هيئة المدن السعودية تسحب الأراضي الصناعية من المستثمرين المتأخرين في البناء والإنتاج

مستثمرون: تكاليف البناء والتجهيزات مرتفعة.. ونواجه صعوبات في التمويل

هيئة المدن السعودية تسحب الأراضي الصناعية من المستثمرين المتأخرين في البناء والإنتاج
TT

هيئة المدن السعودية تسحب الأراضي الصناعية من المستثمرين المتأخرين في البناء والإنتاج

هيئة المدن السعودية تسحب الأراضي الصناعية من المستثمرين المتأخرين في البناء والإنتاج

بدأت هيئة المدن السعودية «مدن» في إجراءات سحب الأراضي الصناعية من المستثمرين الذين لم يكملوا مراحل البناء والإنتاج منذ تسلم المواقع وحتى انتهاء فترة السماح الممنوحة لهم بحسب أنظمة ولوائح الهيئة الجديدة.
وقال سامي الحسيني المتحدث باسم هيئة المدن الصناعية لـ«الشرق الأوسط»: «إن إجراءات سحب الأراضي من المستثمرين تعود إلى عدم بدء التخطيط والبناء والإنتاج وفق المهلة المحددة.
وأوضح الحسيني أن الهدف من تلك الإجراءات هو منع المستثمر من الاحتفاظ بالأرض وإبقاؤها خالية، وضمان الاستفادة من الأراضي الصناعية من قبل مستثمر صناعي جاد يحقق الهدف الأساسي من إتاحة الأراضي الصناعية، وهو إنشاء مصنع مُنتج يعود بالنفع والفائدة على قطاع الصناعة، ويكون رافدا للتنمية الاقتصادية عن طريق خلق فرص العمل وتحفيز النمو الصناعي.
وأبان أن دفع قيمة الإيجار لا يعني عدم مخالفة العقد، لأنه ليس شرطا وحيدا في بنود العقد، إذ إن هناك شروطا أخرى يجب الالتزام بها، وعدم الالتزام بأحدها أو ببعضها يجيز إلغاء العقد، مشيرا إلى أن العدد قليل جدا ويعود في معظمه لأسباب قانونية ليس لها علاقة بالنشاط، كأن يكون خلافًا بين ورثة.
من جانبه، قال حسن الزنيد رئيس مصنع الزنيد للحديد لـ«الشرق الأوسط» إن الهيئة طلبت منه ومن بقية المستثمرين تسليم المواقع بعد إعطائهم مهلة عاما كاملا لاستكمال تشغيل المصانع، وطلبت تحويلهم إلى عقود جديدة، في الوقت الذي تنص العقود القديمة على دفع الإيجار السنوي بالأسعار القديمة وليست الجديدة، حيث يصل سعر المتر إلى ريال.
وأوضح الحسيني أن الهيئة لا تطلب توقيع عقود جديدة إلا عندما يكون هناك إلغاء عقود، مشيرا إلى أن سبب إلغائها يعود إلى أنها ناجمة عن سحب الأرض، كما لا يعني أن من جرى سحب أرضه سيوقع عقدا جديدا.
وطالب الزنيد بضرورة دعم المستثمرين الصناعيين من خلال تسهيل إجراءات الإقراض في الصناديق الحكومية، بالإضافة إلى توجيه البنوك التجارية بعمل برنامج تمويل يشجع أصحاب الصناعة على الاستمرار، مشيرا إلى أن التمويل يعد عنصر مهم في قيام المشروعات الصناعية التي تعد من أعلى التكاليف في البناء والتجهيزات.
وكان صندوق التنمية الصناعية السعودي قد أشار إلى ارتفاع قيمة قروض الصندوق المعتمدة في «المناطق الأقل نموا» خلال الربع الثالث من العام المالي الحالي بنسبة 129 في المائة، مقارنة بالربع الثاني من العام نفسه، بقيمة بلغت 798 مليون ريال (212.8 مليون دولار)، مستحوذة على نسبة 50 في المائة من قيمة القروض المعتمدة، و45 في المائة من عدد القروض المعتمدة خلال الربع الثالث من العام المالي الحالي، مما يؤكد نجاح سياسة الدولة في الإسراع بوتيرة التنمية في المناطق والمدن الأقل نموا، حيث بلغت نسبة قروض الصندوق لمشروعات تقع في هذه المناطق خلال العام المالي الحالي حتى نهاية الربع الثالث منه 52 في المائة من إجمالي القروض المعتمدة خلال العام، بينما كانت نسبتها لا تتعدى 15 في المائة قبل تطبيق الضوابط الجديدة برفع نسبة التمويل بما لا يزيد على 75 في المائة من تكلفة المشروع بدلا من 50 في المائة، ولفترة سداد لا تزيد على 20 سنة بدلا من 15 سنة للمشروعات المقامة في هذه المناطق.
وأوضح الصندوق أنه قدّم تمويل 35 مشروعا مقابل تسعة قروض لمشروعات توسعة لمصانع قائمة، تمثل نحو 81 في المائة من عدد قروض الصندوق خلال الربع الثالث من العام المالي الحالي، كما بلغت قيمة القروض المعتمدة لها نحو 1.2 مليار ريال (320 مليون دولار)، لتستحوذ بذلك على 73 في المائة من إجمالي قيمة القروض المعتمدة خلال الربع الثالث من العام المالي الحالي، بينما بلغ حجم استثماراتها 4.2 مليار ريال (1.12 مليار دولار)، لتشكل بذلك ما نسبته 74 في المائة من إجمالي استثمارات المشروعات المعتمدة خلال الفترة نفسها.
ووفقا لتوقعات صندوق التنمية الصناعي فإن هذه المشروعات الجديدة ستساهم في توفير فرص عمل مباشرة تصل إلى 2804 وظائف، مما يعد مؤشرا إيجابيا على مدى ثقة المستثمرين في القطاع الصناعي في السعودية ويعكس توقعاتهم الإيجابية لمسار التنمية خلال السنوات المقبلة.
أما من حيث الدعم الذي قدمه الصندوق لفئة المشروعات الصناعية الصغيرة فقد اعتمد 25 قرضا لهذه الفئة من المشروعات لتهيمن بذلك على 57 في المائة من عدد القروض المعتمدة، وبقيمة إجمالية للقروض بلغت 204 ملايين ريال (54.4 مليون دولار).



من واحة الأحساء إلى المحميات الملكية... نموذج للسياحة المستدامة في السعودية

واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
TT

من واحة الأحساء إلى المحميات الملكية... نموذج للسياحة المستدامة في السعودية

واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)

تعد السياحة المستدامة أحد المحاور الرئيسية في السعودية لتعزيز القطاع بما يتماشى مع «رؤية 2030»، وبفضل تنوعها الجغرافي والثقافي تعمل المملكة على إبراز مقوماتها السياحية بطريقة توازن بين التنمية الاقتصادية والحفاظ على البيئة والتراث.

يأتي «ملتقى السياحة السعودي 2025» بنسخته الثالثة، الذي أُقيم في العاصمة الرياض من 7 إلى 9 يناير (كانون الثاني) الجاري، كمنصة لتسليط الضوء على الجهود الوطنية في هذا المجال، وتعزيز تعاون القطاع الخاص، وجذب المستثمرين والسياح لتطوير القطاع.

وقد أتاح الملتقى الفرصة لإبراز ما تتمتع به مناطق المملكة كافة، وترويج السياحة الثقافية والبيئية، وجذب المستثمرين، وتعزيز التوازن بين العوائد الاقتصادية من السياحة والحفاظ على المناطق الثقافية والتاريخية، وحماية التنوع البيئي.

وعلى سبيل المثال، تعد الأحساء، المدرجة ضمن قائمة التراث العالمي لـ«اليونسكو»، ببساتين النخيل وينابيع المياه والتقاليد العريقة التي تعود لآلاف السنين، نموذجاً للسياحة الثقافية والطبيعية.

أما المحميات الطبيعية التي تشكل 16 في المائة من مساحة المملكة، فتُجسد رؤية المملكة في حماية الموارد الطبيعية وتحقيق التوازن بين التنمية الاقتصادية والحفاظ على البيئة.

جانب من «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد» (واس)

«محمية الإمام عبد العزيز بن محمد»

في هذا السياق، أكد رئيس إدارة السياحة البيئية في «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد»، المهندس عبد الرحمن فلمبان، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أهمية منظومة المحميات الملكية التي تمثل حالياً 16 في المائة من مساحة المملكة، والتي تم إطلاقها بموجب أمر ملكي في عام 2018، مع تفعيل إطارها التنظيمي في 2021.

وتحدث فلمبان عن أهداف الهيئة الاستراتيجية التي ترتبط بـ«رؤية 2030»، بما في ذلك الحفاظ على الطبيعة وإعادة تنميتها من خلال إطلاق الحيوانات المهددة بالانقراض مثل المها العربي وغزال الريم، بالإضافة إلى دعم التنمية المجتمعية وتعزيز القاعدة الاقتصادية للمجتمعات المحلية عبر توفير وظائف التدريب وغيرها. ولفت إلى الدور الكبير الذي تلعبه السياحة البيئية في تحقيق هذه الأهداف، حيث تسعى الهيئة إلى تحسين تجربة الزوار من خلال تقليل التأثيرات السلبية على البيئة.

وأضاف أن المحمية تحتضن 14 مقدم خدمات من القطاع الخاص، يوفرون أكثر من 130 نوعاً من الأنشطة السياحية البيئية، مثل التخييم ورياضات المشي الجبلي وركوب الدراجات. وأشار إلى أن الموسم السياحي الذي يمتد من نوفمبر (تشرين الثاني) إلى مايو (أيار) يستقطب أكثر من نصف مليون زائر سنوياً.

وفيما يخص الأهداف المستقبلية، أشار فلمبان إلى أن «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد» تستهدف جذب مليون زائر سنوياً بحلول 2030، وذلك ضمن رؤية المحميات الملكية التي تستهدف 2.3 مليون زائر سنوياً بحلول العام نفسه. وأضاف أن الهيئة تسعى لتحقيق التوازن البيئي من خلال دراسة آثار الأنشطة السياحية وتطبيق حلول مبتكرة للحفاظ على البيئة.

أما فيما يخص أهداف عام 2025، فأشار إلى أن المحمية تهدف إلى استقطاب 150 ألف زائر في نطاق المحميتين، بالإضافة إلى تفعيل أكثر من 300 وحدة تخييم بيئية، و9 أنواع من الأنشطة المتعلقة بالحياة الفطرية. كما تستهدف إطلاق عدد من الكائنات المهددة بالانقراض، وفقاً للقائمة الحمراء للاتحاد الدولي لشؤون الطبيعة.

هيئة تطوير الأحساء

بدوره، سلّط مدير قطاع السياحة والثقافة في هيئة تطوير الأحساء، عمر الملحم، الضوء لـ«الشرق الأوسط» على جهود وزارة السياحة بالتعاون مع هيئة السياحة في وضع خطط استراتيجية لبناء منظومة سياحية متكاملة. وأكد أن الأحساء تتمتع بميزة تنافسية بفضل تنوعها الجغرافي والطبيعي، بالإضافة إلى تنوع الأنشطة التي تقدمها على مدار العام، بدءاً من الأنشطة البحرية في فصل الصيف، وصولاً إلى الرحلات الصحراوية في الشتاء.

وأشار الملحم إلى أن إدراج الأحساء ضمن قائمة التراث الإنساني العالمي التابعة لـ«اليونسكو» يعزز من جاذبيتها العالمية، مما يُسهم في جذب السياح الأجانب إلى المواقع التاريخية والثقافية.

ورحَّب الملحم بجميع الشركات السعودية المتخصصة في السياحة التي تسعى إلى تنظيم جولات سياحية في الأحساء، مؤكداً أن الهيئة تستهدف جذب أكبر عدد من الشركات في هذا المجال.

كما أعلن عن قرب إطلاق أول مشروع لشركة «دان» في المملكة، التابعة لـ«صندوق الاستثمارات العامة»، والذي يتضمن نُزُلاً ريفية توفر تجربة بيئية وزراعية فريدة، حيث يمكنهم ليس فقط زيارة المزارع بل العيش فيها أيضاً.

وأشار إلى أن الأحساء منطقة يمتد تاريخها لأكثر من 6000 عام، وتضم بيوتاً وطرقاً تاريخية قديمة، إضافةً إلى وجود المزارع على طرق الوجهات السياحية، التي يصعب المساس بها تماشياً مع السياحة المستدامة.

يُذكر أنه يجمع بين الأحساء والمحميات الطبيعية هدف مشترك يتمثل في الحفاظ على الموارد الطبيعية والثقافية، مع تعزيز السياحة المستدامة بوصفها وسيلة لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية. وكلاهما تمثل رمزاً للتوازن بين الماضي والحاضر، وتبرزان جهود المملكة في تقديم تجربة سياحية مسؤولة تُحافظ على التراث والبيئة.