اغتيالات وتهديدات باعتقال زيدان وأبو سهمين في ليبيا

تفجير في درنة ومظاهرات ضد تمديد البرلمان

نوري العبار رئيس المفوضية العليا للانتخابات (يسار) يتحدث خلال مؤتمر صحفي للإعلان عن النتائج الأولية  للتصويت على لجنة الستين في طرابلس أمس (أ.ف.ب)
نوري العبار رئيس المفوضية العليا للانتخابات (يسار) يتحدث خلال مؤتمر صحفي للإعلان عن النتائج الأولية للتصويت على لجنة الستين في طرابلس أمس (أ.ف.ب)
TT

اغتيالات وتهديدات باعتقال زيدان وأبو سهمين في ليبيا

نوري العبار رئيس المفوضية العليا للانتخابات (يسار) يتحدث خلال مؤتمر صحفي للإعلان عن النتائج الأولية  للتصويت على لجنة الستين في طرابلس أمس (أ.ف.ب)
نوري العبار رئيس المفوضية العليا للانتخابات (يسار) يتحدث خلال مؤتمر صحفي للإعلان عن النتائج الأولية للتصويت على لجنة الستين في طرابلس أمس (أ.ف.ب)

التزمت السلطات الليبية الصمت حيال أحدث تهديد أطلقه مساء أول من أمس اللواء خليفة حفتر القائد العام السابق للجيش الليبي، باعتقال رئيسي السلطتين التشريعية والتنفيذية في البلاد وأعضائها، إذا حاولوا دخول المنطقة الشرقية لليبيا.
وهدد حفتر الذي كان يتحدث أمام العشرات من مناصريه الذين تجمعوا أمام منزله بمدينة بنغازي (شرق ليبيا) عقب مظاهرات حاشدة ضد قرار تمديد المؤتمر الوطني ولايته القانونية واحتجاجا على تردي الأوضاع الأمنية في المدينة، باعتقال نوري أبو سهمين رئيس المؤتمر الوطني وعلي زيدان رئيس الحكومة الانتقالية.
وفى تحدٍّ واضح للمؤتمر الوطني ولحكومة زيدان، رفع حفتر الذي كان يرتدي الملابس المدنية، يده بعلامة النصر وحيا أنصاره وخاطبهم عبر ميكروفون وهو يعتلي سيارة دفع رباعي.
وهتف مناصروه بحياته ودعوه إلى تولي مهمة تأمين بنغازي التي تعاني منذ فترة فوضى أمنية عارمة وتصاعد عمليات القتل التي تستهدف شخصيات عسكرية وأمنية بالإضافة إلى النشطاء السياسيين والإعلاميين. وقال حفتر إن أي عضو في الحكومة أو البرلمان يصل إلى أي مطار في المنطقة الشرقية سيعتقل، مضيفا: «أي رئيس وزراء، زيدان أو رئيس المؤتمر المنتهية ولايته، إذا جاء أحدهما يجب أن يحجز».
وعد «الثقة والشرعية منتهية فيهما»، متسائلا: «لماذا يتنقلون لنقل الفتنة وهم يرسلون أموالا طائلة لعناصر خارجة عن القانون؟ نحن نرفض تواجدهم».
وأغلق محتجون الطريق المؤدي لمطار بنينا الدولي في بنغازي ومنعوا مرور السيارات باتجاه المطار لبضع ساعات مساء أول من أمس. وفي تصريحات لقناة محلية لاحقا، قال حفتر، إنه «يعول في تطبيق أمر الاعتقال على الشعب أولا وأخيرا وعلى القوات المسلحة وكل الوحدات الأمنية»، لافتا إلى «وجود تنسيق بينه وبين هذه القوات وهناك وحدات عسكرية تحت ولايتنا من زمن بعيد.. القوات البرية والجوية والبحرية أيضا».
وسئل حفتر عما إذا كان قادرا على إعادة فرض الأمن والاستقرار في بنغازي، فأجاب: «نعم وبكل ثقة قادرون على تأمين المدينة»، مضيفا: «لا أطلب منصبا سياديا لكن إذا انتخبني الشعب فأهلا وسهلا».
وكان اللواء خليفة حفتر قد دعا الشهر الماضي في تسجيل مصور وهو يرتدي الزي العسكري، إلى تعليق عمل المؤتمر الوطني وتشكيل هيئة رئاسية تتولى حكم البلاد إلى أن تجرى انتخابات جديدة، ووصف دعوته بأنها «خارطة طريق» وليست محاولة للانقلاب.
في هذا السياق، لم يصدر أي بيان أو تصريح رسمي من البرلمان أو الحكومة الانتقالية التي يترأسها زيدان، بينما قالت السلطات الليبية في وقت سابق إن المدعي العام العسكري قد أصدر رسميا مذكرة باعتقال حفتر بتهمة السعي لتدبير انقلاب عسكري والسيطرة على السلطة بالقوة.
وكان عمر حميدان الناطق الرسمي باسم المؤتمر الوطني قال في وقت سابق إن مسألة اعتقال حفتر هي مسألة وقت فقط، مؤكدا أنه لا يمثل أي خطر على المؤسسة العسكرية أو الوضع السياسي في البلاد. لكن مصادر رسمية ونشطاء في بنغازي تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» عن «صعوبة تنفيذ هذا الاعتقال، نظرا إلى شعبية حفتر في المدينة بالإضافة إلى وجود قوات عسكرية تتولى تأمينه».
في المقابل، أعلن تجمع أهالي بنغازي الذي يسيطر عليه التيار الإسلامي عن رفضه لأي محاولة للاستيلاء على السلطة أو لما وصفه بالعودة لحكم العسكر، مؤكدا تمسكه بالتداول السلمي للسلطة. وقال التجمع في بيان بثته وكالة الأنباء المحلية، إنه يرفض بيان حفتر وإنه ضد كل من يريد الفوضى الخلاقة والحرب الناعمة. وطالب التجمع بإقالة حكومة زيدان ومحاسبة المسؤولين عن الجانب الأمني.
من جهة أخرى، قتل مسلحون مساء أول من أمس ضابطا بالجيش الليبي بمنطقة الحدائق بمدينة بنغازي ولاذوا بالفرار. وقال مصدر أمني مسؤول إن «الضابط يعمل في وحدة الدعم الإلكتروني بالجيش الليبي». كما قتل مخلوق الفرجاني عضو اللجنة الأمنية العليا فرع مدينة سرت الساحلية وآمر سرية القرضابية، بعدما أطلق عليه مجهولون النار بوسط المدينة ولاذوا بالفرار.
وفي مدينة درنة التي تعد معقلا للجماعات الإسلامية المتطرفة في شرق ليبيا، فجر مجهولون أمس محلا تجاريا لبيع العطور بوسـط المدينة، دون وقوع ضحايا.
بدوره أعلن محمد سوالم وزير العمل الليبي، أن الأوضاع الأمنية في الجنوب جيدة وتسير إلى وضعها الطبيعي تدريجيا، مؤكدا في مؤتمر صحافي عقدته لجنة تقصي الحقائق الرسمية في أحداث الجنوب، أن المؤسسات العامة بما فيها المصارف والمستشفيات مؤمنة من قبل قوات الجيش والثوار، معربا عن أسفه للنزاع الذي وقع بين قبائل التبو وأولاد سليمان في منطقة الجنوب.
وأوضح أن مطار سبها الدولي مؤمن بالكامل وتحت سيطرة قوات الجيش وكتائب الثوار، وأنه سيجري تشغيله في الأيام المقبلة، مشيرا إلى أن العمل جارٍ لتأمين الطريق الساحلي الرابط بين سبها ومدن الجنوب الأخرى.
إلى ذلك، أبلغ عبد الوهاب بيسكري الناطق الرسمي باسم لجنة فبراير، أن اللجنة توصلت عقب تصويت أجرته أمس إلى الاتفاق على إجراء انتخاب الرئيس المقبل لليبيا بالانتخاب المباشر من الشعب وليس من خلال المؤتمر الوطني.
وقال بيسكري لـ«الشرق الأوسط» عبر الهاتف من العاصمة طرابلس، إن «اللجنة ستقدم هذا المقترح الذي صوت عليه بالإيجاب عشرة من أصل 15 عضوا إلى المؤتمر الوطني تمهيدا للبت فيه»، مشيرا إلى أن اللجنة فنية استشارية لا أكثر.
وتشكلت «لجنة فبراير» بقرار من المؤتمر الوطني أساسا لإعداد تعديل على الإعلان الدستوري الذي أصدره المجلس الوطني الانتقالي السابق، ومن المقرر أن ينتهي عملها رسميا اليوم (الأحد).
فيما نفى مسؤول بمطار طرابلس الدولي سيطرة بعض الجماعات المسلحة على المطار، وأكد أن العمل بالمطار يسير بصورة اعتيادية وأن الرحلات الجوية المبرمجة سواء المغادرة منها أو القادمة كانت في مواعيدها.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم