الخارجية المصرية: تقرير أميركا عن حقوق الإنسان «غير متوازن» ومخالف للواقع

واشنطن تتهم القاهرة بـ«التمييز والقمع»

الخارجية المصرية: تقرير أميركا عن حقوق الإنسان «غير متوازن» ومخالف للواقع
TT

الخارجية المصرية: تقرير أميركا عن حقوق الإنسان «غير متوازن» ومخالف للواقع

الخارجية المصرية: تقرير أميركا عن حقوق الإنسان «غير متوازن» ومخالف للواقع

انتقدت القاهرة أمس، فحوى تقرير الخارجية الأميركية السنوي عن حقوق الإنسان في مصر، وتضمن اتهامات للسلطات المصرية بما وصفه بـ«القوة المفرطة» في قمع الحريات المدنية وفرض قيود على حرية التعبير، بحسب ما جاء بالتقرير. وقال السفير بدر عبد العاطي، المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية، إن «تقرير الخارجية غير متوازن وغير موضوعي ويتضمن الكثير من المغالطات».
وأضاف عبد العاطي أمس، أن «تقرير الخارجية الأميركية هو تقرير سنوي دوري تصدره الخارجية الأميركية فيما يتعلق بحقوق الإنسان في كل دول العالم؛ ولكن لدينا ملاحظات حول هذا التقرير»، مشيرا إلى أن أميركا تنصب نفسها محاميا ومدافعا عن قضايا حقوق الإنسان في العالم دون وجود سند شرعي.. وهذا أمر مستغرب من الجميع.
وأوضح السفير عبد العاطي أن مصر يمكن أن تتفهم أن يصدر مثل هذا التقرير عن الأمم المتحدة أو المنظمات التابعة لحقوق الإنسان؛ ولكن صدور تقرير عن الخارجية الأميركية يعكس رغبة واضحة بأن تنصب نفسها حكما وقاضيا ومدافعا عن حقوق الإنسان في دول العالم، لافتا إلى أن التقرير الأميركي يتحدث في بعض جزئياته عن الإطاحة بحكومة مدنية منتخبة في مصر، وهذا مخالف تماما للواقع، لأن الواقع يقوم على أن عشرات الملايين من المصريين خرجوا في 30 يونيو (حزيران) الماضي، للمطالبة بحقوقهم وبإجراء انتخابات رئاسية مبكرة.
وأكد السفير بدر عبد العاطي أن إغفال تقرير وزارة الخارجية الأميركية لكل ذلك يعد مغالطة، ولا يعكس الواقع بطبيعة الحال، قائلا: «هناك قدر من ازدواجية المعايير، لأنه إذا كانت هناك انتهاكات لحقوق الإنسان في مصر والعالم، فماذا عن انتهاكات حقوق الإنسان في أميركا؟ ومنها قضايا التنصت واستمرار فتح معسكر غوانتانامو حتى الآن»، مشيرا إلى أن التقرير يتضمن مجموعة من المغالطات ويتناسى الإرهاب وما تتعرض له الدولة والجيش والشرطة والأبرياء من عمليات عنف.
وتأثرت العلاقات المصرية الأميركية بعد عزل الرئيس المصري محمد مرسي المنتمي لجماعة الإخوان المسلمين في يوليو (تموز) الماضي، وقيام الإدارة الأميركية بتعليق جانب من المساعدات العسكرية لمصر. وهو ما أدى إلى توتر تجاه المسؤولين المصريين لإعادة تعزيز العلاقات مع روسيا والصين.
وقالت الخارجية الأميركية في تقريرها، الذي نشرته أول من أمس، إنه «في ظل حكومة مرسي تم اتخاذ إجراءات للحد من حرية التعبير، حيث تم تقديم بلاغات ضد شخصية عامة وإعلامية بتهمة الإساءة للأديان والتحريض وإهانة الرئيس وشخصيات حكومية أخرى».
وأدان التقرير ما وصفه بـ«القوة المفرطة» من قبل قوات الأمن وقمع الحريات المدنية والقيود الاجتماعية والحكومية على حرية التعبير وحرية الصحافة والقمع والمحاكمات العسكرية للمدنيين. وأشار التقرير إلى أن مشكلات حقوق الإنسان الأخرى شملت الاختفاء والظروف القاسية في السجون وطول فترة الاحتجاز قبل المحاكمة والقيود على الحريات الأكاديمية وحصانة قوات الأمن، ووجود مَن سمتهم «سجناء سياسيين».
وانتقد التقرير قانون التظاهر الذي جرى تمريره في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، بقوله: «لغته كانت غامضة في الحديث عن الأنشطة المحظورة، ويمنح وزير الداخلية السلطة لمنع أو إلغاء المظاهرات المخطط لها». واتهم التقرير شركاء دبلوماسيين لواشنطن مثل روسيا وتركيا والسعودية ومصر، بالتمييز والقمع وسوء معاملة السجناء وغيرها من الانتهاكات.
وأوضح صفوت جرجس، مدير المركز المصري لحقوق الإنسان، أن «ما زعمه التقرير من أن السلطات المصرية لا تستطيع كبح وزارة الداخلية في التعذيب والتنكيل بالمسجونين والمتظاهرين.. محض افتراء، وذلك بشهادات منظمات دولية معروفة بمصداقيتها وحياديتها». وقال جرجس لـ«الشرق الأوسط»، إن «التقرير غير حيادي وجاء لأغراض سياسية».
من جانبها، قالت مها أبو بكر، المتحدثة باسم حركة تمرد الشعبية، إن الولايات المتحدة الأميركية آخر من تتحدث عن التعذيب في السجون، في ظل وجود مُعتقل غوانتانامو، مشيرة إلى أن مصر لا تنتظر من الولايات المتحدة الأميركية أن تعترف بثورتها، لافتة إلى أن واشنطن لن تعترف بثورة 30 يونيو إلا عندما تكتمل خارطة الطريق، ويكون وضع مصر قويا، وهو ما سيجعل واشنطن تعترف بالنظام المصري. وأوضحت المتحدثة باسم حركة تمرد، أن ثورة 30 يونيو ليست في مصلحة الولايات المتحدة.. وبالتالي فهي تهاجمها ولا تعترف بها.



أوضاع متردية يعيشها الطلبة في معاقل الحوثيين

طلبة يمنيون في مناطق سيطرة الحوثيين يتعرضون للشمس والبرد والمطر (الأمم المتحدة)
طلبة يمنيون في مناطق سيطرة الحوثيين يتعرضون للشمس والبرد والمطر (الأمم المتحدة)
TT

أوضاع متردية يعيشها الطلبة في معاقل الحوثيين

طلبة يمنيون في مناطق سيطرة الحوثيين يتعرضون للشمس والبرد والمطر (الأمم المتحدة)
طلبة يمنيون في مناطق سيطرة الحوثيين يتعرضون للشمس والبرد والمطر (الأمم المتحدة)

قدَّم تقرير أممي حديث عن أوضاع التعليم في مديرية رازح اليمنية التابعة لمحافظة صعدة؛ حيثُ المعقل الرئيسي للحوثيين شمالي اليمن، صورة بائسة حول الوضع الذي يعيش فيه مئات من الطلاب وهم يقاومون من أجل الاستمرار في التعليم، من دون مبانٍ ولا تجهيزات مدرسية، بينما يستخدم الحوثيون كل عائدات الدولة لخدمة قادتهم ومقاتليهم.

ففي أعماق الجبال المرتفعة في المديرية، لا يزال الأطفال في المجتمعات الصغيرة يواجهون التأثير طويل الأمد للصراعات المتكررة في المحافظة، والتي بدأت منتصف عام 2004 بإعلان الحوثيين التمرد على السلطة المركزية؛ إذ استمر حتى عام 2010، ومن بعده فجَّروا الحرب الأخيرة التي لا تزال قائمة حتى الآن.

الطلاب اليمنيون يساعدون أسرهم في المزارع وجلب المياه من بعيد (الأمم المتحدة)

وفي المنطقة التي لا يمكن الوصول إليها إلا من خلال رحلة برية تستغرق ما يقرب من 7 ساعات من مدينة صعدة (مركز المحافظة)، تظل عمليات تسليم المساعدات والوصول إلى الخدمات الأساسية محدودة، وفقاً لتقرير حديث وزعته منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف)؛ إذ بينت المنظمة فيه كيف يتحمل الأطفال بشكل خاص وطأة الفرص التعليمية المحدودة، والمرافق المدرسية المدمرة.

مدرسة من دون سقف

وأورد التقرير الأممي مدرسة «الهادي» في رازح باعتبارها «مثالاً صارخاً» لتلك الأوضاع، والتي لا تزال تخدم مئات الطلاب على الرغم من الدمار الذي تعرضت له أثناء المواجهات بين القوات الحكومية والحوثيين، أثناء التمرد على السلطة المركزية؛ حيث تُركت هياكل خرسانية من دون سقف أو جدران.

ويؤكد مدير المدرسة -وفق تقرير «اليونيسيف»- أنها منذ أن أصيبت ظلت على هذه الحال، من ذلك الوقت وحتى الآن. ويقول إنهم كانوا يأملون أن يتم بناء هذه المدرسة من أجل مستقبل أفضل للطلاب، ولكن دون جدوى؛ مشيراً إلى أن بعض الطلاب تركوا الدراسة أو توقفوا عن التعليم تماماً.

مدرسة دُمّرت قبل 15 سنة أثناء تمرد الحوثيين على السلطة المركزية (الأمم المتحدة)

ويجلس الطلاب على أرضيات خرسانية من دون طاولات أو كراسي أو حتى سبورة، ويؤدون الامتحانات على الأرض التي غالباً ما تكون مبللة بالمطر. كما تتدلى الأعمدة المكسورة والأسلاك المكشوفة على الهيكل الهش، مما يثير مخاوف من الانهيار.

وينقل التقرير عن أحد الطلاب في الصف الثامن قوله إنهم معرضون للشمس والبرد والمطر، والأوساخ والحجارة في كل مكان.

ويشرح الطالب كيف أنه عندما تسقط الأمطار الغزيرة يتوقفون عن الدراسة. ويذكر أن والديه يشعران بالقلق عليه حتى يعود إلى المنزل، خشية سقوط أحد الأعمدة في المدرسة.

ويقع هذا التجمع السكاني في منطقة جبلية في حي مركز مديرية رازح أقصى غربي محافظة صعدة، ولديه مصادر محدودة لكسب الرزق؛ حيث تعمل أغلب الأسر القريبة من المدرسة في الزراعة أو الرعي. والأطفال -بمن فيهم الطلاب- يشاركون عائلاتهم العمل، أو يقضون ساعات في جلب المياه من بعيد، بسبب نقص مصادر المياه الآمنة والمستدامة القريبة، وهو ما يشكل عبئاً إضافياً على الطلاب.

تأثير عميق

حسب التقرير الأممي، فإنه على الرغم من التحديات والمخاوف المتعلقة بالسلامة، يأتي نحو 500 طالب إلى المدرسة كل يوم، ويحافظون على رغبتهم القوية في الدراسة، في حين حاول الآباء وأفراد المجتمع تحسين ظروف المدرسة، بإضافة كتل خرسانية في أحد الفصول الدراسية، ومع ذلك، فإن الدمار هائل لدرجة أن هناك حاجة إلى دعم أكثر شمولاً، لتجديد بيئة التعلم وإنشاء مساحة مواتية وآمنة.

واحد من كل 4 أطفال يمنيين في سن التعليم خارج المدرسة (الأمم المتحدة)

ويشير تقرير «يونيسيف»، إلى أن للصراع وانهيار أنظمة التعليم تأثيراً عميقاً على بيئة التعلم للأطفال في اليمن؛ حيث تضررت 2426 مدرسة جزئياً أو كلياً، أو لم تعد تعمل، مع وجود واحد من كل أربعة طلاب في سن التعليم لا يذهبون إلى المدرسة، كما يضطر الذين يستطيعون الذهاب للمدرسة إلى التعامل مع المرافق غير المجهزة والمعلمين المثقلين بالأعباء، والذين غالباً لا يتلقون رواتبهم بشكل منتظم.

وتدعم المنظمة الأممية إعادة تأهيل وبناء 891 مدرسة في مختلف أنحاء اليمن، كما تقدم حوافز لأكثر من 39 ألف معلم لمواصلة تقديم التعليم الجيد، ونبهت إلى أنه من أجل ترميم أو بناء بيئة مدرسية أكثر أماناً للأطفال، هناك حاجة إلى مزيد من الموارد.