المنافسة تشتد بين النفط السعودي والروسي على الصين

واردات بكين من الرياض تزيد 5 % ومن موسكو 30 % والبرازيل والكويت تتصدران النمو

المنافسة تشتد بين النفط السعودي والروسي على الصين
TT

المنافسة تشتد بين النفط السعودي والروسي على الصين

المنافسة تشتد بين النفط السعودي والروسي على الصين

اشتدت المنافسة بين النفط السعودي والروسي على السوق الصينية هذا العام بعد أن استوردت الصين كميات كبيرة من النفط الروسي جعلتها في المرتبة الثانية خلف السعودية على قائمة الدول المصدرة للنفط إلى الصين.
وأظهرت بيانات رسمية صينية اطلعت عليها «الشرق الأوسط» بالأمس أن الصين استوردت في الأشهر التسعة الأولى من العام الجاري نحو 38.45 مليون طن من النفط الخام السعودي أي ما يعادل نحو 281.8 مليون برميل تقريبًا بزيادة قدرها 5.1 في المائة خلال نفس الفترة من العام الماضي.
وتبدو الصورة مختلفة تماما عند الحديث عن روسيا حيث استوردت الصين 30.31 مليون طن من النفط الروسي خلال الأشهر التسعة الأولى من 2015 وهو ما يعادل نحو 222.1 مليون برميل تقريبًا. ولكن الاختلاف الكبير يظهر في نسبة النمو حيث تعد هذه الكمية زيادة قدرها 30 في المائة عما استوردته الصين في نفس الفترة من العام الماضي.
وتبدو المنافسة أكبر وأشد بين السعودية وروسيا هذا العام إذا ما تم النظر إلى الواردات بصورة شهرية كذلك حيث أظهرت البيانات الجمركية أن روسيا باعت الصين كمية قياسية من النفط في سبتمبر (أيلول) متفوقة بذلك على السعودية للمرة الثانية هذا العام كأكبر بائع إلى العملاق الآسيوي وبدعم من طلب شركات التكرير المستقلة.
وأظهرت بيانات الجمارك الصينية أن بكين اشترت 4.042 مليون طن من النفط الخام من روسيا الشهر الماضي بما يعادل نحو 987 ألفا و595 برميلا يوميًا وبزيادة 42 في المائة عن نفس الفترة من العام السابق.
وهبطت واردات الصين من السعودية 16.5 في المائة على أساس سنوي إلى نحو 965 ألفا و605 براميل يوميًا. وأرجع المحللون في السوق الهبوط في واردات الصين من النفط السعودي في سبتمبر إلى ارتفاع الأسعار الرسمية التي تبيع السعودية بها وإغلاق عدد من المصافي الصينية الكبرى لإجراء عمليات صيانة شاملة مخطط لها.
ويقول الدكتور محمد الرمادي، المحلل الاقتصادي أستاذ الاقتصاد السابق في جامعة الملك فهد للبترول والمعادن لـ«الشرق الأوسط»: «يجب على صناع القرار في الرياض والظهران أن يتنبهوا جيدًا لهذه المنافسة الشديدة مع النفط الروسي وباقي النفوط».
ويضيف الرمادي: «إحدى المشاكل التي يواجهها النفط السعودي هو أن أرامكو تعلن أسعارها قبل غالبية المنتجين في المنطقة ولهذا يتمكن الآخرون مثل العراق والكويت وإيران من إعطاء تخفيضات عالية للتنافس بشكل أكبر مع النفط السعودي. هذه مشكلة يصعب حلها في الحقيقة». وقال تجار إن الإمدادات الروسية - وبخاصة مزيج اسبو - اكتسبت رواجا بين هؤلاء المستخدمين الذين يتطلعون لاختبار مصافيهم بوقود سهل المعالجة نسبيا وقادم من مورد قريب جغرافيا.
ورغم أن سبتمبر هو الشهر الثاني الذي تتجاوز فيه شحنات روسيا نظيراتها من السعودية يقول المحللون إن السعودية ستحافظ على موقعها على قمة قائمة الموردين في مجمل حجم الواردات النفطية للعام بأكمله. وكانت آخر مرة تتجاوز فيها واردات النفط الروسية نظيراتها من السعودية في مايو (أيار).
وفي مايو الماضي وللمرة الأولى منذ عشر سنوات عادت روسيا لتصبح الدولة الأولى في تصدير النفط إلى السوق الصينية بدلاً من السعودية، بحسب ما أظهرته بيانات الجمارك الصينية التي اطلعت عليها «الشرق الأوسط».
واستوردت الصين من روسيا نحو 927 ألف برميل يوميًا من النفط الخام خلال مايو بزيادة قدرها 33 في المائة عما استوردته في نفس الشهر قبل عام مضى. وكانت الصين قد استوردت من روسيا 770 ألف برميل يوميًا في أبريل (نيسان) الذي سبقه، بحسب ما أظهرت البيانات.
أما الواردات من السعودية فقد هوت بشكل كبير في مايو إلى 720 ألف برميل يوميًا من 1.28 مليون برميل في شهر أبريل الذي سبقه. وتعد هذه سابقة للنفط السعودي الذي كانت وارداته في الصين دائمًا فوق مستوى مليون برميل يوميًا في المتوسط.
وكان سبب هبوط صادرات السعودية إلى الصين في مايو هو خروج الكثير من المصافي من الخدمة خلال الشهر وهو ما أدى إلى انخفاض واردات الصين بصورة عامة من النفط بنحو 1.9 مليون برميل يوميًا. إذ خرج نحو 1.5 مليون برميل يوميًا من طاقة الصين التكريرية حينها.

تفوق كويتي برازيلي

ورغم أن السعودية وروسيا تتربعان هذا العام على عرش مصدرين النفط إلى الصين من ناحية الحجم نظرًا للكميات الكبيرة التي يصدرانها، فإن البرازيل والكويت هما أكثر دولتين صدرتا نفط هذا العام إذا ما تم النظر إلى نسبة النمو في الصادرات. واستوردت الصين من الكويت 10.8 مليون طن من النفط الخام في الأشهر التسعة الأولى هذا العام وهو نمو يعادل نسبة 55.3 في المائة عما استوردته الصين في نفس الفترة من العام الماضي. ويقول المحلل النفطي عصام المرزوق لـ«الشرق الأوسط»: «لا يوجد سبب واضح لزيادة صادرات الكويت إلى الصين هذا العام سوى سبب واحد وهو العقود التي تم إبرامها في العام الماضي».
ووقعت مؤسسة البترول وشركة الصين العالمية للبترول في أغسطس (آب) من عام 2014 اتفاقا يقضي بزيادة صادرات الكويت من النفط الخام إلى الصين بأكثر من الضعف لمدة عشر سنوات ابتداء من أغسطس الجاري. وأوضح العضو المنتدب للتسويق العالمي في مؤسسة البترول ناصر المضف حينها أن العقد يقضي بإمداد الصين بنحو 300 ألف برميل من النفط الخام يوميا ليحل محل عقد الإمداد القديم الذي يقضي بتصدير 160 إلى 170 ألف برميل يوميا.
أما البرازيل فقد نمت واردات الصين من نفطها بنحو 85 في المائة هذا العام. ولا تزال العراق وفنزويلا في وضع جيد حيث نمت واردات الصين من نفطهما بنسبة 11 و23 في المائة على التوالي هذا العام.
أما إيران فقد تراجعت واردات الصين من نفطها بنسبة 2 في الأشهر التسعة الأولى فيما هبطت نسبة واردات الصين من النفط الإماراتي بنحو 7.3 في المائة. وهبطت واردات الصين من النفط الإيراني 17 في المائة في سبتمبر مقارنة بنفس الفترة العام الماضي إلى 416 ألفا و450 برميلا يوميا.
وسمحت الصين منذ يوليو (تموز) لستة مشترين جدد للنفط معظمهم من المستقلين بدخول السوق في إجراء غير مسبوق للقطاع الذي كانت تهيمن عليه الدولة في السابق.



مصر تقر زيادة حصتها في صندوق النقد 50 %

معبد الأقصر جنوب مصر مضاء ليلاً (أ.ف.ب)
معبد الأقصر جنوب مصر مضاء ليلاً (أ.ف.ب)
TT

مصر تقر زيادة حصتها في صندوق النقد 50 %

معبد الأقصر جنوب مصر مضاء ليلاً (أ.ف.ب)
معبد الأقصر جنوب مصر مضاء ليلاً (أ.ف.ب)

نشرت الجريدة الرسمية في مصر قرار الرئيس عبد الفتاح السيسي، بشأن الموافقة على زيادة حصة البلاد في صندوق النقد الدولي بنسبة 50 في المائة. كما نص القرار على أن الزيادة في الحصة لن تصبح سارية إلا بعد استيفاء شروط التصديق، رابطاً ذلك بموافقة جميع الدول الأعضاء في الصندوق على زيادة حصصهم.

وحسب مراقبين، تهدف زيادة الحصة إلى تعزيز الموارد المتاحة لصندوق النقد لدعم السياسات الاقتصادية والمالية للدول الأعضاء. كما أنها تزيد من القوة التصويتية لمصر في الصندوق.

ويرتبط القرار بالمراجعة العامة الـ16 للحصص، التي تشمل زيادات في حصص الدول الأعضاء، والتي تعتمد على الموافقة الكتابية للدول المشاركة والالتزام بالشروط المالية المحددة. علماً أن نحو 97 في المائة من الدول الأعضاء توافق على الزيادة.

كان مجلس النواب قد وافق في جلسة عامة في 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، على زيادة حصة مصر في الصندوق بنسبة 50 في المائة. ومن المقرر أن تقوم مصر بإتمام الإجراءات المالية اللازمة لدفع الزيادة في حصتها، والتي ستتم في إطار الزمان المحدد في القرار، حسبما أوضح مسؤولون مصريون.

وأعلن صندوق النقد الشهر الماضي التوصل إلى اتفاق على مستوى الخبراء مع مصر بشأن المراجعة الرابعة لاتفاق تسهيل الصندوق الممدد الذي يستمر 46 شهراً، وهو ما قد يتيح صرف شريحة جديدة تبلغ 1.2 مليار دولار. وقال وزير المالية المصري أحمد كوجك، قبل أيام إن مصر ستحصل على الشريحة هذا الشهر، نافياً طلب مصر توسيع القرض البالغة قيمته 8 مليارات دولار مرة أخرى.

وفي تصريحات إعلامية، أعرب كوجك عن قلقه من حجم الدين الخارجي الذي يتخطى 152 مليار دولار، وأكد تعهد الحكومة بخفضه بما يعادل نحو ملياري دولار سنوياً مع السداد بأكثر من قيمة الاقتراض.

في سياق منفصل، أفادت بيانات من الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مصر بأن التضخم السنوي لأسعار المستهلكين في المدن المصرية تراجع إلى 24.1 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، من 25.5 في المائة في نوفمبر (تشرين الثاني). وهذا هو أدنى مستوى في عامين، ويتماشى ذلك مع ما خلص إليه استطلاع رأي أجرته «رويترز»، وذلك في ظل استمرار تراجع أسعار المواد الغذائية.

وعلى أساس شهري، ارتفعت الأسعار في المدن المصرية 0.2 في المائة، مقارنةً مع 0.5 في المائة في نوفمبر. وانخفضت أسعار المواد الغذائية بنسبة 1.5 في المائة في ديسمبر بعد انخفاضها بنسبة 2.8 في المائة في نوفمبر، مما جعلها أعلى بنسبة 20.3 في المائة مما كانت عليه قبل عام.

وارتفع التضخم في أغسطس (آب) وسبتمبر (أيلول) وأكتوبر (تشرين الأول)، لكنه انخفض في نوفمبر وظل أقل بكثير من أعلى مستوى له على الإطلاق عند 38 في المائة الذي سجله في سبتمبر 2023.

وساعد النمو السريع في المعروض النقدي لمصر على زيادة التضخم. وأظهرت بيانات البنك المركزي أن المعروض النقدي (ن2) نما 29.06 في المائة في العام المنتهي في آخر نوفمبر، وهو ما يقل قليلاً عن أعلى مستوى على الإطلاق البالغ 29.59 في المائة المسجل في العام المنتهي بنهاية سبتمبر.

وبدأ التضخم في الارتفاع بشكل كبير عام 2022 عقب الغزو الروسي لأوكرانيا، وهو ما دفع المستثمرين الأجانب إلى سحب مليارات الدولارات من أسواق الخزانة المصرية. وسجل التضخم ذروته عند 38 في المائة في سبتمبر 2023، وكان أدنى مستوى له منذ ذلك الحين عندما سجل 21.27 في المائة في ديسمبر 2022.

ووقَّعت مصر في مارس (آذار) الماضي على حزمة دعم مالي مع صندوق النقد الدولي بهدف مساعدتها على تقليص عجز الميزانية وتبني سياسة نقدية أقل تأجيجاً للتضخم، لكنَّ الحزمة تُلزم الحكومة بخفض الدعم على بعض السلع المحلية، وهو ما يؤدي إلى ارتفاع أسعارها.

ومعدلات التضخم من أهم النقاط التي تراعيها لجنة السياسات النقدية بالبنك المركزي المصري عندما تجتمع لاتخاذ قرارات أسعار الفائدة.

وتتوقع اللجنة استمرار هذا الاتجاه، إذ قالت في محضر آخر اجتماعاتها في 2024: «تشير التوقعات إلى أن التضخم سيتراجع بشكل ملحوظ بدءاً من الربع الأول من عام 2025، مع تحقق الأثر التراكمي لقرارات التشديد النقدي والأثر الإيجابي لفترة الأساس، وسوف يقترب من تسجيل أرقام أحادية بحلول النصف الثاني من عام 2026».

كانت اللجنة قد ثبَّتت أسعار الفائدة في اجتماعاتها الستة الأحدث، إذ لم تغيرها منذ أن رفعتها 600 نقطة أساس في اجتماع استثنائي خلال مارس في إطار اتفاق قرض تمت زيادة حجمه إلى 8 مليارات دولار مع صندوق النقد الدولي. وكان هذا الرفع قد جاء بعد زيادة بلغت 200 نقطة أساس أول فبراير (شباط).