أنقرة تعطي المساعي الأميركية «فرصة» وتقبل ببقاء الأسد 6 أشهر

بريطانيا تؤكد ضرورة رحيله.. وروسيا: التوصل إلى حل سياسي حاجة ملحة

مقاتلون من {حركة أحرار الشام} يتفحصون شظايا طائرة لا تحمل هوية سقطت في قرية معرشمارين جنوب إدلب بسوريا أمس حيث مقراتهم (رويترز)
مقاتلون من {حركة أحرار الشام} يتفحصون شظايا طائرة لا تحمل هوية سقطت في قرية معرشمارين جنوب إدلب بسوريا أمس حيث مقراتهم (رويترز)
TT

أنقرة تعطي المساعي الأميركية «فرصة» وتقبل ببقاء الأسد 6 أشهر

مقاتلون من {حركة أحرار الشام} يتفحصون شظايا طائرة لا تحمل هوية سقطت في قرية معرشمارين جنوب إدلب بسوريا أمس حيث مقراتهم (رويترز)
مقاتلون من {حركة أحرار الشام} يتفحصون شظايا طائرة لا تحمل هوية سقطت في قرية معرشمارين جنوب إدلب بسوريا أمس حيث مقراتهم (رويترز)

أعلنت أنقرة أمس «إمكانية» قبولها ببقاء الرئيس السوري بشار الأسد في السلطة لمرحلة انتقالية، مشددة على ضرورة وجود «ضمانات ثابتة وأكيدة برحيله عند انتهائها»، نافية وجود «تغيير في الموقف التركي الذي كان وما يزال لا يرى مستقبلا للأسد في سوريا بعد كل ما ارتكبه»، لكن مصادر تركية رفيعة المستوى شككت بإمكانية قبول الأسد وداعميه هذا الحل. وانتقدت أنقرة بشدة «التخاذل الغربي» في التعاطي مع ملف الأزمة السورية، لكنها بدأت مؤخرا في إبداء ليونة في هذا الموقف «تجاوبا مع مساع من حلفائها» في إشارة غير مباشرة إلى الولايات المتحدة التي تسوق لهذه الفكرة.
وأكد مصدر في رئاسة الوزراء التركية لـ«الشرق الأوسط»، أن مسألة بقاء الأسد في السلطة «غير وارد في إطار أي حل»، معتبرا أن الشعب السوري الذي وقف بوجه الظلم خمس سنوات ودفع الثمن من حياته وأمنه لا يمكن أن يقبل بذلك. لكن المصدر رأى أن التسوية السياسية قد تفرض بعض التنازلات، وقد يكون من بينها بقاء الأسد في السلطة لمرحلة انتقالية.
وأشار المصدر إلى أن الاتصالات التي جرت مع أنقرة في الفترة الماضية، تركزت على ضرورة الخروج بحل للأزمة، ورغم أن أنقرة لا ترى في بقاء الأسد لفترة انتقالية «أي فائدة»، إلا أنها لن تعارضها إذا كانت مفتاح الحل للأزمة السورية. وأشار المصدر إلى أن أنقرة لم تحدد موقفا نهائيا بعد، لكنها ترى إمكانية لذلك إذا كانت ثمة ضمانات أكيدة لرحيل الأسد.
وأكد المصدر أن أنقرة «دعمت السوريين في ثورتهم ضد النظام الظالم، ولن تتخلى عنهم، وهي ستقبل ما يقبلونه وترفض ما يرفضونه، ولن تساهم في فرض أي موقف عليهم»، مشيرا في المقابل إلى أن ثمة اتجاها دوليا لافتا نحو القبول به (الأسد) لمرحلة انتقالية ونحن لن نقف في وجه أي إجراء يضمن الحل السلمي للأزمة السورية. ونقلت وكالة «رويترز» عن مسؤولين كبيرين في الحكومة أن تركيا مستعدة لقبول انتقال سياسي في سوريا يظل بموجبه الرئيس بشار الأسد في السلطة بشكل رمزي لمدة ستة أشهر قبل تنحيه، وأن أنقرة تناقش الخطة مع الحلفاء الغربيين. وقال أحد المسؤولين شريطة عدم الكشف عن هويته: «العمل على خطة لرحيل الأسد جار.. يمكن أن يبقى ستة أشهر ونقبل بذلك لأنه سيكون هناك ضمان لرحيله». وأضاف: «تحركنا قدما في هذه القضية لدرجة معينة مع الولايات المتحدة وحلفائنا الآخرين. لا يوجد توافق محدد في الآراء بشأن متى ستبدأ فترة الستة أشهر هذه، لكننا نعتقد أن الأمر لن يستغرق طويلا». وقال أحد المسؤولين التركيين إن الولايات المتحدة ستطرح الاقتراح على روسيا.
وكان وزير الخارجية البريطاني فيليب هاموند قال أمس أمام مجلس العموم، إن بريطانيا تريد أن يرحل الأسد «في إحدى المراحل ضمن أي اتفاق تبرمه القوى العالمية لإنهاء الحرب السورية» التي بدأت قبل أكثر من أربع سنوات.
ونقلت رويترز، عنه قوله، إن اقتراحا بإقامة مناطق آمنة في شمال سوريا لاستخدامها كقاعدة لقتال تنظيم داعش اقتراح غير عملي. وأخبر هاموند نواب المجلس، أن عدد مقاتلي المعارضة غير المنتمين لـ«داعش» ولا لجبهة النصرة في سوريا، نحو 80 ألفا.
وأكدت روسيا على لسان فالنتينا ماتفيينكو رئيسة المجلس الأعلى بالبرلمان الروسي، أول من أمس، أن روسيا تفضل دائما المحادثات أيا كانت، في إطار ردها على خطة اقترحتها الولايات المتحدة لعقد اجتماع بشأن سوريا تحضره روسيا والسعودية وتركيا والأردن. وقالت ماتفيينكو إن الروس يتفقون مع الرأي القائل بأن هناك حاجة ملحة للتوصل إلى حل سياسي. وفي وقت سابق أمس ذكرت وكالة إنترفاكس الروسية للأنباء، أن روسيا تبحث اقتراحا تقدم به جون كيري وزير الخارجية الأميركي لعقد محادثات متعددة الأطراف.
إلى ذلك، ندد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أمس بالتزام المجتمع الدّولي الصمت حيال ما يجري في سوريا من انتهاك لحقوق الإنسان والقضاء على المعالم الأثرية لهذا البلد وممارسة الظلم الاضطهاد بحق الشعب السوري الذي يطالب بالحرية والديمقراطية. وقال إردوغان خلال كلمة ألقاها في افتتاح مؤتمر للأمم المتحدة حول مكافحة ظاهرة التصحّر إنه «لا يمكننا وقف ظاهرة التصحر الحقيقي في ظلّ امتداد تصحّر النفوس والوجدان العالمي. ففي حين خرج الشعب السوري من أجل نيل حريته، رأت بعض الدّول الغربية أنّ هذا الحق كثير على السوريين».
وتطرّق إردوغان إلى أزمة اللاجئين والسياسة التركية المُتّبعة في هذا الصّدد، مشيرًا إلى أنّ القيادة التركية فتحت أبوابها منذ اليوم الأول لموجة النزوح وأنها أنفقت 8 مليارات دولار من خزانتها لتلبية احتياجات اللاجئين على كافة الأصعدة. وانتقد سياسات الدّول الغربية التي تكتلك اقتصادات قوية، منوّهًا في الوقت ذاته إلى أنّ حجم المساعدات التي وصلت إلى تركيا من تلك الدّول، لم تتجاوز 450 مليون دولار، في حين بلغت أعباء إيواء النازحين السوريين على الحكومة التركية 8 مليارات دولار.
وكان إردوغان أثار الشهر الماضي عاصفة من الجدل عندما نقل عنه أنه «يمكن الحديث عن مرحلة انتقالية بوجود الأسد، ولكن الأصل الأساس أنه لا يمكن القبول ببقاء ديكتاتور بأي حال، وخاصة من قبل الشعب السوري»، لكن مقربين من إردوغان عادوا لينفوا تغييرا في الموقف التركي، مشيرين إلى أنه قال هذه الجملة في معرض تأكيده أنه يمكن لأي كان الحديث عن مرحلة انتقالية بوجوده، لكن هذا لن يحدث.



مصر لتعزيز الشراكة مع أوروبا في مجال المياه

وزير الري المصري خلال استقباله سفيرة الاتحاد الأوروبي بالقاهرة (الري المصرية)
وزير الري المصري خلال استقباله سفيرة الاتحاد الأوروبي بالقاهرة (الري المصرية)
TT

مصر لتعزيز الشراكة مع أوروبا في مجال المياه

وزير الري المصري خلال استقباله سفيرة الاتحاد الأوروبي بالقاهرة (الري المصرية)
وزير الري المصري خلال استقباله سفيرة الاتحاد الأوروبي بالقاهرة (الري المصرية)

تسعى الحكومة المصرية، لتعزيز الشراكة مع الاتحاد الأوروبي، في مجال إدارة الموارد المائية، في ظل تحديات كبيرة تواجهها تتعلق بـ«محدودية مواردها». وخلال لقائه سفيرة الاتحاد الأوروبي في القاهرة أنجلينا إيخورست، الاثنين، ناقش وزير الموارد المائية والري المصري هاني سويلم، التعاون بين الجانبين، في «إعادة استخدام المياه، وتقنيات معالجتها».

وتعاني مصر عجزاً مائياً، حيث يبلغ إجمالي الموارد المائية، نحو 60 مليار متر مكعب سنوياً، في مقابل احتياجات تصل إلى 114 مليار متر مكعب سنوياً، وبنسبة عجز تقدر 54 مليار متر مكعب، وفق «الري المصرية».

وتعتمد مصر على حصتها من مياه نهر النيل بنسبة 98 في المائة، والبالغة 55.5 مليار متر مكعب سنوياً.

وحسب بيان لـ«الري المصرية»، ناقش سويلم، مع سفيرة الاتحاد الأوروبي، مقترحات تطوير خطة العمل الاستراتيجية (2024-2027)، طبقاً للأولويات المصرية، مشيراً إلى الدعم الأوروبي لبلاده في مجالات «رفع كفاءة الري، وإعادة استخدام المياه، وتقنيات معالجة المياه، والتكيف مع تغير المناخ».

ووقَّعت الحكومة المصرية، والاتحاد الأوروبي، إعلاناً للشراكة المائية، خلال فعاليات مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ، COP28، الذي عُقد في دبي عام 2023، بهدف تحقيق الإدارة المستدامة للموارد المائية، وتعزيز الحوار، وتبادل الخبرات.

وأوضح وزير الري المصري أن «الإجراءات التي تتبعها بلاده لرفع كفاءة استخدام المياه، تندرج تحت مظلة الجيل الثاني لمنظومة الري»، منوهاً بقيام الوزارة حالياً «بتأهيل المنشآت المائية، ودراسة التحكم الآلي في تشغيلها لتحسين إدارة وتوزيع المياه، والتوسع في مشروعات الري الحديث»، إلى جانب «مشروعات معالجة وإعادة استخدام المياه، ودراسة تقنيات تحلية المياه من أجل الإنتاج الكثيف للغذاء».

ومن بين المشروعات المائية التي تنفذها الحكومة المصرية، بالتعاون مع عدد من دول الاتحاد الأوروبي، «البرنامج القومي الثالث للصرف، وتحسين نوعية المياه في مصرف (كيتشنر)، وتحديث تقنيات الري لتحسين سبل عيش صغار المزارعين في صعيد مصر، ومراقبة إنتاجية الأراضي والمياه عن طريق الاستشعار عن بعد».

وتعوِّل الحكومة المصرية على الخبرات الأوروبية في مواجهة ندرة المياه، وفق أستاذ الموارد المائية، في جامعة القاهرة، نادر نور الدين، الذي أشار إلى أن «القاهرة سبق أن استعانت بخبراء أوروبيين لصياغة حلول للتحديات المائية التي تواجهها مصر»، وقال إن «كثيراً من المقترحات التي قدمها الخبراء تنفذها الحكومة المصرية في سياستها المائية، ومن بينها التوسع في مشروعات معالجة المياه، وتحلية مياه البحر، واعتماد نظم الري الحديث».

وللتغلب على العجز المائي شرعت الحكومة المصرية في تطبيق استراتيجية لإدارة وتلبية الطلب على المياه حتى عام 2037 باستثمارات تقارب 50 مليون دولار، تشمل بناء محطات لتحلية مياه البحر، ومحطات لإعادة تدوير مياه الصرف بمعالجة ثلاثية، إضافة إلى تطبيق مشروع تحول للري الزراعي الحديث.

ويعتقد نور الدين، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «الخبرة الأوروبية في مجال تطوير إدارة المياه والتغيرات المناخية هي الأفضل في هذا المجال»، مشيراً إلى أن «القاهرة تسعى إلى الاستفادة من المنح الأوروبية المقدَّمة في تلك المجالات، وخصوصاً، التكيف مع التغيرات المناخية»، معتبراً أن «التعامل مع العجز المائي في مصر من أولويات السياسة المائية المصرية».

ويُعد الاتحاد الأوروبي من أهم الشركاء في المجال التنموي بالنسبة لمصر، وفق أستاذ الموارد المائية بجامعة القاهرة، عباس شراقي، الذي أشار إلى أن «التعاون المائي بين الجانبين يأتي ضمن الشراكة الاستراتيجية الشاملة التي جرى توقيعها بين الحكومة المصرية والاتحاد الأوروبي، لتطوير التعاون بمختلف المجالات».

ويرى شراقي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «الاتحاد الأوروبي يمتلك التكنولوجيا والخبرات الحديثة بشأن تطوير استخدام المياه، خصوصاً في الدول التي تعاني من شح مائي».