القوات العراقية تطهر منطقة ساخنة بالرمادي.. وتبقي الحصار على الفلوجة

تعد لإطلاق عملية مماثلة في ديالى

القوات العراقية تطهر منطقة ساخنة بالرمادي.. وتبقي الحصار على الفلوجة
TT

القوات العراقية تطهر منطقة ساخنة بالرمادي.. وتبقي الحصار على الفلوجة

القوات العراقية تطهر منطقة ساخنة بالرمادي.. وتبقي الحصار على الفلوجة

بعد معارك كر وفر استمرت لنحو شهرين، أعلنت قيادة عمليات الأنبار عن تمكنها من تطهير منطقة «البوعلي الجاسم» شمال مدينة الرمادي في وقت جرى الاتفاق على إبقاء مدينة الفلوجة، تحت الحصار من خلال تمديد مهلة الهدنة فيها. وقالت قيادة العمليات في بيان لها، أمس، إن «قوة مشتركة من قيادة عمليات الأنبار، وبمساندة أبناء العشائر، تمكّنت من تطهير منطقة البوعلي جاسم، شمال الرمادي».
وأضاف البيان أن «القوة أعادت افتتاح مركز الشرطة في المنطقة ذاتها». وتأتي هذه العملية بعد أن كانت شهدت الأنبار منذ الـ21 من شهر يناير (كانون الثاني) الماضي عمليات عسكرية واسعة النطاق، لملاحقة المجاميع المسلحة، وهو ما خلّف أوضاعا إنسانية غاية في الصعوبة تمثلت في تهجير آلاف العوائل خارج المحافظة أو داخلها.
وفي هذا السياق، عدّ الشيخ رافع عبد الكريم الفهداوي شيخ عشائر البوفهد وأحد أبرز الشيوخ الذين أعلنوا تصديهم لتنظيم داعش، بالتنسيق مع الحكومة العراقية والأجهزة الأمنية، أن «تطهير منطقة البوعلي الجاسم سيكون له أهمية استراتيجية على مجريات المعارك، التي تخوضها القوات العسكرية بمؤازرة من العشائر».
وقال الفهداوي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «أهمية هذه المنطقة التي جرى تطهيرها تتمثل بكونها امتدادا عشائريا، وبالتالي فإنها باتت تشكل سياجا عشائريا ضد الإرهاب، وهو ما تحقق لأول مرة حيث كانت هذه المنطقة تشهد خروقا هنا وهناك، لكونها قريبة من مدينة الرمادي، فضلا عن كونها قريبة من عمليات الأنبار ذاتها».
وبشأن تأثير ذلك على الحراك العشائري والحوارات مع شيوخ العشائر الذين لا تزال لديهم تحفظات وملاحظات قال الفهداوي إن «الهدنة المفتوحة في الفلوجة سيكون لها تأثير مهم على مجريات الأحداث في عموم مناطق الأنبار». وردا على سؤال بخصوص المبادرة التي تقدم بها رئيس الوزراء الخاصة بأهالي الأنبار، ومدى ما تحقق منها، انتقد الفهداوي «الطريقة التي يتم بها حاليا تنفيذ أهم بنود المبادرة، التي تتعلق بتطويع عشرة آلاف مواطن من أبناء الأنبار في أجهزة الجيش والشرطة، ولاحظنا أن هناك أطرافا في الحكومة المحلية وجهات أخرى بدأت تستغل ذلك لأغراض الدعاية الانتخابية» معتبرا أن «الخطة تنص على استيعاب من حمل السلاح ضد المجاميع الإرهابية و(داعش) بينما الحقيقة ليست كذلك، حيث إن المحسوبية والمنسوبية دخلت على الخط، وهو أمر سيكون له تداعياته السلبية».
وفي سياق متصل، أعلن رئيس مجلس محافظة الأنبار صباح كرحوت أن «الحكومة أعطت هدنة مفتوحة وفوضت المجلس حل أزمة الفلوجة سلميا». وقال كرحوت في بيان له أمس إنه «جرى تمديد وقف العمليات العسكرية على مدينة الفلوجة إلى أجل غير مسمى»، مبينا أن هذا القرار جاء بعد لقائه برئيس الوزراء نوري المالكي في بغداد.
من جهته، أكد وزير الدفاع العراقي سعدون الدليمي في مؤتمر صحافي ببغداد خلال افتتاح معرض للسلاح في معرض بغداد الدولي، أنه «خلال معارك الجيش في الأنبار وجهنا ضربات كثيرة وكبيرة، وقتلنا أعدادا من الإرهابيين»، متعهدا بـ«ملاحة الجماعات الإرهابية أينما وُجدت». وبينما لا تزال المعارك مستمرة في مناطق مختلفة من محافظة الأنبار، فقد عقد قائد القوات البرية في العراق علي غيدان اجتماعا مع وجهاء وشيوخ العشائر في محافظة ديالى (56 كلم شرق بغداد) لبحث انطلاق عمليات عسكرية في المحافظة لتطهيرها من المسلحين.
وقال مصدر مطلع حضر الاجتماع في تصريح صحافي إن «قائد القوات البرية الفريق الركن علي غيدان وصل إلى محافظة ديالى، وعقد اجتماعا مع شيوخ ووجهاء عشائر المقدادية وبهرز والكاطون، تمهيدا لتطهير المحافظة بعمليات عسكرية جوية وبرية استباقية».
وكانت القوات الأمنية قد أعلنت في وقت سابق من الأسبوع الماضي قرب انطلاق عمليات عسكرية واسعة النطاق وكبرى في الأيام المقبلة ضد تنظيم القاعدة، في محافظة ديالى.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.