد أو في المستشفى من مواقف ذوي الشهداء والمصابين لهو أجلى دليل على ثباتهم وعزيمتهم لدحر الأعداء الذين يحاولون النيل من وطننا القوي بالله تعالى ثم بإخلاص أبنائه".



مسؤول إيراني لـ«الشرق الأوسط»: عازمون مع الرياض على إرساء السلام في المنطقة

نائب وزير الخارجية الإيراني مجيد تخت روانجي (رويترز)
نائب وزير الخارجية الإيراني مجيد تخت روانجي (رويترز)
TT

مسؤول إيراني لـ«الشرق الأوسط»: عازمون مع الرياض على إرساء السلام في المنطقة

نائب وزير الخارجية الإيراني مجيد تخت روانجي (رويترز)
نائب وزير الخارجية الإيراني مجيد تخت روانجي (رويترز)

أكد نائب وزير الخارجية الإيراني مجيد تخت روانجي، أن إيران والسعودية تعتزمان إرساء السلام وديمومة الهدوء في منطقة متنامية ومستقرّة، مضيفاً أن ذلك يتطلب «استمرار التعاون الثنائي والإقليمي وتعزيزه، مستهدفين تذليل التهديدات الحالية».

وفي تصريحات لـ«الشرق الأوسط» على هامش زيارته إلى السعودية التي تخلّلها بحث العلاقات الثنائية وسبل تعزيزها وتطويرها في شتى المجالات، بالإضافة إلى مناقشة المستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية، خلال لقاء، الاثنين، مع وليد الخريجي، نائب وزير الخارجية السعودي، قال روانجي: «الإجراءات الإيرانية - السعودية تتوّج نموذجاً ناجحاً للتعاون الثنائي ومتعدد الأطراف دوليّاً في إطار التنمية والسلام والأمن الإقليمي والدولي»، مشدّداً على استمرار البلدين في تنمية التعاون في مختلف المجالات السياسية والأمنية والاقتصادية والتجارية والقنصلية؛ بناءً على الأواصر التاريخية والثقافية ومبدأ حسن الجوار، على حد وصفه.

الجولة الثانية من المشاورات الثلاثية عُقدت في الرياض الثلاثاء (واس)

والثلاثاء، رحبت السعودية وإيران «بالدور الإيجابي المستمر لجمهورية الصين الشعبية وأهمية دعمها ومتابعتها لتنفيذ (اتفاق بكين)»، وفقاً لبيان صادر عن الخارجية السعودية، أعقب الاجتماع الثاني للجنة الثلاثية السعودية - الصينية - الإيرانية المشتركة لمتابعة «اتفاق بكين» في العاصمة السعودية الرياض.

وأشار نائب وزير الخارجية الإيراني إلى أن الطرفين «تبادلا آراءً مختلفة لانطلاقة جادة وعملية للتعاون المشترك»، ووصف اجتماع اللجنة الثلاثية في الرياض، بأنه «وفَّر فرصة قيّمة» علاقات متواصلة وإيجابية بين إيران والسعودية والصين.

روانجي الذي شغل سابقاً منصب سفير إيران لدى الأمم المتحدة، وعضو فريق التفاوض النووي الإيراني مع مجموعة «5+1»، اعتبر أن أجواء الاجتماعات كانت «ودّية وشفافة»، وزاد أن الدول الثلاث تبادلت الآراء والموضوعات ذات الاهتمام المشترك وأكّدت على استمرار هذه المسيرة «الإيجابية والاستشرافية» وكشف عن لقاءات «بنّاءة وودية» أجراها الوفد الإيراني مع مضيفه السعودي ومع الجانب الصيني، استُعرضت خلالها مواضيع تعزيز التعاون الثنائي، والثلاثي إلى جانب النظر في العلاقات طوال العام الماضي.

الجولة الأولى من الاجتماعات التي عُقدت في بكين العام الماضي (واس)

وجدّد الجانبان، السعودي والإيراني، بُعيد انعقاد الاجتماع الثاني للجنة الثلاثية السعودية - الصينية - الإيرانية المشتركة لمتابعة «اتفاق بكين» في الرياض، الخميس، برئاسة نائب وزير الخارجية السعودي وليد الخريجي، ومشاركة الوفد الصيني برئاسة نائب وزير الخارجية الصيني دنغ لي، والوفد الإيراني برئاسة نائب وزير خارجية إيران للشؤون السياسية مجيد تخت روانجي؛ التزامهما بتنفيذ «اتفاق بكين» ببنوده كافة، واستمرار سعيهما لتعزيز علاقات حسن الجوار بين بلديهما من خلال الالتزام بميثاق الأمم المتحدة وميثاق منظمة التعاون الإسلامي والقانون الدولي، بما في ذلك احترام سيادة الدول واستقلالها وأمنها.

من جانبها، أعلنت الصين استعدادها للاستمرار في دعم وتشجيع الخطوات التي اتخذتها السعودية وإيران، نحو تطوير علاقتهما في مختلف المجالات.

ولي العهد السعودي والنائب الأول للرئيس الإيراني خلال لقاء في الرياض الشهر الحالي (واس)

ورحّبت الدول الثلاث بالتقدم المستمر في العلاقات السعودية - الإيرانية وما يوفره من فرص للتواصل المباشر بين البلدين على المستويات والقطاعات كافة، مشيرةً إلى الأهمية الكبرى لهذه الاتصالات والاجتماعات والزيارات المتبادلة بين كبار المسؤولين في البلدين، خصوصاً في ظل التوترات والتصعيد الحالي في المنطقة؛ ما يهدد أمن المنطقة والعالم.

كما رحّب المشاركون بالتقدم الذي شهدته الخدمات القنصلية بين البلدين، التي مكّنت أكثر من 87 ألف حاج إيراني من أداء فريضة الحج، وأكثر من 52 ألف إيراني من أداء مناسك العمرة بكل يسر وأمن خلال الأشهر العشرة الأولى من العام الحالي.

ورحّبت الدول الثلاث بعقد الاجتماع الأول للجنة الإعلامية السعودية - الإيرانية المشتركة، وتوقيع مذكرة تفاهم بين معهد الأمير سعود الفيصل للدراسات الدبلوماسية ومعهد الدراسات السياسية والدولية، التابع لوزارة الخارجية الإيرانية.

كما أعرب البلدان عن استعدادهما لتوقيع اتفاقية تجنب الازدواج الضريبي (DTAA)، وتتطلع الدول الثلاث إلى توسيع التعاون فيما بينهما في مختلف المجالات، بما في ذلك الاقتصادية والسياسية.

ودعت الدول الثلاث إلى وقف فوري للعدوان الإسرائيلي في كلٍ من فلسطين ولبنان، وتدين الهجوم الإسرائيلي وانتهاكه سيادة الأراضي الإيرانية وسلامتها، كما دعت إلى استمرار تدفق المساعدات الإنسانية والإغاثية إلى فلسطين ولبنان، محذرة من أن استمرار دائرة العنف والتصعيد يشكل تهديداً خطيراً لأمن المنطقة والعالم، بالإضافة إلى الأمن البحري.

وفي الملف اليمني، أكدت الدول الثلاث من جديد دعمها الحل السياسي الشامل في اليمن بما يتوافق مع المبادئ المعترف بها دولياً تحت رعاية الأمم المتحدة.

وكانت أعمال «الاجتماع الأول للجنة الثلاثية المشتركة السعودية - الصينية - الإيرانية»، اختتمت أعمالها في العاصمة الصينية بكّين، ديسمبر (كانون الأول) من العام الماضي، وأكد خلاله المجتمعون على استمرار عقد اجتماعات اللجنة الثلاثية المشتركة، وعلى مدى الأشهر الماضية، خطت السعودية وإيران خطوات نحو تطوير العلاقات وتنفيذ «اتفاق بكين»، بإعادة فتح سفارتيهما في كلا البلدين، والاتفاق على تعزيز التعاون في كل المجالات، لا سيما الأمنية والاقتصادية.

وأعادت إيران في 6 يونيو (حزيران) الماضي، فتح أبواب سفارتها في الرياض بعد 7 أعوام على توقف نشاطها، وقال علي رضا بيغدلي، نائب وزير الخارجية للشؤون القنصلية (حينها): «نعدّ هذا اليوم مهماً في تاريخ العلاقات السعودية - الإيرانية، ونثق بأن التعاون سيعود إلى ذروته»، مضيفاً: «بعودة العلاقات بين إيران والسعودية، سنشهد صفحة جديدة في العلاقات الثنائية والإقليمية نحو مزيد من التعاون والتقارب من أجل الوصول إلى الاستقرار والازدهار والتنمية».