نقيب الصحافيين المغاربة: القانون التأسيسي للمجلس الوطني للصحافة أصبح قريبا من الظهور

قال إن المشروع تعطل لأسباب سياسية

يونس مجاهد
يونس مجاهد
TT

نقيب الصحافيين المغاربة: القانون التأسيسي للمجلس الوطني للصحافة أصبح قريبا من الظهور

يونس مجاهد
يونس مجاهد

قال يونس مجاهد رئيس النقابة المغربية للصحافة، إن القانون التأسيسي لهيئة جديدة باسم «المجلس الوطني للصحافة»، أصبح قريبا من الاكتمال، ليحقق حلما كبيرا للصحافيين المغاربة، لكنه أكد أن تعطل المشروع يعود لأسباب سياسية، فـ«عدد من الجهات تخشى وجود إعلام حقيقي في البلد»، حسب قوله.
ويسعى المغرب للاستفادة من التجربة السويسرية في مجال «أخلاقيات الصحافة»، عبر المجلس المزمع تأسيسه. وفي هذا الصدد، عقدت في الرباط مساء الجمعة ندوة موسعة، نظمتها النقابة بالتعاون مع فرع «معهد التنوع الإعلامي» البريطاني، واستضافت دومينيك فون بورغ رئيس مجلس الصحافة بسويسرا، الذي قدم أمام عشرات مديري المؤسسات الإعلامية والصحافيين تجربة بلاده في مجال ضبط أخلاقيات الصحافة.
وقال بورغ إن سويسرا وضعت منذ 1972 قانونا يمثل مرجعا للعمل الصحافي، وأداة للرقابة الذاتية، رغم أن عددا من السياسيين ظل يعارضه. وأضاف: «لكن الوقت أثبت أن الإعلام استفاد من التجربة، وبات يقدم أخبارا تحترم الحقيقة والأشخاص»، حسب تعبيره.
وأضاف أن مجلس الصحافة السويسري الذي يسعى المغرب لتأسيس مجلس مماثل له، «ليس محكمة، ولكنه يتمتع بسلطة معنوية»، حسب تعبيره، مضيفا أن قضايا النشر أمام القضاء السويسري ضئيلة جدا، نظرا لوعي الصحافيين بدورهم الاجتماعي الخاص، واحترام القواعد المهنية والأخلاقية، وحرصهم على المحافظة على المهنية والاستقلالية.
وخاطب رئيس مجلس الصحافة السويسري زملاءه المغاربة، قائلا إنه من الضروري توفر ظروف تسمح باستقلالية تامة للمجلس الجديد، وتمكينه من وسائل مادية وبشرية، تجعله يعمل في ظروف مقبولة، وبعيدا عن أي ضغوط.
وواجهت فكرة تأسيس «الهيئة الوطنية المستقلة لأخلاقيات الصحافة وحرية التعبير» عراقيل عدة منذ 2002، لكن الصحافيين المغاربة يتطلعون إلى أن يكون «المجلس الوطني للصحافة» بديلا مقبولا، يقوم بأدوار أوسع في خدمة المجال الصحافي.
وفي الندوة التي نظمت تحت عنوان «إشكالية أخلاقيات مهنة الصحافة والدور المرتقب للمجلس الوطني للصحافة»، قال مجاهد إن الجسم الإعلامي في المغرب، ينتظر ثلاثة قوانين جديدة، لكل منها أهميته، وهي قانون تأسيس المجلس الوطني للصحافة، ومدونة أخلاقيات الصحافة المهنية، إضافة لقانون الصحافة، مشيرا إلى أن وزيري الاتصال والعدل، أكدا أن قانون الصحافة الذي يتوقع صدوره قريبا «لن يتضمن عقوبات سالبة للحرية بحق الصحافيين».
وأكد مجاهد أن نقابته أعطت وقتا كافيا لبحث كل الجوانب المتعلقة بالقوانين الجديدة، وأضاف: «سنضغط على البرلمان حتى يسرع في المصادقة على هذه القوانين، وعلى تمرير قانون الصحافة كما اتفقنا عليه مع الجهات الحكومية».
من جهته، قال نور الدين مفتاح، رئيس فيدرالية ناشري الصحف في المغرب، إن بعض تحديات الممارسة الصحافية مرتبط بـ«الضمير الأخلاقي» أكثر من ارتباطه بارتكاب مخالفات يعاقب عليها القانون.
وطالب عدد من الإعلاميين الذين تحدثوا في الندوة بضرورة تلافي تكرار تجارب سابقة فشلت في المغرب، وأن يصبح المجلس الجديد «أداة حقيقية» لخدمة الصحافيين والعمل المهني. ودعا بعض المشاركين إلى ضرورة ضبط آلية اختيار أعضاء المجلس، وألا تقل تجربة أي منهم عن 15 سنة، ولا يزيد عدد أعضاء المجلس على 20 اقتداء بالتجربة السويسرية.



الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
TT

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)

يتضاعف خطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية، وانهيار سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، بفعل الحرب الحوثية على الموارد الرئيسية للبلاد، وتوسيع دائرة الصراع إلى خارج الحدود، في حين تتزايد الدعوات إلى اللجوء للتنمية المستدامة، والبحث عن حلول من الداخل.

وبينما تتوالي التحذيرات من تعاظم احتياجات السكان إلى المساعدات الإنسانية خلال الأشهر المقبلة، تواجه الحكومة اليمنية تحديات صعبة في إدارة الأمن الغذائي، وتوفير الخدمات للسكان في مناطق سيطرتها، خصوصاً بعد تراجع المساعدات الإغاثية الدولية والأممية خلال الأشهر الماضية، ما زاد من التعقيدات التي تعاني منها بفعل توقف عدد من الموارد التي كانت تعتمد عليها في سد الكثير من الفجوات الغذائية والخدمية.

ورجحت شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة حدوث ارتفاع في عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في اليمن في ظل استمرار التدهور الاقتصادي في البلاد، حيث لا تزال العائلات تعاني من التأثيرات طويلة الأجل للصراع المطول، بما في ذلك الظروف الاقتصادية الكلية السيئة للغاية، بينما تستمر بيئة الأعمال في التآكل بسبب نقص العملة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وانخفاض قيمة العملة والتضخم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

وبحسب توقعات الأمن الغذائي خلال الستة أشهر المقبلة، فإنه وبفعل الظروف الاقتصادية السيئة، وانخفاض فرص كسب الدخل المحدودة، ستواجه ملايين العائلات، فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء وحالة انعدام الأمن الغذائي الحاد واسعة النطاق على مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي) أو حالة الطوارئ (المرحلة الرابعة) في مناطق نفوذ الحكومة الشرعية.

انهيار العملة المحلية أسهم مع تراجع المساعدات الإغاثية في تراجع الأمن الغذائي باليمن (البنك الدولي)

يشدد الأكاديمي محمد قحطان، أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، على ضرورة وجود إرادة سياسية حازمة لمواجهة أسباب الانهيار الاقتصادي وتهاوي العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، منوهاً إلى أن عائدات صادرات النفط والغاز كانت تغطي 70 في المائة من الإنفاق العام في الموازنة العامة، وهو ما يؤكد أهميتها في تشغيل مؤسسات الدولة.

ويضيف قحطان في حديث خص به «الشرق الأوسط» أن وقف هذه الصادرات يضع الحكومة في حالة عجز عن الوفاء بالتزاماتها، بالتضافر مع أسباب أخرى منها الفساد والتسيب الوظيفي في أهم المؤسسات الحكومية، وعدم وصول إيرادات مؤسسات الدولة إلى البنك المركزي، والمضاربة بالعملات الأجنبية وتسريبها إلى الخارج، واستيراد مشتقات الوقود بدلاً من تكرير النفط داخلياً.

أدوات الإصلاح

طبقاً لخبراء اقتصاديين، تنذر الإخفاقات في إدارة الموارد السيادية ورفد خزينة الدولة بها، والفشل في إدارة أسعار صرف العملات الأجنبية، بآثار كارثية على سعر العملة المحلية، والتوجه إلى تمويل النفقات الحكومية من مصادر تضخمية مثل الإصدار النقدي.

توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

ويلفت الأكاديمي قحطان إلى أن استيراد مشتقات الوقود من الخارج لتغطية حاجة السوق اليمنية من دون مادة الأسفلت يكلف الدولة أكثر من 3.5 مليار دولار في السنة، بينما في حالة تكرير النفط المنتج محلياً سيتم توفير هذا المبلغ لدعم ميزان المدفوعات، وتوفير احتياجات البلاد من الأسفلت لتعبيد الطرقات عوض استيرادها، وأيضاً تحصيل إيرادات مقابل بيع الوقود داخلياً.

وسيتبع ذلك إمكانية إدارة البنك المركزي لتلك المبالغ لدعم العرض النقدي من العملات الأجنبية، ومواجهة الطلب بأريحية تامة دون ضغوط للطلب عليها، ولن يكون بحاجة إلى بيع دولارات لتغطية الرواتب، كما يحدث حالياً، وسيتمكن من سحب فائض السيولة النقدية، ما سيعيد للاقتصاد توازنه، وتتعافى العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وهو ما سيسهم في استعادة جزء من القدرة الشرائية المفقودة للسكان.

ودعا الحكومة إلى خفض نفقاتها الداخلية والخارجية ومواجهة الفساد في الأوعية الإيرادية لإحداث تحول سريع من حالة الركود التضخمي إلى حالة الانتعاش الاقتصادي، ومواجهة البيئة الطاردة للاستثمارات ورجال الأعمال اليمنيين، مع الأهمية القصوى لعودة كل منتسبي الدولة للاستقرار داخل البلاد، وأداء مهاهم من مواقعهم.

الحكومة اليمنية تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين لوقف حصار تصدير النفط (سبأ)

ويؤكد مصدر حكومي يمني لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة باتت تدرك الأخطاء التي تراكمت خلال السنوات الماضية، مثل تسرب الكثير من أموال المساعدات الدولية والودائع السعودية في البنك المركزي إلى قنوات لإنتاج حلول مؤقتة، بدلاً من استثمارها في مشاريع للتنمية المستدامة، إلا أن معالجة تلك الأخطاء لم تعد سهلة حالياً.

الحل بالتنمية المستدامة

وفقاً للمصدر الذي فضل التحفظ على بياناته، لعدم امتلاكه صلاحية الحديث لوسائل الإعلام، فإن النقاشات الحكومية الحالية تبحث في كيفية الحصول على مساعدات خارجية جديدة لتحقيق تنمية مستدامة، بالشراكة وتحت إشراف الجهات الممولة، لضمان نجاح تلك المشروعات.

إلا أنه اعترف بصعوبة حدوث ذلك، وهو ما يدفع الحكومة إلى المطالبة بإلحاح للضغط من أجل تمكينها من الموارد الرئيسية، ومنها تصدير النفط.

واعترف المصدر أيضاً بصعوبة موافقة المجتمع الدولي على الضغط على الجماعة الحوثية لوقف حصارها المفروض على تصدير النفط، نظراً لتعنتها وشروطها صعبة التنفيذ من جهة، وإمكانية تصعيدها العسكري لفرض تلك الشروط في وقت يتوقع فيه حدوث تقدم في مشاورات السلام، من جهة ثانية.

تحذيرات من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد (أ.ف.ب)

وقدمت الحكومة اليمنية، أواخر الشهر الماضي، رؤية شاملة إلى البنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات القائمة لتتوافق مع الاحتياجات الراهنة، مطالبةً في الوقت ذاته بزيادة المخصصات المالية المخصصة للبلاد في الدورة الجديدة.

وكان البنك الدولي توقع في تقرير له هذا الشهر، انكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة واحد في المائة هذا العام، بعد انخفاضه بنسبة 2 في المائة العام الماضي، بما يؤدي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج الحقيقي.

ويعاني أكثر من 60 في المائة من السكان من ضعف قدرتهم على الحصول على الغذاء الكافي، وفقاً للبنك الدولي، بسبب استمرار الحصار الذي فرضته الجماعة الحوثية على صادرات النفط، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات المالية للحكومة بنسبة 42 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، وترتب على ذلك عجزها عن تقديم الخدمات الأساسية للسكان.

وأبدى البنك قلقه من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد، وتفاقم الأزمات الاجتماعية والإنسانية.