مع اقتراب موعدها.. الرئاسة اليمنية تتجه لإعادة النظر في المشاركة بمشاورات «جنيف2»

الحوثيون يمهدون لإجراء انتخابات رئاسية ويواصلون ارتكاب «المجازر»

لاجئ يمني فر من المعارك الدائرة ليستقر مع أولاده في خيمة بالقرب من مدينة عمران (إ ب أ)
لاجئ يمني فر من المعارك الدائرة ليستقر مع أولاده في خيمة بالقرب من مدينة عمران (إ ب أ)
TT

مع اقتراب موعدها.. الرئاسة اليمنية تتجه لإعادة النظر في المشاركة بمشاورات «جنيف2»

لاجئ يمني فر من المعارك الدائرة ليستقر مع أولاده في خيمة بالقرب من مدينة عمران (إ ب أ)
لاجئ يمني فر من المعارك الدائرة ليستقر مع أولاده في خيمة بالقرب من مدينة عمران (إ ب أ)

تتجه القيادة اليمنية الشرعية إلى صرف النظر عن المشاركة في مشاورات مع المتمردين الحوثيين برعاية الأمم المتحدة، في ضوء التطورات الميدانية وما أقدم عليه الحوثيون في تعز، قبل أيام.
ودعا ياسين مكاوي، مستشار الرئيس اليمني، إلى إعادة النظر في المفاوضات مع المتمردين الحوثيين، في ضوء «المجازر» التي يرتكبونها في تعز وغيرها من المناطق اليمنية، فيما اعتبر زميله الشيخ عبد العزيز المفلحي، مستشار الرئيس هادي، أيضًا، أن المتمردين لم يثبتوا حسن النيات، حتى اللحظة. وقال مكاوي لـ«الشرق الأوسط»: «بشأن المصير غير الواضح والمعلق للمشاورات التي كانت دعت إليها الأمم المتحدة، والتي كان يفترض أن تجرى أواخر الشهر الحالي في جنيف، إن على الجميع الدفع باتجاه تحرير تعز وتحرير بقية محافظات البلاد». وأعرب عن اعتقاده بأنه «يجب أن لا تكون هناك أية مفاوضات، في ظل عبث الحوثيين وصالح بدماء اليمنيين»، وقال إن «ما يقوم به الحوثيون وصالح، يعد تأكيدات واضحة على أنهم لا يسعون إلى السلام في البلاد»، وإنه «يجب على سلطات الدولة اليمنية أن تعيد النظر في موضوع المفاوضات مع الحوثيين، وفقا للمعطيات التي على الأرض والمجازر التي تجري في تعز».
في الوقت الذي، قال الشيخ عبد العزيز المفلحي، مستشار الرئيس اليمني لـ«الشرق الأوسط» إنه يرى أن الحوثيين والمخلوع علي عبد الله صالح لم يثبتوا حتى أبسط ما يثبت حسن النيات، وإنهم «عندما تحدثوا عن القبول بالقرار الأممي 2216، وجدنا التصعيد المفزع والضرب للمدنيين في تعز وفي مناطق مختلفة»، مؤكدا أن ما حدث «لا يعبر عن حسن نيات، وكما هو معروف عنهم، لا عهد ولا ميثاق لهم»، وعلى أن الجانب الحكومي «لديه حرص كامل على مساعدة الأمم المتحدة والتعامل بإيجابية معها من أجل تطبيق القرار الأممي والاعتراف بالشرعية والممثلة في الرئيس عبد ربه منصور هادي وكذلك المبادرة الخليجية ومخرجات الحوار الوطني الشامل ونتائج مؤتمر الرياض، وغير ذلك».
في هذه الأثناء، يتجه المتمردون الحوثيون لإجراء انتخابات رئاسية، حيث يجرون الاستعدادات واللقاءات مع الجهات المختصة لتنفيذ هذا التوجه. وذكرت المصادر المقربة منهم، في صنعاء، أن رئيس ما تسمى «اللجنة الثورية العليا»، محمد علي الحوثي، التقى برئيس اللجنة العليا للانتخابات، القاضي محمد حسين الحكيمي، وبحسب وكالة الأنباء اليمنية، التي تخضع لسيطرة الحوثيين، فقد تطرق اللقاء إلى «ما تم إنجازه من المحضر السابق حول تصحيح السجل الانتخابي والمعوقات التي ما زالت تعترض هذا العمل الذي يعتبر الحل الأمثل للخروج من الأزمات الراهنة وكذا مناقشة كثير من المواضيع التي تتعلق بعضها بالمانحين والتزاماتهم»، حيث اعتبر الحوثي أن الانتخابات هي «الحل الوحيد والمخرج السليم للعملية الديمقراطية القادمة بعد أن يتم إكمال إصلاح السجل المدني وتحديثه ضمن الآلية المتفق عليها وسيكون هو الحل لجميع الفرقاء في البلد»، حسب تعبيره، فيما نقل عن رئيس لجنة الانتخابات تأكيده أن «التزام اللجنة بتحمل مسؤوليتها الكاملة في إنجاح الاستحقاق الديمقراطي المتمثل بالانتخابات الرئاسية القادمة».
وقد اعتبر الشيخ عبد العزيز المفلحي، توجه الحوثيين نحو إجراء انتخابات رئاسية جديدة بأنه «يشكل نوعا من التصعيد وعدوانا آخر بشكل آخر ويهدف إلى سلب إرادة الجماهير»، مؤكدا أن الحوثيين «لم يكتفوا بسلب الأرض والإنسان، ولكن، أيضًا، يريدون سلبه حق التعبير والإرادة وحقه في الحياة بشكل عام»، وأن «مثل هذا الإجراء فاشل قبل أن يتم»، مشيرًا إلى ضرورة «استعادة حرية المواطن اليمني قبل الحديث عن إجراء أي انتخابات، وطالما ما زلنا نعاني من عدوان الحوثيين وعلي عبد الله صالح عفاش، فإن أي إجراء أحادي، يعتبر تصعيدا للأزمة»، أما ياسين مكاوي،، فقد قال إن إعلان الحوثيين عن التحضير لانتخابات رئاسية، يعتبر «تأكيدا لما قلناه إن هذه العصابات المتمثلة في المخلوع صالح والحوثيين، غير جادين نحو تنفيذ قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2216»، وإن «على الشعب اليمني أن يعي بأن هؤلاء ما هم سوى مجموعة من المتمردين المجرمين الذين يصرون على العبث بالبلاد»، ودعا مكاوي «الشعب اليمني الخروج لمواجهتهم في صنعاء وفي المناطق التي لم يتم، حتى الآن، رفع السلاح في وجوه هذه المجموعات أو العصابات».
يذكر أن القرار الأممي 2216، يحضر، وبشكل صريح، على أي من أطراف النزاع اتخاذ إجراءات أحادية الجانب، من شأنها أن تعيق العملية السياسية والمساعي التي تجرى للتوصل إلى تسوية سياسية، في حين يسيطر الحوثيون على العاصمة صنعاء وعدد من المحافظات، التي وقعت في أيديهم بعد سيطرتهم عليها إثر الانقلاب الذي قادوه، العام الماضي، بالتحالف مع المخلوع علي عبد الله صالح، ضد الشرعية اليمنية، ممثلة في الرئيس عبد ربه منصور هادي وحكومة الكفاءات برئاسة خالد محفوظ بحاح.



اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
TT

اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)

استبعدت الحكومة اليمنية تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم، داعية إيران إلى رفع يدها عن البلاد ووقف تسليح الجماعة، كما حمّلت المجتمع الدولي مسؤولية التهاون مع الانقلابيين، وعدم تنفيذ اتفاق «استوكهولم» بما فيه اتفاق «الحديدة».

التصريحات اليمنية جاءت في بيان الحكومة خلال أحدث اجتماع لمجلس الأمن في شأن اليمن؛ إذ أكد المندوب الدائم لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أن السلام في بلاده «لا يمكن أن يتحقق دون وجود شريك حقيقي يتخلّى عن خيار الحرب، ويؤمن بالحقوق والمواطنة المتساوية، ويتخلّى عن العنف بوصفه وسيلة لفرض أجنداته السياسية، ويضع مصالح الشعب اليمني فوق كل اعتبار».

وحمّلت الحكومة اليمنية الحوثيين المسؤولية عن عدم تحقيق السلام، واتهمتهم برفض كل الجهود الإقليمية والدولية الرامية إلى إنهاء الأزمة اليمنية، وعدم رغبتهم في السلام وانخراطهم بجدية مع هذه الجهود، مع الاستمرار في تعنتهم وتصعيدهم العسكري في مختلف الجبهات وحربهم الاقتصادية الممنهجة ضد الشعب.

وأكد السعدي، في البيان اليمني، التزام الحكومة بمسار السلام الشامل والعادل والمستدام المبني على مرجعيات الحل السياسي المتفق عليها، وهي المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل، وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وفي مقدمتها القرار «2216».

عنصر حوثي يحمل صاروخاً وهمياً خلال حشد في صنعاء (رويترز)

وجدّد المندوب اليمني دعم الحكومة لجهود المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، هانس غروندبرغ، وكل المبادرات والمقترحات الهادفة لتسوية الأزمة، وثمّن عالياً الجهود التي تبذلها السعودية وسلطنة عمان لإحياء العملية السياسية، بما يؤدي إلى تحقيق الحل السياسي، وإنهاء الصراع، واستعادة الأمن والاستقرار.

تهديد الملاحة

وفيما يتعلق بالهجمات الحوثية في البحر الأحمر وخليج عدن، أشار المندوب اليمني لدى الأمم المتحدة إلى أن ذلك لم يعدّ يشكّل تهديداً لليمن واستقراره فحسب، بل يُمثّل تهديداً خطراً على الأمن والسلم الإقليميين والدوليين، وحرية الملاحة البحرية والتجارة الدولية، وهروباً من استحقاقات السلام.

وقال السعدي إن هذا التهديد ليس بالأمر الجديد، ولم يأتِ من فراغ، وإنما جاء نتيجة تجاهل المجتمع الدولي لتحذيرات الحكومة اليمنية منذ سنوات من خطر تقويض الميليشيات الحوثية لاتفاق «استوكهولم»، بما في ذلك اتفاق الحديدة، واستمرار سيطرتها على المدينة وموانيها، واستخدامها منصةً لاستهداف طرق الملاحة الدولية والسفن التجارية، وإطلاق الصواريخ والمسيرات والألغام البحرية، وتهريب الأسلحة في انتهاك لتدابير الجزاءات المنشأة بموجب قرار مجلس الأمن «2140»، والقرارات اللاحقة ذات الصلة.

حرائق على متن ناقلة النفط اليونانية «سونيون» جراء هجمات حوثية (رويترز)

واتهم البيان اليمني الجماعة الحوثية، ومن خلفها النظام الإيراني، بالسعي لزعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة، وتهديد خطوط الملاحة الدولية، وعصب الاقتصاد العالمي، وتقويض مبادرات وجهود التهدئة، وإفشال الحلول السلمية للأزمة اليمنية، وتدمير مقدرات الشعب اليمني، وإطالة أمد الحرب، ومفاقمة الأزمة الإنسانية، وعرقلة إحراز أي تقدم في عملية السلام التي تقودها الأمم المتحدة.

وقال السعدي: «على إيران رفع يدها عن اليمن، واحترام سيادته وهويته، وتمكين أبنائه من بناء دولتهم وصنع مستقبلهم الأفضل الذي يستحقونه جميعاً»، ووصف استمرار طهران في إمداد الميليشيات الحوثية بالخبراء والتدريب والأسلحة، بما في ذلك، الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة، بأنه «يمثل انتهاكاً صريحاً لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، لا سيما القرارين (2216) و(2140)، واستخفافاً بجهود المجتمع الدولي».