مأرب.. استقرار فرضته المقاومة الشعبية بدعم من قوات التحالف العربي

مدينة كسرت حلم الحوثيين في السيطرة على النفط والغاز

سوق مأرب كما بدت أول من أمس ويظهر في الصورة أصحاب عدد من المحال يعرضون منتجاتهم خاص بـ{الشرق الأوسط}، و طفلة تقوم بشراء كميات من الخبز في أحد أحياء مأرب، و نساء يتسوقن في متجر للذهب في وسط السوق الرئيسية في مأرب.
سوق مأرب كما بدت أول من أمس ويظهر في الصورة أصحاب عدد من المحال يعرضون منتجاتهم خاص بـ{الشرق الأوسط}، و طفلة تقوم بشراء كميات من الخبز في أحد أحياء مأرب، و نساء يتسوقن في متجر للذهب في وسط السوق الرئيسية في مأرب.
TT

مأرب.. استقرار فرضته المقاومة الشعبية بدعم من قوات التحالف العربي

سوق مأرب كما بدت أول من أمس ويظهر في الصورة أصحاب عدد من المحال يعرضون منتجاتهم خاص بـ{الشرق الأوسط}، و طفلة تقوم بشراء كميات من الخبز في أحد أحياء مأرب، و نساء يتسوقن في متجر للذهب في وسط السوق الرئيسية في مأرب.
سوق مأرب كما بدت أول من أمس ويظهر في الصورة أصحاب عدد من المحال يعرضون منتجاتهم خاص بـ{الشرق الأوسط}، و طفلة تقوم بشراء كميات من الخبز في أحد أحياء مأرب، و نساء يتسوقن في متجر للذهب في وسط السوق الرئيسية في مأرب.

لم يرد بفكر نحو 26 صحافيا يمثلون وسائل إعلام عربية وغربية، وهم يتجولون في شوارع مأرب «مدينة النفط والغاز» الواقعة في الشمال الشرقي من صنعاء، وحلم ميليشيا الحوثي وحليفهم علي صالح بالسيطرة على مقدراتها، أن يكون الوضع على ما هو عليه من استقرار فرضته المقاومة الشعبية بدعم من قوات التحالف العربي الذي تقوده السعودية.
هذا الاستقرار، كان محور الارتكاز في جل لقاءات الإعلاميين بالمسؤولين في المحافظة التي استعصت على الحوثيين، خصوصًا أنها المدينة الوحيدة قبل عملية التحرير للعاصمة المؤقتة «عدن» التي ظلت تغذي عموم البلاد بالنفط والغاز، بعد أن استولى الحوثيون على حقول النفط والغاز بعمليات سطو ممنهج على مخازن النفط، الأمر الذي أوجد مساحة لدى الإعلاميين للتنقل بكل سهولة بين أزقة وأسواق المدينة الشامخة.
ويبدو أن حلم الحوثيين في السيطرة على مأرب الذي سقط على تخوم المدينة القديمة التي تبعد 20 كيلومترا عن مركز المدينة، لم يأت من فراغ، فموقعها الجغرافي وقربها من صنعاء معقل الحوثيين، جعلها هدفا رئيسيا للميليشيا، حيث تعد المحافظة نحو (173) كيلومترا، وتضم قرابة (14) مديرية، وتتصل بمحافظة الجوف من الشمال ومحافظتي شبوة والبيضاء من الجنوب، وحضرموت وشبوة من الشرق، إضافة إلى مقدراتها الاقتصادية فهي تضم خط أنابيب النفط مأرب أو ما يعرف بـ«رأس عيسى» الذي يعد خط أنابيب النفط الرئيسي في القطاع 18 بمأرب، ويمتد من حقل صافر النفطي، وصولاً إلى ميناء رأس عيسى على البحر الأحمر في مديرية الصليف بالحديدة، حيث تنتج مأرب من حقول الشمال «حقول صافر»، وفقًا لآخر إحصاءات قبل عملية الانقلاب، قرابة 150 ألف برميل.
وتحتضن محافظة مأرب أكبر محطة غازية لتوليد الطاقة الكهربائية في اليمن وهي محطة مأرب الغازية، كما يوجد في بطنها كثير من المعادن ومنها الجرانيت، الاسكوريا، الملح الصخري، الجبس، الرخام، إضافة إلى الغاز المسال، الذي يوزع على محافظات اليمن كافة، هذه المقومات وضعت المدينة ضمن أولويات الحوثيين في السيطرة عليها والتحكم بمصادر الدخل القومي للبلاد من خلال بيع الغاز والنفط في السوق السوداء لجني الأرباح ودعم تجهيز الميليشيا بالأسلحة والعتاد.
صمود المدينة والمحافظات التابعة لها، يراها خبراء في الاقتصاد نقطة تحول واستقرار جزئي للاقتصاد اليمني الذي يمر بمراحل حرجة وانهيار قد يدخل البلاد في نفق مظلم لما تقوم به ميليشيا الحوثي وحليفهم علي صالح من عمليات تخريب للمنشآت النفطية التي تمثل أهمية استراتيجية للاقتصاد اليمني منذ اكتشافه في منتصف الثمانينات من القرن الماضي، وانعكاسه على الناتج المحلي الإجمالي والموازنة العامة وميزان المدفوعات.
وقال الدكتور لؤي الطيار الخبير الاقتصادي: «إن وجود مواقع استراتيجية اقتصادية في خارج نطاق ميليشيا الحوثي أمر جيد على الدولة الحديثة التي تعمل لإعادة عجلة الحياة في أعقاب التدمير الشامل لكل المنشآت الاقتصادية، وإن كان هناك عجز في الموارد الرئيسية كالنفط والغاز في الداخل، إلا أن هناك تطورا ملحوظا في الأشهر الماضية منذ دخول القوات العربية المشتركة».
وأضاف الطيار أن قطاع النفط والغاز يعد العمود الفقري للدولة اليمنية، الذي يعول عليه في المرحلة المقبلة في تحسين الأوضاع المعيشية وإعادة الحياة إلى طبيعتها، خصوصًا أن اليمن يعتمد هذا القطاع منذ عام 1990، خصوصًا أن الطلب العالمي مرتفع رغم تراجع سعر برميل النفط في الأسواق العالمية، متوقعًا أن الحكومة الشرعية ستعمل بعد تحرير البلاد على رفع حجم إنتاج النفط من إجمالي حقول النفط، بهدف زيادة الثروة الوطنية استجابة لمتطلبات التنمية الاقتصادية والاجتماعية في البلاد، بعد عمليات التخريب لميليشيا الحوثي.
وبالعودة لجولة الإعلاميين في محافظة مأرب الذين رافقوا قوات التحالف إلى هناك، فيبدو أن هناك يقينا بأن عملية التحرير التي أعلت في أوقات سابقة من الجيش الوطني الموالي للرئيس عبد ربه منصور هادي لصنعاء وإقليم تعز، أصبحت وشيكة، لدى الإعلاميين بصفة عامة، والمتمرسين منهم في تغطية الأحداث داخل مواقع النزاع، وذلك يعود للأمن الذي لمس أثناء عملية التجوال على مدار ثلاث ليالٍ في محافظة مأرب، وعلى امتداد الطريق الذي يربط بين قاعدة هبوط الإعلاميين في منطقة «صافر» التي تبعد عن المدينة قرابة 62 كيلومترًا، واتخذتها قوات التحالف العربي قاعدة لعملية التحرير المرتقبة لصنعاء، إضافة إلى وجود محافظة المدينة من قبل وبعد عملية الانقلاب وقدرته بالتنسيق مع المقاومة الشعبية وقوات التحالف لصد هجوم المتمردين على أطراف المدينة.
هذا التنظيم والقدرة على مواجهة الحوثيين، دفع قوات التحالف العربي والجيش الموالي للشرعية، أن تضع المدينة ضمن محاور تحرير صنعاء وقبل ذلك منطقة الجوف، وهو ما أكده لـ«الشرق الأوسط» سلطان العرادة محافظ مأرب، بقوله إن محافظة مأرب بالتنسيق مع قوات التحالف العربي الذي تقوده السعودية، ستكون أحد المحاور الرئيسية في عملية تحرير صنعاء، التي ستسبقها عملية تطهير لمنطقتين تسيطر عليهما ميليشيا الحوثي تقعان ضمن نطاق المحافظة، مع تقوية الدفاعات وتأمينها.
وأضاف المحافظ، أن القوات الموالية للشرعية والقوات العربية المشتركة، من خلال غرفة القيادة وضعت الخطط الاستراتيجية لتنفيذها في الفترة المقبلة، مع اكتمال جاهزية القوات البرية التي كان آخرها وجود قوة نوعية من مختصين في هندسة الطيران وسلاح المشاة للبدء في تنفيذ المرحلة الثانية من الخطة.
ولفت العرادة، أثناء حديثة لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «ميليشيا الحوثي وحليفهم صالح لم يتمكنوا من الدخول إلى مأرب، وكانت هناك مواجهات قوية في المدينة القديمة وتم التعامل معهم ودحرهم منها، وسيطرتهم اقتصرت على مديرية حريب، ومديرية مجزر، والمنطقة التجارية في مديرية صرواح، وجاري التعامل مع هذا الوجود وفق خطط، إذ نعمل على استدراجهم من السوق وطردهم من خارج المديرية حفاظًا على مصالح المواطنين اليمينين هناك».
وحول وجود بعض الخيانات في المنطقة من قبل السكان، أكد محافظ مأرب، أن هذه الحالات قليلة من قبل مواطنين سلموا أنفسهم للحوثيين وأسكنوهم في منازلهم لحمايتهم، الأمر الذي أوجد صعوبة في عملية التعامل وإخراجهم من المدينة، وعملت المقاومة بالتنسيق مع الأجهزة الأمنية على استدراج الخونة للقبض على الحوثيين وتمت السيطرة على الموقف وجاري التحقيق معهم لمعرفة أسباب تورطهم في هذا العمل المشين.
وأكد محافظ مأرب، أن التحقيقات التي أجرتها المقاومة والجيش الوطني مع أسرى الحوثيين، كشفت عن معلومات سرية وخطيرة كانت الميليشيا بصدد تنفيذها في مواقع مختلفة في اليمن، ولعل أبرزها استخدام الأحزمة الناسفة التي ضبطت بحوزتهم لاستهداف المواقع العامة لإحداث البلبلة والهلع لدى العامة، إضافة إلى خرائط للخطط التي يعتزمون تنفيذها، ونوعية الأسلحة التي تستخدمها الميليشيا أثناء المواجهات العسكرية.
وعن وجود قوات التحالف العربي، قال العرادة إن تدخل قوات التحالف العربي الذي تقوده السعودية، غيّر موازين القوى على الأرض، ودعم تحركات المقاومة الشعبية في عملية تحرير المدن الذي استباحتها ميليشيا الحوثي، موضحًا أن التدخل النوعي من خلال قصف طيران التحالف لمواقع القوة ومستودعات الأسلحة للميليشيا أسهم بشكل كبير في زعزعتها ونشوب الخلاف وتراجعها إلى الخلف، الأمر الذي يساعد على سرعة عملية التحرير المرتقبة لكامل اليمن.
* سوق مأرب
لا تختلف الصورة كثيرا في أروقة السوق الكبيرة بمأرب، عما هي عليه في الشوارع العامة، المشهد هو ذاته.. مارة ومتسوقون، وآخرون يفترشون أرصفة الشارع يتجاذبون أطراف الحديث، ولا يبدو أن هناك ما يعرك هذه الأجواء، إلا ما يتناقل من أخبار عن صرواح التي تستعد القوة المالية للشرعية من تحريرها، غير ذلك في الأمور تسير على طبيعتها، كل شيء متوفر في السوق الرئيسية للمدينة، وإن اختلفت الأسعار قبل المواجهات المباشرة مع الحوثيين أثناء محاولتهم اقتحام المدينة، وبعد دحرهم وأسر أعداد كبيرة منهم، وهو ما أكده عمار صالح، مالك أحد المخابز الرئيسية في السوق.
ويقول عمار: «أثناء عمليات المواجهات العسكرية على أطراف المدينة القديمة، كان هناك قلقل لدى العامة فبدأت عملية الشراء للدقيق والخبز بكميات كبيرة، خوفا من أن تتمكن ميليشيا الحوثي للدخول إلى المدينة وتتحكم في مصادر الإعاشة الرئيسية، إلا أن الأمور رجعت إلى طبيعتها مع انتصار المقاومة الشعبية على الحوثيين، معللا ذلك إلى أن المدنية لم تشهد من قبل مثل هذه المعارك ولم تقتحم من أي فصيل وهو ما سبب خوف المواطنين، خاصة وأن الحوثيين يعمدون على النهب والتخريب.
يصادق على هذا الحديث صالح حسن مالك متجر للمواد الغذائية، أن السوق ظلت مستقرة منذ الانقلاب العسكري على الشرعية، ولم تشهد السوق في مأرب أي ارتفاع على المواد الغذائية أو الاستهلاكية، إلا عندما حاول الحوثيون الدخول من الشق الشرقي للمدنية وفشلوا في ذلك، تلك الفترة سجلت ارتفاعًا مضطربًا للأسعار، لخوف التجار من إرسال شحناتهم للمحافظة فتسيطر عليها الميليشيا على أطراف المدينة، وما إن انتهت المعارك على أطراف المدينة، عادت الأمور إلى ما كانت عليه رغم قلة بعض المواد الاستهلاكية والتي يتوقع أن ترجع في الأيام المقبلة.
ويبدو أن المدينة الصامدة، لم تسجل أي حالات سطو على المراكز التجاري للمدينة، طيلة فترة الدفاع عن المدينة، خاصة لمحال الذهب التي ظلت تمارس نشاطها أثناء الدفاع عن المدينة ودحر ميليشيا الحوثي، وهو ما أكده أحمد علي، الذي قال إن عمليات التسوق توقفت إلى حد كبير ولم يكن إقبال على الشراء، وما إن طردت المقاومة الشعبية الحوثيين، رجعت السوق كما كانت وبدأت النساء بالتسوق وشراء ما يحتاجونه من الحلي.
* مأرب القديمة والمواجهات العسكرية
حاول الحوثيون وفق مخططهم للاستيلاء على مقدرات البلاد، بإخضاع مأرب تحت سيطرتهم، ويبدو أن الفكر العسكري لدى الميليشيا لم يقرأ عن تاريخ المدينة وقاطنيها، فحاول الدخول من أكثر المواقع التي يسبغ عليها التاريخ بحكايات الماضية ويعطي دلالات واضحة إلى قوة وعظمة المدينة، من خلال الدخول من مدينة مأرب القديمة، التي تقع في السهل السبئي على مشارف صحراء اليمن الشرقية مفازة صيهد، تطل عليها جبال شيد عليها مبان دولة سبأ.
ولم تدرك ميليشيا الحوثي وحليفهم علي صالح، أن أبناء المدينة لن يتخلوا عن حريتهم ومورثهم التاريخي، فبادروا بتشكيل قوة لمواجهة الهجوم على المدينة، ودارت معارك وصفت بالعنيفة سقط خلال العشرات من القتلى، والشهداء في صفوف المقاومة الشعبية، والتي نجحت على مدار شهر كامل من دحر الحوثيين.
والغريب وبحسب المقاومة الشعبية، أن الحوثيين عندما كانوا يسيطرون على الجبل، كانوا يعمدون لرمي جثث قتلاهم من أعلى الجبل إلى أسفل الوادي، ولم يكونوا حريصين على دفنهم، وهو ما تلاحظه وان تدخل من اسفل انبعاث روائح تعفن، فتكتشف أن المقاومة الشعبية قامت بدفن الجثث وفق ما تنصه المبادئ الإسلامية بخلاف ما فعله قائد الميليشيا برمي الجثث للتخلص منها.
يقول عبد العزيز كوير، مسؤول الجيش الوطني في المدينة، لـ«الشرق الأوسط» إنه ومنذ دخول الحوثيين إلى المدينة القديمة عمدوا على وضع الألغام بشكل كبير في كل اتجاه وعلى سفح الجبل، وذلك بهدف استهداف أفراد المقاومة الشعبية في حال حررت الجبل وتراجعت الميليشيا إلى أسفل الوادي. وأضاف كوير، أن المقاومة نجحت في دحر الميليشيا إلى أسفل الوادي، الذي تحول إلى خنادق، ودارت معارك سقط خلالها كثير من القتلى، وتبين - بعد أن أسرت المقاومة أعدادًا كبيرة من الحوثيين - تحويل الموقع إلى مخزن للأسلحة المتوسطة والخفيفة، والتي كان يتوقع استخدامها بعد سقوط مأرب في المديريات التابعة للمحافظة والتي تزيد عن 14 مديرية.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم