الانتخابات المصرية: استمرار ضعف المشاركة في جولة الإعادة

14 ألف ناخب شاركوا في الاقتراع بالخارج

مواطن يدلي بصوته أمس في منطقة الدقي بالقاهرة في إطار الجولة الثانية من الانتخابات المصرية (أ ف ب)
مواطن يدلي بصوته أمس في منطقة الدقي بالقاهرة في إطار الجولة الثانية من الانتخابات المصرية (أ ف ب)
TT

الانتخابات المصرية: استمرار ضعف المشاركة في جولة الإعادة

مواطن يدلي بصوته أمس في منطقة الدقي بالقاهرة في إطار الجولة الثانية من الانتخابات المصرية (أ ف ب)
مواطن يدلي بصوته أمس في منطقة الدقي بالقاهرة في إطار الجولة الثانية من الانتخابات المصرية (أ ف ب)

قالت اللجنة العليا المشرفة على انتخابات البرلمان في مصر، إن نحو 14 ألفا من المصريين في الخارج صوتوا بجولة الإعادة في الاقتراع الذي جرى خلال اليومين الماضيين، في وقت أطلق فيه نشطاء مصريون نحو 36 ألف تغريدة خلال ساعات أمس، تضامنا مع نشطاء شباب في السجون، يتصدرهم المدون المصري علاء عبد الفتاح، في ذكرى مرور عام على سجنه، بينما خيم الهدوء على مراكز الاقتراع في الداخل في يومه الأول لحسم 209 مقاعد «فردي» في المرحلة الأولى من الانتخابات.
وجرت جولة الإعادة أمس في محافظات المرحلة الأولى وهي: الجيزة، والإسكندرية، والبحيرة، ومطروح، والفيوم، وبني سويف، والمنيا، وأسيوط، وسوهاج، وقنا، والأقصر، وأسوان، والبحر الأحمر، والوادي الجديد، وتستمر اليوم (الأربعاء)، ويتنافس فيها 418 مرشحا على المقاعد الفردية البالغ عددها 209 مقاعد في هذه الجولة الانتخابية، في 99 دائرة على مستوى محافظات المرحلة الأولى، بعد أن قضت محكمة مصرية بإعادة الانتخابات في 4 دوائر.
ساد الهدوء مراكز الاقتراع على مدار يوم أمس. وأظهرت لقطات حية بثها التلفزيون المصري الرسمي من عدة لجان في محافظات مختلفة إقبالا ضعيفا من الناخبين على المشاركة في التصويت على غرار ما حدث في المرحلة الأولى التي جرت يومي 17 و18 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي.
وقال المستشار عمر مروان المتحدث الرسمي باسم اللجنة العليا للانتخابات البرلمانية، إن عدد الحضور في تصويت المصريين بالخارج والذي انتهى أمس، بلغ نحو 14 ألف ناخب، مما يشير إلى تراجع ملحوظ في نسبة الإقبال في جولة الإعادة بعد حسم قائمة «في حب مصر» الانتخابات في المرحلة الأولى.
وتضم القوائم ممثلين عن المصريين في الخارج وشارك 30 ألف مصري ممن يعيشون بالخارج فقط في التصويت الأسبوع الماضي.
وشهدت الاستحقاقات الانتخابية خلال السنوات الأربع الماضية حماسة أكبر من قبل مصريي الخارج، حيث شارك نحو 682 ألفا منهم في انتخابات البرلمان السابق والذي حل بحكم قضائي.
وكانت اللجنة العليا للانتخابات أعلنت الأسبوع الماضي أن نسبة المشاركة بلغت 26.56 في المائة من بين 27 مليونا و402 ألف و353 ناخبا لهم حق الانتخاب. ويتألف البرلمان الجديد الذي تبلغ مدة ولايته خمس سنوات من 568 عضوا منتخبا، هم 448 نائبا بالنظام الفردي و120 نائبا بنظام القوائم المغلقة. ولرئيس الدولة تعيين ما لا يزيد على 5 في المائة من عدد الأعضاء.
وباستثناء تفكيك قوات الأمن عبوتين ناسفتين بدائيتين أمام بوابة مدرسة بني الرحمانية التي تضم لجنتين انتخابيتين، في قرية الرحمانية بمحافظة البحيرة (غرب القاهرة)، بحسب مصادر أمنية، اتسم يوم الاقتراع أمس بالفتور، وشهد تأخرا في فتح عدد من اللجان بسبب تأخر وصول القضاة المشرفين على عملية الاقتراع.
وعمق ضعف الإقبال في جولة الإعادة شعورا عاما بعزوف المواطنين عن المشاركة في انتخاب أول برلمان بعد ثورة 30 يونيو، ورسخه غياب الشباب الذين يمثلون غالبية من لهم حق التصويت، عن مراكز الاقتراع.
وشهدت مواقع التواصل الاجتماعي أيضا تراجعا في الاهتمام بالانتخابات، وعلى عكس الجولة الأولى الأسبوع الماضي، لم يهتم النشطاء الشباب بالسخرية من ضعف الإقبال، وانشغلوا بإحياء ذكرى مرور عام على سجن الناشط السياسي والمدون المصري علاء عبد الفتاح.
وكانت محكمة جنايات القاهرة قضت، في فبراير (شباط) 2015، بالسجن المشدد 5 سنوات على عبد الفتاح وأحمد عبد الرحمن، والسجن 3 سنوات لآخرين وتغريمهم 100 ألف جنيه، في القضية المعروفة إعلاميا بـ«أحداث مجلس الشورى».
وأطلق نحو 36 ألف ناشط تغريدات على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر» للتضامن مع شباب يقضون عقوبات متفاوتة بالسجن لإدانتهم في قضايا تتعلق بخرق قانون ينظم الحق في التظاهر. ورافق إطلاق التغريدات حملة للتصويت لقائمة ضمت أسماء السجناء الشباب، مع دعوة للتصويت لتلك القائمة التي حملت اسم «قائمة أفرجوا عن مصر»، كما نظمت أسرة عبد الفتاح ونشطاء آخرون وقفة احتجاجية أمام قصر الاتحادية الرئاسي للمطالبة بالإفراج عن الشباب.
ورفع المحتجون أمس لافتات كتب عليها «ما زلت سجينا رغم العفو» في إشارة للعفو الرئاسي الذي أصدره الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي على عدد من النشطاء الشباب المسجونين.
ولم يشمل عفو الرئيس السيسي نشطاء شبابا من رموز ثورة 25 يناير أبرزهم عبد الفتاح، والناشطين أحمد دومة وأحمد ماهر مؤسس حركة شباب 6 أبريل.



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.