الجيش الحر يرد على لافروف: لن نوجه بندقيتنا باتجاه «داعش» قبل إسقاط النظام

تناقض كبير في التصريحات الرسمية الروسية بشأن المعارضة السورية المعتدلة

سيرغي لافروف
سيرغي لافروف
TT

الجيش الحر يرد على لافروف: لن نوجه بندقيتنا باتجاه «داعش» قبل إسقاط النظام

سيرغي لافروف
سيرغي لافروف

تستغرب المعارضة السورية السياسية كما العسكرية «كم التناقض» الذي يطبع التصريحات الرسمية الروسية بشأن تعاملها مع القوى المعتدلة، فبعد أيام من اعتبار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن «تقسيم الإرهابيين بين معتدلين وغير معتدلين أمر غير صحيح لأن جميعهم أعداء الحضارة البشرية»، خرج وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف بالأمس ليعرب عن استعداد القوات الجوية الروسية في سوريا لتقديم غطاء للجيش السوري الحر، المدعوم من الغرب والذي يقاتل ضد الرئيس السوري بشار الأسد، لمواجهة تنظيم داعش.
لافروف قال في مقابلة مع قناة «روسيا 1» التلفزيونية: «نحن مستعدون أيضا لدعم المعارضة الوطنية جويا، بما في ذلك ما يسمى الجيش السوري الحر». وأضاف: «المهم بالنسبة لنا هو التواصل مع الأشخاص الذين يمثلونها ويمثلون مجموعات مسلحة تحارب الإرهاب».
وردًا على كلام الوزير الروسي، اعتبر رامي الدالاتي، عضو المجلس الأعلى للقيادة العسكرية للجيش السوري الحر، أن الروس «باتوا يبحثون عن مخرج لـ(ورطة) ضرب الجيش الحر بعدما قطعوا كل العلاقات معه». وأردف أن الجيش الحر «لن يمد يده لموسكو بعد كل ما اقترفته يداها على الأراضي السورية، والأهم أنه لن يوجه بندقيته باتجاه (داعش) قبل إسقاط النظام». وتابع الدالاتي في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «الثورة قامت ضد استبداد النظام، و(داعش) ما وُجد أصلا لولا تمادي هذا النظام ببطشه وجرائمه، وبالتالي، نؤكد أننا لسنا مستعدين للجلوس مع الروس في خندق واحد لقتال (داعش)».
ورأى الدالاتي أنّه «قد يكون من المفيد في الوقت الحالي أن ينصرف الروس لتحديد من هم المعتدلون بنظرهم ومن هم المتشدّدون، علما بأننا أصلا لم ولن نلتزم بما يقررونه بهذا الصدد». وأضاف: «أما بشأن ما يُحكى عن طروحات تسوقها موسكو لحل الأزمة في فيينا، فنؤكد أننا غير معنيين بها خاصة أنه لا طرف سوريًا يشارك في الاجتماعات التي تُعقد هناك».
وتساءل الدالاتي «أيظنون (أي الروس) أنهم قادرون على أن يفرضوا علينا حلولاً يصوغونها هم وفق مصالحهم الخاصة وبغياب المعارضة السورية والجيش الحر؟» مستطردًا «إنهم مخطئون كثيرا إذا ظنوا أننا قد نسير بسيناريو حل... يسلم المجلس العسكري كامل السلطات، فما نسعى إليه عملية إصلاح شاملة لا تعيد إنتاج السلطة الحالية بقالب جديد».
ومن جهة ثانية، صرّح أحمد السعود، المتحدث باسم الفرقة 13 المدعومة من الغرب، لوكالة الصحافة الفرنسية بأن «روسيا ضربت فصائل الجيش الحر، والآن تريد التعاون معنا، وهي متمسكة بالأسد، لم نفهم شيئا من روسيا!» وكانت «الشرق الأوسط» قد أوردت بالأمس تفاصيل الخطة التي تروّج لها موسكو وتقضي بتجميد القتال مع «الجيش السوري الحر» وفك الحصارات المتبادلة، وإجراء انتخابات برلمانية، وحكومة انتقالية، وانتخابات رئاسية، من دون أن تضع روزنامة واضحة للتسلسل الزمني لهذه الخطوات أو لمصير الأسد.
وفي هذه الأثناء، اعتبر أحمد رمضان، عضو «الائتلاف» السوري المعارض، أن «ما يروّج له الروس، وخاصة تصريحاتهم المتناقضة مع أفعالهم بخصوص التعاطي مع الجيش السوري الحر والمعارضة المعتدلة، كلها تعكس حجم المأزق الذي وقعوا فيه، خاصة، أنّه قد تبيّن لهم أنّهم غير قادرين على تحقيق أي تقدم يُذكر على المستوى الميداني في ظل تنامي موجة غضب عارمة في العالم الإسلامي، كما في العالم أجمع، بوجههم بعدما تبين للجميع أن الروس يستهدفون المدنيين والجيش الحر وليس (داعش)».
وتابع رمضان في حديث أدلى به لـ«الشرق الأوسط»: «نحن كمعارضة على اطلاع على طرح روسي ينص على 3 نقاط: النقطة الأولى تتحدث عن انتخابات برلمانية بمَن حضر.
والنقطة الثانية تشير إلى انتخابات رئاسية بعد انتهاء ولاية الأسد أو انتخابات مبكرة يشارك فيها الأخير. أما النقطة الثالثة فتشير إلى تشكيل حكومة وحدة وطنية.
كل هذا طرح نرفضه جملة وتفصيلاً، ولقد أبلغنا الروس كما الأطراف المعنية بذلك لأننا نعتبره بمثابة عملية إنتاج جديدة للأسد ونظامه». وأشار رمضان إلى أن المعارضة السورية «مقتنعة حاليا بعدم جدية الجانب الروسي بالتوصّل إلى تسوية سياسية للأزمة»، وأردف «قد يفكر (الجانب الروسي) جديًا في الموضوع بعد شهر أو اثنين حين يدرك أنّه غير قادر على تحقيق أي تقدم يُذكر على أرض الواقع».



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم