حزب الله يواجه مأزق ازدياد قتلاه في سوريا

تململ داخل «المجلس الجهادي».. وكتيبة الرضوان تواجه «إنهاكًا إلى حد الانهيار»

حزب الله يواجه مأزق ازدياد قتلاه في سوريا
TT

حزب الله يواجه مأزق ازدياد قتلاه في سوريا

حزب الله يواجه مأزق ازدياد قتلاه في سوريا

يبدو أن الكلفة البشرية والمعنوية لانخراط حزب الله في الحرب السورية على مدى أربع سنوات باتت مرتفعة جدًا، ليس بمقدوره تجاوزها في المدى المنظور، وهي باتت تشكّل عبئًا كبيرًا ينتظر أن يتضح حجمه أكثر في مرحلة ما بعد الحلّ في سوريا.
وتعود أسباب هذا الكلفة لعاملين اثنين، الأول الكلفة الباهظة في عدد القتلى الذين سقطوا في سوريا، وعدم قدرة الحزب على تحقيق أي انتصار عسكري رغم خسائره العالية، والثاني غياب الرؤية الواضحة للنتيجة التي سيخرج بها، أو ستخرجه من المستنقع السوري.
هذه المعطيات فرضها الميدان على الأرض السورية، وهو الميدان الذي طالما شدد حزب الله على دوره الأساسي في رسم مسار الحلّ السوري، خصوصًا بعد نعي الحزب في الأيام الأخيرة أعدادًا كبيرة من مقاتليه كان آخرهم، أمس الاثنين، ثمانية من مقاتليه سقطوا خلال المعارك الدائرة في سوريا وهم: علي فواز، محمد سعيد فواز، سامي شريفة، حسن حلاوة، علي الأكبر محمد خشفة، حسين حسن شريفة، علي عبد الله شعيتو (جميعهم من مدن وقرى جنوب لبنان) وحسين غازي الرشعيني من بلدة الكواخ البقاعية.
صحيح أنها المرة الأولى التي ينعى حزب الله ثمانية قتلى دفعة واحدة، لكن هذا الأمر ليس استثناء في بيئته التي باتت تشهد تململاً واسعًا، بعدما أضيفت هذه الدفعة إلى مئات القتلى الذين قضوا في حرب غير معروفة الأفق ليس لجمهور حزب الله فحسب، إنما لقيادته التي لا تملك أجوبة على أسئلة كثيرة عن جدوى الاستمرار في الوحول السورية، خصوصًا بعدما بات دوره ثانويًا بعد دخول العامل الروسي الذي بات صاحب القرار المطلق في سوريا.
ولا يخفي الباحث السياسي المعارض لحزب الله علي الأمين، وجود «حالة من الاعتراض الكبيرة على أداء الحزب في سوريا». لكنه أشار إلى أن هذه الحالة «لا تعبر عن نفسها بشكل واضح، وربما هي تبحث عن فرصة لتعبر عن نفسها لكن وفق حسابات متعددة».
ويؤكد الأمين لـ«الشرق الأوسط»، أن «أحد أبرز أوجه التململ أو الاعتراض داخل جمهور حزب الله، هو الشعور بأنه ليس ثمة أفق للنصر». وفيما بدأ الاعتراض يتخطى البيئة والجمهور ويتسرّب إلى الهيكلية التنظيمية، يشير الأمين إلى أن «النقاش والجدل باتا موجودين داخل الحلقة الضيقة في (المجلس الجهادي)، وثمة أصوات بدأت تسأل، كيف بعد كل التضحيات التي قدمناها في سوريا، أتى الروس وأخذوا كل إنجازاتنا، وبالتالي ماذا نفعل في سوريا اليوم؟». لكن يستدرك قائلاً: «لا تنتظر أحدًا ينتفض على قرار القيادة، لأنهم غير مهيئين، وسبب ذلك أن من دخل إلى حزب الله يعرف جيدًا أن الولي الفقيه أولى بالمسلمين من أنفسهم، فهذه مسألة تربية عقائدية لا يمكن النقاش فيها».
ويضيف: «قد تحصل حركة احتجاج داخل قيادة حزب الله عندما تجد أن هذا الاحتجاج حصل داخل الحرس الثوري الإيراني، وبالتالي فإن تركيبة الحزب ليست سياسية، إنما هي أمنية عقائدية لا تتيح لأحد النقاش، بما لا يجوز النقاش فيه»، مشيرًا إلى أن «مثل هذا الأمر هو رهن صدمة عسكرية أو سياسية تفتح نافذة تطلع منها الأصوات المعترضة».
وبات واضحًا أن قتلى حزب الله لم يقتصروا على عدد العناصر الذين يتمتعون بخبرات قتالية عالية جدًا، إنما خسر عشرات القادة الميدانيين وكان آخرهم حسن حسين الحاج، المعروف باسم (الحاج ماهر)، وهو أحد مؤسسي الحزب وأبرز قادته الذي لقي مصرعه في معارك سهل الغاب في ريف حماه. وصفه الحزب في نعيه بأنه «من كبار قادة الحزب الذي تجمعه علاقة وثيقة بالأمين العام حسن نصر الله»، وكان يشغل منصب قائد عمليات منطقة القلمون في الفترة الأخيرة قبل الهدوء الذي شهدته جبهة الزبداني ومكن الحزب من نقل أعداد كبيرة من مقاتليه إلى إدلب وحماه.
وأعلن الأمين أن «خسائر الحزب في سوريا هي أكبر من التوقعات». وأوضح أن «كتيبة الرضوان وهي أبرز كتائب النخبة لديه، تحمل اسم القائد العسكري عماد مغنية الذي كان يحمل لقب (الحاج رضوان) وقتل في تفجير سيارة في دمشق في فبراير (شباط) 2006، أنهكت بشكل كبير ووصلت إلى حدّ التفكك، بسبب خسارة كبيرة من قادتها ومقاتليها المحترفين جدًا في معركة الزبداني الأخيرة».
من جهته، رأى مصدر عسكري في الجيش السوري الحرّ، أن «تراجع حزب الله وإنهاكه في سوريا الآن، ليس جديدًا، إنما بدأ مع هزيمته إلى جانب النظام السوري في معركة جسر الشغور، ولذلك هو نقل المعركة إلى القلمون، ومن ثم إلى الزبداني زاعمًا أنه يخوض في هذه المنطقة معركة مصيرية ليبرر تراجعه وانكفاءه».
وأعلن المصدر لـ«الشرق الأوسط»، أن «معلومات الجيش الحر تؤكد أن قتلى حزب الله بلغوا حتى نهاية الأسبوع الماضي، 1263 قتيلاً، معظمهم من قوات النخبة، وهو ما ضرب معنوياته بشكل كبير».



رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
TT

رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

حظيت رسائل «طمأنة» جديدة أطلقها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال احتفال الأقباط بـ«عيد الميلاد»، وأكد فيها «قوة الدولة وصلابتها»، في مواجهة أوضاع إقليمية متوترة، بتفاعل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي.

وقال السيسي، خلال مشاركته في احتفال الأقباط بعيد الميلاد مساء الاثنين، إنه «يتابع كل الأمور... القلق ربما يكون مبرراً»، لكنه أشار إلى قلق مشابه في الأعوام الماضية قبل أن «تمر الأمور بسلام».

وأضاف السيسي: «ليس معنى هذا أننا كمصريين لا نأخذ بالأسباب لحماية بلدنا، وأول حماية فيها هي محبتنا لبعضنا، ومخزون المحبة ورصيدها بين المصريين يزيد يوماً بعد يوم وهو أمر يجب وضعه في الاعتبار».

السيسي يحيّي بعض الأقباط لدى وصوله إلى قداس عيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

وللمرة الثانية خلال أقل من شهر، تحدث الرئيس المصري عن «نزاهته المالية» وعدم تورطه في «قتل أحد» منذ توليه المسؤولية، قائلاً إن «يده لم تتلوث بدم أحد، ولم يأخذ أموال أحد»، وتبعاً لذلك «فلا خوف على مصر»، على حد تعبيره.

ومنتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي، قال السيسي في لقاء مع إعلاميين، إن «يديه لم تتلطخا بالدم كما لم تأخذا مال أحد»، في إطار حديثه عن التغييرات التي تعيشها المنطقة، عقب رحيل نظام بشار الأسد.

واختتم السيسي كلمته بكاتدرائية «ميلاد المسيح» في العاصمة الجديدة، قائلاً إن «مصر دولة كبيرة»، مشيراً إلى أن «الأيام القادمة ستكون أفضل من الماضية».

العبارة الأخيرة، التي كررها الرئيس المصري ثلاثاً، التقطتها سريعاً صفحات التواصل الاجتماعي، وتصدر هاشتاغ (#مصر_دولة_كبيرة_أوي) «التريند» في مصر، كما تصدرت العبارة محركات البحث.

وقال الإعلامي المصري، أحمد موسى، إن مشهد الرئيس في كاتدرائية ميلاد المسيح «يُبكي أعداء الوطن» لكونه دلالة على وحدة المصريين، لافتاً إلى أن عبارة «مصر دولة كبيرة» رسالة إلى عدم مقارنتها بدول أخرى.

وأشار الإعلامي والمدون لؤي الخطيب، إلى أن «التريند رقم 1 في مصر هو عبارة (#مصر_دولة_كبيرة_أوي)»، لافتاً إلى أنها رسالة مهمة موجهة إلى من يتحدثون عن سقوط أو محاولة إسقاط مصر، مبيناً أن هؤلاء يحتاجون إلى التفكير مجدداً بعد حديث الرئيس، مؤكداً أن مصر ليست سهلة بقوة شعبها ووعيه.

برلمانيون مصريون توقفوا أيضاً أمام عبارة السيسي، وعلق عضو مجلس النواب، محمود بدر، عليها عبر منشور بحسابه على «إكس»، موضحاً أن ملخص كلام الرئيس يشير إلى أنه رغم الأوضاع الإقليمية المعقدة، ورغم كل محاولات التهديد، والقلق المبرر والمشروع، فإن مصر دولة كبيرة وتستطيع أن تحافظ علي أمنها القومي وعلى سلامة شعبها.

وثمّن عضو مجلس النواب مصطفى بكري، كلمات السيسي، خاصة التي دعا من خلالها المصريين إلى التكاتف والوحدة، لافتاً عبر حسابه على منصة «إكس»، إلى مشاركته في الاحتفال بعيد الميلاد الجديد بحضور السيسي.

وربط مصريون بين عبارة «مصر دولة كبيرة» وما ردده السيسي قبل سنوات لقادة «الإخوان» عندما أكد لهم أن «الجيش المصري حاجة كبيرة»، لافتين إلى أن كلماته تحمل التحذير نفسه، في ظل ظهور «دعوات إخوانية تحرض على إسقاط مصر

وفي مقابل الكثير من «التدوينات المؤيدة» ظهرت «تدوينات معارضة»، أشارت إلى ما عدته تعبيراً عن «أزمات وقلق» لدى السلطات المصرية إزاء الأوضاع الإقليمية المتأزمة، وهو ما عدّه ناجي الشهابي، رئيس حزب «الجيل» الديمقراطي، قلقاً مشروعاً بسبب ما تشهده المنطقة، مبيناً أن الرئيس «مدرك للقلق الذي يشعر به المصريون».

وأوضح الشهابي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أنه «رغم أن كثيراً من الآراء المعارضة تعود إلى جماعة الإخوان وأنصارها، الذين انتعشت آمالهم بعد سقوط النظام السوري، فإن المصريين يمتلكون الوعي والفهم اللذين يمكنّانهم من التصدي لكل الشرور التي تهدد الوطن، ويستطيعون التغلب على التحديات التي تواجههم، ومن خلفهم يوجد الجيش المصري، الأقوى في المنطقة».

وتصنّف السلطات المصرية «الإخوان» «جماعة إرهابية» منذ عام 2013، حيث يقبع معظم قيادات «الإخوان»، وفي مقدمتهم المرشد العام محمد بديع، داخل السجون المصرية، بعد إدانتهم في قضايا عنف وقتل وقعت بمصر بعد رحيل «الإخوان» عن السلطة في العام نفسه، بينما يوجد آخرون هاربون في الخارج مطلوبون للقضاء المصري.

بينما عدّ العديد من الرواد أن كلمات الرئيس تطمئنهم وهي رسالة في الوقت نفسه إلى «المتآمرين» على مصر.