عملية طعن في القدس.. وإسرائيل تقتل فلسطينيًا وآخر إسرائيليًا بالخطأ

نفذت حملات اعتقال واسعة ووضعت منازل منفذي هجمات على لائحة الهدم

فلسطيني يشعل إطارا أمام حاجز إسرائيلي خلال اشتباكات  مع قوات الاحتلال قرب بلدة الرام شمال القدس (أ.ب)
فلسطيني يشعل إطارا أمام حاجز إسرائيلي خلال اشتباكات مع قوات الاحتلال قرب بلدة الرام شمال القدس (أ.ب)
TT

عملية طعن في القدس.. وإسرائيل تقتل فلسطينيًا وآخر إسرائيليًا بالخطأ

فلسطيني يشعل إطارا أمام حاجز إسرائيلي خلال اشتباكات  مع قوات الاحتلال قرب بلدة الرام شمال القدس (أ.ب)
فلسطيني يشعل إطارا أمام حاجز إسرائيلي خلال اشتباكات مع قوات الاحتلال قرب بلدة الرام شمال القدس (أ.ب)

فيما تكثف الحراك الدولي في محاولة لإيجاد حلول سياسية للتصعيد على الأرض في الضفة الغربية والقدس، واصل الفلسطينيون تنفيذ هجماتهم ضد إسرائيليين، فيما قتلت إسرائيل فلسطينيا بالأمس، إضافة إلى إسرائيلي بالخطأ ظنا أنه فلسطيني. وهاجم فلسطينيان بحسب الرواية الإسرائيلية، مستوطنين في منطقة بيت شيمش المخصصة لليهود المتدينين في القدس قبل أن تقتل الشرطة الإسرائيلية أحدهما وتصيب آخر بجراح.
وقال ناطق باسم الشرطة، بأن فلسطينيين حاولا تنفيذ عملية طعن في بيت شميش بالقدس، ما أدى إلى إصابة مستوطن بجروح طفيفة، قبل أن تقتل القوات أحدهما وتصيب الآخر. وشكك ناشطون فلسطينيون في الرواية الإسرائيلية، وقالوا: إنه تم إعدام الشبان كما فعلت إسرائيل في حالات سابقة وبعضها مع إسرائيليين ولاجئين. وظهرت الرواية الإسرائيلية متخبطة حول ما جرى مع الشابين، اللذين تبين فيما بعد، أن أحدهما كان أسيرا محررا يعمل في البناء، وينتمي إلى حركة حماس بحسب بيان إسرائيلي.
وقالت القناة الإسرائيلية الثانية، نقلا عن شهود عيان إسرائيليين تواجدوا في المكان، إن الشابين دخلا كنيسا يهوديا، وحاولا تنفيذ عملية طعن فتم استهدافهما من قبل أحد المتواجدين، قبل أن يصل رجال الأمن. فيما قال آخرون للقناة العاشرة بأن الشابين حاولا الصعود إلى حافلة لتنفيذ عملية طعن، إلا أنهما لم ينجحا بسبب طردهما من قبل ركاب الحافلة، وأنهما فرا من المكان فاستهدفا في الشارع من قبل قوات الأمن، التي تأخرت نحو 20 دقيقة في الوصول. ونشرت الشرطة الإسرائيلية صورا مختلفة للشابين وسكاكين قالت: إنه تم استخدامها من قبلهما.
وقبل ذلك بساعات، قتل رجل أمن إسرائيلي إسرائيليا بعد أن ظن أنه فلسطيني حاول تنفيذ هجوم، قرب موقف حافلات بجانب مقر وزارة الصحة الإسرائيلية في القدس.
ونشرت وسائل الإعلام الإسرائيلية أكثر من رواية حول ما جرى. وقال بعضها بأن المستوطن الذي قتل ردد بالعبرية قبل مقتله بلحظات «أنا داعش»، وحاول مهاجمة جندي واختطاف سلاحه، فتم قتله من جندي آخر، لكن إسرائيليين كانوا في المكان، قالوا: إن أحد ركاب الحافلات، في إشارة إليه، قال: إنه «إرهابي» فقتله الجنود، بينما قال آخرون بأنه يعاني من اضطرابات نفسية، وهو ما تم نفيه لاحقا، خاصة أنه أنهى تجنيده العسكري منذ فترة قصيرة، ويدرس دراسات عليا في مدارس دينية يهودية بحي هار نوف.
وسبق الحادثتين إقدام فلسطيني في ساعة متأخرة من مساء الأربعاء، على دهس 5 جنود قرب بلدة بيت أمر شمال الخليل. وقال الجيش الإسرائيلي بأن قوة عسكرية تعرضت لوابل من الحجارة فتوقفت للتصدي للشبان الفلسطينيين، قبل أن يقدم سائق سيارة على دهس الجنود ما أدى لإصابة أحدهم بجروح خطيرة، والآخرين بجروح متفاوتة، وإصابة المنفذ بجروح حرجة بعد إطلاق أكثر من 10 رصاصات باتجاهه.
وتشهد مدينة الخليل توترا كبيرا في اليومين الأخيرين، خاصة بعد تعمد المستوطنين إعدام طفلين من عائلة الجعبري، حيث تتعرض بعض بلدات المدينة المجاورة للمستوطنات الإسرائيلية إلى هجوم كبير من المستوطنين في ساعات متأخرة ليلا تحت حماية الجيش الإسرائيلي، ويحاول الفلسطينيون التصدي لهم وتشكيل لجان شعبية لحماية أنفسهم. وتواصلت المواجهات أمس في أكثر من منطقة في الضفة الغربية لكن بوتيرة أقل من الأيام السابقة. وأصيب 14 فلسطينيا في مواجهات عنيفة شهدتها المنطقة المحيطة لجامعة خضوري في طولكرم، قبل أن تقتحمها قوات الاحتلال وسط إطلاق نار مكثف وتفرق الشبان الفلسطينيين، فيما أصيب 5 في مواجهات شرق مخيم البريج وسط قطاع غزة. وأثناء ذلك، واصل الجيش الإسرائيلي حملة اعتقالاته في الضفة والقدس، واعتقل أكثر من 70 فلسطينيا في حملة كبيرة طالت أسرى محررين وطلابا جامعيين ونشطاء في كافة الفصائل. وقال نادي الأسير الفلسطيني، إن الاحتلال أعاد تطبيق الاعتقال الإداري ضد المقدسيين، وأصدر 17 أمر اعتقال إداري منذ بداية أكتوبر (تشرين الأول) الحالي.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.