6 ملايين ناخب يتوجهون اليوم إلى صناديق الاقتراع لاختيار رئيس هاييتي الجديد

50 مرشحًا يتنافسون على المنصب في انتخابات شابتها أعمال عنف

مشرد نائماً بالقرب من واجهة إعلانية بمدينة بورث أوبرانس تضم صور أهم المرشحين للانتخابات الرئاسية في هايتي (أ.ب)
مشرد نائماً بالقرب من واجهة إعلانية بمدينة بورث أوبرانس تضم صور أهم المرشحين للانتخابات الرئاسية في هايتي (أ.ب)
TT

6 ملايين ناخب يتوجهون اليوم إلى صناديق الاقتراع لاختيار رئيس هاييتي الجديد

مشرد نائماً بالقرب من واجهة إعلانية بمدينة بورث أوبرانس تضم صور أهم المرشحين للانتخابات الرئاسية في هايتي (أ.ب)
مشرد نائماً بالقرب من واجهة إعلانية بمدينة بورث أوبرانس تضم صور أهم المرشحين للانتخابات الرئاسية في هايتي (أ.ب)

من المتوقع أن تلقي الأزمة السياسية التي تمر بها هاييتي بظلالها على الانتخابات الجارية، حيث توجه نحو ستة ملايين ناخب مسجل إلى مراكز الاقتراع اليوم الأحد للإدلاء بأصواتهم في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، وسط آمال دولية بتحسن الأوضاع في دولة، يبدو أنها تعاني مشكلة أبدية، بسبب الفقر المدقع وتبخر الوعود التي قدمها رئيس هاييتي، المطرب السابق مايكل مارتيلي، خلال سنوات حكمه لأفقر دولة في الأميركتين، وعجزه عن التخفيف من معاناة مواطنيه، ولذلك يعلق المراقبون آمالا كبيرة على الانتخابات الرئاسية اليوم في اختيار رئيس جديد ينتشل البلاد من مستنقع الفقر الغارقة فيه.
ووصل المغني السابق مارتيلي إلى سدة الحكم في هاييتي سنة 2011، ولكنه لم يحدث أي تغيير جوهري في الأوضاع المتردية في بلاده. ومع ذلك فإنه ومقارنة بتاريخها الحديث، سارت الأمور بشكل لا بأس به على مدار السنوات الخمس الأخيرة في هاييتي، حيث لم تشهد البلاد إلى حد كبير كوارث طبيعية، ولم يتم الإطاحة بالرئيس مارتيلي في أعمال شغب أو انقلاب يطيح به. كما أن أعمال إعادة الإعمار بعد الزلزال، الذي خلف أكثر من 200 ألف قتيل في يناير (كانون الثاني) من سنة 2010، لا تزال تتقدم ببطء في العاصمة بورث أوبرانس، حيث تمكن مؤخرا آلاف الأشخاص الذين شردوا جراء الكارثة من مغادرة الخيام التي كانوا يقيمون فيها من حينها، إلا أن هاييتي لم تستطع الاعتماد على نفسها حتى الآن، إذ إنها وباعتبارها أفقر دولة في الأميركتين لا تزال تعتمد على المساعدات الأجنبية، بينما يهيمن الفقر والعنف على الحياة في الشوارع.
ويحظر دستور هاييتي خوض رئيس البلاد الانتخابات للفوز بفترة أخرى. وبعد جولة أولى من الانتخابات البرلمانية في التاسع من أغسطس (آب) الماضي حسم أمر القليل من المقاعد، وسوف يختار الناخبون في هاييتي باقي أعضاء البرلمان في جولة الإعادة المقررة أمس الأحد أيضا. ومن المقرر خلال الانتخابات البرلمانية انتخاب ثلثي مقاعد مجلس الشيوخ، المؤلف من 30 مقعدا، وكل أعضاء مجلس النواب البالغ عددهم 119 عضوا، إلى جانب اختيار رئيس للبلاد.
وتسبب نزاع في مجلس الشيوخ في عدم إجراء الانتخابات في وقت مبكر، وبالتالي انتقلت كل صلاحيات البرلمان الوطني في يناير الماضي إلى الرئيس مارتيلي ليصدر قرارات لها قوة القانون، وبالتالي فإن إجراء الانتخابات اليوم يعد نبأ سارا لكل المواطنين. وسيتنافس على منصب الرئيس أكثر من 50 مرشحا في انتخابات، شابت حملاتها أعمال عنف.
ورغم عدم التعويل على نتائج استطلاعات الرأي في هاييتي، حسب بعض المراقبين، فإنها تشير إلى أن جود سيلستين سيكون هو الأوفر حظا في الفوز بالجولة الأولى اليوم، وفي حال فشل أي من المرشحين في حسم المعركة لصالحه في الجولة الأولى، سيتم إجراء جولة إعادة في 27 من ديسمبر (كانون الأول) المقبل بين المرشحين الاثنين الأعلى أصواتا.
وخاض سيلستين، مرشح حزب «إل إيه بي إيه إتش» بالفعل انتخابات نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2010، وكان مدعوما من الرئيس رينيه بريفال آنذاك. وبعد تقدمه على مارتيلي، وحصوله على المركز الثاني في الجولة الأولى المتنازع عليها، تم الإعلان عن فوز مارتيلي وسط مزاعم بحدوث مخالفات في جولة الإعادة في مارس (آذار) من نفس السنة.
ويتوقع مراقبون إجراء جولة إعادة بين سيلستين ومرشح حزب مارتيلي «بي إتش تي كيه» رجل الأعمال الشاب جوفينيل مواسي، الأمر الذي يتطلب قدرا من البراعة والحذر في ذات الوقت، وبحسب استطلاعات الرأي فإنه في حال فوز مواسي فإنه سوف يواجه السيناتور الشعبوي السابق جون شارل في جولة الإعادة.
وتنتهي ولاية مارتيلي في أوائل سنة 2016، ويمكن أن ينظر إلى إجراء عملية انتخابية منظمة لاختيار خليفة مارتيلي بمثابة نجاح له، وإن كان محدودا.



بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
TT

بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)

بعد التدهور الأخير في الأوضاع الأمنية التي تشهدها البيرو، بسبب الأزمة السياسية العميقة التي نشأت عن عزل الرئيس السابق بيدرو كاستيو، وانسداد الأفق أمام انفراج قريب بعد أن تحولت العاصمة ليما إلى ساحة صدامات واسعة بين القوى الأمنية والجيش من جهة، وأنصار الرئيس السابق المدعومين من الطلاب من جهة أخرى، يبدو أن الحكومات اليسارية والتقدمية في المنطقة قررت فتح باب المواجهة السياسية المباشرة مع حكومة رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي، التي تصرّ على عدم تقديم موعد الانتخابات العامة، وتوجيه الاتهام للمتظاهرين بأنهم يستهدفون قلب النظام والسيطرة على الحكم بالقوة.
وبدا ذلك واضحاً في الانتقادات الشديدة التي تعرّضت لها البيرو خلال القمة الأخيرة لمجموعة بلدان أميركا اللاتينية والكاريبي، التي انعقدت هذا الأسبوع في العاصمة الأرجنتينية بوينوس آيريس، حيث شنّ رؤساء المكسيك والأرجنتين وكولومبيا وبوليفيا هجوماً مباشراً على حكومة البيرو وإجراءات القمع التي تتخذها منذ أكثر من شهر ضد المتظاهرين السلميين، والتي أدت حتى الآن إلى وقوع ما يزيد عن 50 قتيلاً ومئات الجرحى، خصوصاً في المقاطعات الجنوبية التي تسكنها غالبية من السكان الأصليين المؤيدين للرئيس السابق.
وكان أعنف هذه الانتقادات تلك التي صدرت عن رئيس تشيلي غابرييل بوريتش، البالغ من العمر 36 عاماً، والتي تسببت في أزمة بين البلدين مفتوحة على احتمالات تصعيدية مقلقة، نظراً لما يحفل به التاريخ المشترك بين البلدين المتجاورين من أزمات أدت إلى صراعات دموية وحروب دامت سنوات.
كان بوريتش قد أشار في كلمته أمام القمة إلى «أن دول المنطقة لا يمكن أن تدير وجهها حيال ما يحصل في جمهورية البيرو الشقيقة، تحت رئاسة ديما بولوارتي، حيث يخرج المواطنون في مظاهرات سلمية للمطالبة بما هو حق لهم ويتعرّضون لرصاص القوى التي يفترض أن تؤمن الحماية لهم».
وتوقّف الرئيس التشيلي طويلاً في كلمته عند ما وصفه بالتصرفات الفاضحة وغير المقبولة التي قامت بها الأجهزة الأمنية عندما اقتحمت حرم جامعة سان ماركوس في العاصمة ليما، مذكّراً بالأحداث المماثلة التي شهدتها بلاده إبّان ديكتاتورية الجنرال أوغوستو بينوتشي، التي قضت على آلاف المعارضين السياسيين خلال العقود الثلاثة الأخيرة من القرن الماضي.
وبعد أن عرض بوريتش استعداد بلاده لمواكبة حوار شامل بين أطياف الأزمة في البيرو بهدف التوصل إلى اتفاق يضمن الحكم الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان، قال «نطالب اليوم، بالحزم نفسه الذي دعمنا به دائماً العمليات الدستورية في المنطقة، بضرورة تغيير مسار العمل السياسي في البيرو، لأن حصيلة القمع والعنف إلى اليوم لم تعد مقبولة بالنسبة إلى الذين يدافعون عن حقوق الإنسان والديمقراطية، والذين لا شك عندي في أنهم يشكلون الأغلبية الساحقة في هذه القمة».
تجدر الإشارة إلى أن تشيلي في خضمّ عملية واسعة لوضع دستور جديد، بعد أن رفض المواطنون بغالبية 62 في المائة النص الدستوري الذي عرض للاستفتاء مطلع سبتمبر (أيلول) الفائت.
كان رؤساء المكسيك وكولومبيا والأرجنتين وبوليفيا قد وجهوا انتقادات أيضاً لحكومة البيرو على القمع الواسع الذي واجهت به المتظاهرين، وطالبوها بفتح قنوات الحوار سريعاً مع المحتجين وعدم التعرّض لهم بالقوة.
وفي ردّها على الرئيس التشيلي، اتهمت وزيرة خارجية البيرو آنا سيسيليا جيرفاسي «الذين يحرّفون سرديّات الأحداث بشكل لا يتطابق مع الوقائع الموضوعية»، بأنهم يصطادون في الماء العكر. وناشدت المشاركين في القمة احترام مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى، والامتناع عن التحريض الآيديولوجي، وقالت «يؤسفني أن بعض الحكومات، ومنها لبلدان قريبة جداً، لم تقف بجانب البيرو في هذه الأزمة السياسية العصيبة، بل فضّلت تبدية التقارب العقائدي على دعم سيادة القانون والنصوص الدستورية». وأضافت جيرفاسي: «من المهين القول الكاذب إن الحكومة أمرت باستخدام القوة لقمع المتظاهرين»، وأكدت التزام حكومتها بصون القيم والمبادئ الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وسيادة القانون، رافضة أي تدخّل في شؤون بلادها الداخلية، ومؤكدة أن الحكومة ماضية في خطتها لإجراء الانتخابات في الموعد المحدد، ليتمكن المواطنون من اختيار مصيرهم بحرية.
ويرى المراقبون في المنطقة أن هذه التصريحات التي صدرت عن رئيس تشيلي ليست سوى بداية لعملية تطويق إقليمية حول الحكومة الجديدة في البيرو بعد عزل الرئيس السابق، تقوم بها الحكومات اليسارية التي أصبحت تشكّل أغلبية واضحة في منطقة أميركا اللاتينية، والتي تعززت بشكل كبير بعد وصول لويس إينياسيو لولا إلى رئاسة البرازيل، وما تعرّض له في الأيام الأخيرة المنصرمة من هجمات عنيفة قام بها أنصار الرئيس السابق جاير بولسونارو ضد مباني المؤسسات الرئيسية في العاصمة برازيليا.