معارك محتدمة في ريف حلب تودي بحياة 65 مقاتلاً

المعارضة تتهم الروس بـ«التدمير العشوائي».. و«داعش» يقطع أهم طرق إمداد النظام

عسكريون من قوات النظام السوري يتجولون في قرية الجبول القريبة من مدينة حلب عاصمة الشمال السوري، وذلك بعد استيلائهم على القرية من مسلحي تنظيم داعش (أ.ف.ب)
عسكريون من قوات النظام السوري يتجولون في قرية الجبول القريبة من مدينة حلب عاصمة الشمال السوري، وذلك بعد استيلائهم على القرية من مسلحي تنظيم داعش (أ.ف.ب)
TT

معارك محتدمة في ريف حلب تودي بحياة 65 مقاتلاً

عسكريون من قوات النظام السوري يتجولون في قرية الجبول القريبة من مدينة حلب عاصمة الشمال السوري، وذلك بعد استيلائهم على القرية من مسلحي تنظيم داعش (أ.ف.ب)
عسكريون من قوات النظام السوري يتجولون في قرية الجبول القريبة من مدينة حلب عاصمة الشمال السوري، وذلك بعد استيلائهم على القرية من مسلحي تنظيم داعش (أ.ف.ب)

قُتل ما لا يقلّ عن 65 عنصرًا من قوات النظام السوري وفصائل المعارضة المسلّحة وتنظيم داعش في المعارك التي شهدتها محافظة حلب في شمال سوريا خلال الساعات الـ24 ساعة الأخيرة. ولقد أفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» عن أن «أكثر من 28 مقاتلاً من تنظيم داعش قتلوا، كما قضى 21 عنصرا على الأقل من قوات النظام والمسلحين الموالين لها، نتيجة الاشتباكات المتواصلة والغارات الروسية على مناطق الاشتباكات عند طريق خناصر - أثريا في ريف حلب الجنوب الشرقي». وللعلم، تعد هذه الطريق حيوية لقوات النظام، التي تستخدمها لنقل إمداداتها من وسط البلاد باتجاه مناطق سيطرتها في محافظة حلب. راهنًا تتقاسم قوات الأسد والفصائل المقاتلة السيطرة على حلب، ثاني كبرى سوريا، التي تشهد معارك ضارية منذ صيف 2012. ولقد تمكن تنظيم داعش أول من أمس (الجمعة) من قطع هذه الطريق إثر هجوم نفذه فجرًا بدأ بعمليتين انتحاريتين.
في هذه الأثناء، في ريف محافظة حلب الجنوبي، دارت اشتباكات بين قوات النظام والفصائل المقاتلة في إطار العملية العسكرية البرّية التي بدأها جيش النظام في 16 أكتوبر (تشرين الأول) في تلك المنطقة مدعومًا بتغطية جوية روسية. وأسفرت المواجهات عن مقتل ما لا يقل عن 16 عنصرًا من فصائل المعارضة جراء الاشتباكات والغارات الروسية. حول هذا الموضوع، أعلن ياسر النجار، عضو المجلس الأعلى للثورة في حلب وريفها، أن «المعارك التي تحصل في ريف حلب الجنوبي، المطلّ على أوتوستراد دمشق حلب الدولي، حيث الثقل الإيراني وكثافة الضربات الجوية الروسية، تهدف إلى تحقيق نصر صوري يحفظ ماء وجه ثلاثي النظام وإيران وروسيا، بعد أكثر من ثلاثة أسابيع على التدخل الروسي المباشر».
وأكد النجار في تصريح أدلى به لـ«الشرق الأوسط»، أن «الطيران (الحربي) الروسي يلجأ إلى ضربات تدميرية هائلة غير منتقاة وقصف عشوائي، على منطقة ليس فيها كثافة قوية لمقاتلي المعارضة، بسبب طبيعة المنطقة الصحراوية، وهو ما أدى إلى تهجير أكثر من 100 ألف مواطن يبيتون الآن في العراء». ولفت إلى أن «غاية النظام السوري والروس تحقيق انتصار دعائي في هذه الخاصرة الرخوة، والسعي إلى الحفاظ على آخر خطوط الإمداد، بعد سيطرة تنظيم داعش على طريق أثريا، وحرمان النظام من طريق الإمداد الحيوي لديه». وحاليًا، تؤكد روسيا أن الغارات الجوية التي تنفذها منذ أكثر من أسبوعين بالتنسيق مع جيش النظام السوري تستهدف تنظيم داعش ومجموعات «إرهابية» أخرى، في حين تنتقدها الدول الغربية لشنها أيضًا ضربات ضد مواقع فصائل مقاتلة أخرى.
وحسب كلام النجار فإن النظام «يتعرض لضغوط هائلة من الروس الذين يريدون تحقيق إنجاز شكلي على جبهتي ريف حلب الشمالي والشرقي، قبل قمة الـ20، خصوصًا في المناطق التي تفتح لهم الطريق إلى إدلب، لكن النظام يعرف وكذلك الروس أن ليس بإمكانهم تحقيق أي نصر على الأرض»، مشيرًا إلى أن «قوات النظام كانت مهيّأة في أي لحظة للانسحاب في ريف حلب الشمالي، لكن الضغط الروسي منعها من ذلك». وأوضح أن «جبهة الريف الشرقي لحلب، خصوصًا مطار كويرس ومحيطه، هي الآن في قبضة (داعش)، ولذا فإن المعركة هناك إيرانية بامتياز، وقد لاحظنا في الفترة الأخيرة سقوط قتلى من القيادات الإيرانية وحزب الله، ولهذه الأسباب لن يكون بمقدور النظام والإيرانيين وحتى الروس إحداث تغيير على الأرض في المدى المنظور».
من ناحية أخرى، على الرغم من الدعاية الروسية عن حجم غاراتها الجوية وتدمير بالطيران الحربي الروسي مواقع لمن تسميهم موسكو بـ«الإرهابيين»، يعتقد النجار أن «النظام وحلفاءه غير جاهزين لمعركة حاسمة، لأن قوّة الثوار على المواجهة وإلحاق الهزيمة بهم كبيرة ويعتدّ بها»، متوقعًا أن «تتجه جبهة حلب إلى حالة من الاستراحة خلال الأيام المقبلة، في انتظار ما سيكون عليه وضع الجبهات الأخرى خصوصًا في محافظة حماه وريفها وريف محافظة حمص».
عودة إلى ريف حلب الشرقي، أورد المرصد السوري لحقوق الإنسان، أن الطيران الحربي نفّذ بعد منتصف ليل الجمعة/ السبت غارات عدة على مناطق في محيط مطار كويرس العسكري المحاصر من قبل تنظيم داعش. في حين استمرت الاشتباكات العنيفة بين قوات النظام والفصائل المقاتلة في محيط مدينة تلبيسة بريف حمص الشمالي وسط تغطية جوية روسية. ويأتي ذلك في إطار الهجوم البري الذي بدأه جيش النظام في ريف حمص الشمالي منذ 15 أكتوبر الحالي. هذا، وتسيطر الفصائل المقاتلة على تلبيسة منذ عام 2012، وفشلت كل محاولات قوات النظام لاستعادتها منذ ذلك الحين. وتكمن أهميتها في أنها تقع على الطريق الرئيسية بين مدينتي حمص وحماه في وسط البلاد الغربي.



اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
TT

اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)

استبعدت الحكومة اليمنية تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم، داعية إيران إلى رفع يدها عن البلاد ووقف تسليح الجماعة، كما حمّلت المجتمع الدولي مسؤولية التهاون مع الانقلابيين، وعدم تنفيذ اتفاق «استوكهولم» بما فيه اتفاق «الحديدة».

التصريحات اليمنية جاءت في بيان الحكومة خلال أحدث اجتماع لمجلس الأمن في شأن اليمن؛ إذ أكد المندوب الدائم لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أن السلام في بلاده «لا يمكن أن يتحقق دون وجود شريك حقيقي يتخلّى عن خيار الحرب، ويؤمن بالحقوق والمواطنة المتساوية، ويتخلّى عن العنف بوصفه وسيلة لفرض أجنداته السياسية، ويضع مصالح الشعب اليمني فوق كل اعتبار».

وحمّلت الحكومة اليمنية الحوثيين المسؤولية عن عدم تحقيق السلام، واتهمتهم برفض كل الجهود الإقليمية والدولية الرامية إلى إنهاء الأزمة اليمنية، وعدم رغبتهم في السلام وانخراطهم بجدية مع هذه الجهود، مع الاستمرار في تعنتهم وتصعيدهم العسكري في مختلف الجبهات وحربهم الاقتصادية الممنهجة ضد الشعب.

وأكد السعدي، في البيان اليمني، التزام الحكومة بمسار السلام الشامل والعادل والمستدام المبني على مرجعيات الحل السياسي المتفق عليها، وهي المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل، وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وفي مقدمتها القرار «2216».

عنصر حوثي يحمل صاروخاً وهمياً خلال حشد في صنعاء (رويترز)

وجدّد المندوب اليمني دعم الحكومة لجهود المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، هانس غروندبرغ، وكل المبادرات والمقترحات الهادفة لتسوية الأزمة، وثمّن عالياً الجهود التي تبذلها السعودية وسلطنة عمان لإحياء العملية السياسية، بما يؤدي إلى تحقيق الحل السياسي، وإنهاء الصراع، واستعادة الأمن والاستقرار.

تهديد الملاحة

وفيما يتعلق بالهجمات الحوثية في البحر الأحمر وخليج عدن، أشار المندوب اليمني لدى الأمم المتحدة إلى أن ذلك لم يعدّ يشكّل تهديداً لليمن واستقراره فحسب، بل يُمثّل تهديداً خطراً على الأمن والسلم الإقليميين والدوليين، وحرية الملاحة البحرية والتجارة الدولية، وهروباً من استحقاقات السلام.

وقال السعدي إن هذا التهديد ليس بالأمر الجديد، ولم يأتِ من فراغ، وإنما جاء نتيجة تجاهل المجتمع الدولي لتحذيرات الحكومة اليمنية منذ سنوات من خطر تقويض الميليشيات الحوثية لاتفاق «استوكهولم»، بما في ذلك اتفاق الحديدة، واستمرار سيطرتها على المدينة وموانيها، واستخدامها منصةً لاستهداف طرق الملاحة الدولية والسفن التجارية، وإطلاق الصواريخ والمسيرات والألغام البحرية، وتهريب الأسلحة في انتهاك لتدابير الجزاءات المنشأة بموجب قرار مجلس الأمن «2140»، والقرارات اللاحقة ذات الصلة.

حرائق على متن ناقلة النفط اليونانية «سونيون» جراء هجمات حوثية (رويترز)

واتهم البيان اليمني الجماعة الحوثية، ومن خلفها النظام الإيراني، بالسعي لزعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة، وتهديد خطوط الملاحة الدولية، وعصب الاقتصاد العالمي، وتقويض مبادرات وجهود التهدئة، وإفشال الحلول السلمية للأزمة اليمنية، وتدمير مقدرات الشعب اليمني، وإطالة أمد الحرب، ومفاقمة الأزمة الإنسانية، وعرقلة إحراز أي تقدم في عملية السلام التي تقودها الأمم المتحدة.

وقال السعدي: «على إيران رفع يدها عن اليمن، واحترام سيادته وهويته، وتمكين أبنائه من بناء دولتهم وصنع مستقبلهم الأفضل الذي يستحقونه جميعاً»، ووصف استمرار طهران في إمداد الميليشيات الحوثية بالخبراء والتدريب والأسلحة، بما في ذلك، الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة، بأنه «يمثل انتهاكاً صريحاً لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، لا سيما القرارين (2216) و(2140)، واستخفافاً بجهود المجتمع الدولي».