الأرز.. يطعم نصف سكان العالم

90 % منه ينتج في آسيا ويستهلك فيها

الأرز.. يطعم نصف سكان العالم
TT

الأرز.. يطعم نصف سكان العالم

الأرز.. يطعم نصف سكان العالم

الأرز هو واحد من أهم ثلاثة محاصيل تغذي البشرية إلى جانب الذرة والقمح. وهو الوحيد الذي يتوجه لغذاء الإنسان بالكامل ويستهلك في حالته الطبيعية دون تصنيع بينما يحتاج القمح إلى طحنه وتصنيع الخبز منه، بينما يتوجه جزء من محصول الذرة إلى غذاء الحيوانات. ويعتمد نصف التعداد العالمي على الأرز في غذائه منهم 90 في المائة في آسيا، حيث تجري زراعة الأرز واستهلاكه.
ويستهلك المواطن الآسيوي في المتوسط من 90 إلى 180 كيلوغرامًا من الأرز سنويًا مقابل كمية لا تتعدى 11 كيلوغرامًا للمواطن الأميركي. وهو غذاء لا يحتوي على الدهون ويوفر النشويات اللازمة للطاقة مع بعض البروتينات، خصوصًا في الأرز الأسمر. ولعدم وجود مادة الغلوتين في الأرز فهو لا يصلح لصناعة الخبز ولا بد من خلطه بطحين من حبوب أخرى لصناعة الخبز منه.
وتجري زراعة الأرز في العالم على مساحة 154 مليون هكتار وتتوجه نسبة 85 في المائة من المحصول إلى الاستهلاك الآدمي. ويصل متوسط الاستهلاك الفردي على مستوى العالم إلى 59 كيلوغرامًا سنويًا يصل أعلاها في دولة ميانمار التي تستهلك في المتوسط 211 كيلوغرامًا سنويًا لكل فرد فيها. ويمثل الأرز الغذاء الأساسي للفقراء في آسيا ويعتمد عليه 1.3 مليار إنسان هناك. ويوفر الأرز نحو 20 في المائة من الطاقة لسكان العالم مقابل 19 في المائة يوفرها القمح وخمسة في المائة يوفرها الذرة.
وهو محصول مهم أيضًا في مرحلة الإنتاج لملايين الفلاحين والعمال الذين يعتمدون عليه في طعامهم ومصدر الدخل لهم. وتعمل الكثير من معامل الأبحاث على تحسين سلالات الأرز من أجل تحسين الإنتاجية للمساهمة في زيادة المحصول سنويًا على الأقل بنسبة زيادة التعداد الذي يعتمد عليه. وللتعريف بأهمية الأرز في حياة الإنسان أعلنت الأمم المتحدة عام 2004 عاما للأرز وهي المرة الأولى والوحيدة التي تم تخصيص عام لمحصول غذائي.
وتعود الجذور التاريخية للأرز إلى الصين قبل ثلاثة آلاف عام، كما أن الأرز نما أيضًا على ضفاف دجلة والفرات منذ فجر الحضارة. وهناك أكثر من ثمانية آلاف نوع من الأرز منها 3500 نوع في الهند وحدها. ومنها أنواع معروفة مثل الأرز البسمتي من الهند والأرز السوشي من اليابان وأرز الياسمين من تايلاند.
وتتم زراعة الأرز في الكثير من مناطق العالم من الاستوائية إلى المعتدلة ومن السهول الساحلية إلى المدرجات الجبلية ودلتا وأحواض الأنهار. وهو محصول يحتاج إلى الغمر بالمياه العذبة أثناء زراعته. ويستطيع نبات الأرز النمو تحت المياه لأن الأكسجين ينتقل من أوراقه إلى جذوره. وتنمو النباتات إلى نحو أربع أقدام وتنمو معها حبوب الأرز من أزهار دقيقة يتم تلقيحها بالرياح. ومن ألدّ أعداء نبات الأرز القحط والحشرات وحيوانات الحقول والطيور، ولا بد من حماية النباتات من هذه الأخطار حتى اكتمال نموها.
ويكتمل نمو نبات الأرز بعد نحو 200 يوم من زراعته. ويتم الحصاد بالآلات كما في المزارع الأميركية أو يدويًا كما في معظم دول آسيا. ويتم فصل الحبوب عن النبات ثم تقشير الحبوب نفسها للحصول على الأرز الأبيض.
ويتم الآن في بعض الدول استخدام الأرز المعدل جينيًا من أجل توفير فيتامينات فقدت عندما تحول الآسيويون من الأرز الأسمر إلى الأرز الأبيض. ويتم توزيع الأرز المعدل جينيًا، ويسمى الأرز الذهبي، إلى الحكومات لتوزيعه على الفلاحين مع إعفاءات من ثمن البذور.
وفي الصين تم إنتاج نوع جديد من الأرز المعالج جينيًا ويسمى الأرز السوبر، وهو مضاد لكل أنواع السموم من الأسمدة كما أنه طيب الطعم. وتحمل أكياس هذا النوع من الأرز علامة تشير إلى أنه معدل جينيًا وفقًا للقانوني الصيني.
وتعد الصين أكبر منتج للأرز في العالم ويغطي المحصول نصف المساحة الزراعية في الصين. ويتركز الإنتاج في حوض نهر اليانغتسي الذي يتميز بخصوبة تربته. ويحتاج محصول الأرز إلى الكثير من الأيدي العاملة والمياه. وتقليديًا يتم غمر الحقول بالمياه ثم زراعة شتلات الأرز، وهي وسيلة تضمن حماية الشتلات الصغيرة من الطيور والحشرات.
وتعتمد اليابان أيضًا على محصول الأرز الذي يزرع فيها منذ عام 250 قبل الميلاد. وتمتد أراضي محصول الأرز على مساحات واسعة في اليابان ويقبل على زراعته صغار الفلاحين على الأراضي التي يملكونها. ولكن التوسع السكاني في اليابان حولها من مصدرة إلى مستوردة للأرز. ويتم الاستيراد أساسًا من الولايات المتحدة.
وهناك مجموعة غير رسمية من الدول الآسيوية تضم كلاً من الصين والهند وباكستان وفيتنام وتايلاند تجتمع سنويًا في شهر أكتوبر (تشرين الأول) لكي تحدد أسعار الأرز للموسم الجديد. وتنتج هذه الدول فيما بينها نحو ثلاثة أرباع المحصول العالمي وهي تريد ضمان الحد الأدنى من الأسعار عالميًا من أجل حماية فلاحيها الذين يعتمدون على بيع محصول الأرز من أجل الحصول على الدخل السنوي لهم.
ويتم تحضير الأرز بغسله في المياه لإزالة الأتربة والنشويات الزائدة، ولكن الأرز الأميركي يأتي مشبعًا بالفيتامينات والأملاح وغسله يزيل معظمها. ويمكن غمر الأرز بالماء لفترة لخفض فترة الطهي ومنع التصاق حباته، ويتم الغمر في المياه لفترات من نصف ساعة إلى ثلاث ساعات. أما الأرز الأسمر فيمكن غمره في المياه الدافئة لفترات تصل إلى 20 ساعة قبل الطهي.
ويتم طهي الأرز بالسلق أو بالبخار. ويمتص الأرز الماء أثناء الطهي ولذلك يتم طهيه في كمية معادلة من الماء. وتستخدم الشعوب الآسيوية التي تعتمد على وجبات الأرز يوميًا على أجهزة كهربائية لطهي الأرز. وينقسم الأرز إلى ثلاثة أنواع من حيث الحجم: حبات طويلة وهي تحتفظ بشكلها بعد الطهي، وحبات متوسطة وهي تلتصق ببعضها البعض عند الطهي وتستخدم عادة في صنع الحلوى ووجبة الروزتو الإيطالية. كما يستخدم هذا النوع من الأرز في صنع السوشي الياباني، حيث يساهم الأرز في حفظ شكل السوشي بعد تشكيله. وأحيانا يطحن الأرز للحصول على طحين يستخدم في بعض المعجنات والحلوى والأطعمة الخالية من الغلوتين.
وفي المطبخ العربي يعد الأرز من المكونات الرئيسية للوجبات ويتم تناوله مع السمك والدجاج واللحوم. وهو يدخل في صناعة المحاشي من ورق العنب إلى الكوسة والكرنب. كما يستخدم الأرز في صناعة الكشري وبعض الحلويات أيضًا. وتجري زراعة الأرز حاليًا في العراق ووادي النيل في مصر وفي واحة الحسا في السعودية. وهو يزرع أيضًا في اليمن. وتدخل مصر ضمن أكبر الدول المنتجة للأرز بإنتاج يصل إلى 5.9 مليون طن سنويًا.
وهناك بعض المخاطر الهامشية المتعلقة بتناول الأرز، حيث إنه يحتوي على آثار بسيطة من مادة الزرنيخ السامة، وترتفع نسب هذه المادة من بعض الحقول الأميركية في أركنسو ولويزيانا وتكساس، حيث كان الزرنيخ يستخدم كمبيد حشري لمحاصيل القطن. وتعد أنواع بسمتي وأرز الياسمين التايلاندي من أقل الأنواع تلوثًا بالزرنيخ.
ولمنع البكتريا من الانتشار في الأرز بعد طهيه ينصح بتبريد ما تبقى منه بسرعة حتى إعادة تسخينه وعدم ترك الأرز المطهي في المناخ الدافئ لأكثر من 20 دقيقة.



جولة على أطباق تراثية تعود إلى الضوء

الباشا وعساكره (الشرق الاوسط)
الباشا وعساكره (الشرق الاوسط)
TT

جولة على أطباق تراثية تعود إلى الضوء

الباشا وعساكره (الشرق الاوسط)
الباشا وعساكره (الشرق الاوسط)

يزخر مطبخ البحر المتوسط بأطباق طعام منوعة وغنية، بينها ما يعود إلى بلاد الشام وأخرى إلى بلاد الأناضول. فكل بلد يحضّرها على طريقته وبأسلوب ربّات المنازل. فكل سيدة تصنعها كما تشتهيها، وتحاول تعديلها بما يلائم رؤيتها في الطبخ.

مؤخراً، شهد المطبخ اللبناني عودة ملحوظة للأطباق التراثية. وبعض مؤلفي كتب الطهي وغيرهم من الطهاة المعروفين يبحثون عنها، فيجوبون القرى والبلدات كي يعثروا على أصولها الحقيقية.

«الشرق الأوسط» اختارت 3 أطباق تراثية من المطبخ اللبناني، بينها ما يعود أصولها إلى القرى والضيع، وأخرى تم استقدامها من بلد آخر لما شهد لبنان من حضارات مختلفة.

رشتة المعكرونة والعدس (الشرق الاوسط)

«الزنكل بالعدس» طبق شتوي بامتياز

قلّة من اللبنانيين يعرفون هذا الطبق أو سبق وتذوقوه من قبل. في انتمائه إلى الصنف التراثي القديم، يشتهر هذا الطبق في قرى البقاع وجبل لبنان والشوف.

يتألف هذا الطبق من ثلاثة مكونات أساسية، ألا وهي العدس وحبيبات الزنكل والبصل المقلي. يعتبر من أشهى وأطيب الأطباق الشتوية. سريع التحضير ويحبّه أفراد العائلة أجمعين.

من أجل إطعام أسرة مؤلفة من خمسة أشخاص، يكفي إعداد كمية 800 غرام من البرغل الناعم ووضعه في وعاء معدني ونقعه، يتم غمره بكمية من المياه ويترك لمدة ربع ساعة. ومن ثم يتم عصره لاستخراج المياه منه. ومع نصف كيلو غرام من طحين القمح يتمّ خلط الكميتين بواسطة اليدين. وعندما تصبح كعجينة متماسكة نقسّمها قطعاً صغيرة، ومن ثم ندوّرها لتأخذ حجم حبة الكرز تقريباً، وذلك تمهيداً لغليها مع «القليّة». وهي كناية عن مرقة مكوّنة من البصل والزيت، يضاف إليها مقدار كوب من العدس. وعندما ينضج العدس تصبّ جميع مكونات الطبق في وعاء واحد كي يغلي، فيوضع على نار هادئة فترةً تمتد بين 20 و30 دقيقة. ويقدّم هذا الطبق وجبة ساخنة بعد أن يضاف إليها الملح وبهارات الفلفل كلّ بحسب ذوقه.

"الزنكل بالعدس" طبق شتوي بامتياز (الشرق الاوسط)

تعدّ «الرشتة بالمعكرونة» من الأطباق السريعة التحضير، وتدخل على لائحة أشهر أنواع الحساء الشعبي في لبنان. وتشتهر هذه الطبخة في قرى جبل لبنان والمتن، وتتألف من ثلاث مكونات رئيسية ألا وهي المعكرونة والعدس والبصل.

يشبه تحضير هذا الطبق سابقه. وبعد أن يتم غلي العدس كي ينضج، يضاف إليه البصل المقطّع شرحات والمقلي بالزيت مع الكزبرة والثوم المهروس. في هذا الوقت يتم سلق 500 غرام من المعكرونة. وبعد تصفيتها يتم غمر جميع المكونات بالمياه، وتترك لنحو 10 دقائق على نار متوسطة، ويقدّم مع مخلل اللفت الأبيض.

«الباشا وعساكره» يفتح الشهية من سوريا إلى لبنان

البعض يعدّ هذا الطبق من أصول تركية، فيما أهل الشام يؤكدون أنه من ابتكارهم. ويشتهر به في لبنان أهالي قرى الشمال. وينتمي هذا الطبق إلى تلك التي تحضّر مع روب اللبن. ويتألف من قطع عجين محشوة بالبصل واللحم وقطع الكبة اللبنانية الفارغة. فيجمع بذلك طبقين معروفين في لبنان الـ«كبّة باللبن» و«الشيش برك».

يمكن تحضير الكبّة كما قطع الـ«شيش برك» في المنزل أو شراءها جاهزة.

ويتم تحضير روب اللبن بحيث يوضع نحو كيلوغرام منه في وعاء يضاف إليه ربع كميته من المياه. ويضاف إلى هذا المزيج ملعقتان من طحين الذرة. ويتم خلط المكونات الثلاثة بالمضرب إلى حين تأليفها مزيجاً متماسكاً. يترك هذا الخليط جانباً، في حين يتم قلي كمية من الثوم المهروس بزيت الزيتون أو الزبدة. ويمكن حسب الرغبة إضافة الكزبرة الخضراء إليه. فيما البعض يفضل أن النعناع اليابس والجاف عند الانتهاء من عملية الطهي. بعد أن نحصل على الثوم المحمّر نبقي الوعاء على النار ونضيف إليه المزيج المحضّر سابقاً. ويتألّف من اللبن والمياه وطحين الذرة. نأخذ بتحريك اللبن من دون توقف إلى حين وصول المزيج إلى درجة الغليان. بعدها وعلى نار هادئة نضيف إلى الخليط قطع الكبّة و«الشيش برك». وبعد نحو 10 دقائق يمكن تقديمه على المائدة مع كمية من الأرز المسلوق أو من دونه. ويمكن تزيينه بحبوب الصنوبر المحمّرة بالزبدة.