لبنان: التحقيقات مع قياديين في "كتائب عبد الله عزام" تكشف عن مخطط لاغتيال بري وشخصيات سياسية

إقفال مركزي تعبئة الغاز في الضاحية بعد معلومات عن الإعداد لاستهدافهما

لبنان: التحقيقات مع قياديين في "كتائب عبد الله عزام" تكشف عن مخطط لاغتيال بري وشخصيات سياسية
TT

لبنان: التحقيقات مع قياديين في "كتائب عبد الله عزام" تكشف عن مخطط لاغتيال بري وشخصيات سياسية

لبنان: التحقيقات مع قياديين في "كتائب عبد الله عزام" تكشف عن مخطط لاغتيال بري وشخصيات سياسية

استحوذت نتائج التحقيقات الجارية في لبنان مع موقوفين من «كتائب عبد الله عزام» التي كشفت عن مخطط لاغتيال رئيس مجلس النواب نبيه بري، على اهتمام المسؤولين في لبنان، السياسيين والأمنيين على أعلى المستويات. وفي ضوئها وفي ظل المعلومات التي كانت أشارت إلى الإعداد لتفجيرات تستهدف مناطق تابعة لحزب الله وشخصيات موالية له، اتخذ وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق قرارا بإقفال مركزي تعبئة الغاز في منطقة بئر حسن بالضاحية الجنوبية في بيروت.
وأوضحت مصادر أمنية متابعة للتحقيق الذي تتولاه «شعبة المعلومات» في «قوى الأمن الداخلي» بإشراف القضاء العسكري، لـ«الشرق الأوسط» أن «محاولة اغتيال بري ليست جديدة، إذ سبق لـ(شعبة المعلومات) أن جمعت معطيات متعلقة ببعض الأشخاص قبل نحو أربعة أشهر، كانوا يتجولون بشكل مشبوه في محيط مقره بعين التينة في بيروت، وقد جرى حينها إبلاغ الفريق الأمني الذي يتولى حماية بري هذا الأمر، وطلب منه تكثيف الإجراءات الأمنية».
وأشارت المصادر إلى أن حقيقة هذه الشبهات توضحت عند توقيف المشتبه فيه محمود أبو علفة وقريبه حسن أبو علفة، قبل أسبوعين، إثر تفجير المستشارية الإيرانية في بئر حسن، إلى أن أدليا باعترافات تفيد بإدخال سيارات مفخخة من سوريا إلى لبنان، كانت ستستهدف مواقع تابعة لحزب الله. لكن الاعتراف الأخطر، الذي أدلى به محمود أبو علفة، وهو أن «الشيخ سراج الدين زريقات» أحد قادة «كتائب عبد الله عزام» كلفه وضع خطة تستهدف بري بحكم تحالفه مع حزب الله والنظام السوري، ومهاجمة مقره بعملية انتحارية أو أكثر إذا اقتضى الأمر، ليتضح أن هذه المجموعة هي التي كانت تستطلع المنطقة في وقت سابق.
ورأت المصادر نفسها أن «الهدف من هذه العملية الانتقام بالدرجة الأولى، والأهم إحداث فتنة سنية - شيعية بالنظر لما يمثله بري كشخصية سياسية ووطنية بالنسبة إلى الطائفة الشيعية»، وكشفت عن أن «هذا الأمر ورغم خطورته الكبيرة، كان في إطار التخطيط، وذلك بعدما أبلغ أبو علفة زريقات استحالة تنفيذ عملية كهذه، بفعل الإجراءات الأمنية والحراسة المشددة المفروضة على بعد أمتار قلائل من منزل بري»، مؤكدة كذلك أن الأمر لا يزال قيد المتابعة من الأجهزة المعنية.
وفي هذا الإطار، قال النائب علي خريس، في كتلة التنمية والتحرير، التي يرأسها بري، لـ«الشرق الأوسط» إن التخطيط لاغتيال شخصية مثل بري، هدفه بلا شك إيقاع لبنان في فتنة سنية - شيعية وتخريب البلد بشكل كامل، مثنيا كذلك على عمل القوى الأمنية التي تقوم بدورها في كشف الشبكات الإرهابية، ولا سيما على فرع المعلومات ومخابرات الجيش، آملا أن ينجحوا كذلك في اكتشاف كل المخططات قبل تنفيذها وتفادي ما سبق أن حصل في بعض المناطق اللبنانية.
وقد أعلنت وزارة الداخلية في بيان لها أنه «نتيجة للتحقيقات التي أجرتها المراجع الأمنية المختصة مع بعض الموقوفين، وخصوصا فيما يتعلق بتنفيذ عمليات انتحارية لاغتيال شخصيات لبنانية، أبرزها رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس حزب التوحيد العربي الوزير السابق وئام وهاب، تكشفت معلومات أثناء التحقيقات عن التخطيط لعمليات انتحارية تطال مركزي تعبئة الغاز في منطقة الأوزاعي - بئر حسن»، مشيرة إلى أنه وفور ورود المعلومات المذكورة، أعطى وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق تعليماته للأجهزة الأمنية التابعة لوزارة الداخلية، بضرورة إقفال المركزين بصورة مؤقتة، بدءا من صباح غد الاثنين ريثما يتم إفراغ المخزون، وذلك حفاظا على أمن وسلامة سكان المنطقة، بانتظار توفير إجراءات أمنية كافية للحد من نجاح مثل هذه العمليات.
علما بأن شركة الغاز في بئر حسن، تبعد مئات الأمتار عن السفارة الإيرانية التي استهدفت قبل أكثر من ثلاثة أشهر، وفي المنطقة نفسها التي تسكنها شخصيات سياسية ودبلوماسية موالية في معظمها لحزب الله، إضافة إلى مبنى «قناة المنار» التابع للحزب أيضا. وقد عمد حزب الله، وبعد استهداف المقرات التابعة للمصالح الإيرانية في المنطقة، إلى تكثيف الإجراءات الأمنية في المحيط، وأقفلت الطرق الرئيسة المؤدية إليها.
وكانت القوى الأمنية قد اعتقلت حسن ومحمود أبو علفة، القياديان في «كتائب عبد الله عزام» بعد أيام قليلة من وقوع تفجير السفارة الإيرانية في 18 فبراير (شباط) الماضي، وأسبوع من توقيف الجيش اللبناني الفلسطيني نعيم عباس، القيادي في التنظيم نفسه، الذي يحاكم أمام القضاء العسكري، وقد سبقهما الموقوف جمال دفتردار وقائد «عبد الله عزام» السعودي ماجد الماجد، الذي توفي بعد أيام على اعتقاله نهاية شهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي نتيجة معاناته قصورا كلويا، علما بأن «كتائب عبد الله» عزان و«جبهة النصرة» كانتا قد تبنيتا عددا من التفجيرات التي استهدفت مناطق تابعة لحزب الله منذ يوليو (تموز) الماضي، في رد منها على الحزب وإيران في الحرب السورية، بحسب ما يأتي في البيانات التي تصدر إثر التفجيرات.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.