حياة المصممة كوكو شانيل.. من خلال عطر

معرض «شانيل نمبر 5» يكشف التأثيرات النفسية والثقافية وراء أسطورته

حياة المصممة كوكو شانيل.. من خلال عطر
TT

حياة المصممة كوكو شانيل.. من خلال عطر

حياة المصممة كوكو شانيل.. من خلال عطر

لم يكن أحد يتوقع حجم النجاح الذي سيحققه عطر «شانيل نمبر 5»، فأقصى ما يطمح إليه أي أنف أو مبتكر أن يحقق النجاح لبضع سنوات تتبخر بعدها رائحته في الهواء ليأتي الدور على غيره. لكن هذا العطر كسر كل القواعد والتوقعات، تماما مثل مبتكرته غابرييل شانيل، التي كتب عنها جون كوكتو: «نجحت بما يشبه المعجزة، أن تعمل في عالم الموضة، واتبعت قواعد تبدو أنها كانت خاصة بالرسامين والموسيقيين والشعراء فقط. لقد فرضت نبل الصمت على ضجيج المجتمع». ما يحسب لها أنها لم تولد وفي فمها ملعقة من ذهب، بل العكس تماما، ومع ذلك غيرت مفهوم الموضة بعد أن حررت المرأة من كل القيود من دون أن تجعلها تتنازل عن أنوثتها ونعومتها. والعطر بدوره ما هو إلا انعكاسا لرؤية صاحبته، بل يمكن القول: إنه مرآة تعكس الكثير من الجوانب الخاصة في شخصيتها وحياتها، لهذا كان من حقه أن يكتسب هو الآخر صفة أيقونية، لا سيما أنه لا يزال يحقق أعلى المبيعات رغم مرور أكثر من 92 عاما على صدوره.
هذه الصفة الأيقونية فتحت له أبواب «باليه دي طوكيو» المعروف باحتضانه أعمال الفن المعاصر، لكي يتعرف الناس على خلفياته الثقافية والفنية والنفسية والاجتماعية. ففي الرابع من شهر مايو (أيار) الحالي، احتفل أكثر من 400 ضيف مع دار «شانيل» بافتتاح معرض «نمبر 5 كالتشار شانيل» N°5 CULTURE CHANEL في بادرة يمكن أن تكون الأولى، بحكم أننا، ولحد الآن، لم نسمع عن معرض خاص بعطر أيا كان. ورغم بريق نجمات «شانيل نمبر 5» اللواتي ظهرن في إعلانات تروج له في فترة من الفترات، مثل كارولين بوكيه، فانيسا بارادي، أودري توتو، أنا موغلاليس وغيرهن، فإن الذي سرق البريق كان أمين المعرض، جون لوي فرومونت، وهو أيضا مؤسس متحف بوردو للفن المعاصر الرئيس الفني لمنظمة الأمير بيير دو موناكو، الذي أخذ الحضور في رحلة تغوص في أعماق العطر، أو بالأحرى أعماق صاحبته، غابرييل شانيل والتأثيرات التي كانت وراء ولادته، بدءا من علاقاتها الخاصة إلى علاقتها مع فنانين معاصرين من أمثال جون كوكتو، بابلو بيكاسو، سالفادور دالي وغيرهم ممن أثروا حياتها، مرورا بتراجيديتها وإحساسها بالفراغ العاطفي بعد مصرع الرجل الوحيد الذي أحبته بصدق، لاعب البولو الإنجليزي، إيل كابيلو، الملقب بـ«بوي». فقد كان أول رجل يؤمن بقدراتها وإمكانياتها ويمنحها ليس الحب والإحساس بالانتماء اللذين كانت تفتقدهما بسبب يتمها وطفولتها القاسية في ميتم فحسب، بل أيضا الإمكانيات المادية لكي تطلق العنان لهذه الإمكانيات الدفينة.
يشرح فرومونت «أن نمبر 5 ليس مجرد عطر، إنه حالة ثقافية ترتكز كليا على حس المغامرة الفنية والتاريخية»، لأنه ظهر للنور على خلفية فنية بدأت مع الحركة التكعيبية التي أطلقها بابلو بيكاسو في عام 1907 في لوحته الشهيرة «لي دموازيل دافنيون» واستمر مع فنانين آخرين ينتمون لمدارس مختلفة لكن القاسم المشترك بينهم دائما هو تكسير التابوهات والمألوف. لهذا عندما كلفت شانيل خبير العطور أرنست بو بابتكار عطر جديد، ركزت على أن يكون تجريديا بحيث لا يمكن تمييز مكوناته، وأن يكون أيضا مترفا وفريدا يصعب تقليده. كذلك ألحت أن يكون اصطناعيا، قائلة: «أؤكد على كلمة اصطناعي.. فأنا أريده مثل فستان.. أن يكون مصنوعا». وبالفعل منحها الخبير أرنست بو ما أرادته من خلال مزيج من الياسمين واليولانغ والسوسن ومكونات أخرى بلغ مجموعها الـ80 لكن لحد الآن يصعب تحديد أيها الغالب. كانت تستهدف منه أن يكون بداية لعطور عصرية بسيطة، مما يفسر أيضا بساطة شكل القارورة بالإضافة إلى اسمه الذي لا يرتبط بزمن أو مكان.
بيد أن العنصر الأقوى الذي يركز عليه المعرض هو الناحية النفسية ورمزية العطر بالنسبة للمصممة. وحسبما يؤكد فرومونت فإن «غابرييل شانيل أعطت للحب الغائب شكلا ملموسا في هذا العطر»، لأنه كان فرصتها للخروج من حالتها النفسية السيئة ومن خلاله حاولت تجسيد الغائب آرثر بوي كابيل، الحبيب الذي فقدته للأبد وأرادت أن تحتفظ بذكراه في قارورة تختزل كل مشاعر السعادة والحب التي كانت تكنها له، حتى تعوض الفراغ الذي تركه بداخلها. بعبارة أخرى، فإنها كانت، كما قال بروست، تبحث على تجسيد «ذكرى». فآرثر كابيل لم يكن الحب الكبير في حياتها فحسب، بل الرجل الذي تدين له بالكثير على الكثير من المستويات. فهو الذي ساعدها على تطوير نفسها وذوقها في مجالات الفن والأدب وعلوم الباطن. بعد تعرفها عليه، أصبحت نهمة قراءة، وعندما فقدته ظلت تبحث عنه في الكتب، خصوصا تلك التي شجعها على قراءتها، بالإضافة إلى غوصها في علوم الفلك والأرقام التي كان مسحورا بها. كما حاولت نسيانه بأي شكل، فسافرت إلى البندقية، التي كانت في ذلك الوقت بوابة الشرق والغرب، وهناك تعرفت على ثقافات أخرى حفرت لها مكانا في ذاكرتها لتجد طريقها في تصاميمها البيزنطية مثلا.
ويعود فرومونت للقول بأنها، بمعانقتها حزنها واستعمالها له كلغة إبداعية، أهدت نفسها أجمل عطر يختزل كل معاني الحياة والحب والذكريات السعيدة ليكون منقذها إلى حد ما.
تبدأ الجولة في المعرض بحديقة من تصميم بييت أودولف، مصمم الحدائق الهولندي المعروف بمشاريعه التي يحاول من خلالها دائما بسط الخارج إلى الداخل وجعله امتدادا له، ومنها ندلف إلى القاعة الفسيحة المقسمة إلى أقسام متنوعة بعضها يستعرض أعمال موديغلياني وبيكاسو، بما فيها رسائل كتبها هذا الأخير للآنسة شانيل، وبعضها الآخر صور فوتوغرافية التقطها مان راي أو سلفادور دالي بالإضافة إلى رسائل من كوكتو وهلم جرا. فقد كان لكل هؤلاء تأثيرهم على غابرييل شانيل، الأمر الذي تجسد في تصاميمها عبر المواسم، من دون أن ننسى أنها هي الأخرى أثرت عليهم وعلى أعمالهم.



الشخير عند المراهقين ربما يرتبط بمشكلات سلوكية

الشخير عند المراهقين ربما يرتبط بمشكلات سلوكية
TT

الشخير عند المراهقين ربما يرتبط بمشكلات سلوكية

الشخير عند المراهقين ربما يرتبط بمشكلات سلوكية

أظهرت دراسة حديثة أجراها باحثون في كلية الطب بجامعة ماريلاند بالولايات المتحدة، ونُشرت في النصف الثاني من شهر نوفمبر (تشرين الثاني) من العام الحالي في مجلة «الرابطة الطبية الأميركية» (JAMA Network Open) أن المراهقين الذين يعانون من أعراض الشخير (snoring) باستمرار، أكثر عرضة لمشاكل السلوك، مثل: عدم الانتباه، وخرق القواعد المتبعة، والعدوانية. وأكدت أن هذه السلوكيات ليست نتيجة لمرض عضوي عصبي في المخ، وبالتالي فإنهم لا يعانون من أي تراجع في قدراتهم المعرفية.

أسباب الشخير

يحدث الشخير بسبب صعوبة التنفس بشكل طبيعي من الأنف، لكثير من الأسباب، أشهرها تضخم اللوز واللحمية. ونتيجة لذلك يتنفس الطفل من الفم، وفي بعض الأحيان يحدث توقف مؤقت في التنفس أثناء النوم يجبر الطفل على الاستيقاظ. وعادة ما يكون ذلك بسبب ضيق مجرى الهواء أو انسداده. وفي الأغلب تؤدي مشاكل التنفس أثناء الليل إلى تقليل إمداد المخ بالأكسجين بشكل بسيط. وعلى المدى الطويل يؤدي ذلك إلى تغييرات طفيفة في المخ؛ خصوصاً أثناء التكوين في فترة الطفولة.

تتبع أثر الشخير لسنوات طويلة

تُعد هذه الدراسة هي الأكبر حتى الآن في تتبع عرض الشخير وأثره على الأطفال، بداية من مرحلة الدراسة الابتدائية وحتى منتصف مرحلة المراهقة؛ حيث قام الباحثون بتحليل البيانات الخاصة بنحو 12 ألف طالب مسجلين في دراسة خاصة بالتطور المعرفي للمخ في المراهقين (ABCD) في الولايات المتحدة.

وتم عمل مسح كامل للتاريخ المرضي لعرض الشخير عن طريق سؤال الآباء عن بداية ظهوره، ومعدل تكراره، سواء في مرحلة الطفولة أو المراهقة. وكانت سن الأطفال وقت بداية الدراسة يتراوح بين 9 و10 سنوات. وكانت هناك زيارات سنوية لهم حتى سن 15 سنة، لتقييم تطور عرض الشخير، وكذلك لمتابعة قدراتهم المعرفية ومعرفة مشاكلهم السلوكية.

عدوانية وفشل اجتماعي

وجد الباحثون أن المراهقين الذين يعانون من عرض الشخير 3 مرات أو أكثر في الأسبوع، كانوا أكثر عرضة لمشاكل سلوكية، مثل عدم الانتباه في الفصل، وافتعال المشكلات مع الآخرين، وفي المجمل اتسم سلوكهم بالعدوانية والعنف، ومعظمهم عانوا من الفشل الاجتماعي وعدم القدرة على تكوين أصدقاء، بالإضافة إلى عدم قدرتهم على التعبير عن عواطفهم أو أفكارهم بشكل كافٍ.

وجدت الدراسة أيضاً أن هذه المشاكل السلوكية لم ترتبط بمشاكل إدراكية، وهؤلاء الأطفال لم يظهروا أي اختلافات في قدرتهم على القراءة والكتابة أو التواصل اللغوي، وأيضاً لم يكن هناك أي اختلاف في اختبارات الذاكرة والمهارات المعرفية والقدرة على استدعاء المعلومات، مقارنة بأقرانهم الذين لا يعانون من الشخير. ووجد الباحثون أيضاً أن معدلات الشخير انخفضت مع تقدم الأطفال في السن، حتى من دون أي علاج.

علاج الشخير لتقويم السلوك

تُعد نتائج هذه الدراسة شديدة الأهمية؛ لأنها تربط بين الشخير ومشاكل السلوك، وبالتالي يمكن أن يؤدي علاج سبب اضطراب التنفس (الذي يؤدي إلى الشخير) إلى تقويم سلوك المراهق، وعلى وجه التقريب هناك نسبة من الأطفال الأميركيين تصل إلى 15 في المائة، تعاني من شكل من أشكال اضطراب التنفس أثناء النوم. وفي كثير من الأحيان يتم تشخيص نسبة كبيرة من هؤلاء الأطفال خطأ على أنهم مصابون باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه، ويتم علاجهم بالأدوية المنشطة، رغم عدم احتياجهم لهذه الأدوية.

في النهاية، نصحت الدراسة الآباء بضرورة متابعة عرَض الشخير باهتمام. وفي حالة ارتباط العرض بمشاكل سلوكية يجب عرض الطفل على الطبيب لتحديد السبب، إذا كان نتيجة لمشاكل في التنفس أو مشكلة عصبية، ويتم العلاج تبعاً للحالة المرضية.