كبار المنتجين خارج «أوبك» لا يبدون اهتمامًا بخفض الإنتاج

فنزويلا عرضت خططًا لاستهداف نطاق سعري بين 70 و100 دولار للبرميل

فنزويلا والإكوادور أوفدتا وزيري الطاقة والنفط فيهما بهدف إقناع الدول خارج الأوبك بأهمية خفض الإنتاج والحفاظ على الأسعار (أ.ف.ب)
فنزويلا والإكوادور أوفدتا وزيري الطاقة والنفط فيهما بهدف إقناع الدول خارج الأوبك بأهمية خفض الإنتاج والحفاظ على الأسعار (أ.ف.ب)
TT

كبار المنتجين خارج «أوبك» لا يبدون اهتمامًا بخفض الإنتاج

فنزويلا والإكوادور أوفدتا وزيري الطاقة والنفط فيهما بهدف إقناع الدول خارج الأوبك بأهمية خفض الإنتاج والحفاظ على الأسعار (أ.ف.ب)
فنزويلا والإكوادور أوفدتا وزيري الطاقة والنفط فيهما بهدف إقناع الدول خارج الأوبك بأهمية خفض الإنتاج والحفاظ على الأسعار (أ.ف.ب)

اجتمع في العاصمة النمساوية فيينا بالأمس مسؤولون في منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) مع كبار المنتجين خارجها، في اجتماع فني للخبراء، والذي انتهى عاديا بعد أن تغيب عن الحضور ممثلو ثلاث دول من بين المنتجين الكبار خارج المنظمة.
وبحسب معلومات حصلت عليها «الشرق الأوسط» فإن خمس دول فقط من خارج «أوبك» أوفدت ممثلين عنها لحضور اجتماع الخبراء بمقر الأمانة العامة للمنظمة في فيينا بالأمس. وكانت منظمة البلدان المصدرة للبترول وجهت الدعوة إلى ثماني دول غير أعضاء فيها، من بينها روسيا، لإجراء محادثات عن السوق. ومن المعتقد أن الدول غير الأعضاء التي أوفدت ممثلين عنها هي المكسيك وروسيا وكولومبيا وكازاخستان والبرازيل، فيما تغيب عن الاجتماع الفني بالأمس كل من عمان والنرويج وأذربيجان.
ويأتي هذا التغيب كدليل على عدم اهتمام المنتجين الكبار خارج أوبك بخفض إنتاجهم وعدم اهتمامهم بالاجتماع الفني الذي أعلنت فنزويلا أنه ستعرض فيه خطة لإنقاذ أسعار النفط تقوم على استهداف نطاق سعري بين 70 دولارا و100 دولار للبرميل. ولا يبدو أن الدول خارج «أوبك» مهتمة بالمقترح الفنزويلي، خاصة أنه سيعتمد على خفض إنتاج المنتجين للحفاظ على هذا السعر. ورغم أن الاجتماع للخبراء ويحضره الممثلون الوطنيون في أوبك ولا يحضره الوزراء فإن فنزويلا والإكوادور أوفدتا وزيري الطاقة والنفط فيهما بهدف إقناع الدول خارج الأوبك بأهمية خفض الإنتاج والحفاظ على الأسعار. وانتهى الاجتماع من دون أن يخوض أحد في مسألة الأسعار أو الحديث عن خفض الإنتاج كما هو متوقع. إذ نقلت وكالة «بلومبيرغ» بالأمس عن إيليا جالكين، المسؤول الروسي الذي حضر الاجتماع، أن الاجتماع تطرق لمسألة الاستثمارات النفطية وبعض الأمور المتعلقة بالسوق. لكن فنزويلا ما زالت تسعى لإقناع الجميع بضرورة التحرك لإنقاذ أسعار النفط، ولهذا دعا وزير نفطها إيلوجيو ديل بينو، بالأمس، المنتجين خلال الاجتماع إلى عقد قمة على مستوى رؤساء الدول في أوبك وخارجها من أجل إيجاد حل لاستقرار السوق والأسعار.
ويرفض المنتجون غير الأعضاء في أوبك العمل مع المنظمة لخفض المعروض بهدف تقليص الفائض الذي دفع أسعار النفط للانحدار إلى ما دون 50 دولارا للبرميل من 115 دولارا في يونيو (حزيران) 2014.
في المقابل، ترفض «أوبك» تقليص المعروض بمفردها، بل وعمد أعضاء كثيرون بها إلى زيادة الإنتاج.
ويقول المحلل عبد الصمد العوضي، الذي مثل الكويت في «أوبك» لأكثر من عشرين عاما، لـ«الشرق الأوسط»: «أنا ما زلت عند قناعتي بأن الحوار مع الدول خارج (أوبك) لن يجدي نفعا، فنحن فتحنا الحوار معهم منذ عام 1983، ولم نر أي مساهمات لهم تذكر في خفض إنتاجهم وقت الأزمات. السوق لا تزال تعتمد على (أوبك)، وسيظل هذا الوضع قائما لأنه لا أحد غير (أوبك) يستطيع فعل ما تفعله المنظمة». وكان وزير الطاقة الأذربيجاني ناطق عالييف قد أوضح أول من أمس أن بلاده تلقت دعوة لحضور اجتماع الخبراء في فيينا، لكنه قرر ألا تنضم بلاده لأن المواضيع التي سيتم التطرق لها في الاجتماع لا تهمهم كثيرا. وأضاف عالييف مبررا موقفه أن السعودية ودولا أخرى في «أوبك» سبق أن أوضحت أنها لن تقوم بخفض الإنتاج.
وكان رافاييل راميريز، وزير النفط الفنزويلي السابق والسفير الحالي لدى الأمم المتحدة، قد أوضح الأسبوع الماضي أنه يتفق مع الرأي السعودي القائل «بضرورة» أن تشارك الدول غير الأعضاء في «أوبك»، مثل روسيا والمكسيك، في تخفيضات الإنتاج هذه المرة. وأضاف أن الموقف السعودي «عادل» لأن تخمة المعروض في السوق تفوق المليوني برميل يوميا من الخام.
لكنه أقر بأن التوفيق بين الآراء قد يكون صعبا. وقال: «هناك مشكلة بوجود خلافات حادة داخل (أوبك).. عجزنا عن التحرك بالسرعة اللازمة هذه المرة والتوصل إلى إجماع كما فعلنا في 2008». وأضاف أنه من المقترح أن تستضيف كراكاس جلسة فنية ينوي الوفد الفنزويلي خلالها مناقشة تخفيضات الأسعار التي يعطيها منتجون كثيرون للمشترين. وتعقد «أوبك» اجتماعا للبت في سياسة الإنتاج يوم الرابع من ديسمبر (كانون الأول) المقبل.



الصين تدرس خفض اليوان في 2025 لمواجهة رسوم ترمب الجمركية

ورقة نقدية صينية (رويترز)
ورقة نقدية صينية (رويترز)
TT

الصين تدرس خفض اليوان في 2025 لمواجهة رسوم ترمب الجمركية

ورقة نقدية صينية (رويترز)
ورقة نقدية صينية (رويترز)

يدرس القادة والمسؤولون الصينيون السماح بانخفاض قيمة اليوان في عام 2025، في وقت يستعدون فيه لفرض الولايات المتحدة رسوماً تجارية أعلى، في ظل رئاسة دونالد ترمب الثانية.

وتعكس هذه الخطوة إدراك الصين أنها بحاجة إلى تحفيز اقتصادي أكبر، لمواجهة تهديدات ترمب بفرض رسوم جمركية مرتفعة، وفقاً لمصادر مطلعة على المناقشات. وكان ترمب قد صرح سابقاً بأنه يخطط لفرض ضريبة استيراد عالمية بنسبة 10 في المائة، إضافة إلى رسوم بنسبة 60 في المائة على الواردات الصينية إلى الولايات المتحدة.

وسيسهم السماح لليوان بالضعف في جعل الصادرات الصينية أكثر تنافسية، مما يساعد على تقليص تأثير الرسوم الجمركية ويساهم في خلق بيئة نقدية أكثر مرونة في الصين.

وقد تحدثت «رويترز» مع 3 مصادر على دراية بالمناقشات المتعلقة بخفض قيمة اليوان؛ لكنهم طلبوا عدم الكشف عن هويتهم لعدم تفويضهم بالحديث علناً حول هذه المسألة. وأكدت المصادر أن السماح لليوان بالضعف في العام المقبل سيكون خطوة بعيدة عن السياسة المعتادة التي تعتمدها الصين في الحفاظ على استقرار سعر الصرف.

وبينما من غير المتوقع أن يعلن البنك المركزي الصيني عن توقفه عن دعم العملة، فإنه من المتوقع أن يركز على منح الأسواق مزيداً من السلطة في تحديد قيمة اليوان.

وفي اجتماع للمكتب السياسي، الهيئة التي تتخذ القرارات بين مسؤولي الحزب الشيوعي، هذا الأسبوع، تعهدت الصين بتبني سياسة نقدية «ميسرة بشكل مناسب» في العام المقبل، وهي المرة الأولى التي تشهد فيها الصين تخفيفاً في سياستها النقدية منذ نحو 14 عاماً. كما لم تتضمن تعليقات الاجتماع أي إشارة إلى ضرورة الحفاظ على «استقرار اليوان بشكل أساسي»، وهو ما تم ذكره آخر مرة في يوليو (تموز)؛ لكنه غاب عن البيان الصادر في سبتمبر (أيلول).

وكانت سياسة اليوان محوراً رئيسياً في ملاحظات المحللين الماليين ومناقشات مراكز الفكر هذا العام. وفي ورقة بحثية نشرتها مؤسسة «China Finance 40 Forum» الأسبوع الماضي، اقترح المحللون أن تتحول الصين مؤقتاً من ربط اليوان بالدولار الأميركي إلى ربطه بسلة من العملات غير الدولارية؛ خصوصاً اليورو، لضمان مرونة سعر الصرف في ظل التوترات التجارية المستمرة.

وقال مصدر ثالث مطلع على تفكير بنك الشعب الصيني لـ«رويترز»، إن البنك المركزي يدرس إمكانية خفض قيمة اليوان إلى 7.5 مقابل الدولار، لمواجهة أي صدمات تجارية محتملة، وهو ما يمثل انخفاضاً بنسبة 3.5 في المائة تقريباً عن المستويات الحالية البالغة 7.25.

وخلال ولاية ترمب الأولى، ضعُف اليوان بنسبة تزيد على 12 في المائة مقابل الدولار، خلال سلسلة من إعلانات الرسوم الجمركية المتبادلة بين مارس (آذار) 2018، ومايو (أيار) 2020.

اختيار صعب

قد يساعد ضعف اليوان ثاني أكبر اقتصاد في العالم على تحقيق هدف نمو اقتصادي صعب بنسبة 5 في المائة، وتخفيف الضغوط الانكماشية عبر تعزيز أرباح الصادرات، وجعل السلع المستوردة أكثر تكلفة. وفي حال تراجع الصادرات بشكل حاد، قد يكون لدى السلطات سبب إضافي لاستخدام العملة الضعيفة كأداة لحماية القطاع الوحيد في الاقتصاد الذي لا يزال يعمل بشكل جيد.

وقال فريد نيومان، كبير خبراء الاقتصاد في آسيا، في بنك «إتش إس بي سي»: «من الإنصاف القول إن هذا خيار سياسي. تعديلات العملة مطروحة على الطاولة كأداة يمكن استخدامها لتخفيف آثار الرسوم الجمركية». وأضاف أنه رغم ذلك، فإن هذا الخيار سيكون قصير النظر.

وأشار نيومان إلى أنه «إذا خفضت الصين قيمة عملتها بشكل عدواني، فإن هذا يزيد من خطر فرض سلسلة من الرسوم الجمركية، ويُحتمل أن تقول الدول الأخرى: إذا كانت العملة الصينية تضعف بشكل كبير، فقد لا يكون أمامنا خيار سوى فرض قيود على الواردات من الصين بأنفسنا». وبالتالي، هناك مخاطر واضحة من استخدام سياسة نقدية عدوانية للغاية؛ حيث قد يؤدي ذلك إلى رد فعل عنيف من الشركاء التجاريين الآخرين، وهو ما لا يصب في مصلحة الصين.

ويتوقع المحللون أن ينخفض اليوان إلى 7.37 مقابل الدولار بحلول نهاية العام المقبل. ومنذ نهاية سبتمبر، فقدت العملة نحو 4 في المائة من قيمتها مقابل الدولار.

وفي الماضي، تمكن البنك المركزي الصيني من احتواء التقلبات والتحركات غير المنظمة في اليوان، من خلال تحديد معدل التوجيه اليومي للأسواق، فضلاً عن تدخل البنوك الحكومية لشراء وبيع العملة في الأسواق.

وقد واجه اليوان -أو «الرنمينبي» كما يُسمَّى أحياناً- صعوبات منذ عام 2022؛ حيث تأثر بالاقتصاد الضعيف، وتراجع تدفقات رأس المال الأجنبي إلى الأسواق الصينية. كما أن أسعار الفائدة الأميركية المرتفعة، إلى جانب انخفاض أسعار الفائدة الصينية قد ضاعفت من الضغوط على العملة.

وفي الأيام القادمة، ستناقش السلطات الصينية التوقعات الاقتصادية لعام 2025، بما في ذلك النمو الاقتصادي والعجز في الموازنة، فضلاً عن الأهداف المالية الأخرى، ولكن دون تقديم استشرافات كبيرة في هذا السياق.

وفي ملخصات مؤتمر العمل الاقتصادي المركزي CEWC)) لأعوام 2020 و2022 و2023، تم تضمين التعهد بـ«الحفاظ على الاستقرار الأساسي لسعر صرف الرنمينبي عند مستوى معقول ومتوازن». إلا أنه لم يُدرج في ملخصات المؤتمر لعامي 2019 و2021.

ويوم الثلاثاء، انخفضت العملة الصينية بنحو 0.3 في المائة إلى 7.2803 مقابل الدولار. كما انخفض الوون الكوري، وكذلك الدولار الأسترالي والنيوزيلندي الحساسان للصين، في حين لامس الدولار الأسترالي أدنى مستوى له في عام عند 0.6341 دولار.